قريبة من الرياض .. لماذا تسعى موسكو لامتلاك قاعدة عسكرية في البحر الأحمر؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

تمنح الاتفاقات الأخيرة بين السلطات الروسية والمجلس العسكري السوداني، الكرملين فرصة الوصول إلى البحر الأحمر، ووضع قاعدته العسكرية في مدينة بورتسودان. 

وهنا تتساءل صحيفة "فوكس" الروسية: "ما الذي يستفيده الكرملين من الوجود على سواحل البحر الأحمر؟" مبينة أن موسكو مستمرة في محاولات بسط سيطرتها على الدول الإفريقية.

ووفقا لمصادر مختلفة، فإن شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة، والتي يديرها يفغيني بريغوزين، المقرب شخصيا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لها وجود في العديد من البلدان الإفريقية.

وحيثما توجد مجموعة فاغنر، تتمكن الشركات التابعة لها من الوصول إلى الموارد الطبيعية لتلك البلدان، بل قد تفرض نهجا سياسيا على سلطاتها، حسب الصحيفة.

ووفقا للصحيفة الروسية، ينتشر مرتزقة فاغنر في مالي وإفريقيا الوسطى وموزمبيق وأنغولا وزيمبابوي وغينيا بيساو وغينيا ومدغشقر وليبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وربما إريتريا.

من المستفيد؟

أما بالنسبة للسودان، فتعمل شركات التعدين التابعة لرجل الأعمال بريغوزين فيها منذ عام 2017. كما تعتزم روسيا إقامة قاعدة عسكرية قانونية في هذا البلد، والذي استولى الجيش على سلطته منذ عام 2021.

وبشأن الاتفاقات بين الروس والحكومة الانتقالية في السودان، أفادت الصحيفة أنه "في وقت مبكر من عام 2020، بدأت المفاوضات بينهما بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير (أبريل/نيسان 2019)".

وأتبعت: "في ذلك الوقت، حذرت الولايات المتحدة السلطات السودانية من العواقب السلبية لمثل هذا القرار، حتى إنه كان من المحتمل حدوث عزلة دولية للسودان".

ولكن في النهاية، أعلن الجيش، الذي وصل إلى السلطة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، عن رغبته في مراجعة شروط العقد مرة أخرى.

وخلال زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في 9 فبراير/شباط 2023، للخرطوم، أعلن أن بلاده في انتظار موافقة المؤسسات التشريعية في الخرطوم على إنشاء القاعدة البحرية. قاعدة عسكرية روسية في السودان،

وحول الاستفادات العائدة على كل من روسيا والسودان، أكدت الصحيفة أن نظام الخرطوم يعتزم تسلم أسلحة روسية، إضافة إلى أنه يعد الوجود العسكري الروسي أحد العوامل المؤثرة على العملية السياسية في البلاد.

أما بالنسبة لروسيا، فإن القاعدة في هذا الموقع تمنحها العديد من المزايا على الجانبين السياسي والجيوستراتيجي، وفقا للتقرير.

وعدد هذه المزايا، بالقول: "بادئ ذي بدء، تقع القاعدة في منطقة ذات أهمية إستراتيجية للعالم بأسره، حيث لعب البحر الأحمر دورا مهما في التجارة العالمية منذ زمن الملاحة"، مضيفا أن "10 بالمئة من التجارة البحرية في العالم الآن تعبر من خلاله".

ولتوضيح أهميته والتأكيد عليها، تستدل "فوكس" بحادثة سفينة "إيفر غيفين" التي علقت في قناة السويس عام 2021، وما نتج عنها من تأثير على التجارة العالمية.

وعلى غرار هذه الحادثة، تتساءل الصحيفة: "ماذا سيحدث إذا قررت البحرية الروسية إجراء تدريبات عسكرية في البحر الأحمر؟ وعرقلت مؤقتا حركة المرور فيه؟"

مزايا جيوستراتيجية

وحول المزايا الجيوستراتيجية، توضح الصحيفة: "على الضفة المقابلة من السودان، تقع قبلة المسلمين من جميع أنحاء العالم، الكعبة، حيث يؤدي ملايين المسلمين فريضة الحج كل عام في مكة المكرمة".

وترى الصحيفة أن الاقتراب من السعودية وزيادة التأثير والتقارب مع المملكة يعد ورقة جيوسياسية مهمة بالنسبة لروسيا.

وتبدي تخوفها من أن تموضع الرؤوس الحربية الروسية بالقرب من المملكة، قد يؤدي إلى احتمال حدوث تصادم بين روسيا والسعودية.

لكنها تؤكد -في ذات الوقت- أن "روسيا تحاول بناء علاقة شراكة -وإن لم تكن ودية بالقدر الكافي حتى الآن- مع السعودية".

ونوهت الصحيفة إلى أحد أسباب التوتر بين البلدين، إذ إن موسكو، خلال الحرب مع أوكرانيا، اقتربت بشكل أكبر من طهران، الخصم الإقليمي الأبرز بالنسبة للرياض.

وأشارت إلى النفوذ الإيراني في البحر الأحمر الذي يعتزم الروس الوجود فيه، من خلال سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على بعض المناطق اليمنية المطلة على ذات الساحل.

وتلفت الصحيفة إلى أن إريتريا، المطلة على البحر الأحمر، هي الدولة الإفريقية الوحيدة التي صوتت ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بسحب القوات الروسية من أوكرانيا في 23 فبراير 2023.

وفي ظل هذه التوترات والصراعات التي تعيشها المنطقة حول سواحل البحر الأحمر، تقول الصحيفة الروسية إن "الوقت فقط هو الذي سيوضح كيفية تعامل السودان مع هذه الظروف".

وتحذر الصحيفة من "النفوذ المتزايد للاتحاد الروسي في إفريقيا، وخاصة في منطقة البحر الأحمر المهمة"، قائلة إن ذلك ينبغي أن يكون "جرس إنذار للجانب الديمقراطي من العالم".

وإضافة للقاعدة الروسية، تقول الصحيفة إن "وجود قاعدة عسكرية أميركية في جيبوتي، بالإضافة إلى الوجود التركي العسكري فيها، يزيدان من التوتر في المنطقة". هذا بالإضافة إلى قاعدتين عسكريتين صينيتين بالقرب منهما  في إفريقيا.

وهنا يؤكد التقرير أن هذا التنوع المتضاد في الوجود العسكري الدولي "لا يدعم المنطقة إيجابيا، بل يمثل خطرا كبيرا على الخدمات اللوجستية لحركة البضائع من آسيا إلى أوروبا".

وختمت الصحيفة تقريرها بإعادة التأكيد بأن "تأثير الكرملين على التجارة العالمية من خلال الوجود العسكري في أحد ممرات النقل الرئيسة في العالم يعد أمرا بالغ الأهمية والخطورة".