بيان السعودية والإمارات لإدانة انقلاب السودان.. لهذا لم يشمل السيسي

12

طباعة

مشاركة

رغم انتهاكاتهما الواسعة بحق أصحاب الرأي والعلماء ودعاة الإصلاح والسياسيين، وقعت كل من السعودية والإمارات على بيان يدعو لإعادة الحكم المدني بالسودان ويطالب بإطلاق سراح المعتقلين، وهو ما نظر إليه ناشطون على أنه تناقض مريب.

وكان من المستغرب أن يطالب البلدان الخليجيان بذلك، رغم رفضهما السماح للمنظمات الدولية بزيارة سجونهما والاطلاع على أوضاع المعتقلين هناك.

ومن المفارقات أيضا كشف العديد من التقارير والشواهد عن دعم السعودية والإمارات الانقلاب العسكري الذي قاده رئيس المجلس السيادي السوداني عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وإطاحته بحكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، واستيلاءه على السلطة. 

لذلك كان توقيع البلدين في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، مع أميركا وبريطانيا، على "بيان رباعي" يطالب السودان بعودة الحكومة المدنية الانتقالية ومؤسساتها، وإنهاء الطوارئ، وتأكيد وقوفهما مع تطلعات الشعب نحو الديمقراطية، مثار جدل بين الناشطين.

الكلمة للشعب

ولأن مصر لم توقع على البيان، برز حديث الناشطين عن دور رئيس نظامها عبدالفتاح السيسي في دعم انقلاب البرهان، واعتبروا موقفه طبيعيا في ظل دعمه سلطة العسكر بالمنطقة. 

وعبر تغريداتهم على وسوم عدة أبرزها، #لاتفاوض_لاشراكة_لاشرعية، ذكر ناشطون الدول الخليجية الموقعة على البيان، بالمعتقلين في سجونهم خاصة معتقلي الرأي، وطالبوا بإطلاق سراحهم.

ناشطون سعوديون تداولوا صورا لقامات علمية تقبع في سجون النظام السعودي كان لبعضهم رأي رافض لدعم المملكة انقلاب السيسي في مصر يوليو/تموز 2013، فيما تداول إماراتيون مقاطع فيديو تظهر معاناة أهالي المعتقلين أثناء زيارتهم لأبنائهم في السجون.

الناشطون أكدوا أن البيان الرباعي داعم لمصلحة الشعب السوداني ويعبر عن مطالبهم ويفضح الانقلاب وداعميه ومحركيه، معربين عن سعادتهم من قوة تأثير الاحتجاجات المليونية التي خرجت في الشوارع والميادين رفضا لانقلاب البرهان.

"البيان الرباعي" أشار إلى أن مظاهرات 30 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أكدت على "عمق التزام الشعب السوداني بتحقيق التقدم في ما يخص المرحلة الانتقالية"، مشددة على "الاستمرار في دعم هذه الآمال". 

الكاتب الصحفي السوداني المستقل محمد مصطفى، رأى أن البيان الرباعي، أظهر أن  الانقلابيين مجرد أدوات تحركهم دول الإقليم كيفما تشاء؛ وأن الضغط الشعبي السوداني متمثلا في مليونية 30 أكتوبر/تشرين الأول قد أثمر عن تحرك الولايات المتحدة للضغط على هذه الدول ولوقف دعمها للانقلاب.

المفكر العربي تاج السر عثمان، قال إن الأميركان طلبوا من الإمارات باعتبارها ممول الفتنة، حث البرهان على إعادة الحكومة ثم طلبوا الأمر ذاته من إسرائيل.

وهو ما يعني أن هذا الانقلاب المسخ نشأ في إسرائيل وطبخته ربيبتها أبو ظبي وقدمه البرهان، وفق قوله، مشيرا إلى أن أميركا ترفع الحرج أمام شعبها، والكلمة للشعب السوداني.

وفسر محمد فكري، تعمد واشنطن أن يضم البيان كلا من الإمارات والسعودية "جهات التمويل المنتظرة" بأنه رسالة للانقلابيين أننا لن نسمح بإرسال أي أموال لدعم الانقلاب على النحو الذي حدث سابقا في مصر.

إدانة لمصر

ورأى آخرون أن البيان الرباعي يشوبه الغموض وألمحوا إلى أنه ربما لتنسيق الأدوار أو نتاج غضب من البرهان أو خلاف مكتوم مع مصر، خاصة أن السيسي لم يوقع عليه، وموقعوه سبق لهم أن دعموا انقلابه.

الناشطون تداولوا تقريرا لصحيفة وول ستريت جورونال الأميركية، يكشف عن زيارة سرية أجرها عبدالفتاح البرهان، للقاهرة، قبل يوم من انقلابه العسكري في السودان، حصل خلالها على "تطمينات" من السيسي، مؤكدين أن الأخير لم يوقع على البيان لأنه يمثل إدانة لانقلابه.

عبدالغني عميروش تساءل: "ما هو السر الذى يجعل الولايات المتحدة والدول الغربية يدعمون انقلاب عبدالفتاح السيسي فى مصر ويتغاضون عن كل جرائمه وسجونه ومعتقلاته ويقفون بشدة ضد انقلاب عبدالفتاح البرهان فى السودان ويطالبون بالإفراج عن المدنيين وعودتهم للسلطة؟".

الكاتب المصري وائل قنديل، أعاد نشر تقرير الصحيفة الأميركية، معقبا بالقول: "البرهان طار إلى القاهرة سرا ليلة الانقلاب وحصل على تطمينات من السيسي، وعاد لينفذ المؤامرة".

الصحفي صلاح بديوي، أوضح أن السيسي رفض التوقيع لأنه يحمل رسالة خطرة ضد نظامه، وعد البيان دليلا على أن الانقلاب في السودان فشل والكفلاء تخلوا عنه، كما اتضح أن رئيس النظام المصري هو الداعم الوحيد له وهو المحرض الاساسي للقيام به.

فيما رأى المغرد مهليم أن مصر اختارت الجانب الخاطئ من التقديرات السياسية والتاريخ والمستقل، برفضها التوقيع على بيان إدانة الانقلاب.

وتهكم الكاتب عمرو بقلي، على رفض مصر رسميا التوقيع على البيان الرباعي بشأن السودان، قائلا: الله على الدبلوماسية العرة".

رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان، قال: "يبدو أن السيسي ورط البرهان في انقلاب غير محسوب العواقب".

مسعد البربري، رأى أن الإمارات والسعودية باعتا السيسي ووقعتا مع أميركا وبريطانيا على بيان رباعي يطالب الجيش في السودان بإعادة الشراكة المدنية في السلطة وإخراج المعتقلين على خلفية محاولة الانقلاب، مبينا أن مصر "أصبحت مجرد قزم لا قيمة له!".

الصحفي أحمد عبدالجواد تهكم قائلا: "خمسة فرفشة.. بيان مشترك للولايات المتحدة الأميركية، الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، يدعو لعودة السودان للمسار الديمقراطي".

معتقلو الخليج

الدول الأربع، قالت في بيانها، إنها تشجع إطلاق سراح كل من تم احتجازهم في ظل الأحداث الأخيرة وإنهاء حالة الطوارئ المفروضة على البلاد، مؤكدة أن لا مكان للعنف في السودان، وهو ما قابله الناشطون بسخرية وتهكم نظرا لسوء الحالة الحقوقية في السعودية والإمارات.

بحسب توثيق حقوقي لمنظمة Freedom Initiative ” الحقوقية الدولية، فإن التقديرات الأخيرة تشير إلى أن عدد المعتقلين في السجون ومراكز الاعتقال في السعودية بلغ أكثر من 68 ألف معتقل.

وأكدت المنظمة أن هذا العدد الكبير يقبع في ظروف غير إنسانية قاسية وتم وضع العديد منهم رهن الاحتجاز مع انتهاكات منهجية لحقوقهم بدون محاكمات أو محاكمات غير عادلة.

أما في أبوظبي، فقد قال مركز الإمارات لحقوق الإنسان إن الدولة تخفي الأرقام الحقيقية لعدد معتقلي الرأي في سجونها، متهما السلطات بتجاهل المطالبات بإظهار عدد المعتقلين السياسيين.

الأمين العام لحزب التجمع الوطني السعودي المعارض عبدالله العودة نشر صورة ساخرة من المسلسل الأميركي للرسوم المتحركة "توم وجيري" يظهر فيها توم وهو يوجه البندقية لنفسه، في إشارة إلى أن الحكومة السعودية أدانت نفسها وهي تطالب السودان بإطلاق سراح المعتقلين.

المغرد أركان، تساءل: "طيب والمحتجزين في السعودية؟ فاقد الشيء لا يعطيه؟".

ووصف ضرغام نجد، توقيع المملكة على البيان بالمضحك، قائلا: "السعودية رعية المنشار وسدنة القمع تطالب بهذا المطلب، والبلد أصبح اليوم سجنا كبيرا بداخل دهاليزه المظلمة 68 ألف معتقل سياسي، إرهاب ومنشار وخاتم مسموم وقمع للنشطاء ثم يطالب بإطلاق السياسيين!".