منذ اليوم الأول من عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها كتائب "عز الدين القسام" الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ضد الكيان الإسرائيلي في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تردد اسم إيران باستمرار وعلاقتها بحركة حماس.
ودور إيران في عملية "طوفان الأقصى" يعد واحدا من المواضيع الأكثر إثارة للجدل، وخاصة مع الحديث عن العملية البرية المنتظرة من إسرائيل في قطاع غزة، فقد أصبح من المهم معرفة ما إذا كانت المليشيا المرتبطة بطهران ستتحرك وتشارك في القتال، وما إذا كانت ستتدخل طهران مباشرة في حال تفاقمت الأزمة.
وقال مركز "إيرام" التركي في مقال للكاتب، رحيم فارزان: "بعد أن بدأت بعض وسائل الإعلام الغربية بربط إيران بعملية طوفان الأقصى أدلى المرشد الأعلى، علي خامنئي، ببيان رافضا فيه بشكل قاطع دور إيران".
واستدرك الكاتب أن هناك وجهتي نظر رئيستين بما يتعلق بدور إيران في عملية "طوفان الأقصى".
فوجهة النظر الأولى، ترى أن إيران شاركت في تخطيط الهجوم وتدريب المقاتلين المشاركين فيه من خلال "حزب الله" عام 2022، بينما يرى القسم الآخر أن إيران كانت على علم بالهجوم ولكنها لم تشارك مباشرة فيه.
ويشير أولئك الذين يدعمون الرأي الأول إلى الاجتماعات التنسيقية المتكررة عام 2022 بين قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، وقادة "جبهة المقاومة".
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، التقى قاآني، زعماء حماس وحزب الله وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، لمناقشة عملية "طوفان الأقصى" في لبنان مرة كل أسبوعين على الأقل منذ أغسطس/آب 2023.
ورغم التقارير التي تربط إيران بعملية "طوفان الأقصى" في وسائل الإعلام الغربية، فإن التصريحات الصادرة عن المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين تشير إلى عدم وجود أدلة على تورط طهران في الهجوم.
وعلق الكاتب: "يمكن تفسير التصريحات المبكرة من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين حول دور إيران في عملية (طوفان الأقصى) برغبتهم في عدم انتشار الحرب".
ويعتقد المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون أن "إيران ستستغل فرصة هجوم واسع النطاق على غزة لفتح جبهات جديدة ضد إسرائيل على الأقل من خلال وكلائها هناك".
وفي هذا السياق، "ينصب التركيز على احتمال أن تقوم جبهة المقاومة، وخاصة حزب الله، بتعبئة وفرض حرب متعددة الجبهات على إسرائيل"، وفق فارزان.
ورأى الكاتب التركي أن "تصريح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان حين قال: (لا يمكن لأحد أن يبقى غير مبال بما يحدث في غزة، كل أنواع السيناريوهات يمكن تصورها) قد خلق توقعا لدى الجمهور بأن طهران ستشارك بشكل مباشر في الحرب بين إسرائيل وحماس".
ورغم ذلك، فإن إيران تتبع إستراتيجية "تجنب تصعيد الحرب" منذ بداية الأحداث.
ومن أجل فهم موقف إيران من القضايا الحرجة، من الضروري الاعتماد على التصريحات القادمة من خامنئي بدلا من الجناح الحكومي، حيث إن خامنئي يُعد رأس النظام السياسي الإيراني وهو الاسم الذي يحدد السياسة العامة للبلاد.
وفي هذا السياق، فإن "تصريحات خامنئي -بصفته أعلى سلطة في إيران- والتي يقول فيها: (نحن ندعم الشباب الفلسطيني، لكن هذا الهجوم شأنهم)، يمكن أن تعبّر عن المعيار الرئيس الذي يحدد سياسة طهران تجاه الحرب بين إسرائيل وحماس".
في هذا السياق، فإن لقاءات الوزير عبداللهيان مع قادة جبهة المقاومة فور وقوع الأحداث وتصريحاته التي تقول "يمكن فتح جبهات جديدة ضد إسرائيل" تهدف إلى "الحفاظ على قدرة الردع بأقصى درجة ممكنة بدلا من اتباع نهج هجومي".
وتسعى إيران إلى الحفاظ على قدرتها الردعية ضد إسرائيل والولايات المتحدة "من خلال خلق انطباع بأن قواتها الموكلة قد تدخل في أي وقت".
وسواء اقتصرت الحرب بين إسرائيل وحماس على غزة أو تطورت إلى حرب أوسع نطاقا لتشمل قوات وكيلة تابعة لإيران مثل حزب الله، فإن احتمال تدخل إيران مباشرة في الحرب على حساب أمنها يكاد يكون معدوما، يؤكد الكاتب التركي، فارزان.
وفقا للعديد من الخبراء، فإن "الحرب بين إسرائيل وحماس تشكل نقطة تحول لمستقبل الشرق الأوسط، وسيكون لها بالتأكيد عواقب قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل على المنطقة".
ومع ذلك بالنظر إلى أن "الأحداث لا تزال مستمرة وهناك سيناريوهات متعددة ممكنة، فليس من السهل التنبؤ بما ستظهره الأيام القادمة".
وأردف فارزان: "بالنظر إلى التطورات القائمة حتى الآن، يمكن القول إن إيران واحدة من أكثر الدول المستفيدة، من الأزمة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من بين الجهات الفاعلة المشاركة الأخرى".
أولا، تعرضت إسرائيل التي تتصدر قائمة أعداء إيران إلى جانب الولايات المتحدة لضربة كبيرة سياسيا وعسكريا نتيجة لعملية طوفان الأقصى، وفي حالة تفاقم الأزمة من المرجح جدا أن تتعمق عواقب الضربة التي تلقتها إسرائيل أكثر.
إن تنفيذ الهجوم من قبل حماس، التي تُعد جزءا من جبهة المقاومة الإيرانية، يمنح طهران "فرصة لاستخدام هذا الهجوم كوسيلة للدعاية سواء داخليا أو خارجيا"، بحسب فارزان.
وتابع: "ثانيا، وبالنظر إلى جهود إيران في أن تنسب لنفسها ما حدث للرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، الذي كان ضحية للغزو الأميركي للعراق لسنوات عديدة، ليس من الصعب التنبؤ بأن السياسيين الإيرانيين سيحولون عملية طوفان الأقصى إلى أداة دعائية مهمة".
وبالفعل، بدأت بعض الدوائر تفسر هذا الهجوم على أنه رد على التخريب والاغتيالات التي نفذتها إسرائيل على منشآت حيوية وشخصيات مهمة في إيران في السنوات الأخيرة.
واستطرد: "من النتائج الأخرى لعملية طوفان الأقصى تقويض عملية التطبيع الجارية بين إسرائيل والدول العربية، وهو ما لم تكن طهران مرتاحة له".
وقال فارزان: "في ظل الظروف الحالية، يمكن القول إن اتفاقيات أبراهام قد وُضِعَت على الرف، أو على الأقل من غير المرجح أن تعود إلى جدول الأعمال في المستقبل القريب".
ووضعت عملية "طوفان الأقصى" ضغوطا على الدول التي لها علاقات رسمية مع إسرائيل مثل مصر والأردن.
ولفت الكاتب إلى أنه بالنظر إلى الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة على غزة والتي تتسبب في سقوط ضحايا مدنيين، بالإضافة إلى التصور السلبي الذي سيتشكل عقب عملية برية محتملة خاصة في العالم الإسلامي والعربي، "من غير المرجح أن تعود أي دولة إسلامية/ عربية إلى أجندة التطبيع مع إسرائيل في أي وقت قريب".
وختم فارزان مقاله قائلا: "عملية طوفان الأقصى عمل استفادت منه إيران من حيث هدفها السياسي، حيث حققت إيران مكاسب إستراتيجية كبيرة دون أي خسائر تقريبا، وسيكون هدف طهران التالي هو حماية هذه المكاسب".
1 |
İran ve İsrail-Hamas Savaşı |
---|