نتنياهو يلاعب الإسرائيليين بمغالطات منطقية للتضحية بالأسرى في غزة.. كيف؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في ضوء إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب في غزة على حساب حياة الأسرى، تقول صحيفة عبرية إن "هذا القرار سيُسجل بصفته إحدى اللحظات الأسوأ في تاريخ إسرائيل". 

وبحسب المعلومات التي تأتي من جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن عدد المدنيين والجنود الأسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة لدى المقاومة الفلسطينية يتناقص مع مرور الأيام، ويقدر في الوقت الراهن بـ134.

وفي ضوء ذلك، تصف "زمان إسرائيل" مزاعم نتنياهو وحلفائه اليمينيين بأنها "ديماغوجية قاتلة"، في إشارة إلى إستراتيجية التركيز على المخاوف والأفكار المسبقة في قيادة الشعب.

تلاعب بالحقائق

في رأي الصحيفة، تُعد السياسة المتبعة في هذه الحرب "مزيجا قاتلا من الغوغائية وفشلا غير مسبوق من جانب صناع القرار في إسرائيل". 

وتستنكر الصحيفة تكرار نتنياهو والعديد من الشخصيات اليمينية الشعار القائل بأن "الضغط العسكري المستمر على حماس هو وحده الذي سيؤدي إلى إطلاق سراح المختطفين". 

مسلطة الضوء على أن هذه الأطروحة لم تُثبت صحتها في أي مرحلة من مراحل الحرب. 

ومن وجهة نظر الصحيفة، كان المقصود من إطلاق سراح نحو 100 من النساء والأطفال، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، هو تخفيف الضغوط الدولية على قيادة حماس والدول التي تمولها. 

وبشأن القتال الذي ما زال الجيش الإسرائيلي يخوضه في جنوب قطاع غزة، والذي لا يوجد وراءه أي توجيه سياسي فيما يتعلق بـ"الوضع النهائي" الذي تريد إسرائيل الوصول إليه في نهاية الحرب، تؤكد الصحيفة أنه لا يعجل بإطلاق سراح المختطفين وإنما يقتلهم.

وفي هذا الصدد، تقول إن "ادعاء نتنياهو وزعماء أحزاب اليمين الأخرى بأن وقف الأعمال العدائية ضد غزة في إطار صفقة إطلاق سراح المختطفين سيشكل ضررا بأمن إسرائيل لأجيال هو ديماغوجية". 

جدير بالذكر أن الديماغوجية هي "طريقة تلاعبية للإقناع تهدف إلى نقل الرسائل للجمهور بناء على مشاعر التخويف"، وفق الصحيفة.

وفي بعض الأحيان، يؤدي استخدام الغوغائية والديماغوجية إلى تشويه الواقع، من خلال الإشارات الانتقائية للحقائق واستخدام المغالطات المنطقية. 

ولذلك، تلفت الصحيفة إلى أن استخدام الغوغائية يُعد شائعا بشكل خاص بين السياسيين.

انهيار الردع

تعود الصحيفة العبرية بالزمن قليلا إلى الوراء، مشيرة إلى أن الردع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين انهار يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. 

وفي أعقاب هذا الهجوم، خاضت إسرائيل الحرب في المقام الأول من أجل "تقويض القوة العسكرية لحماس"، ومن ثم استعادة الردع وإعادة الرهائن الإسرائيليين.

وفي ذلك الوقت، لم تعارض الغالبية العظمى من الجمهور الإسرائيلي على الإطلاق ضرورة خوض الحرب بعد مقتل حوالي 1200 مدني وجندي واختطاف حوالي 240 آخرين في يوم واحد. 

وكان أوضح تعبير عن هذا الإجماع في المجتمع الإسرائيلي هو تعبئة المجتمع للمجهود الحربي، أولا وقبل كل شيء في شكل استجابة عشرات الآلاف من جنود الاحتياط ودعم منظمات المجتمع المدني للمهجرين من الجنوب والشمال. 

"وفي الأشهر الأربعة الماضية، استولى جيش الدفاع الإسرائيلي بالفعل على معظم قطاع غزة"، وفق ادعاء الصحيفة.

وهنا تشير "زمان إسرائيل" إلى مزاعم مقتل الآلاف من مقاتلي حماس، فضلا عن العديد من المدنيين والرجال والنساء والأطفال. 

وبهذا الشأن، تشدد على رأيها بأن "استمرار الحرب وقتل مئات آخرين من أعضاء حماس والمدنيين الأبرياء لن يغير بشكل جذري الوضع الصعب الذي وجدت إسرائيل نفسها فيه".

ومن وجهة نظرها، في المرحلة الحالية، يجب أن تتغير أولويات الحكومة الإسرائيلية في الحرب في غزة على الفور. 

حيث تجد الصحيفة أنه "من الضروري وضع صفقة إطلاق سراح المختطفين على رأس الأجندة السياسية والأمنية".

وبعيدا عن الغوغائية ووصف صورة مشوهة للوضع الراهن، تشير إلى أن "عدم إطلاق سراح الرهائن يشكل ضررا فادحا للقيم الأساسية للمجتمع الإسرائيلي والضمان المتبادل وحماية حياة المواطنين". 

وأضافت أن "الغوغائية والإضرار بالمواطنين الذين يعانون من محنة هو صفة تميز الأنظمة المظلمة وليس النظام والمجتمع الديمقراطي".

وتزيد الصحيفة من انتقادها لحكومة نتنياهو بقولها إنه "من الصعب التفكير بأن أيا من رؤساء الوزراء السابقين في إسرائيل كان سيتصرف بهذه الطريقة غير القانونية فيما يتعلق بالأسرى والمختطفين الإسرائيليين". 

ورغم عدم تعمقها في دوافع نتنياهو الحقيقية، تلفت بوضوح إلى أن "هوسه بالبقاء في منصبه رغم الفشل في التعامل مع الفلسطينيين، بالإضافة إلى خوفه من القاعدة اليمينية، هما السبب وراء موقفه الحالي".

إسرائيل تحت التهديد

مرة أخرى، تؤكد "زمان إسرائيل" على أن "استمرار الحرب في غزة لن يقدم (صورة النصر) المرغوبة، وذلك في المقام الأول بسبب الظروف التي تشهدها هذه الحرب". 

وفي هذه الأيام، تعتقد الصحيفة أنه "يجب على مجلس الوزراء الحربي أن ينخرط ليلا ونهارا في محاولات إعادة أكبر عدد ممكن من الرهائن على قيد الحياة".

وفي الوقت نفسه، يتعين على إسرائيل أن تبدأ المفاوضات بوساطة الولايات المتحدة من أجل إنشاء هيئة دولية تتألف من قوات عسكرية عربية، تتولى المسؤولية الأمنية عن "اليوم التالي" في قطاع غزة.

وبحسب "زمان إسرائيل"، "مع نقل المسؤولية إلى تلك الهيئة الدولية، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي سوف يغادر قطاع غزة ويتحرر للتعامل مع الجبهة الشمالية للسماح لسكان الشمال بالعودة إلى ديارهم". 

وهنا، تشدد الصحيفة على "ضرورة أن تكون المعاملة المدنية للنازحين واللاجئين عادلة، وتنفذها السلطة الفلسطينية وليس الجيش الإسرائيلي".

من ناحية أخرى، تحذر من أن "استمرار تورط الجيش الإسرائيلي في وحل غزة والأنفاق في جنوب القطاع ومحاولة احتلال رفح قد يعرضان مستقبل السلام مع مصر وعلاقة إسرائيل مع الولايات المتحدة للخطر". 

وفي حال استمرار هذا الوضع، تصف الصحيفة قطاع غزة بأنه سيصبح "فيتنام إسرائيل".

وفي نهاية التقرير، تبدي الصحيفة اعتقادها بأن "استعادة قوة الردع الإسرائيلية، في مواجهة الفلسطينيين وحزب الله والمنظمات الأخرى الموالية لإيران، تتوافق أولا وقبل كل شيء مع الرسالة القوية التي مفادها أن إسرائيل لن تتخلى عن مواطنيها في أوقات الحرب".

لافتة إلى أن "قوة جيش الدفاع الإسرائيلي تعتمد على قدرة المجتمع الإسرائيلي على الصمود". 

كما تحذر الصحيفة من أن "استمرار الحكومة الإسرائيلية في سلوكها غير الشرعي من شأنه أن يمزق نسيج المجتمع الإسرائيلي، والذي سيكون ثمنه أثقل من أي ثمن تطالب به حماس".

الكلمات المفتاحية