داخليا وخارجيا.. هؤلاء ضحايا عمليات تجسس المغرب عبر برنامج إسرائيلي

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على "عملية التجسس التي كان ضحيتها الأمين العام السابق لمنظمة الشفافية الدولية فؤاد عبد المومني، عن طريق برنامج التجسس الإسرائيلي، بيغاسوس". 

وقالت صحيفة "الإندبندينتي" إن "الخبير الاقتصادي، عبد المومني، من الأصوات التي نددت مرارا وتكرارا بالاضطهاد والفساد في المغرب، وقد تواصلت مهمته لعقود في المملكة، دفع ثمنها عبر التدخل الدائم لأجهزة الدولة في حياته الخاصة".

ولفتت إلى أن "هناك شبهات تحوم حول نظام المغرب، تشير إلى مسؤوليته في التجسس على هواتف الكثير من المسؤولين، على رأسهم رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، وعدد من وزرائه، عبر تطبيق بيغاسوس للهاتف المحمول".

أداة للقمع

وفي حوار للأمين العام السابق لمنظمة الشفافية الدولية مع صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية، أشار عبد المومني، إلى أن "الأساليب القديمة للأنظمة الاستبدادية لم تعد تعمل بنفس الفعالية كما كانت من قبل، ومن هنا، كان عليها أن تلجأ إلى أدوات أخرى مثل بيغاسوس".

وأضاف المسؤول، الذي يعد من أكثر نشطاء حقوق الإنسان المخضرمين في المغرب، أن "النظام كان يعتمد في السابق على أساليب مثل الاعتقال لفترات طويلة والاختفاء القسري والتعذيب، لكنه الآن لا يستطيع القيام بتجاوزاته بهذه الطريقة المنهجية، ومن هنا جاءت الحاجة إلى استخدام الفساد والابتزاز". 

ونقلت الصحيفة عن عبد المومني أن "شركة واتساب نشرت قائمة لضحايا تجسس بيغاسوس، وقد ظهر اسمه مع عدد من النشطاء والصحفيين المغاربة".

وتابعت: "لقد تم الكشف عن كل المواد التي كانت موجودة على هاتفه، كما كانت وظائف مثل الكاميرا هدفا لعملية الاختراق".

وفي ظل هذه التطورات، طالب ثمانية من الضحايا بإجراء تحقيق قضائي لم تقبله المحاكم المحلية، وعلق عبد المومني بنوع من المرارة: "لم يردوا قط".

وأوردت الصحيفة أن "برنامج بيغاسوس أصبح السلاح المفضل للأنظمة في جميع أنحاء العالم للتطفل على حياة مواطنيها وأعدائها".

وأشارت إلى أن "الحكومة الإسبانية، المتواطئة أيضا في عمليات تجسس على مؤيدي الاستقلال الكتالوني، أكدت أن أعضاء السلطة التنفيذية قد عانوا من نفس عملية المراقبة"، دون الكشف عن المسؤول.

وأوضحت الصحيفة أن "عمليات التجسس حدثت عبر بيغاسوس، واستهدفت هاتف رئيس الحكومة الإسبانية في 19 مايو/أيار 2021، بعد دخول 10 آلاف شخص إلى مدينة سبتة، وفي 31 من نفس الشهر، عشية عودة زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، إلى الجزائر".

ومن بين الأجهزة التي كانت ضحية لعملية الاختراق، هناك أيضا هاتف وزيرتي الدفاع، مارغريتا روبلز، والخارجية آنذاك، أرانشا غونزاليس لايا، وفق "الإندبندينتي".

رسالة تحذير

وقال عبد المومني للصحيفة: "لا نعرف ما إذا يواصل المغرب استخدام بيغاسوس"، في الآن ذاته، لا يستبعد الناشط "احتمال أن تكون الرباط وراء التجسس على سياسيين ومسؤولين إسبان".

وأضاف: "شخصيا أجد صعوبة كبيرة في قبول أن دولة ما تتجسس على مواطنيها دون أسباب قانونية للقيام بذلك، كأن يكونوا إرهابيين أو أشخاصا يخالفون القانون، ولكن لمجرد أنها لا تتفق معهم".

وتابع: "بحسب المعلومات التي هي بحوزتنا، تتمثل الكيانات التي وقعت اتفاقيات مع الشركة الإسرائيلية المسؤولة عن تطوير برنامج بيغاسوس، في الدرك، وهي جزء من الجيش، ومنظمات مثل الاتحاد المغربي لكرة القدم". 

وأضاف عبد المومني: "لا نعرف من هم الأشخاص المتورطون بشكل مباشر في هذه الأعمال، لكن لديهم ما يكفي من القوة والإفلات من العقاب بالإضافة إلى إمكانية الوصول إلى أحدث التقنيات للقيام بذلك، من الواضح أنهم مرتبطون بالمخابرات المغربية، هذا ما نفترضه في الحقيقة".

ووفقا لتقديرات عالجتها منظمات مختلفة، يمكن أن يكون عدد الضحايا في حدود 4 آلاف هاتف مغربي، "كانوا هدفا للتجسس".

وأكد عبد المومني أنه "رقم متحفظ، لا يشمل الناس الذين يقع التجسس عليهم من خلال تطبيقات أخرى أو بأساليب أخرى، مثل المراقبة المباشرة في الشارع، ووضع الكاميرات في المنازل، أو التسجيل الصوتي، نحن نتحدث بسهولة عن عشرات الآلاف من الناس". 

ولفت إلى أن "حجم الضحايا الحقيقيين لبيغاسوس لا يزال مخفيا، معظم من تم التجسس عليهم غير معروفين، أولئك الذين تم تحديد هويتهم هم الأشخاص الناشطون على الساحة العامة الذين انتقدوا السلطات وليس لديهم مشكلة في التنديد بهذه التجاوزات".

ومع ذلك، هناك أعضاء في النظام نفسه كانوا هدفا للتجسس، "لكنهم لن يخرجوا علانية أبدا للحديث عن هذا الأمر، لأنه سينظر إلى هذه الحركة على أنها هجوم على الدولة"، يقول عبد المومني.

وشددت الصحيفة على أن "آلية التجسس المغربية القوية، القادرة على التدقيق في حياة رعاياها والتعمق في حياة القادة الأجانب بحثا عن أسرارهم ونقاط ضعفهم، تبدو مهووسة بخصوصية الآخرين".

وعلق عبد المومني: "في الواقع، هم يستخدمون الحياة الخاصة كسلاح، كما تستجيب هذه التحركات لاهتمام المغرب بإرهاب ليس فقط من يتم التجسس عليهم، ولكن أيضا بقية الشعب".

وقال إنها "رسالة تحذير لأولئك الذين لا يريدون رؤية حياتهم الخاصة مكشوفة في الأماكن العامة، خيارهم الوحيد لتجنب الرادار وهذا التطفل هو البقاء بعيدا عن الأضواء أو الاختفاء من المجال العام".

وختم عبد المومني حواره بالقول إن "المشكلة الرئيسة هي العلاقة بين الاستبداد والرأسمالية الوحشية التي تحتكر كل القطاعات، هناك شعور بأنهم بحاجة إلى الحكم المطلق للسيطرة على كل ثروات البلاد وجمع أموال طائلة، لكن، سينتهي بهم الأمر لاكتشاف أن هذا التكتيك غير مجد، وأن خيارهم الوحيد، للاحتفاظ بجزء مما يملكون، هو احترام الحريات".