الإندبندنت: 4 أسئلة عجزت المعارضة التركية عن الرد عليها بشأن ترحيل السوريين

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة بريطانية الضوء على الحملة الانتخابية لتحالفي المعارضة التركية، الأمة والأجداد "آتا"، القائمة على معاداة الأجانب والإصرار على إعادة اللاجئين السوريين إلى نظام بشار الأسد.

وأكدت صحيفة "الإندبندنت" في نسختها التركية، أن ترحيل اللاجئين السوريين مسألة معقدة ومتشابكة مع نفوذ وأجندات دول مثل أميركا وروسيا وإيران، والمعارضة التركية فشلت في الإجابة على أسئلة عديدة في هذا الشأن. 

العداء ضد اللاجئين

وذكرت "الإندبندنت" أنَّ تزايد عدد السوريين في تركيا على مدى السنوات الـ12 الأخيرة أصبح قضية مثيرة للجدل في السنوات الأخيرة مع تزايد المشاعر المعادية للاجئين لدى الجمهور التركي.

وأثارت قضايا مثل الأزمة المالية والركود الاقتصادي في السنوات الأخيرة، والتي أدت إلى خلق منافسة في مجال التوظيف غضب واستياء بعض المواطنين الأتراك تجاه اللاجئين السوريين.

وازداد الغضب والتحيز تجاه السوريين في تركيا بشكل أكبر منذ انتشار مزاعم السرقة والنهب من قبل السوريين، خاصة بعد الزلزال في فبراير.

وعادت الشعارات المعادية للسوريين إلى الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا، وبدأت الأحزاب اليمينية المتطرفة في التحدث علناً ضد ترحيل السوريين.

ومع اقتراب انتخابات 14 مايو/ أيار 2023، بدأت قضية السوريين تثار أكثر من قبل تحالف الأمة وتحالف الأجداد من حيث السياسة الخارجية والأمن.

ويتصف الخطاب السياسي لتحالف الأمة بـ "السلبي" والوعود بـ"الإعادة القسرية" في حملاتهم الانتخابية تجاه جميع اللاجئين بشكل عام، وخاصة طالبي اللجوء السوريين والأفغان.

وعلى وجه الخصوص، فإن جبهة المعارضة تدين الخدمات المقدمة للسوريين خلال فترة السلطة الحالية، مثل الإسكان والصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.

ويحاول حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد، أكبر حزبين في تحالف الأمة، توجيه تصور الناخبين للّاجئين من خلال الخطابات الشعبوية مثل "تغيير التركيبة السكانية ومخاوف البطالة والمخاوف الأمنية" ومن خلال الإدلاء بتصريحات حادة حول اللاجئين. 

حيث قال المرشح الرئاسي المعارض "كمال كيليتشدار أوغلو"، خلال زيارته للمحافظات التي يكثر فيها السوريون، أنّ تحالف الأمة ليس لديه أي تحيز ضد أي بلد، مواطن أو أجنبي، لكنهم لا يؤيدون تغيير البنية الديموغرافية لتركيا، لذلك يجب على كل من الأتراك والسوريين العيش بحرية في بلدانهم.

وفي هذه المرحلة، يرتكز خطاب تحالف الأمة بالدرجة الأولى على الجلوس على طاولة المفاوضات مع الدولة السورية وحل المشاكل بالطرق الدبلوماسية، ومن ثم ضمان العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم.

بينما يؤكد تحالف "آتا" بقيادة حزب النصر على أنَّ هناك "دولة سورية مستقلة" صغيرة من المرجح أن تنشأ في المستقبل في ضوء تزايد عدد السكان السوريين والصراعات التركية السورية في بعض المناطق.

ويتوقع تحالف "آتا"، بقيادة مؤسس حزب النصر "أوميت أوزداغ" الذي طور موقفاً شعبياً باستخدام أسلوب أكثر قسوة وتمييزاً من تحالف الأمة، خطة لإرسال السوريين مباشرة وحتى ترحيلهم من خلال اللجوء إلى استخدام القوة.

وبطبيعة الحال، ليس هنالك داعٍ للقول إن هذا الشكل من أشكال العودة يتعارض مع القانون الدولي وبالإضافة إلى أنه ليس إنسانياً.

أسئلة مهمة

وأشارت "الإندبندنت" إلى أنَّ إرسال اللاجئين السوريين وعلى الرغم من أنه يبدو سياسة إيجابية لسلام كل من الأمة التركية والسورية.

إلا أنه لا تزال هناك بعض الأسئلة التي تحتاج أحزاب المعارضة إلى الإجابة عنها في هذه العملية:

1- إلى أي مدى سيتم دعم مطالب المعارضة السورية في عملية المصالحة مع الأسد؟

2- كيف سيثق اللاجئون العائدون بالأسد؟

3- ما نوع المحاولة التي سيتم بذلها لإنشاء مساحة معيشة جديدة للسوريين الذين فقدوا ممتلكاتهم؟

4- إلى أي مدى سيتم تلقي دعم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لعودة آمنة وبناء دولة جديدة في سوريا؟

وعلقت الصحيفة قائلة: من المثير للجدل مدى عقلانية التأكيد فقط على أن "السوريين سيذهبون" دون تقديم حلول لجميع هذه المشاكل.

ولهذا، يجب اتباع سياسة أكثر إنسانية وذكاء من ما يسمى بمبادرات "الجهد لتحقيق الديمقراطية" أو "بناء الأمة" التي حاولت أميركا تنفيذها في أفغانستان والعراق قبل 20 عاما.

وبالمثل، فإن الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة لفروع حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" في شمال سوريا يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الدولة التي تدعم المنظمات الإرهابية يمكن أن تجلب السلام إلى المنطقة.

والموقف العدواني لروسيا في حربها على أوكرانيا وذلك بعد أن سيطرت على معظم مناطق سوريا أظهر أنه لا يمكن الوثوق بها في هذه المرحلة، ولن يكون الاعتماد على الولايات المتحدة أو روسيا كافياً لخلق سوريا آمنة وقوية اقتصادياً.

ولفتت النظر إلى أنه في حالة السلام في سوريا في المستقبل أو في نظام ائتلافي جديد يحكمه معارضو بشار الأسد لا ينبغي تجاهل خطر روسيا، التي تمتلك سفناً حربية ضخمة في الموانئ السورية والتي حصلت على الحق في استخراج الغاز الطبيعي في المدن البحرية. 

وعلى الرغم من أنه يبدو أنها تنسحب من الشرق الأوسط وتحول اتجاهها إلى آسيا والمحيط الهادئ، إلا أن الولايات المتحدة، التي تدعم فروع "بي كا كا" بحجة محاربة تنظيم الدولة، لا تريد ترك الساحة فارغة في سوريا بل تريد موازنة روسيا من خلال إعطاء رسالة "أنا هنا أيضا".

وبينت الصحيفة أنه من المرجح أن تستمر الولايات المتّحدة في دعم  فروع "بي كا كا"، والتي تستخدمها كبيدق للاحتفاظ بالشرق الأوسط منذ البداية، حيث ستخصص لنفسها دوراً في الإدارة.

لذلك، تقدر بشكل أو بآخر نوع الصفقة التي ستجلس فيها روسيا والولايات المتحدة بشأن مسألة عودة اللاجئين وإنشاء سوريا جديدة، وإلى أي مدى ستتشكل مصالحهما في الشرق الأوسط. وهذا الوضع يجعل سبل المصالحة في سوريا أكثر تعقيدا. 

ونتيجة لذلك، فإن عودة طالبي اللجوء ليست قضية تربط السياسة الداخلية لتركيا فحسب، بل هي أيضا عملية فوضوية تكون فيها ديناميكيات النظام الدولي حاسمة.

فإن كيفية تعامل دول قوية مثل روسيا وإيران والولايات المتحدة، التي تمتلك تأثيراً على النظام والمعارضة في سوريا، مع هذه القضية ستتشكل وفقاً لمصالح هذه الدول في المنطقة.

لذلك، عندما يصرّح القادة السياسيون الأتراك أن "السوريين سيذهبون"، عليهم أن يأخذوا في الاعتبار أيضا المصالح السياسية الحقيقية للجهات الفاعلة الإقليمية وليس فقط سياساتهم الخاصة.

ولسوء الحظ، لن يكون من السهل تصحيح بعض الأخطاء التي ارتكبت منذ البداية في غضون بضعة أشهر، والتي تعتمد على آلية دبلوماسية ماهرة.

ولكن نأمل أن يتمكن موظفو الشؤون الخارجية، الذين سيتولون السلطة بعد الانتخابات، من التعامل بنجاح مع هذه العملية الدبلوماسية في مواجهة شهية الجهات الفاعلة الإقليمية المتزايدة لسوريا.