بتصفية الظواهري.. إعلام إسباني: اتفاقات أميركا وطالبان باتت حبرا على ورق

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن في 2 أغسطس/ آب 2022، مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في مبنى كان يقيم فيه مع عائلته بالعاصمة الأفغانية كابل، في ضربة هي "الأكبر" ضد التنظيم منذ مقتل قائده السابق أسامة بن لادن قبل أكثر من 10 سنوات.

ورأت صحيفة إلباييس الإسبانية أن تصفية الظواهري حولت اتفاق الدوحة بين واشنطن وطالبان الذي مهد الطريق لانسحاب القوات الأميركية إلى حبر على ورق، لأنه كان يؤكد ألا تكون أفغانستان ملاذا للتنظيمات المسلحة.

وفي عام 2020، وقعت الولايات المتحدة وحركة طالبان اتفاقية برعاية قطر في الدوحة، نصت على خروج القوات الأجنبية من أفغانستان، وهو ما تحقق في أغسطس/ آب من العام نفسه.

علاقة محصنة

وسلطت الصحيفة الإسبانية الضوء على الحروب التي قادتها الولايات المتحدة ضد ما سمته "الإرهاب الدولي"، والتي فشلت في إنهاء الالتزام المتبادل الذي ختمه بن لادن والملا عمر (القائد الأعلى والزعيم الروحي).

في حقيقة الأمر، هناك علاقة ولاء محصنة بين طالبان والقاعدة، ويمكن أن تظهر للعلن في أي وقت ممكن. 

وأصبح بإمكان الولايات المتحدة التباهي بالفعل بإنجازها المتمثل في تصفية رئيسي القاعدة، في الواقع، إذ قتل الأول في مايو/ أيار 2011 في باكستان، أما الثاني، خليفته، فقد جرى تصفيته في 31 يوليو/ تموز 2022 في كابل.

عموما، قتل كلاهما في عمليات حساسة للغاية تتطلب شبكة من التكنولوجيا والمتعاونين التي تسمح بتحقيق الهدف والاحتفال على أعلى مستوى، مثلما فعل الرئيس جو بايدن.

وقد كان احتفال بايدن كبيرا، لأنه هناك فارق كبير بين مقتل بن لادن والظواهري في قتال أو هجوم وبين نجاح عدوهم الرئيس في تصفيتهم.

ونقلت الصحيفة أنه قبل 11 سبتمبر/ أيلول 2001، كان بن لادن قد أبرم اتفاقا مع الملا محمد عمر، الذي أسس حركة طالبان في قندهار، في جنوب أفغانستان، في عام 1994.

وكان هذا التحالف ضروريا بالنسبة لابن لادن لإيجاد مكان للإقامة في هذا البلد بعد الهجمات التي وجهها ضد الولايات المتحدة.

من ناحية أخرى، كانت الحماية التي قدمها عمر هي التي دفعت الرئيس جورج دبليو بوش إلى إصدار الأمر بالغزو الذي أبقى قواته على الأراضي الأفغانية من عام 2001 إلى عام 2021. 

وفي وقت لاحق، أدت المفاوضات بين الولايات المتحدة وطالبان في قطر لإنهاء الاحتلال إلى توقيع اتفاقية ما يسمى باتفاق الدوحة في فبراير/ شباط 2020 برئاسة دونالد ترامب.

بالإضافة إلى التخطيط لرحيل القوات، نصت الاتفاقية على أن أفغانستان لم تعد بمثابة قاعدة للإرهابيين الذين يهددون الولايات المتحدة.

لكن في الحقيقة، تعد طالبان أرضا خصبة للقاعدة، وأفضل بكثير من أفغانستان التي تحتلها قوات أجنبية، وفق الصحيفة.

وأشارت إلى أن حقيقة أن الظواهري استقر في منزل في وسط كابل، وهو أمر لم يكن ممكنا دون موافقة طالبان، لم يحول فقط اتفاق الدوحة إلى حبر على ورق، لكنه أكد أيضا أن تحالف بن لادن وعمر، الذي توفي عام 2013، ظل قويا للغاية على مر السنين وعاش بعد الزعيمين. 

انقسام لافت

ونقلت الصحيفة عن الباحث الإيطالي ريكاردو فالي، إلى أن "حقيقة وجود الظواهري في أفغانستان، كما توقع الكثيرون، ليست مفاجأة. ولا يمكن أن يعد انتهاكا لاتفاقيات الدوحة، وفقا لادعاءات طالبان نفسها. في الواقع، يعود ذلك إلى الثغرات القانونية العديدة في الاتفاقيات نفسها".

يشير فالي إلى الاختلافات التي قد توجد داخل طالبان نفسها عندما يتعلق الأمر بإدارة علاقاتهم مع القاعدة.

ويضيف: "يبدو أن طالبان منقسمة بين من يريد إبقاء القاعدة صامتة وهادئة، رغم أنهم ما زالوا يريدون استقبالهم في أفغانستان، ومن ناحية أخرى، بين من هم أقرب إلى التنظيم الإرهابي ويريدون الحفاظ على التحالف مع الظواهري مثل أعضاء شبكة حقاني".  

ويوضح الخبير أن فصيلا من طالبان يتمتع باستقلال معين، وهو المسؤول عن الأمن في كابل ويقوده وزير الداخلية الحالي في حكومة طالبان سراج الدين حقاني.

وأضافت الصحيفة أن طالبان سيطرت بالكامل على أفغانستان بالتزامن مع الاستيلاء على كابل في 15 أغسطس/ آب 2021.

في الواقع، أقدموا على هذه الخطوة وسط الانسحاب الكارثي للقوات الدولية واستسلام الجيش المحلي. 

في هذا السياق، أصبح من المؤكد أن هذا الخطأ التكتيكي سيكون له تأثير على ولاية بايدن أكثر من الانتصار الأخير الذي حققه بمقتل الظواهري.

على الرغم من أن هذا الهدف قد تحقق من خلال قصف بطائرة دون طيار في قلب العاصمة الأفغانية.  

ويتوقع فالي أنه "على أية حال، من المرجح أن تستمر طالبان في إيواء القاعدة وغيرها من التنظيمات. قد يتغير نهجهم تجاه هذه الجماعات، لكن التضامن سيبقى على حاله".

وضع صعب

وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن السكان المحليين اكتسبوا خلال 2021 قدرا معينا من الأمان في حياتهم اليومية وعند التنقل في جميع أنحاء البلاد. 

وهي حقيقة أقر بها موظفو بعض المنظمات الدولية المنتشرة في الدولة الآسيوية.

ولكن إذا كان الأمر كذلك، وبعيدا عن التناقضات، فإن هذا الهدوء يفسر بأن طالبان أنفسهم هم الذين كانوا ينشرون الرعب في جميع أنحاء أفغانستان، ولم يقتلوا العسكريين الأجانب فحسب، بل قتلوا أيضا القوات المحلية وآلاف المواطنين في هجمات عشوائية في كثير من الأحيان. 

وفي الوقت الذي توشك فيه السنة الأولى من صعود طالبان الثاني إلى السلطة على الانتهاء، حيث إنهم كانوا بالفعل في السلطة بين عامي 1996 و2001، أصبح التهديد الرئيس الذي يجب مواجهته بالنسبة لهم متمثلا في عناصر تنظيم الدولة.

وفي الواقع، ولدت هذه الجماعة في العراق من انشقاق عن القاعدة، وتبدو مواقف الطرفين متباعدة.

عموما، منذ منتصف العقد الأخير كان لهذا التنظيم امتياز خاص بها في أفغانستان، حيث يطلقون على أنفسهم اسم "الدولة الإسلامية في ولاية خراسان".

وبحسب صحيفة الموندو الإسبانية، يعد الظواهري، المولود في مصر، متورطا في عدة اغتيالات هناك، قبل أن يصبح الوجه الرئيس للقاعدة.

من ناحية أخرى، كان لدى بن لادن والظواهري عوامل مشتركة معينة. فكان كلاهما قادرين على التمتع بتعليم جيد.

حيث كان بن لادن مهندسا، وفقا لبعض الروايات، ودرس إدارة الأعمال، وفقا لآخرين، وكان الظواهري طبيبا.

كما كان كلاهما ينتمي إلى نخب بلديهما، وكان الظواهري ينتمي إلى الطبقة المتوسطة العليا، وكان بن لادن من أصحاب المليارات.

ولكن، تنتهي هنا أوجه الشبه. لم يتمكن الظواهري من الوصول إلى ثروات الشيوخ العرب ولا العائلات المالكة في المنطقة على غرار بن لادن.

في المقابل، كان سياسيا ممتازا، وخاض آلاف المعارك. وبعد اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات اعتقلته الشرطة المصرية، وكان له نصيب من التعذيب.

ولاحقا، كان يقول عبارة لا تنسى: "الموت أرحم من التعذيب".