عودة هادي إلى اليمن.. هل تُغير المعادلة السياسية؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"عندما يعود الرئيس من رحلته العلاجية في الولايات المتحدة الأمريكية بالسلامة، سيكون مع شعبه في داخل ‎اليمن، لاستكمال إسقاط التمرد، واستعادة الدولة وبناء اليمن الجديد".

تصريح جاء على لسان عضو مجلس الشورى والقيادي في حزب الإصلاح صلاح باتيس مؤخرا إثر توارد أنباء عن عودة وشيكة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والحكومة الشرعية إلى اليمن، وإدارتهم للبلد من المحافظات الخاضعة لسيطرة الشرعية.

باتيس كشف عن تحركات رئاسية، على أعلى مستوى، يجريها هادي لعودة جميع قادة الدولة إلى اليمن، بعد سنوات من بقائهم في الخارج قائلا: "هادي يتدارس إصدار قرار بعودة جميع قادة الدولة إلى أرض الوطن فورًا، وبسط نفوذ الدولة على كامل التراب الوطني".

تصريحات باتيس سبقتها تصريحات لعضو مجلس الشورى علي البجيري أكد فيها أن الرئيس هادي سيعود خلال أيام الى عدن، "لفرض هيبة الدولة، وإنهاء كل مظاهر الفوضى، وإعادة انتشار الجيش والأمن اليمني في جميع المناطق المحررة".

خيبة أمل

يقيم الرئيس هادي والحكومة الشرعية في الرياض، منذ مغادرته اليمن في مارس/آذار 2015 بعد سقوط عدن بيد الحوثيين، قبلها في فبراير/شباط 2015 كان قد هرب من صنعاء إلى عدن، بعد إقامة جبرية فرضتها عليه جماعة الحوثي، ومن عدن فر إلى مسقط ومنها إلى الرياض.

تزايدت، منذ ذلك الحين المطالب الشعبية بعودته وممارسته السلطة من إحدى المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الشرعية.

الكاتب والصحفي منصور النقاش قال لـ "الاستقلال": "أصبحت عودة الرئيس هادي والحكومة الشرعية أمرا ملحّا، فليس من المعقول أن يتم حسم الحرب وإسقاط الانقلاب من دون عودته، وممارسة الحكم من إحدى المحافظات الخاضعة لسيطرة الشرعية".

يضيف النقاش: "يفترض أن يكون هرب الرئيس من عدن، فرصة لإعادة ترتيب الأوراق، ثم العودة بقوة لإنهاء المهمة، لا أن يكون الهرب هو المصير الذي قرر هادي الاستمرار فيه".

وعن طول فترة إقامة هادي والحكومة الشرعية في الرياض، لأكثر من 4 سنوات، يقول النقاش: "يكاد يصاب كثير من اليمنيين المؤيدين للشرعية بالخذلان وخيبة الأمل، وذلك إن حصل فسوف يصب في مصلحة الحوثيين من ناحيتين".

"أولا لأن الحوثي يستفيد من الوقت في إعادة ترتيب صفوفه، وثانيا لأن طوال فترة إقامة الرئيس في الرياض أصاب المجتمع اليمني  باليأس من القضاء على الانقلاب، وبدا لهم أن التخلص من انقلاب الحوثيين لم يعد مهمة سهلة" حسب النقاش.

يضيف النقاش: "عندما عقد البرلمان اليمني أولى جلساته في مدينة سيئون، بث ذلك الروح المعنوية بين قوات الجيش والمواطنين بشكل غير مسبوق، وذلك نتاج لحضور الدولة وهيبتها، ودفَع المواطنين للالتفاف حول شرعية هادي، ورمزية تلك الشرعية".

الخطر الأمني

وفقاً للوكالة الفرنسية فرانس برس، فإن أحد أهم أسباب عدم عودة الرئيس اليمني هادي وحكومته الشرعية إلى العاصمة المؤقتة عدن، هو  الخطر الأمني على الحكومة ليس من تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، بل من التشكيلات العسكرية غير المنضبطة، وغير الخاضعة لسلطة وزارة الداخلية، أو لسلطة وزارة الدفاع"، في إشارة للتشكيلات العسكرية الموازية التي أنشأتها الإمارات تحت مسمى الحزام الأمني.

كانت اشتباكات مسلحة اندلعت بين قوة من "الحزام الأمني" المدعوم من الإمارات وألوية الحماية الرئاسية التابعة للشرعية  في عدن، على خلفية تنظيم المجلس الانتقالي الجنوبي، مسيرات مطالبة بإقالة حكومة بن دغر، بذريعة الفساد.

المسيرات تسببت بافتعال مواجهات من قبل الحزام الأمني، قتل فيها وأصيب العشرات، وبلغت مكان إقامة الرئيس هادي في قصر معاشيق، حيث تقيم وحدات عسكرية تابعة للرئيس هادي.

وفي وقت سابق منعت الإمارات، التي تحكم سيطرتها على عدن، عودة هادي إلى عدن، ورفضت في يناير/كانون الثاني 2018 منح الإذن بهبوط طائراته الرئاسية في مطار عدن، ما اضطره للعودة إلى الرياض.

وكالة أسوشيتد برس تحدثت عن أن السلطات السعودية منعت هادي وعددا من أعضاء حكومته، في وقت سابق، من العودة إلى عدن، بحجة الحرص على سلامته.

غير أن مصادر حكومية أشارت إلى تغير في الموقف السعودي بشأن عودة هادي إلى عدن، وصرحت أن السعودية باتت تدفع بعودة هادي مؤخرا، ولعل لذلك علاقة بالتنافس المتنامي بين الرياض وأبو ظبي على التوسع الإستراتيجي في اليمن.

كانت السعودية قد رتبت في وقت سابق لعقد البرلمان في مدينة سيئون اليمنية، في وقت كانت الإمارات ترفض انعقاد المجلس وتشن هجوما حادا على البرلمان وانعقاده في سيئون.

دفعة معنوية

بحسب مراقبين، تشكل عودة هادي إلى اليمن دفعا معنويا يعزز من موقف الشرعية، ويسهم بفرض هيبة الدولة، ويعطي أملا لدى اليمنيين بإمكانية القضاء على الانقلاب، كما ينعكس بشكل إيجابي على تفعيل مؤسسات الدولة، ورفع معنويات المقاتلين في جبهات الشرعية.

عودة الشرعية يقوض من طموح أبوظبي في الموانئ والجزر الجنوبية، حسبما قال عضو مجلس الشورى علي البجيري في معرض حديثه عن عودة هادي قائلا: "الإمارات باتت في وضع لا تحسد عليه، إذ  كانت تناضل لإعادة عناصر النظام السابق وفرضه على اليمنيين، متجاوزة كل الأعراف والقوانين والقيم الإنسانية ومتجاوزة نضالات اليمنيين وخروجهم في الميادين ودمائهم التي سفكت، وجرحاهم الذين يملؤون البيوت".

يضيف البجيري: "الإمارات قامت بتأسيس مجلس مخادع للجنوبيين يرفع شعار الانفصال وهي تعمل لإعادة الأسرة الحاكمة وعرقلة تعميق الوحدة اليمنية، ولو عاد الرئيس هادي سوف يحد من ذلك الطموح".

الكاتب والباحث مراد محمد قال لـ "الاستقلال": "عودة الشرعية سوف يمكنها من الوقوف بجانب المقاومة التي تركت لوحدها في وقت سابق، تواجه مصيرها مع جماعة الحوثي".

مضيفا: "كان لغياب الشرعية أكبر الأثر في انهزام صفوف المقاومة، في وقت كان يتطلب أن تقوم بواجبها في دعم المقاومة لصد هجمات الحوثيين الشرسة، وتسبب ذلك الخذلان بسقوط تلك المناطق واحدة تلو الأخرى، أبرزها جبهة حجور التي قاومت الحوثي لعدة أشهر، ومثلها جبهات الحقب ودمت والعود، وغيرها".

السيطرة لمن؟

تطمئن الشرعية المقيمة في الرياض اليمنيين بأنها تسيطر على ما نسبته 80 بالمائة من الأراضي اليمنية، في مقابل 20 بالمائة تحت سيطرة الحوثيين.

غير أن وزير حقوق الإنسان اليمني محمد عسكر كشف في مقابلة حديثة له مع صحيفة سبوتنيك الروسية، أن عدد اليمنيين الواقعين تحت سيطرة الحوثيين يصلون لحوالي 80 بالمائة، في مقابل 20 بالمائة من السكان يعيشون في مناطق تسيطر عليها الشرعية.

ويسيطر الحوثيون على عدة مدن، من بينها مدن رئيسية، كصنعاء والحديدة وإب وذمار، بالإضافة إلى عمران وصعدة وحجة والبيضاء وأجزاء من تعز، المحاصرة من 3 جهات من قبل الحوثيين، وتحوي تلك المدن كثافة سكانية تصل لحوالي 20 مليون يمني، من أصل 25 مليون، هم عدد سكان الجمهورية.

تكشف تلك الأرقام أن الكفة لصالح الحوثي، حتى وإن كانت الشرعية تسيطر على 80 بالمائة من الجغرافيا اليمنية، فالسكان ثروة بشرية، ويتخذ منهم الحوثيون موردا بشريا وماليا هاما، لتغذية حربهم، وهم العنصر الأهم في المعادلة.

بالإضافة إلى سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة والصليف وميدي، وهي موانئ حيوية تغذي حربهم، ما يتحتم على الشرعية العودة وتحرير 80 بالمائة من السكان، لا أن تمني نفسها بالسيطرة على 80 بالمائة من الجغرافيا.