رأت وكالة الأناضول التركية أن مشاركة "أقوياء" المجتمع الدولي بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يعني غياب أغلب الجهات الفاعلة "الحكيمة" التي يمكنها إنهاء الحرب الجارية في قطاع غزة.
وتشير الوكالة هنا إلى انحياز الولايات المتحدة الأميركية وأغلب دول الاتحاد الأوروبي لإسرائيل، مما يصعد القتال الذي بدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبدأت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس معركة طوفان الأقصى ردا على انتهاكات الاحتلال، الذي دشن بدوره عمليات قصف ومجازر بحق المدنيين في قطاع غزة أدت إلى استشهاد أكثر من 4000 فلسطيني وإصابة ما يزيد عن 12 ألفا.
وعلى سبيل المثال؛ تقول الوكالة إن الولايات المتحدة تقدم الدعم غير المشروط لإسرائيل، ودول أوروبا تعبر عما تريد واشنطن سماعه بسبب التهديد الروسي.
ولفت إلى أن روسيا تتناسى حرب أوكرانيا وتزيلها من جدول الأعمال عندما تنشأ أزمة جديدة، والصين تتنفس الصعداء في المنافسة بمنطقة المحيط الهادئ، وإيران ركزت جهودها على التوسع والنفوذ ومعاداة إسرائيل.
وبين الكاتب التركي مراد أصلان أن كل من جرى ذكرهم؛ أصبحوا أطرافاً في القضية الفلسطينية، وقد أهملوا الدور الذي ينبغي أن يلعبوه من أجل السلام العادل والدائم.
وأردف: تعد قضية فلسطين لغز الشرق الأوسط منذ قرن من الزمان، وجاءت تسمية هذه الأزمة بتعبيرات مختلفة مثل "إقامة الدولة القومية العربية"، أو "الهجرة اليهودية"، أو "إقامة إسرائيل"، أو "الحروب العربية الإسرائيلية"، أو "المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية".
ومع كل هذا الاختلاف في تفسير الوضع، فمن الضروري تجاوز مرحلة تحديد المشكلة واتخاذ خطوات نحو الحل بسرعة بدلاً من ذلك، وفق رأيه.
تابع أصلان: عند النظر إلى الأمر من نهج براغماتي عملي، من الضروري "تفضيل الأهم على المهم"، أي تهدئة الوضع الذي تطور في فلسطين من أزمة إلى صراع.ولحل هذه المشكلة، لا بد من اتخاذ خطوات ترضي جميع الأطراف، وإلا فإنها ستكون حلقة تظهر فيها المشاكل الأمنية الممزوجة بالمآسي الإنسانية.
ومن ثم ينبغي مناقشة الخطوات الواجب اتخاذها لإيصال ما يحدث في فلسطين إلى نتيجة نزيهة وعادلة، بحسب تعبيره.
واستطرد الكاتب: لحل المشكلة، لا بد أولاً من التخلص من عادة التصرف بالعواطف واستخدام الأساليب والخطابات والأدوات العقلانية.
ولذلك يرى أنه "يجب على الأطراف الثلاثة التي لديها القدرة على حل المشكلة أن يكونوا مراقبين خارجيين للمشكلة".
وبما أن "الأقوياء" في المجتمع الدولي قد أصبحوا بالفعل أطرافاً في الصراع، فإن عدد الجهات الفاعلة "الحكيمة" ليس كبيراً جداً، كما قال.
وبالنسبة لتركيا، يعتقد أنها اكتسبت زخماً إيجابياً في الشرق الأوسط من خلال مبادرات "التطبيع" السياسي الأخيرة التي نفذتها مع دول المنطقة، وأبرزها مصر ودول خليجية.
وقال الكاتب: "من المهم بالنسبة لتركيا أن تضع علاقاتها مع مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية واليونان وإسرائيل على جدول أعمال إيجابي".
وعلى الرغم من سياسة واشنطن الخاطئة تجاه سوريا والإرهاب، فإن الزخم الذي تم اكتسابه مع الولايات المتحدة في قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في فيلنيوس واعد.
كما أنّ أسلوب "الباب المفتوح" التركي بين روسيا والغرب بعد الغزو الأوكراني أحد ثمار جهود السياسة الخارجية التركية.
وعند النظر في كل ما سبق، يمكن لتركيا أن تساهم في إنهاء التوتر في فلسطين وإقامة فترة دائمة من الهدوء من خلال اتخاذ مبادرة كهذه في السياسة الخارجية.
وأشار أصلان هنا إلى ضرورة إدراكنا للعوائق التي تعترض إطلاق مبادرة بناءة قد تشارك تركيا فيها.
ويعتقد أن على الدول الغربية أن تتخلص من تحيزها، مبينا أن العقلية الأميركية والأوروبية التي تعطي الأولوية لمصالحها الخاصة قد تتعامل مع المبادرات التركية بقدر من عدم الارتياح.
وكنتيجة، يتعين على أوروبا والولايات المتحدة الآن أن تضع "العقدة التركية" جانبا (من أجل الوصول إلى تهدئة في الأراضي الفلسطينية) حسب قول الكاتب.
وكطرف مباشر في هذه القضية، تدرك إسرائيل بشكلٍ تام بأن تركيا يمكن أن تساهم في أمن واستقرار المنطقة.
واستطرد الكاتب متأسفا بأن النزعة المتحفظة في السياسة الداخلية الإسرائيلية والشعور بالثقة المفرطة تجاه الضمانات الأميركية له تأثير مقيد.
وأردف: "رغم أن عدم التناغم السياسي الداخلي المثير للمشاكل في فلسطين قد يشكل عائقا، فإن تركيا تستطيع إبراز توجه محايد وعادل في التعامل مع السلام بين إسرائيل وفلسطين".
بالإضافة إلى ذلك، فإن تضامن دول المنطقة مثل مصر والأردن مع تركيا يمكن أن يقدم مساهمة إيجابية في عملية السلام.
وأشار الكاتب هنا إلى ضرورة إدراكنا بأن إيران والجماعات المسلحة التابعة لها ستحاول منع "عملية السلام" هذه، وفق زعمه.
وتابع: "بمبادرة يمكن أن تتخذها تركيا بمساعدة الدول الأخرى يمكن فتح صفحة جديدة في القضية الإسرائيلية الفلسطينية التي لا تزال تُعد مسدودة إلى الآن".
كما أنّ إعلان تركيا عن استعدادها لمهمات "الوساطة" أو "الضمان" يشكل في الواقع إشارة إلى هذه النية.
ومن ناحية أخرى، يجب على الجانب الإسرائيلي أن يكون مستعداً لحل الدولتين الذي عبرت عنه جميع الأطراف "الحكيمة".
كما لا بد من تحلّي الجانب الفلسطيني بالشجاعة لفتح "صفحة بيضاء". لكنّ هذا لا يتعدى محض توقعات نظراً للتطورات الحالية.
وأعرب الكاتب عن أن التوصل إلى حل ليس من الصعب اكتشافه وجعله ممكنًا ما دامت هناك الرغبة بذلك.
كما شدد على ضرورة إيقاف كل من إسرائيل وفلسطين الهجوم والتعامل مع هذه العملية بشكل إيجابي، حيث تقود الظروف الحالية كل الأطراف إلى الصراع بدلا من الحل.
ويقترح الكاتب أيضاً إطلاق سراح الأسرى من قبل حماس ووقف الهجمات الإسرائيلية "مما قد يشجع الطرفين على التراجع".
1 |
Filistin-İsrail meselesini çözebilmek: Türkiye rol oynayabilir mi? |
---|