بينما تتواصل الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وتتكرر المجازر ضد المدنيين يوما بعد يوم، فإن دعم الدول الغربية لإسرائيل يعد من بين القضايا المهمة التي تمت مناقشتها في سياق هذه الهجمات.
وتستمر الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، في تجاهل المجازر وغيرها من انتهاكات القانون الدولي التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين في غزة والضفة الغربية.
فيما تطرح التساؤلات عن الأسباب التاريخية والسياسية وراء عدم إدانة السلطات الألمانية الهجمات الإسرائيلية على فلسطين.
وفي هذا السياق، تطرق الكاتب كمال إينات، في مقال نشرته وكالة الأناضول للأنباء التركية الرسمية إلى أن "السياسة التي تنتهجها ألمانيا تجاه المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة ليست مختلفة عما ينتهجه مجتمع الغرب".
ويبدو للكاتب التركي أنها "عبارة عن جهود قادة السياسة الخارجية لألمانيا بهدف التكفير عن أحداث الهولوكوست وجعل هذه الخطايا طي النسيان، مما جعلهم في طليعة السباق لدعم إسرائيل".
وتابع: "لهذا، فهم يصرخون بأعلى صوتهم في الجوقة وهم يغنون (حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها)، وهم يعلمون بأن اللوبي الإسرائيلي على علم تام بمن يدعمه في مثل هذه الأوقات".
واستطرد الكاتب إينات مستنكرا: "لكن، هل ستدافع إسرائيل عن نفسها بقتل آلاف الأطفال والمدنيين؟".
ومع تزايد عدد أطفال غزة الذين قتلوا في القصف الإسرائيلي وتزايد ردود أفعال الرأي العام الألماني بشأن هذا، رفع المستشار أولاف شولتز ووزيرة الخارجية أنالينا بيربوك صوتا واهنا قائلين: "لا نريد أن يتأذى المدنيون".
والسؤال هنا هو "كيف سيتوقف قتل المدنيين دون وقف إطلاق النار؟"، لتتكرّر عبارة: "نحن ندعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
وعلى إثر القصف الإسرائيلي لمستشفى المعمداني بغزة في 17 أكتوبر، وفقدان أكثر من 500 شخص لحياتهم نتيجة ذلك، كتب شولتز على منصة "إكس" بعد ساعتين من هذا الهجوم إن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، ومن الواجب على كل دولة حماية مواطنيها".
واستنكر الكاتب هذا قائلا: "أليس سكان غزة مواطنين أيضا؟ ومن سيحميهم من الهجمات الإسرائيلية؟ ومن سيحمي الفلسطينيين في الضفة الغربية من الاعتداءات الإسرائيلية؟".
وأردف: "ولكن، ليس لدى المستشار شولتز إجابات على هذه الأسئلة طبعا، لأنه الآن هو الوقت المناسب لدعم إسرائيل، ليس هذا هو الوقت المناسب للتشكيك في أهداف بنيامين نتنياهو، وإلى أن يحقق أهدافه، يجب منع تحول تأنيب الضمير إلى صرخات احتجاج".
وتساءل الكاتب إينات: "هل شعرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بالقلق بسبب غضب نتنياهو واللوبي الإسرائيلي منهم لعدم تمكنهم من منع المظاهرات؟ أم أنها مرتاحة لأنه ليس هناك أي شك في اتخاذها صف إسرائيل بتصريحات الدعم التي أطلقتها منذ البداية؟".
وتابع: "في يوم هجوم حماس، صرحت بيربوك بأن "حماس تصعّد العنف"، معبرة عن إدانتها الهجمات ضد إسرائيل، وقالت "نحن متضامنون تماما مع إسرائيل ومن حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب وفقا للقانون الدولي".
وبعد ثلاثة أيام من بدء القصف، كررت دعمها بقولها إن "أوروبا ككل تقف إلى جانب إسرائيل"، وجاء قولها هذا مباشرة إثر قتل إسرائيل العديد من المدنيين الفلسطينيين.
وفيما يتعلق بمقتل المدنيين في غزة نتيجة الهجمات الإسرائيلية، قالت إن "معاناة وموت المدنيين الفلسطينيين هو جزء من إستراتيجية الإرهابيين"، كما حاولت تبرئة الإدارة الإسرائيلية بقولها إن "حماس تختبئ وراء السكان المدنيين".
وعندما وصل عدد القتلى المدنيين إلى الآلاف، كررت بيربوك دعمها لحكومة نتنياهو بقولها: "تعيش إسرائيل إرهابا همجيا هذه الأيام، ولا شيء يمكنه تبرير هذا، ومن حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها، سنقف إلى جانب إسرائيل دون تردد".
واسترسل الكاتب قائلا: "لكن ماذا تعني بيربوك عندما قالت إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها في إطار القانون الدولي؟ هل كانت تقصد أنه إذا انتهكت إسرائيل القانون الدولي أثناء دفاعها عن نفسها فسنسحب دعمنا لها؟ الجواب: طبعا لا".
وأضاف "رغم استمرار إسرائيل في قصف غزة، منتهكة قواعد القانون الدولي كافة وارتكابها لجريمة حرب، إلا أن دعم ألمانيا لحكومة نتنياهو لا يزال مستمرا".
ولفت إينات إلى أنه "لم يكن من تعرض للقصف سكان غزة فقط، بل كان من بينهم أيضا مواطنون ألمان، حيث لم تسمح إسرائيل بإجلاء المواطنين الأجانب قبل أو بعد الهجوم".
وتابع: "حتى بعد أن أبقت إسرائيل مواطني ألمانيا أسرى في غزة تحت القصف لأسابيع، فقد كان رد الفعل الألماني على عكس المتوقع: إننا نؤيد بالكامل حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
وذكر الكاتب أن "هناك أربعة أسباب رئيسة وراء اتباع ألمانيا لهذه السياسة المتطرفة المؤيدة لإسرائيل، وهي: عبء ماضي الهولوكوست، واللوبي الإسرائيلي في البلاد، ونفوذ الولايات المتحدة، ونهج الحكومة الائتلافية الحالية".
وقال "لا شك أن الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد اليهود في عهد أدولف هتلر قد رهنت سياسة ألمانيا تجاه إسرائيل حتى يومنا هذا".
واستطرد إينات: "لا ينبغي أن ننسى أن هناك أشخاصا يبذلون قصارى جهدهم لضمان استمرار هذا الرهن، وفي هذه المرحلة يأتي دور اللوبي الإسرائيلي في البلاد".
وأوضح أنه "تتم تغطية موضوع المحرقة (الهولوكوست) بشكل مستمر على شاشات التلفزيون والصحف الألمانية، مما يذكّر الألمان بأن الأجيال الحالية تتحمل نفس القدر من المسؤولية مع أسلافهم، رغم عدم ارتكابهم لأي جريمة".
ولذا، نجد رجال السياسة الألمان دائما يصفون حماية إسرائيل بأنها "سياسة الدولة الألمانية".
وبغض النظر عما تفعله إسرائيل، فهم يعتقدون بأن ألمانيا يجب أن تدعمها، وهذا هو السبب الرئيس لعدم رغبتهم في التعامل مع الفلسطينيين الذين وقعوا ضحايا لهذا التفكير المَرَضي.
أما السبب الآخر لسياسة ألمانيا المتطرفة المؤيدة لإسرائيل هو علاقتها مع الولايات المتحدة، وهي الداعم الأكبر لإسرائيل في العالم، يؤكد إينات.
وتابع: "فلا شك أن العلاقة التي قامت بين برلين وواشنطن إبان الحرب العالمية الثانية كانت علاقة ترابط غير متكافئة، حيث إن ألمانيا لم تحد عن خط واشنطن في سياستها الخارجية والأمنية منذ ذلك الحين".
و"كعضو في حزب الخُضر اليساري، يبدو أن الوزيرة بيربوك قد ارتقت إلى أعلى مستوى فيما يتعلق بالسياسة الخارجية المؤيدة لأميركا، وضربت مكتسبات حزبها العميقة بشأن حماية حقوق الإنسان والدفاع عن السلام عرض الحائط".
وختم الكاتب مقاله بالقول: "على عكس الأصوات الشجاعة من الغرب ضد المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة من اليسار الأوروبي، فإن حزب الخُضر يبرز بصفته الداعم الأكثر أهمية للعدوان الإسرائيلي، وذلك بفضل السّاسة المؤيدين لأميركا مثل بيربوك".
1 |
Almanya’nın Gazze politikası neden bu kadar aşırı İsrail yanlısı? |
---|