مجلة إيطالية: اتفاق الشراكة الإماراتي التركي يتجاوز البعد التجاري

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت مجلة إيطالية الضوء على أبعاد اتفاقية الشراكة الموقعة بين الإمارات وتركيا في 3 مارس/ آذار 2023، والتي تستهدف زيادة حجم التجارة بين البلدين إلى 40 مليار دولار، خلال السنوات الخمس المقبل. 

وأوضحت مجلة "فورميكي" أن "الاتفاقية تشمل القطاعات الإستراتيجية، مثل التكنولوجيا الزراعية والأمن الغذائي والطاقة النظيفة، بالإضافة إلى التعاون المستمر في مشاريع البناء والعقارات".

ووصفت المجلة اتفاق الشراكة بـ"التاريخي" بين أنقرة وأبو ظبي، مؤكدة أن "الانفراج الإقليمي في العلاقات في البحر الأبيض المتوسط يمر عبر الاتفاقات التجارية التركية الإماراتية".

تطور مهم

ورأت "فورميكي" أن "هذا الاتفاق يمنح جرعة أوكسجين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مرحلة صعبة، فيما يؤكد الإرادة الإستراتيجية للإمارات في أن تشكل مركزا للشؤون السياسية والاقتصادية العالمية".

وأشارت إلى أنه تم التوقيع على "اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة" في أبو ظبي، بين وزير التجارة التركي محمد موش ووزير الاقتصاد الإماراتي عبد الله بن طوق المري.

وقال وزير الدولة للتجارة الإماراتي، ثاني الزيودي، في تصريحات صحفية، إن الاتفاقية تنص على تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 82 بالمئة بين البلدين.

من جانبه، أعرب الرئيس التركي خلال مشاركته عبر اتصال مرئي في مراسم توقيع الاتفاقية، عن ثقته برفع حجم التبادل التجاري مع الإمارات إلى 25 مليار دولار في 5 أعوام، بفضل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة.

وعلقت المجلة الإيطالية بأن قيمة الاتفاق الموقع بين الطرفين "أوسع بكثير من كونه ذا طبيعة اقتصادية تجارية".

وذكرت أنه "يرتكز على اتفاق مبدئي للتعاون في قطاع الدفاع وعلى سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة عام 2022 بعد زيارة الرئيس أردوغان إلى الإمارات".

وقالت المجلة إن "زيارة الرئيس التركي كانت بالفعل تطورا مهما في إعادة العلاقات بين بلدين كانا متنافسين في الماضي، وبينهما خلافات خاصة بشأن مسائل تخص العالم الإسلامي السني".

وأدت التوترات أيضا إلى مواجهة مسلحة بالوكالة على الأراضي الليبية، عندما دعم الإماراتيون متمردي إقليم برقة بقيادة الجنرال الانقلابي خليفة حفتر في هجومهم عام 2019 على قوات حكومة الوفاق الوطني من أجل السيطرة على طرابلس، فيما دافعت أنقرة عن العاصمة الليبية آنذاك.

فرص جديدة

وأردفت المجلة أن "الخلافات أثرت على معظم ملفات البحر المتوسط الموسع لسنوات".

ونوهت بأن "ما يحدث هو تحقيق نهائي لديناميكية الانفراج الواسع والشامل للمنطقة بأسرها، والذي شهد تطبيعا للعلاقات بين بعض الدول العربية (في المقام الأول الإمارات) مع الاحتلال الإسرائيلي".

وكذلك عودة العلاقات بين "الخصوم السنة"، إلى جانب العلاقات بين أنقرة وإسرائيل فضلا عن تركيا ومصر.

هذا إلى جانب سلسلة من الديناميكيات الجديدة، كما أن وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض عام 2020، وتفشي جائحة كورونا، بالإضافة إلى اندلاع الحرب في أوكرانيا تعد من الأسباب الكبرى السياسية والطارئة والأمنية التي حفزت هذه التحولات، تضيف المجلة.

وشرح الخبير في شؤون تركيا والخليج، علي باكير، أن "الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تميزت بها هذه الاتفاقية تعد ضرورية لاستدامة العلاقة الإماراتية التركية".

وذلك لأنها "ستزيد بشكل كبير من حجم التجارة الثنائية في فترة قصيرة وتفتح فرصا جديدة لكلا الجانبين لتعميق علاقاتهما على أسس متينة"، وفق تقديره. 

وتابع باكير في حديثه للمجلة أنه "بعبارة أخرى يتعلق الأمر بوضع مربح للجميع، وهو جزء من عملية يبدو أنها تشمل جوانب إستراتيجية مختلفة للعلاقة المتنامية على المستويات الدفاعية والاقتصادية والسياسية".

وأكد أنه "بهذا المعنى، من الممكن أن يكون ذلك تغييرا في اتجاه علاقات تركيا مع دول مجلس التعاون الخليجي".

فيما ترى فورميكي أن "هذا الظرف سيسهم في استفادة كامل المنطقة، وبالتالي إيطاليا أيضا".

مسار الانفراج

وأشارت المجلة إلى أن روما، التي تقع وسط البحر الأبيض المتوسط الموسع، تتمتع بعلاقات ممتازة مع كل من أنقرة وأبو ظبي، متوقعة أن اتفاقية الشراكة الجديدة التي تركز على قطاعات مثل الأغذية الزراعية والطاقة النظيفة والخدمات اللوجستية والبناء، ستخلق مساحة لعمل المصالح الإيطالية.

وكانت زيارة وزير التجارة التركي إلى عاصمة الإمارات التي تزامنت مع وصول رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إلى الدولة الخليجية، الأولى إلى الخارج لمسؤول تركي بارز بعد الزلازل المدمرة التي ضربت مناطق من تركيا وسوريا في 6 فبراير/شباط 2023. 

وبحسب المجلة الإيطالية، تجلت المساعدات أو أنواع أخرى من المساعدة المرسلة من الإمارات إلى ضحايا الزلزال كشكل من أشكال التواصل ضمن مسار الانفراج في العلاقات المستمر بين البلدين.

ونما الاقتصاد التركي بنسبة 5.6 بالمئة في 2022، منهيا العام بنمو أسرع من المتوقع بفضل زيادة الإنفاق الحكومي قبل الانتخابات.

إلا أن الزلازل ستكلف، وفق تقديرات البنك الدولي، نحو 34 مليار دولار من الخسائر.

وبالإضافة إلى دخولها في اتفاقية مبادلة عملات بقيمة 4.9 مليارات دولار مع تركيا عام 2022، تعهدت الإمارات باستثمارات بمليارات الدولارات في تركيا، من خلال كيانات تابعة للحكومة.

ويذكر أن حجم التجارة الثنائية بين البلدين بلغ قرابة 19 مليار دولار عام 2022.

من جهتها، تضغط الإمارات، ثالث أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، بقوة لتطوير مكانتها كمركز عالمي للأعمال والتمويل.

وذكرت المجلة دخولها في اتفاقيات شراكة اقتصادية عالمية مع العديد من الاقتصادات سريعة النمو حول العالم، بما في ذلك الهند وإندونيسيا وإسرائيل. 

وخلصت إلى القول إن "أبو ظبي تعتزم الجمع بين هذه الأنشطة الاقتصادية والتجارية مع موقف دولي أكثر انفتاحا مع التخلي عن مواقف كانت قد اتخذتها منذ بضع سنوات".