Sunday 10 December, 2023

صحيفة الاستقلال

أحمد حسن الطه.. كبير علماء سنة العراق الذي طالب بفتح التطوع للقتال بفلسطين

منذ 2023/11/03 15:11:00 | شخصيات
الطه أكد ضرورة تلبية نداء النصرة الذي أطلقته فصائل المقاومة الفلسطينية
حجم الخط

"العالم الشجاع، كبير الفقهاء"، بهذه العبارات وغيرها الكثير يلقب الشيخ، أحمد حسن الطه السامرائي، إمام وخطيب جامع الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان في مدينة الأعظمية ببغداد، رئيس المجمع الفقهي لكبار العلماء في العراق، الذي يعد أكبر مرجعية دينية لأهل السنة في البلاد.

جامع الإمام الأعظم المبني عام 1065، هو أحد المساجد والمدارس التاريخية في بغداد، وتسمى المنطقة حوله بالأعظمية نسبة إليهِ وتقع على جانب الرصافة من المدينة، إذ شيّد الجامع بجوار قبر أبي حنيفة النعمان، وتعد مدرسته الفقهية من أقدم المدارس.

وفي عام 2012، تأسس "المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء"، ليكون أول مرجعية شرعية رسمية لأهل السنة والجماعة في العراق، شأنها شأن المرجعيات الدينية في البلاد، فهو ليس جهة حكومية، ولا من منظمات المجتمع المدني.

نصير فلسطين

رغم عمره الذي يقترب من عتبة التسعين عاما، لكن ذلك لم يوقف الشيخ الطه من مناصرة قضايا الأمة الإسلامية، متقدما صفوف المنددين بالعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في مدينة غزة، والذي كان له موقف صريح مما يجرى من مجازر بحق الفلسطينيين.

وأطلقت المقاومة الفلسطينة عملية "طوفان الأقصى" ضد الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ردا على الانتهاكات المستمرة التي يرتكبها ضد الفلسطينيين، والتي رد عليها الأخير بهجمات مستمرة تستهدفت المدنيين، راح ضحيتها أكثر من 5 آلاف شهيد حتى يوم 23 من الشهر نفسه.

وفي 14 أكتوبر، ارتقى الشيخ الطه منبر جامع أبي حنيفة النعمان في صلاة موحدة دعا إليها المجمع الفقهي لكبار العلماء في العراق، طالب خلالها الحكومة العراقية بفتح باب التطوع أمام العراقيين لنصرة إخوانهم في فلسطين، ضد هجمية الاحتلال الإسرائيلي.

وقال الطه: إن "الله جل وعلا قال إذا استنصروكم في الدين فعليكم النصر، وعلينا أن نمتثل لأمره وننتصر لإخواننا وإذا استنصرونا نستنصر، واستجابة لنداء النصرة الذي أطلقه قادة المقاومة الفلسطينية، فإننا نطالب الحكومة العراقية بفتح مراكز التطوع لنصرة الشعب الفلسطيني".

موقف الطه الذي يرأس أكبر مرجعية دينية للسنة في العراق، أتبعه بتوجيهات أصدرها المجمع الفقهي لإقامة صلاة جمعة موحدة في بغداد واحدة في جانب الكرخ والأخرى في جهة الرصافة، إضافة إلى إقامة جُمع موحدة في عموم المحافظات ذات الغالبية السنية في البلاد.

وتداول ناشطون عراقيون صورا للشيخ الطه وهو يتقدم صفوف المنددين للعدوان الإسرائيلي على مدينة غزة بعد صلاة جمعة موحدة جرت في جامع أبي حنيفة النعمان في 20 أكتوبر، مشيدين بدوره في الحث على نصرة الفلسطينيين وإدانة جرائم الاحتلال، رغم تقدمه في العمر.

ودأب الشيخ الطه على مواقفه المؤازرة لفلسطين، ففي 24 مايو/ أيار 2021، أطلق نداء إلى العراقيين لـ"إغاثة الشعب الفلسطيني ونصرة المراطبين حماة المسجد الأقصى وما حوله الذين ضربوا أروع البطولات المعاصرة وقوفا في وجه محتل غاشم همجي إرهابي مدعوم من قوى الشر والفساد العالمي بأحدث الأسلحة الفتاكة".

ودعا الطه خلال كلمة صوتية نشرها المجمع الفقهي على موقع الإلكتروني إلى الدفاع عن فلسطين ماديا ومعنويا وإعلاميا، وذلك بعد معركة خاضها الفلسطينيون طيلة 11 يوما ضد العدو الإسرائيلي على قطاع غزة على خلفية معركة "الشيخ جراح" في القدس المحتلة.

وفي 2 مايو 2021، خاض المقدسيون في حي "الشيخ جراح" بمدينة القدس المحتلة معركة إرادة جديدة ضد السلطات الإسرائيلية، رفضا لبدء أولى خطوات إخلاء الحي بالكامل، والسيطرة على منازله، في إطار خطة لتهويد المدينة بالكامل.

وعلى إثر ذلك، دخلت المقاومة الفلسطينية في غزة على الخط نصرة للمقدسيين في حي الشيخ جراح، وخاضت معركة ضد الاحتلال الإسرائيلي استمرت 11 يوما أجبرت المحتل على التراجع عن محاولات تهجير سكان الحي في القدس المحتلة.

علامة شجاع

على المستوى المحلي في العراق، عُرف الشيخ الطه بوقوفه ضد المشاريع الطائفية التي جاء بها الاحتلال الأميركي إلى البلاد بعد احتلاله عام 2003، والقتل والاعتقال الذي طال العراقيين على الهوية.

فقد كان الشيخ الطه من أوائل الرافضين للاحتلال الأميركي، من علماء ومشايخ السنة في العراق، إذ شكل مع عدد من الشخصيات "هيئة علماء المسلمين" في 14 أبريل/ نيسان 2023.

من أبرز العلماء الذي أسسوا هيئة علماء المسلمين، هم: حارث الضاري، أحمد حسن الطه، محمد عبيد الكبيسي، بشار الفيضي، عبد السلام الكبيسي، إسماعيل البدري، عدنان العاني، فهمي القزاز، وغيرهم الكثير من المشايخ.

وتعرف الهيئة نفسها بأنها "كيان يضم مجموعة من العلماء المتخصصين بالشريعة يحملون مجموعة من المفاهيم والمقاييس والقناعات الإسلامية يعاونهم في ذلك المسلمون من أهل الاختصاص في العلوم الأخرى، ويؤازرهم عامة المسلمين في النشاط العلمي".

وصدح الشيخ الطه مبكرا في ضرورة إنهاء الاحتلال الأميركي للعراق، ومواجهته لإخراجه من البلاد، رافضا في الوقت نفسه سياسة التمييز الطائفي والاعتقالات والاضطهاد التي تنال أبناء السنة في البلاد.

ولا يخفي كبير علماء المجمع الفقهي، مواقفه من المليشيات التي تقتل العراقيين وتطاردهم سواء على أساس طائفي أو بسبب مطالبتهم بحقوقهم كما حصل في احتجاجات 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، التي قتل فيها نحو 800 محتج برصاص قوات الأمن ومليشيات موالية لإيران.

تحظى مواقفه بإشادة من العراقيين، إذ يصفه الإعلامي العراقي عامر الكبيسي، بأنه "الإمام العلامة، وهو من صفوة علماء العراق والعالم الإسلامي، الرجل الصادق، قامة من قامات البلد، وثقة بين الناس".

ونشر ناشطون في عام 2022، صورة تظهر العالم الموريتاني، محمد الحسن ولد الددو، وهو يقبّل رأس الشيخ أحمد حسن الطه في أحد المحافل الدولية التي جمعتهما، والتي تعبّر عن مدى الاحترام والإجلال الذي يبديه العلماء لبعضهم.

عالم عامل

ولد الشيخ أحمد حسن الطه السامرائي، في مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين شمال العراق عام 1936، ودخل إلى الكتاتيب في 1943، وأجاد الخط والقراءة وختم القران الكريم، ثم دخل المدرسة الابتدائية وواصل الدراسة إلى الصف السادس الابتدائي.

ودخل المدرسة العلمية الإسلامية عام 1951، ورُشح للإمامة والخطابة في جامع رشيد دراغ في مدينة المنصور بالعاصمة بغداد، وباشر مهمته في 14 فبراير/ شباط 1961.

وتقدم للامتحان لإثبات الأهلية أمام المجلس العلمي تمهيدا لإصدار المرسوم الجمهوري، باعتبار أن جهة الإمامة والخطابة وظيفة الخليفة أو رئيس الدولة شرعا، ثم صدر المرسوم في 18 سبتمبر 1961.

واستمر في هذا الجامع إماما وخطيبا مدة عشرين عاما، أكمل خلالها دراسته الثانوية (12 عاما) والدراسة الجامعية الأولية ومرحلة الماجستير في كلية الآداب بجامعة بغداد.

وفي 20 فبراير/ شباط 1981، أبعد عن الخطابة من جامع دراغ بعد فشل محاولات السلطات الإملاء عليه في خطب الجمعة، بكتاب رسمي صدر عن وزارة الأوقاف كان نصه: "بالنظر لسفر السيد أحمد حسن الطه خارج العراق، يقوم الأستاذ الشيخ نمر الخطيب بخطبة الجمعة"، رغم عدم سفره.

وفي نهاية مايو/ أيار 1983، نقل الشيخ الطه من كلية الشريعة في جامعة بغداد حيث كان يعمل أستاذا جامعيا إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بأمر من ديوان رئاسة الجمهورية.

وكان هذا النقل عقوبة له نتيجة تقارير سياسية من لجنة السلامة الفكرية التي ترى أن وجوده في الجو الجامعي الطلابي يؤثر سلبا على الفكر المركزي، معللين ذلك بأن الشخص الذي لا تتحمله وزارة الأوقاف في الجامع لا تُقر الجامعة وجوده بين الطلاب.

وفي عام 1985، صدر الأمر الرئاسي بنقله من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى وزارة الأوقاف، وأعيد إماما وخطيبا في محافظة صلاح الدين، وتحديدا في جامع العشرة المبشرة بمدينة سامراء.

وفي 21 يوليو/ تموز 1995، صدر الأمر الرئاسي بإحالته إلى التقاعد ومنعه من مزاولة أي نشاط ديني (أي التحدث في التعازي والمقابر والأفراح)، وبقي في العراق بعد هذا التاريخ سنتين ونصف السنة.

وبعد ذلك سافر الشيخ الطه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1997، وعمل في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، وتحديدا في كلية التربية الأساسية، واستمر هنا إلى أن احتل العراق عام 2003، فأنهى عقده وعاد إلى بغداد.

بعد وصوله العراق صدر الأمر بإعادته بدون علمه ولا طلب منه، حيث إنه كان متقاعدا، فباشر في كلية الإمام الأعظم  في بغداد بدرجة (أستاذ مساعد) كما كُلِّف بإدارة المدرسة العلمية في سامراء.

وبعد مضي نحو ثلاثة أشهر من عودته إلى العراق كُلِّف بإلقاء خطبة الجمعة في جامع الإمام الأعظم في بغداد، وفي تلك الفترة صدر الأمر الديواني بقبوله طالبا في الدراسات العليا قسم الدكتوراه بغير طلب منه، التي حصل عليها عام 2007 بدرجة امتياز.

وطيلة مسيرة حياته، تولى الطه عددا من المسؤوليات، منها عضو المجلس العلمي في وزارة الأوقاف، وعضو الهيئة الإدارية لجمعية رابطة العلماء، نائب رئيس الجمعية الخيرية في سامراء، رئيس المجلس العلمي في ديوان الوقف السني الأسبق.

وكذلك، كان عضوا في الأمانة العامة لهيئة علماء المسلمين بالعراق، رئيس قسم الفقه وأصوله في كلية الإمام الأعظم فرع سامراء.

وشارك في العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية وفي العديد من المؤتمرات والندوات داخل القطر وخارجه وشارك في وضع المناهج الدراسية للمرحلتين المتوسطة والثانوية، ومازال يلقي المحاضرات في قسمي الكلية العليا والأولية وحلقات العلم في جامع الإمام الأعظم.

وما يزال الشيخ الطه حتى اليوم، يطل بشكل أسبوعي في برنامج يطلق عليه "ويسألونك"، تبثه عدد من القنوات الفضائية العراقية، يجيب من خلاله على تساؤلات العراقيين الدينية، ويقدم لهم الفتوى المباشرة.


تحميل

المصادر:

1

المجمع الفقهي يدعو لفتح “التطوع” لنصرة فلسطين

2

الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه

3

المجمع الفقهي العراقي

4

جامع الإمام الأعظم

5

نداء في دعم أهل فلسطين

6

المقدسيون يبدأون معركة الدفاع عن الشيخ جراح

7

نبذة عن المجمع الفقهي العراقي

8

هيئة علماء المسلمين في العراق

9

مظاهرات جديدة في العراق ضد حكومة نوري المالكي

كلمات مفتاحية :

أحمد حسن الطه الاحتلال الإسرائيلي العراق المجمع الفقهي في العراق بغداد جامع أبي حنيفة النعمان جمعة موحدة فلسطين