حوار مرتقب بين واشنطن ونظام السيسي.. لهذا لن ينتج تغييرات جذرية

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع "ذا أتلانتيك كانسل" الأميركي أن الحوار الإستراتيجي بين الولايات المتحدة الأميركية ومصر المزمع عقده خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2021 لن تكون له تأثيرات جذرية على أسس العلاقات بين البلدين لكنه سيطرح عدة قضايا ساخنة.

ومن المتوقع أن يصل وفد مصري برئاسة وزير الخارجية سامح شكري يومي 8 و9 نوفمبر/تشرين الثاني إلى واشنطن للمشاركة في النسخة الأخيرة من الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ومصر.

 وجرى تأكيد الحوار - وهو الأول من نوعه في عهد إدارة الرئيس جو بايدن - في أكتوبر/تشرين الأول عقب اجتماع بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره المصري على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول.

ويعد الحوار الإستراتيجي بين الولايات المتحدة ومصر من أقدم الحوارات في المنطقة، فقد تأسس في ظل إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون في عام 1998 وعقد بشكل دوري منذ ذلك الحين، بصرف النظر عن توقف من 2009-2015 حدث مع بداية إدارة باراك أوباما، وبداية الانتفاضات العربية عام 2011. 

وعلى الرغم من أن الحوار رمزي في المقام الأول، فهو يمثل فرصة للمشاركة على مستوى رفيع عبر مجموعة واسعة من الأولويات الثنائية.

وبالنسبة لقيادة النظام المصري، يمثل حوار هذا العام فرصة لإعادة تأكيد دورها كـ"شريك حيوي للولايات المتحدة في المنطقة" في وقت تسعى فيه القاهرة لإحياء قيادتها في عدد القضايا الإقليمية. 

لكن المسؤولين الأميركيين يؤكدون أن تعميق العلاقات الثنائية سيتطلب من مصر إظهار استجابتها لانتقادات إدارة بايدن حول قضايا حقوق الإنسان. 

ويمثل الحوار بالنسبة للولايات المتحدة فرصة لتعزيز التعاون في القضايا طويلة الأمد مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والسعي للتأثير على نهج مصر في القضايا الناشئة مثل الانقلاب العسكري الأخير في السودان، وتشجيع المشاركة البناءة في قضايا مثل سد النهضة الإثيوبي الكبير، وفق الصحيفة.

وكالعادة، فإن التعاون العسكري بين الولايات المتحدة ومصر والعلاقات الاقتصادية الثنائية سيدعم المناقشات.

ومع إجراء المسؤولين المصريين والأميركيين استعداداتهم النهائية للحوار، ما التوقعات بشأن المجالات الرئيسة للنقاش والنتائج الملموسة بعد البيانات؟ 

القضايا المطروحة

من المرجح أن تسلط مصر الضوء على دورها كوسيط رئيسي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لا سيما فيما يتعلق بجهودها لتحقيق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس في مايو/أيار 2021.

 وسيكون هذا بمثابة نقطة تركيز للتأكيد على القيمة التي تجلبها مصر كشريك إقليمي لواشنطن، وفق الصحيفة.

وليس من قبيل المصادفة أن مصر استضافت العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في سبتمبر/أيلول لإحياء المناقشات حول حل الدولتين.

ورحبت مصر أيضا برئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت في أول رحلة رسمية يجريها زعيم إسرائيلي إلى مصر منذ أكثر من عشر سنوات. 

وأجريت محادثات مع حماس حول تبادل الأسرى وبناء هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، من بين قضايا أخرى. 

ولذلك يسير التقرير إلى أنه يجب على القيادة الأميركية في الحوار تأكيد ودعم القيادة المصرية بشأن هذه القضايا كمجال أساسي حيث تتوافق المصالح بين البلدين بشكل عام، وفق الصحيفة.

ومن المحتمل أيضا أن تكون مصر مستعدة للضغط على إدارة بايدن للقيام بدور أكثر بروزا في المحادثات بين إثيوبيا والسودان ومصر حول سد النهضة، والذي تعتبره القاهرة تهديدا وجوديا لأمنها المائي ومكانتها الإقليمية. 

ومع بدء إثيوبيا في الاستعدادات خلال العام 2022 لملء المرحلة الثالثة من السد واستمرار ركود المحادثات التي يتوسط فيها الاتحاد الإفريقي، لجأت مصر إلى مجلس الأمن والولايات المتحدة للحصول على الدعم.

وعرض السفير المصري لدى الولايات المتحدة معتز زهران موقف بلاده في مقال رأي في أبريل/نيسان بعنوان: "وحدها واشنطن يمكنها إنقاذ مفاوضات سد النهضة الآن". 

وحتى الآن تتجنب إدارة بايدن التورط في الوساطة بشكل مباشر، وفق الصحيفة.

 وفي حين أن المبعوث الأميركي الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان كان لديه بعض الانخراط في هذه القضية، يبدو الوضع معقدا بسبب اتساع الصراع الأهلي الإثيوبي في تيغراي، وهو الشغل الشاغل لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في الوقت الحالي.

إضافة إلى تعقد الوضع بسبب الانقلاب العسكري في السودان 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

 وكلا القضيتين تمثلان مخاوف على المدى القريب بشأن الاستقرار الإقليمي ويمكن أن تعرقلا أي أمل في إشراك هذه الأطراف في محادثات جديدة بشأن سد النهضة في أي وقت قريب.

وفي الوقت الذي يكون فيه دعم مصر للسودان مهما للولايات المتحدة، فإن إظهار استعداد الولايات المتحدة لبذل المزيد بشأن قضية سد النهضة، عندما يسمح الوضع بذلك، يمكن أن يكون نتيجة إيجابية ملموسة في هذا الحوار.

وأثار الانقلاب العسكري السوداني وما تلاه من استخدام القوة ضد المتظاهرين قلقا إقليميا، حيث لا تتوافق مصالح مصر والولايات المتحدة بشكل واضح. 

وأدانت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الانقلاب العسكري، حيث أصدر الرئيس بايدن بيانا دعا فيه الجيش إلى السماح للشعب السوداني بالاحتجاج السلمي وعودة الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون.

 فيما دعت مصر إلى "ضبط النفس والمسؤولية" في السودان "لإعطاء الأولوية لرفاهية البلاد والاتفاق الوطني"، لكنها لم تدن الانقلاب أو تدعو إلى استعادة الانتقال المدني. 

كما رفضت مصر الانضمام إلى الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة في بيان صدر في 3 نوفمبر / تشرين الثاني يدعو إلى "الاستعادة الكاملة والفورية" للحكومة الانتقالية. 

وظهرت تقارير تفيد بأن القائد العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان سافر إلى مصر لعقد اجتماعات قبل الانقلاب مباشرة لضمان دعم القاهرة.

وتفضل القيادة العسكرية المصرية بقيادة عبد الفتاح السيسي بطبيعة الحال الحكم العسكري في السودان، وفق تقدير الصحيفة الأميركية.

وتعتبر القاهرة ذلك طريقا محتملا للاستقرار السوداني، وقد كانت هي نفسها منذ فترة طويلة بقيادة عسكرية ولديها انقلاب خاص بها مدعوم من الجيش بدعم شعبي في عام 2013. 

ومن المرجح أن يدعم الحكم العسكري في السودان معارضة مصر القوية لسد النهضة. 

ومع ذلك، يمكن للحكم العسكري أن يوفر غطاء للإسلاميين لاستعادة نفوذهم السياسي، وهو ما يعد لعنة على أجندة السيسي، تقول الصحيفة. 

ولذلك يشير التقرير إلى أنه "يجب على الولايات المتحدة أن تحذر القاهرة من هذه الآثار الثانوية لدعم الانقلاب".

 في نهاية المطاف، فإن أفضل ما يمكن للولايات المتحدة أن تحصل عليه من مصر في الحوار هو الاتفاق على الاستمرار في حجب الدعم الصريح للجيش السوداني، على الأقل في المدى القريب.

 ويمكن أن يحفز استعداد الولايات المتحدة للمشاركة بنشاط في مفاوضات سد النهضة ذلك.

مخاوف إقليمية أخرى 

ومن المرجح أن يتم تناول العديد من قضايا شمال إفريقيا وشرق المتوسط ​​خلال الحوار الإستراتيجي. 

ووسط بيئة سياسية وأمنية غير مؤكدة، أعربت كل من الولايات المتحدة ومصر عن دعمهما للانتخابات الرئاسية المقبلة في ليبيا في ديسمبر/كانون الأول 2021 والانتخابات البرلمانية في يناير/كانون الثاني 2022. 

وفي هذه اللحظة المحورية لليبيا، يجب على الولايات المتحدة استخدام الحوار للضغط على مصر للمشاركة بشكل مسؤول مع أصحاب المصلحة الليبيين، ولا سيما اللواء المتقاعد خليفة حفتر في شرق البلاد  لتعزيز الاستقرار كأولوية على التأثير على نتائج الانتخابات، وفق التقرير.

ومن المرجح أن تلعب جهود مصر لتعزيز التعاون مع جيرانها في شرق البحر المتوسط ​​دورا إيجابيا خلال الحوار. 

وبالإضافة إلى دور مصر في إقامة منتدى غاز شرق المتوسط ​​في عام 2020، وهي خطوة حظيت بثناء كبير، ينظر إلى بناء علاقاتها مع اليونان وقبرص على أنها إيجابية. 

كما أن الجهود المصرية للتعامل بشكل مثمر وحذر مع تركيا ومنافسيها الإقليميين لا تزعج نسبيا إدارة بايدن. 

وفي حين يمكن القول إن أنشطة الصين في مصر متواضعة مقارنة بالخليج وأماكن أخرى في المنطقة، حيث لم تسع بكين إلى زيادة التعاون العسكري مع القوات المسلحة المصرية، فإن المنافسة الإستراتيجية الأميركية مع بكين ستظهر بلا شك في الحوار. 

وكانت الصين مستثمرا نشطا وشريكا في بناء للعاصمة الإدارية الجديدة لمصر، وقد لفتت المخاوف بشأن مشاركة بكين في البنية التحتية للتكنولوجيا والاتصالات في مصر انتباه إدارة بايدن.

وبالمثل، فإن مخاوف الولايات المتحدة بشأن شراء مصر والاستلام المخطط لطائرة مقاتلة روسية من طراز سو 35 هي قضية أساسية أخرى لم يتم حلها. 

وجرى الإعلان عن الصفقة منذ عام 2018، على الرغم من أن الطائرة لم يتم تسليمها بعد. 

وأثار الوزير بلينكن القضية في محادثات سابقة مع نظيره المصري، وقد يكون التحذير الأميركي الإضافي بشأن هذا الأمر والتعاون المصري الأوسع مع روسيا جزءًا من هذا الحوار. 

اتخذت مصر عدة خطوات للمضي قدما في مطالبات إدارة بايدن العامة والخاصة بتحسين حقوق الإنسان من خلال إطلاق سراح مجموعة من السجناء السياسيين، والإعلان عن إستراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، ورفع حالة الطوارئ التي فرضتها مصر منذ عام 2017، مما أعطى الحكومة سلطة واسعة للاعتقالات والاحتجاز. 

وتتطلب هذه الخطوات الصغيرة تغييرات هيكلية واسعة النطاق، وهي أقل بكثير مما يرغب العديد من ناشطي حقوق الإنسان في رؤيته، لأنه يمكن للحكومة المصرية عكسها بسهولة. 

ومع ذلك، فإنها تشير إلى درجة معينة من الاستجابة للضغوط التي يجب على المسؤولين الأميركيين السعي إلى توسيعها في الحوار. 

وتوجد عدة مجالات أخرى للمناقشة الإستراتيجية للتعاون الأمني ​​والاقتصادي الثنائي بين الولايات المتحدة ومصر. 

يشمل ذلك اجتماعات لجنة التعاون العسكري الدورية التي عقدت الجولة الثانية والثلاثون منها في سبتمبر/أيلول 2021.

 ومع ذلك، سيتم تغطية التعاون العسكري خلال الحوار نظرا لدوره المركزي في العلاقات الثنائية. 

وكان التطور الحاسم على هذه الجبهة في الأشهر الأخيرة هو القرار الذي اتخذته إدارة بايدن بوقف 130 مليون دولار من 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأميركية لمصر والتي كانت مشروطة بمخاوف حقوق الإنسان. 

وبعد الأنباء في سبتمبر/أيلول عن حجب الأموال، من المرجح أن يسلط المسؤولون المصريون الضوء على تدابير حقوق الإنسان المذكورة سلفا. 

ومن المرجح أن تكون أهمية التنسيق المستمر بشأن مكافحة الإرهاب، بما في ذلك أنشطة تنظيم الدولة في العراق والشام في سيناء ومن خلال الشراكة متعددة الجنسيات للقوات البحرية المشتركة، نقطة نقاش.

وبالنظر إلى عدد القضايا الجيوسياسية والأمنية التي سيتم تغطيتها، من المرجح أن تلعب مناقشة السياسة الاقتصادية دورا داعما خلال هذا الحوار.

 ومع ذلك، فإن دافع مصر لتنمية الاستثمار الأجنبي المباشر واهتمام الولايات المتحدة برؤية اقتصاد مصري مستقر ومتنام يعني أن الاقتصاد من المرجح أن يكون موضوع حوار مثمر. 

وفي فئة القضايا التي يجب معالجتها، قد تطرح الولايات المتحدة حماية الملكية الفكرية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. ومن غير المحتمل أن يثار الدور المتنامي للجيش المصري في الاقتصاد المصري. 

وكما هو الحال مع معظم الارتباطات الثنائية رفيعة المستوى ومتعددة القضايا، لا يُقصد من الحوار بين الولايات المتحدة ومصر أن يسفر عن تطورات سياسية دراماتيكية، ولكن بالأحرى البيانات التي تؤكد على مجالات الاتفاق. 

ومع ذلك، يعد الحوار علامة فارقة مهمة في تحديد الشكل الذي ستبدو عليه العلاقات الأميركية المصرية في ظل إدارة بايدن، وهو فرصة لكلا الجانبين لتعزيز التبادل الثنائي الذي له تاريخ طويل وإمكانات مستقبلية.

 وستشكل نتائج التعاون بين الولايات المتحدة ومصر بشأن التطورات الجيوسياسية الإقليمية الناشئة مسار العلاقة، وكذلك تقدم مصر أو عدمه، نحو معالجة جوهرية لمقاربتها في مجال حقوق الإنسان والحكومة الشاملة.