Sunday 10 December, 2023

صحيفة الاستقلال

مطالب عبرية بتغيير السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه روسيا.. ما السبب؟

منذ 2023/11/16 19:11:00 | ترجمات العبریة
انتقد بوتين رد فعل إسرائيل العنيف بقصف قطاع غزة ووصفه بأنه "وحشي"
حجم الخط

في إطار رصد الإعلام العبري للمواقف الدولية إزاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يستعرض معهد الأمن القومي الإسرائيلي الموقف الروسي تجاه الأحداث، ويتناوله بالتحليل.

وكانت روسيا من أوائل الدول التي وقفت مع حركة المقاومة الإسلامية حماس بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة، "مشككة في حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وفق وصف المعهد.

وفي إطار هذا السلوك الروسي، يلفت معهد الأمن القومي إلى "ازدياد حاجة إسرائيل لتغيير سياستها تجاه موسكو والانضمام إلى الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة". 

وأوضح أن "الدعم الروسي الواضح لحماس في أعقاب أحداث 7 أكتوبر يسلط الضوء على نقطة تحول في العلاقات الروسية الإسرائيلية".

وتابع: "بينما أدان العديد من زعماء العالم الهجوم الذي شنته حركة حماس على العديد من نقاط الجيش الإسرائيلي، أظهرت روسيا سياسة مناهضة لإسرائيل وتجنبت إدانة" المقاومة. 

وبحسب المعهد، بعد أسبوع واحد فقط، صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاب له بأن "الهجوم على إسرائيل لم يسبق له مثيل".

وفي نفس الوقت، انتقد بوتين رد فعل إسرائيل العنيف بقصف قطاع غزة ووصفه بأنه "وحشي".

وأردف: "مضى الرئيس الروسي يقارن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة بذلك الذي فرضته ألمانيا النازية على لينينغراد، والذي أدى إلى معدل مرتفع للغاية من الضحايا المدنيين يصل إلى مئات الآلاف". 

ورغم أن بوتين أشار إلى "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس"، فقد أكد أن "إيذاء الأبرياء في قطاع غزة أمر غير مقبول". ولفت المعهد إلى أن الرئيس الروسي تأخر كثيرا في تقديم تعازيه للإسرائيليين.

ففي 16 أكتوبر فقط، أعرب بوتين -في محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو- عن تعازيه لعائلات القتلى الإسرائيليين، دون توجيه أي إدانة لحماس.

تغير السياسة

في هذا الصدد، يركز المعهد على حقيقة أن "تنمية العلاقة بين روسيا وحماس تعكس الإستراتيجية الروسية المتمثلة في الحفاظ على علاقات جيدة مع مختلف الأطراف المشاركة في الصراع".

ويؤكد أنه بالنسبة لحماس أيضا، فإن العلاقة مع روسيا ذات أهمية كبيرة، حيث يعطيها ذلك مكانا في واحدة من أهم العواصم في العالم. 

ومن حيث المبدأ، تلتزم موسكو بالموقف القائل بأن حماس منظمة شرعية، على الرغم من أن الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا ودولا أخرى في الاتحاد الأوروبي تصنفها "إرهابية".

وهنا يلفت المعهد الأمني الإسرائيلي إلى أن "العلاقة بين روسيا وحماس لم تكن دائما قريبة كما هي اليوم". 

وأوضح أنه في التسعينيات، وحتى انتصار الحركة في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006، أدانت روسيا ما أسمته بـ "الأنشطة الإرهابية" لحماس.

كما وصفت أعضاءها والمتعاطفين معها بـ "المتشددين الإسلاميين والمتعصبين والمتطرفين"، وفق زعمها.

ولكن بعد الانتخابات، تغيرت العلاقة بشكل حاد عندما أعلن بوتين أن "الحركة وصلت إلى السلطة من خلال انتخابات ديمقراطية وشرعية". 

ومنذ عام 2006 وحتى الآن، تُجرى اتصالات دورية بين قادة حماس وممثلي وزارة الخارجية الروسية. 

وخلال هذه الفترة، شهدت العلاقات بين حماس وموسكو توترا مؤقتا، لا سيما بعد دعم الأولى المعارضة في الحرب السورية. 

ومع ذلك، يؤكد المعهد أن "العلاقة لم تنقطع، بل تحسنت مرة أخرى مع مرور السنين"، حتى إن وفود قيادة حماس واصلت الذهاب إلى موسكو للقاء وزير الخارجية الروسي ومسؤولين آخرين.

هذا بالإضافة إلى لقاءات مسؤولي حماس مع دبلوماسيين روس في دول مختلفة، وفق تقرير المعهد.

كما يوجه الأنظار إلى أن "موقف روسيا خلال جولات التصعيد السابقة بين إسرائيل وحماس لم يكن ثابتا، حيث تأثر بمصالحها في وقت معين".

ففي عام 2014 على سبيل المثال، خلال عملية "الجرف الصامد" الإسرائيلية، حدث تغيير في السياسة الروسية.

و"الجرف الصامد" هو الاسم الإسرائيلي لحرب 2014، التي أطلقت عليها فصائل المقاومة الفلسطينية اسم "العصف المأكول".

وأوضح المعهد التغيير في السياسة الروسية بالقول: "حاولت موسكو الحفاظ على صورة موضوعية وحرصت على التقليل من الانتقادات الموجهة لإسرائيل".

في المقابل، يدعي أن "هذا الموقف الروسي كان معاكسا لموقفها في حروب أخرى، مثل معركة الفرقان عام 2008".

ويعتقد أن اختلاف ذلك الموقف الروسي -عام 2014-  يعود على الأرجح إلى "امتناع إسرائيل عن انتقاد روسيا بسبب ضمها شبه جزيرة القرم".

ولكن الآن، من الواضح أن مجموعة المصالح الروسية لا تميل لصالح إسرائيل، كما ينوه معهد الأمن القومي الإسرائيلي.

الصعيد الدولي

ويؤكد المعهد أن "الاهتمام الرئيس اليوم هو تحويل انتباه الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، عن أوكرانيا"، لافتا إلى أن "التدخل الأميركي المتزايد في الشرق الأوسط يخدم هذا الغرض".

من ناحية أخرى، وفي محاولة منها لتهميش دور الولايات المتحدة، تلقي موسكو باللوم على واشنطن في اندلاع الصراع الحالي. 

كما تهدف روسيا -بحسب المعهد- إلى استعادة مكانتها كلاعب دولي مؤثر، وبالتالي تحاول دعم وقف إطلاق النار في غزة. 

وفي هذا السياق، تحولت علاقة روسيا مع إيران إلى تحالف إستراتيجي بعد الحرب في أوكرانيا.

ويذكر المعهد أنه "من أجل الحفاظ على ذلك التحالف، تروج موسكو لسياسة متعاطفة تجاه حلفاء إيران، بما في ذلك حماس".

يبرز كذلك أن "الدعم الروسي لحماس يظهر في الخطوات التي اتخذتها على الساحة الدولية". ففي 16 أكتوبر 2023، قدمت روسيا اقتراحا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار.

ويرى أن "الاقتراح الروسي لم يُدن حماس والهجوم على إسرائيل، بل أدان العنف وأعمال الإرهاب ضد المدنيين، دون تحديد طرف ما".

ويعتقد أن الاقتراح الروسي يعني ضمنا أن "إسرائيل مسؤولة عن الأضرار التي لحقت بالمستشفى الأهلي المعمداني"، بعد قصف تسبب باستشهاد نحو 500 فلسطيني.

وفي 25 أكتوبر، استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد اقتراح أميركي يدعو إلى إدانة حماس و"دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". 

وفي وقت لاحق، كثفت روسيا من خطابها المناهض لتل أبيب. وقال سفيرها لدى الأمم المتحدة، في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إن "إسرائيل دولة احتلال".

ومن جانبها، تظهر تصريحات كبار مسؤولي حماس مدى التقارب بين الحركة وروسيا. 

فعلى سبيل المثال، في مقابلة أجرتها قناة "روسيا اليوم"، قال القيادي في الحركة علي بركة، إن "حماس تحدثت مع موسكو بشأن الهجمة، بعد وقت قصير من انطلاقها".

وخلال زيارة وفد من حماس لموسكو، صرح القيادي البارز في الحركة موسى أبو مرزوق، أن "روسيا صديق مقرب لنا".

وعقب الزيارة، شكرت حماس بوتين ووزارة الخارجية على جهودهما الحثيثة لوقف "العنف الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني". 

كما قال رئيس حماس بالخارج خالد مشعل، في مقابلة مع قناة مصرية، إن "الروس انبهروا بالهجمة التي نفذتها الحركة، ولذلك سيدرسونها في كلياتهم العسكرية".

دعم مستمر

ويزعم معهد الأمن القومي الإسرائيلي أن "الدعم الروسي لحركة حماس لم يقتصر على الساحة الدبلوماسية الدولية فقط". 

وتابع: "إذ إن هناك شهادات تشير إلى وجود وسائل قتالية روسية فى أيدي حركة حماس، من ضمنها صواريخ مضادة للدروع وصواريخ أرض ــ جو وغيرها".

وعلى ما يبدو، كما يتوقع المعهد، فإن إيران هي من نقلت كل هذه الأسلحة في ظل تجاهل روسي للأمر. كما تستخدم كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، خوادم حاسوبية روسية.

وعلى المستوى الاقتصادي أيضا، يوضح المعهد استناد حركة حماس إلى بورصة "كريبتو" الروسية، من خلال تحويل عشرات ملايين الدولارات عبر محافظ رقمية، للتحايل على العقوبات الأميركية. 

يُضاف إلى ذلك أيضا أن "وسائل الإعلام الروسية الرسمية تبنت خطا واضحا مؤيدا للشعب الفلسطيني". 

كما أن وسائل التواصل الاجتماعي في روسيا، على غرار "تلغرام"، يسودها خطاب حاد مناهض لإسرائيل"، وفقا للمعهد.

ويذكر المعهد الإسرائيلي أنه في 29 أكتوبر 2023، عقد بوتين اجتماعا مع أعضاء الحكومة ورؤساء الأجهزة الأمنية.

وخلال هذا اللقاء، ربط بوتين بين الحرب في أوكرانيا والمعركة بين إسرائيل وحماس. متهما الولايات المتحدة والغرب بزعزعة استقرار روسيا والشرق الأوسط والعالم أجمع.

وقال بوتين إنه "على الجبهة الأوكرانية، سيُحدد مصير روسيا ومستقبل العالم أجمع والشعب الفلسطيني". 

وبهذا الشأن، يرى المعهد أن "الارتباط بين الحربين يضع روسيا بشكل لا لبس فيه إلى جانب حماس، بينما تقف إسرائيل على المحور المعاكس إلى جانب الولايات المتحدة والغرب". 

ومن وجهة نظره، فإن بوتين يؤكد كلام الرئيس الأميركي جو بايدن بأن "روسيا وحماس تخوضان حربا ضد الديمقراطيات".

وفي النهاية، يشير معهد الأمن الإسرائيلي إلى أن "تصريحات بوتين وسلوك روسيا بعد أحداث السابع من أكتوبر، يبرزان فشل المفهوم الخاطئ الذي يزعم أن موسكو لن تقف ضد إسرائيل في ساعة الجد". 

ولذا يوصي بـ "وجوب تغيير إسرائيل لسياساتها تجاه روسيا، وذلك عبر الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة بشكل واضح وصريح، ويشمل ذلك تقديم الدعم لكييف في حربها ضد موسكو".

واختتم: "كلما سارعت إسرائيل إلى تكييف سياساتها وفق هذا التحدي، كلما تحسن التوازن الإستراتيجي لمصلحتها في الشرق الأوسط وخارجه".


تحميل

كلمات مفتاحية :

إسرائيل القسام بوتين حماس