منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأت قنوات أوروبية وأميركية باستضافة السفير الفلسطيني في بريطانيا، حسام زملط، للتعرف على الموقف الرسمي للسلطة في رام الله.
وعلى غير المتوقع وفي موقف يخالف توجهات السلطة الفلسطينية التي تستنكر العمليات العسكرية، تجنب زملط إدانة حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
وركز عدد من القنوات التي استضافت زملط على محاولة دفعه لإدانة "حماس" التي أطلقت العملية، لكنه كان أذكى من مستضيفيه في كل مرة، ما أثار إعجابا واسعا به على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي مقابلة مع قناة "بي بي سي" البريطانية، كان أول سؤال وجهه المذيع إلى زملط هو "هل تؤيد هجوم حماس"، ليرد الأخير: "هذا السؤال لا يصح وهو غير مهم".
وأشار إلى أن "السؤال الأهم هو كيف يمكننا وقف المجازر الإسرائيلية التي ستحصل بحق المدنيين الفلسطينيين؟".
وتابع زملط: "أنا لست هنا لأدين أحدا ولكن لأمثل شعبي، وإذا كان علينا أن ندين أحدا فهو ما تصفونه بالديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، في إشارة إلى دولة الاحتلال.
وقال: "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تساوي بين الاحتلال وحماس أو الشعب، هذا لا يخدم العدالة ولن يخدم جمهورك في فهم الصورة الحقيقية".
وبعد إلحاح المذيع على ذات السؤال، سأله زملط: "كم مرة استضفت يا لويس مسؤولين إسرائيليين في برنامجك؟ مئات المرات، كم مرة إسرائيل ارتكبت جرائم حرب أمام عدسات كاميراتكم؟ هل بدأت حوارك معهم بسؤالهم إن كانوا يدينون أنفسهم بسبب ذلك؟ بالتأكيد لا".
وأردف: "أنا أرفض هذا السؤال من أساسه، وذلك لأن جوهره يقوم على تحريف الأمور، ولأنكم تتوقعون دائما من الفلسطينيين أن يدينوا أنفسهم".
سفير فلسطين في بريطانيا د. حسام زملط تحدث بثقة ولباقة . pic.twitter.com/4EWBK6Noof
— Alaa Mubarak (@AlaaMubarak_) October 23, 2023
أما مذيعة شبكة "سي إن إن" الأميركية، كريستيان أمانبور، فسألت زملط في مقابلة معها: "هل تؤيد قتل المدنيين الإسرائيليين؟!".
فرد بالقول: "الإعلام الغربي يزخر بهذا النوع من الأسئلة، وهذا ما أوصلنا إلى الوضع الحالي"، في إشارة إلى أن الأزمة لم تبدأ بسبب عملية "حماس" الأخيرة.
وتابع: "الشيء الأكثر مأساوية (من مقتل الإسرائيليين) هو عمى المجتمع الدولي وصمته لسنوات طويلة تجاه التحذيرات التي أطلقناها بأن ما يحدث الآن آت لا محالة".
وبين أننا "نناقش هنا كل شيء باستثناء الجوهر، القضية الأساسية، والأسباب الجذرية، لقد كنا نفعل هذا لمدة 75 عاما".
وواصل القول: "نحن لسنا بشرا أقل، نحن متساوون مع كل الأمم، لقد مرت 75 سنة من القمع والدمار الشامل، لقد رأيت ما يحدث في غزة، لقد طفح الكيل".
وقال زملط إنه "كان من المتوقع من العالم أن يفعل شيئا واحدا، وهو احترام القانون الدولي على الجميع بالتساوي، في أوكرانيا وفلسطين، لكن العالم فشل في ذلك. لا مساءلة. الآن تم إغلاق كل السبل السياسية والقانونية".
وفي مقابلة ثالثة، أحرج السفير الفلسطيني، الإعلامي البريطاني الشهير بيرس مورغان واتهمه بممارسة "ازدواجية المعايير والانحياز للرواية الإسرائيلية" بشأن العدوان على غزة.
وخلال استضافته وجه مورغان للسفير الفلسطيني سؤالا متحيزا، ليرد عليه زملط بالقول:”رأيت مقابلتك مع السفيرة الإسرائيلية قبل بضعة أيام، وقالت هنا على هذا المقعد إنهم يوفرون منطقة جنوب غزة كاملة كمنطقة آمنة وأنهم يقومون ببناء ملاجئ للمدنيين الفلسطينيين..هل جادلتها؟”.
وأضاف زملط، موجها حديثه لمورغان: ”أنت بدأت معها النقاش مظهرا مشاعر عارمة”، متسائلا: ”لماذا لم تبدأ معي حول الآلاف من الأمهات والاطفال؟”، ليؤكد له أن “هذا هو عدم التوازن”.
اتهمهُ بازدواجية المعايير.. سفير #فلسطين في بريطانيا "حسام زملط" يُحرج الإعلامي "بيرس مورغان" بسبب انحيازه للرواية الإسرائيلية بشأن الــ.ــعـــ.ــدوان على #غزة pic.twitter.com/cSgQeofj6g
— صحيفة الاستقلال (@alestiklal) October 21, 2023
حسام سعيد زملط (49 عاما)، ينحدر من مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة وتحديدا من مخيم الشابورة للاجئين الذي ولد فيه، وهو متزوج ولديه طفلان.
غادر غزة للدراسة الجامعية في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، واستخدم مزيجا من البراعة الأكاديمية والسياسة الطلابية ليشق طريقه.
وفي تلك الجامعة، أصبح ممثلا للشبيبة، الذراع الطلابية لحركة "فتح" مع انتهاء الانتفاضة الأولى وبدء الأيام الذهبية لاتفاقيات أوسلو عام 1993.
وبعد ذلك، عمل كمستشار اقتصادي لمبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، وهو الدور الذي يقول إنه كان طبيعيا نظرا لتربيته وتعليمه في مخيم للاجئين تدعمه المنظمة الأممية، وفق ما تحدث في مقابلة سابقة مع صحيفة "بوليتكو" الأميركية.
جاءت دراساته العليا في المملكة المتحدة بعد ذلك، أولا في كلية لندن للاقتصاد بمنحة من الحكومة البريطانية.
ومن ثم الدكتوراه في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن ضمن أطروحة كان عنوانها “بناء دولة تحت الاحتلال”.
وفي هذه الفترة انتخب مندوبا لحركة "فتح" لدى الاتحاد العام لطلبة فلسطين التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين دوليا.
وكان أفضل مؤشر على تنامي شهرة زملط في ديسمبر/كانون الأول 2016، عندما جرى انتخابه لعضوية المجلس الثوري لـ"فتح" (هيئة مُنبثقة عن الحركة ويعد أعلى سلطة تنظيمية فيها بعد اللجنة المركزية)، وحصل على سادس أعلى مجموع من الأصوات.
وقبل تعيينه في منصب رئيس بعثة فلسطين بالمملكة المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول 2018، عمل مستشارا للشؤون الإستراتيجية للرئيس محمود عباس.
كما عمل قبلها منذ فبراير/شباط 2017، سفيرا في واشنطن تحت مسمى "رئيس الوفد العام لمنظمة التحرير الفلسطينية لدى الولايات المتحدة".
شملت الأدوار الرسمية السابقة لحسام زملط العمل سفيرا متجولا للرئاسة الفلسطينية، ومدير لجنة العلاقات الخارجية لحركة "فتح".
وعمل سابقا في منصب "المستشار الأول في البعثة الفلسطينية لدى المملكة المتحدة"، وفق موقع سفارة السلطة في بريطانيا.
شغل عدة مناصب أكاديمية في الماضي، فقد عمل أكاديميا في جامعة بيرزيت، وشارك بتأسيس وترؤس معهد بيرزيت للإدارة الحكومية. وشغل عددا من المناصب التعليمية والبحثية في جامعتي هارفارد ولندن.
وخلال عمله سفيرا في الولايات المتحدة، ألغت الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب منتصف سبتمبر/أيلول 2018، إقامة زملط وأفراد أسرته ودعتهم لمغادرة البلاد.
وأصبح زملط في قلب معركة دبلوماسية وقتها، خاصة أن إدارة ترامب أغلقت في نفس اليوم الحسابات المصرفية لمنظمة التحرير.
وأوضح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، آنذاك، أن زملط، مقيم الآن في رام الله (بالضفة الغربية)، بناء على طلب من القيادة الفلسطينية.
وندد أبو يوسف بالقرار الأميركي، قائلا إنه "يأتي في ضوء حرب شاملة على القيادة الفلسطينية لرفضها صفقة القرن" التي تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لدولة الاحتلال.
وقال زملط في المقابلة المشار إليها سابقا مع صحيفة "بوليتيكو" في أبريل/نيسان 2017، إن الطريقة التي يجرى بها تصوير هذا الصراع في الدول الغربية خاطئة وغير دقيقة ومضللة.
وأردف: "إن إحدى مهامي الرئيسة هي جعلها دقيقة، سيتعين علينا إعادة تعريف الخطاب حول هذا الأمر برمته".
مع استمرار عقد وسائل إعلام دولية المقابلات مع زملط في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي أعقب عملية "طوفان الأقصى"، يواصل السفير إثارة إعجاب شريحة واسعة من العرب والأجانب.
وبعد مواقفه الأخيرة، حظي زملط بإشادات واسعة من قبل ناشطين وكتاب وصحفيين، حتى أن البعض أطلق عليه وصف "السفير الحقيقي الوحيد لدى السلطة الفلسطينية".
وعن هذه النقطة، تقول الكاتبة نادية حرحش إن "زملط من شخصيات فتح المتعلمة الذكية المتحدثة القليلة جدا، بل النادرة، خصوصا في قدرته على التكلم باللغة الإنجليزية، وهو حاصل على دكتوراه حقيقية وعلى الأرجح معدله بالتوجيهي (الثانوية العامة) كان عاليا".
وأردفت في مقال نشره موقع "رأي اليوم" اللندني في يوليو/تموز 2020: "زملط القادم من غزة سرعان ما تربع على سماء النجومية في الدبلوماسية الفلسطينية لذكائه وتعلمه وقدرته على التحاور".
واستدركت: "ولكن شأنه شأن كل من يتربع مناصب سلطوية في سلطة غير منتخبة حزبية فصائلية أن تذوب صفاته المهمة من تشكيل أكاديمي رفيع وذكاء وشخصية جيدة في سائل رخو عكر تلبده في قاعه المنظومة السياسية".
وعلى مدار السنوات الماضية، انتشرت كثير من فضائح الفساد المتعلقة بقيادات السلطة الفلسطينية من أعلى الهرم السياسي وحتى سفاراتها في الخارج.
ويعد السلك الدبلوماسي الفلسطيني أكثر جهة تتلقى الانتقادات والاتهامات بالفساد ووصل الأمر إلى المحاباة بالتوظيف، نظرا لما يوفره العمل في السفارات والقنصليات من امتيازات.
ولذلك، مع عودة الأضواء إلى زملط، تساءل كثيرون عن باقي سفراء السلطة الفلسطينية حول العالم وجهودهم في إيصال معاناة أهل غزة إليهم، في ظل ما يتعرضون له من عدوان واسع أودى بحياة أكثر من 5000 شخص.
وغردت الإعلامية العراقية منى سامي بالقول: "حسام زملط رجل يقاتل بحق في ساحته، هو السفير الذي تستحقه فلسطين ويحتاجه العرب والعالم في هذه الأيام".
حسام زملط رجل يقاتل بحق في ساحته
— منى سامي - Muna Sami (@MunaSami10) October 23, 2023
هو السفير الذي تستحقه فلسطين ويحتاجه العرب والعالم في هذه الايام
وغرد وائل البرغوثي قائلا إن "أفضل ما في سلطة أوسلو السفير حسام زملط الذي واجه الإعلام الغربي بشراسة لكن يد لوحدها لا تصفق".
المشكلة هي ضعف وسائل الإعلام العربية والتي من المفترض ان تخاطب العالم بلغته وكذلك فشل الدبلوماسيين العرب في المحافل الدولية،
— WaeL Barghouthi (@WaeLBarghouthi) October 15, 2023
افضل ما في سلطة اوسلو السفير "حسام زملط" الذي واجه الاعلام الغربي بشراسة لكن يد لوحدها لا تصفق#طوفان_الاقصى https://t.co/r9juBqbxJG
بدوره، قال عبد العزيز كركدان على تويتر: "إبهار في الردود وذكاء نشاهده مرة أخرى في لقاء المذيع مورغان مع سفير فلسطين في بريطانيا، رواية أصحاب الأرض ومن يملكون الحقيقة مهمة وضروري أن تصل لكل مكان".
إبهار في الردود وذكاء نشاهده مرة أخرى في لقاء المذيع بيرس مورغان مع سفير فلسطين في بريطانيا حسام زملط ، رواية أصحاب الأرض ومن يملكون الحقيقة مهمة وضروري أن تصل لكل مكان. pic.twitter.com/h7OVNT5g8o
— عبدالعزيز كركدان (@abduilaziz_) October 19, 2023
أما الصحفي اليمني محمد الضبياني، فغرد معلقا على إحدى المقابلات مع زملط: "يجب أن يتم مواجهة عمليات التضليل والخداع والتزييف التي يقودها الإعلام الغربي بخصوص العدوان الصهيوني على غزة بكل صلابة وقوة، لا يجب أن ندع روايتهم الكاذبة الخاطئة أن تمرّ".
سألته: "هل تؤيد قتل المدنيين الإسرائيليين"؟! مجدداً.. السفير الفلسطيني #حسام_زملط @hzomlot في #بريطانيا يلجم مذيعة في شبكة سي إن إن @CNN حجرا!
— محمد الضبياني M.Aldhabyani (@maldhabyani) October 14, 2023
يجب أن يتم مواجهة عمليات التضليل والخداع والتزييف التي يقودها الإعلام الغربي بخصوص العدوان الصهيوني على #غزة بكل صلابة وقوة، لا يجب أن… pic.twitter.com/rfDrEBeTbX
1 |
palmissionuk |
---|---|
2 |
Palestine’s man in Washington |
3 |
حديث صعب وحقيقة أصعب منظومة مهترئة واحدة: حوار السفير الفلسطيني حسام زملط ببرنامج “هارد توك” على شبكة الإذاعة البريطانية |