بعد وساطتها بأزمة أوكرانيا.. وكالة تركية: أنقرة تصبح جسرا بين روسيا والغرب

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت وكالة "الأناضول" التركية الضوء على الاجتماع الذي عقد في مدينة إسطنبول، بين وفدي المفاوضات الروسي والأوكراني في 29 مارس/آذار 2022.

ويهدف الاجتماع إلى إيقاف الأزمة التي بدأت بينهما في 24 فبراير/شباط 2022، إثر غزو موسكو لأوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية مشددة على روسيا.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية في مقال للأكاديمي، إلياس كمال أوغلو، أن أوكرانيا طلبت "وضعا محايدا"، وضمانات أمنية دولية ضد عدم الانضمام إلى الكتل العسكرية، فيما طلبت من روسيا عدم معارضة عضوية الاتحاد الأوروبي.

تغيرات كبيرة

وقال كمال أوغلو: "لقد مر أكثر شهر على الأزمة الأوكرانية التي أطلق عليها الروس اسم (العمليات الخاصة)، بل وحظرت روسيا استخدام كلمة (حرب)، بينما تجاهلت أوكرانيا والغرب الحروب في البلقان ووصفتها بـ(الحرب الأولى في أوروبا بعد الحرب الباردة)".

واعتبر أن "ما حدث خلال هذه الفترة لم يتسبب فقط في حدوث وفيات وهجرة من كلا الجانبين، ولكنه تسبب أيضا في تغييرات كبيرة في العديد من المجالات المختلفة من الاقتصاد إلى الدفاع، ومن الأمن إلى الطاقة، في جميع أنحاء العالم من فنلندا إلى اليابان، وكندا إلى البوسنة".

وأشار إلى أن "مشكلة الغذاء اكتسبت بعدا جديدا، فقد ظهر أيضا المعيار المزدوج المطبق في مناهج (الأعمال الدرامية البشرية) في الحرب، والذي يفهم الآن على أنه يهم العالم بأسره".

وقال كمال أوغلو: "بينما يشهد العالم تغيرات كبيرة، تحاول بعض الدول حل مشاكلها من خلال الاستفادة من الوضع، كما تحاول بولندا إرسال قوات حفظ سلام إلى غرب أوكرانيا، التي كانت تمتلكها حتى الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وتريد حل مشكلة جزر الكوريل، رغم أنها قطعت العلاقات مع اليابان وروسيا".

وشدد على أن "دولا قليلة فقط تسعى بإخلاص من أجل السلام، واحدة منهم بلا شك تركيا، لهذا السبب عقد اجتماع وزيري خارجية كييف وموسكو بمدينة أنطاليا في 10 مارس 2022، واجتماعا في 29 من الشهر ذاته في إسطنبول".

وأكد كمال أوغلو أن "أنقرة اتبعت منذ البداية سياسة متوازنة للغاية في محاولة للتوفيق بين الأطراف وتهدئة الأزمة، ويقول المسؤولون الأتراك إنهم يدافعون عن وحدة أراضي أوكرانيا منذ سنوات".

وتابع: "تعد أنقرة من الدول النادرة التي لا تغلق مجالها الجوي وتفرض عقوبات على موسكو، ويضمن هذا النهج استمرار اتصال روسيا بالعالم الخارجي، بمعنى آخر، تركيا هي بوابة العالم لروسيا هذه الأيام، لأن الدول الأخرى التي تقيم معها علاقات، وخاصة الصين وإيران، ليس لديها الكثير من الاتصالات مع العالم الخارجي".

واستطرد كمال أوغلو: "لا شك أن موسكو ترحب بحقيقة أن تركيا العضو في الناتو لا تشارك في العقوبات، رغم كل الضغوط، وتتبع سياسة مستقلة، لذلك، فإن موقف تركيا المحايد والمؤيد للسلام لا يمر دون أن يلاحظه أحد من الطرفين، وينظر إلى تركيا على أنها المكان الأنسب حيث يمكن تحقيق وقف إطلاق النار والسلام".

ولفت الكاتب التركي إلى أنه "رغم أن دولا مثل سويسرا وبيلاروسيا وإسرائيل عرضت الوساطة في هذه العملية، لم تنظر موسكو وكييف إلى هذه العروض بشكل إيجابي".

أكثر أهمية

وأوضح كمال أوغلو أن "الاجتماع الذي عقد في إسطنبول واستمر أكثر من ثلاث ساعات مهم من حيث إحلال السلام في المنطقة، ويمثل بداية عملية جديدة".

وذكر أنه "بعد الاجتماع في أنطاليا، قرر الطرفان الاجتماع مرة أخرى في إسطنبول، وافتتح الاجتماع من قبل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان نفسه، وأبدى الطرفان أنه لن يكون من المنطقي الاجتماع إذا لم يتم الحصول على نتيجة مستمرة".

وتابع: "وحيث لم تتمكن روسيا من الحصول على النتيجة المرجوة في الوقت المحدد، في حين تشير بعض العوامل مثل عدم قدرة أوكرانيا على تلقي الدعم الذي تثق به من الغرب إلى أن بعض النتائج الملموسة ستظهر من الاجتماع في إسطنبول".

ونقلت وكالة الأناضول عن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو قوله إنه "تم إحراز التقدم الأكثر أهمية منذ بدء المفاوضات في اجتماع إسطنبول".

وعلق كمال أوغلو: "حسب البيان الذي صدر بعد الاجتماع، قدم الجانب الأوكراني عرضا مكتوبا لروسيا، وطالبت كييف بضمان الأمن الدولي لها ضد حيادها وعدم الانضمام إلى الكتل العسكرية، كما أكدت السلطات الأوكرانية أن الدول الأجنبية لن يكون لها قواعد عسكرية في البلاد، وطلبت من روسيا عدم معارضة عضويتها في الاتحاد الأوروبي".

بالإضافة إلى ذلك، تم اقتراح بدء المفاوضات حول شبه جزيرة القرم بعد وقف إطلاق النار النهائي، وتمديدها إلى 15 عاما، والوصول إلى اتفاق حول قضايا دونيتسك ولوهانسك في القمة التي ستعقد بين رئيسي الدولتين، كما سيتم تقديم نص الاتفاقية الذي سيتفق عليه الطرفان، لاستفتاء الشعب الأوكراني، بحسب الكاتب التركي.

وقيمت السلطات الروسية هذا الاقتراح الخاص بأوكرانيا على أنه "خطوة بناءة" ورحبت به، في المقابل أعلنت أنها ستقلص الأنشطة العسكرية في اتجاه العاصمة كييف ومدينة تشيرنيهيف. 

كما تم الإعلان عن إمكانية عقد اجتماع بين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي، عندما يكون وزيرا الخارجية مستعدين للتوقيع على الاتفاقية، ولا شك أن الأمر سيستغرق وقتا حتى يتحقق كل ذلك.

ويرجع ذلك إلى أن الوفد الروسي سيقدم مقترحات أوكرانيا هذه إلى بوتين، ولن تقدم موسكو إجابتها الرسمية إلا لاحقا، وفق الكاتب.

عائقان رئيسان

وقال كمال أوغلو إن "ما يمكن فهمه، أن الأطراف مستعدة لتقديم تنازلات متبادلة، ومع ذلك، يجب القول إن الاتفاقية لن تكون سهلة، لأنه رغم أن عروض أوكرانيا إيجابية في روسيا، إلا أنه لا يبدو من الممكن أن يتخلى الكرملين عن شبه جزيرة القرم ومدينتي لوهانسك ودونيتسك بعد هذا الوقت".

وتابع: "حتى هذه الأيام، تثير سلطات لوهانسك ودونيتسك مسألة إمكانية الانضمام إلى روسيا، لذلك، في الاقتراح الذي قدمته السلطات الأوكرانية إلى الجانب الروسي، من المهم تمديد حل قضية القرم إلى 15 عاما، وتأجيل قضايا لوهانسك ودونيتسك قليلا (لمناقشتها لاحقا من قبل الرئيسين)، على الأقل من حيث تحقيق وقف إطلاق النار".

علاوة على ذلك، يريد الرئيس الأوكراني تقاسم المسؤولية مع شعبه من خلال تقديم نص الاتفاقية بالكامل للتصويت في الاستفتاء.

وأكد كمال أوغلو أن "الموضوع الثاني المهم الذي سيؤثر على مسار المحادثات من الآن فصاعدا هو نهج الدول الغربية".

وتساءل "هل الغرب، الذي قدم الكثير من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وقطع العلاقات مع روسيا في جميع المجالات، وحتى عانى كثيرا من العقوبات المفروضة على موسكو، يريد أن يتصالح الجاران؟". 

وتابع: "كيف سيكون الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي وجه اتهامات شديدة لبوتين، هو الدولة الضامنة؟ هل سيقبل الكرملين هذا؟ الأجوبة على كل ذلك ستعطى من خلال بيان الكرملين وموقف الدول الغربية بعد ذلك".

وختم كمال أوغلو مقاله قائلا: "رغم هذين العاملين المهمين أمام السلام، فإن المحادثات بين الطرفين ستستمر، ويبدو أن أنقرة تلعب دورا مهما في هذه العملية، ومن الأهمية أن تستمر المفاوضات في تركيا من أجل ضمان السلام في أقرب وقت ممكن بعد وقف إطلاق النار".

وشدد على أنه "من المهم أن تكون تركيا من بين الدول الضامنة في القائمة التي قدمتها السلطات الأوكرانية إلى الجانب الروسي".

وتابع كمال أوغلو: "علاوة على ذلك، بعد الاجتماع في أنطاليا، أصبحت أنقرة جسرا ليس فقط بين روسيا وأوكرانيا، ولكن أيضا بين روسيا والغرب، في واقع الأمر هناك آمال كبيرة على تركيا لحل المشكلة في أوروبا".