عبق التراث وحاضر متقدم.. لماذا يفضل المسلمون الغربيون الاستقرار بتركيا؟

قسم الترجمة | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

رغم أن دولا مسلمة عديدة تقدم دورات تعليمية دينية وسبل حياة جيدة للمسلمين الغربيين، لكن تركيا تتمتع بجاذبية فريدة من نوعها في هذا السياق.

وأرجع موقع "ميدل إيست إي" البريطاني -بنسخته الفرنسية- هذا الأمر، إلى تمتع تركيا بعبق التراث، حيث المدارس والجامعات والجلسات الدينية والصوفية المتواصلة منذ مئات السنين، إضافة إلى امتلاكها بيئة حضارية حديثة.

إقبال لافت

وقال الموقع إنه خلال أشهر الصيف، تمتلئ قاعات"السماهانة" في "مولوية يني كابي" بإسطنبول حيث يؤدي الدراويش طقوسهم الصوفية، بالزائرين الذين يتحدثون باللغتين العربية والإنجليزية، أكثر من اللغة التركية.

وأوضح أن العديد من المشاركين في هذه الدورات يأتون من دول غربية، وقد اختاروا هذه الأماكن لتعميق فهمهم للإسلام.

وأضاف أنه بينما يتواجد العديد من الطلاب في تركيا بشكل مؤقت، ثمة مهاجرون يأتون للاستقرار بشكل منتظم ومعظمهم من الغرب.

والمقصود بـ"الهجرة" هنا المصطلح الذي يعني الانتقال من دولة غير مسلمة إلى بيئة مسلمة بغرض ممارسة الشعائر الإسلامية والتفقه في تعاليمه بشكل أكثر حرية وأصالة.

وفي "السماهانة"، يغطي المشايخ ومعلمو الدراسات الإسلامية موضوعات مثل الفقه الإسلامي وأصوله، أو القرآن وتفسيره وعلومه، أو الحديث النبوي الشريف، وغيرها من العلوم.

ووفق ما أورده الموقع عن الزبير ساجد وزوجته عائشة، وهما زوجان مسلمان من المملكة المتحدة، فإن "إسطنبول توفر مناخا، لدراسة الإسلام والتفقه فيه، غير موجود في بلدهما".

وأتبعا: "الحمد لله، نحن هنا، مع إخواننا وأخواتنا. لا يوجد مكان أفضل من إسطنبول لقضاء الصيف".

وأردفا: "لدينا الفرصة لدراسة الإسلام وتعميق فهمنا لديننا في هذا المكان المقدس ذي الأهمية التاريخية، مسترشدين بالعلماء الذين كرسوا حياتهم للفقه والعلم والتعليم".

وحول منظمي هذه البرامج، يفيد الموقع أن تنظيم البرامج، في مولوية يني كابي، يكون من خلال "دار الفقهاء"، وأن المشاركة في هذه الدروس والندوات يكون مجانيا تماما.

وأوضح: "يضم برنامج دار الفقهاء علماء مسلمين ذوي خبرة في مواضيع مختلفة. وهم يأتون إلى تركيا من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك لبنان ومصر".

ولفت إلى أن المنظمة تقدم دوراتها لمئات الطلاب سنويا، وتمنحهم "إجازات" لكل مادة عند فراغهم منها.

و"الإجازة" مصطلح إسلامي يعني "الإذن بالرواية"، وهي بمثابة "شهادة دراسية" -باللغة المعاصرة- تثبت أن الطالب درس هذه المادة.

وحول سبل المشاركة في مثل هذه الدورات، يوضح الموقع أن الأمر لا يحتاج سوى ملء استمارة بسيطة.

ونظرا لأن غالبية الجلسات تكون باللغة العربية، فيجب أن يكون لدى المشاركين معرفة مسبقة باللغة العربية.

لماذا تركيا؟

وفي غضون ذلك، أشار "ميدل إيست آي" إلى أن دولا مسلمة أخرى تقدم دورات وجلسات مماثلة، كما تحاول مؤسساتها اجتذاب العديد من المسلمين الغربيين، لكن "تركيا تتمتع بجاذبية فريدة من نوعها".

وفي هذا الإطار، يقول الزبير: "بصرف النظر عن الدورات التدريبية ومحتواها، يوجد هنا -بتركيا- تاريخ حافل وثري بشكل غير مسبوق".

وتابع: "إضافة إلى ذلك، تعتبر تركيا دولة حديثة ومتقدمة بنظامها المصرفي ونظام اتصالاتها واتصالها السريع بالإنترنت، بالإضافة إلى أنها تتمتع بخدمات جيدة بفضل نظام النقل الخاص بها".

وبالتالي، "لا تشعر وكأنك في مكان مجهول، بل في قلب دولة متقدمة"، وفقا للزبير.

وحول دوافع جعل تركيا خيارا مناسبا للغربيين الذين يريدون دراسة الإسلام، تلفت الصحيفة إلى أنهم يرون حقيقة أن "الدولة التركية متطورة، إلى جانب وسائل الراحة والرفاهية المتعددة".

وكذلك الحريات السياسية التي تتمتع بها الدول الغربية، إضافة إلى طابعها الإسلامي، وهو ما يجعلها خيارا مثاليا بالنسبة لهم.

وفي ذات السياق، يقول محمد طاهري، وهو مقدوني يعيش في تركيا منذ ما يقرب من عقد من الزمن ويقود مجتمعا من المسلمين الغربيين المغتربين في البلاد، إن "التنوع الإسلامي والحداثة هما الأصول الرئيسية لإسطنبول".

ويوضح المقدوني سببا آخر يجعل من تركيا أكثر جاذبية، حيث يقول: لا يصنف الناس بعضهم بعضا في تركيا على أنهم سلفيون أو صوفيون.

مثل هذا الاستقطاب، الذي نراه في كثير من الأحيان في بلدان إسلامية أخرى مثل مصر أو السعودية، أقل انتشارا هنا.

كذلك يؤكد على فكرة جودة الحياة وتطورها في تركيا، إذ يقول: "إذا كان شخص ما، على سبيل المثال، من الولايات المتحدة ، فيمكنه سماع الأذان في الشارع، ثم الذهاب للتسوق في مركز تجاري به جميع العلامات التجارية التي يعرفها في بلده متاحة له".

وأردف: "كما يمكنهم أيضا الوصول بسهولة إلى الإنترنت أو تطبيقات الهاتف المحمول دون أي حواجز أو مراقبة من الشرطة، على عكس بعض الأماكن الأخرى التي قد توجد بها رقابة أمنية مخابراتية".

بدوره، يقول عمر فاروق، المدير الفني الذي أدار برامج مماثلة في إسطنبول وعلى دراية بتدفق المسلمين الغربيين إلى تركيا، إن "مثل هذه الدورات التدريبية تعزز أيضا الشعور بالأمة والمجتمع الإسلامي".

وأردف: "إنهم يشعرون وكأنهم في العالم الإسلامي برمته، حيث يوجد مسلمون من أصول عرقية مختلفة، ويتحدثون لغات مختلفة، ولكنهم يشتركون في نفس الهدف: تعلم الإسلام بشكل أفضل".

صدمة ثقافية

ويوضح الموقع: "في تركيا، يتمتع الطلاب بفرصة مقابلة المسلمين من البلدان الأخرى، حيث يتواجد في هذه الدورات مسلمون من آسيا الوسطى أو البلقان أو شرق آسيا".

وأفاد عمر فاروق بأن دار الفقهاء ليست المؤسسة الوحيدة التي تقدم مثل هذه الدورات. مشيرا إلى أن العديد من الجمعيات والمؤسسات والهيئات تعمل في تدريس العلوم الإسلامية للمسلمين من أنحاء العالم كافة، وبلغات متعددة.

من زاوية أخرى، يحذر الموقع من أن "بعض المسلمين، قد يتعرضون لصدمة ثقافية، عند وصولهم لتركيا، إذا كانت لديهم توقعات غير واقعية حول شكل الحياة هناك".

ويعلل ذلك "بأنهم يتصورون تركيا دولة إسلامية بحتة. والحقيقة أن ما يتصورونه ليس موجودا في أي مكان".

وأشار إلى أن تركيا كدولة يوجد فيها آراء وممارسات تختلف جوهريا مع الإسلام وآدابه.

وأوضح: "يمكنك رؤية تركيا في ميدان تقسيم، حيث يخرج الناس ويشربون الخمور. ثم يمكنك أن ترى تركيا أخرى في الفاتح، مع جميع المدارس والمساجد والمظاهر الإسلامية".

ولفت إلى أن "اسطنبول تقدم ما يبحث عنه الناس بأي شكل من الأشكال".

ومع ذلك، تعد إسطنبول مكانًا جذابًا للغاية للمسلمين الغربيين لأنهم محبطون من نظام التعليم الغربي ولديهم رغبة في تكوين مجتمع إسلامي.

كذلك من الواضح أن بعض المظاهر مثل الجهر بالأذان أو خطبة الجمعة تجعل المسلمين الغربيين يشعرون أنهم في بلد مسلم وبيئة إسلامية.