تتعامل بازدواجية.. صحيفة إيطالية: قبرص تميز الأوكرانيين عن باقي اللاجئين

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إيطالية الضوء على الظروف "اللاإنسانية" التي يعيش فيها اللاجئون المنسيون داخل مخيم "بورنارا" الواقع في منطقة صناعية بجوار طريق سريع في قبرص اليونانية، على بعد عشرة كيلومترات من العاصمة نيقوسيا.

وتحدثت صحيفة "لينكياستا" عن مشاكل الاكتظاظ والعنصرية والكراهية، بالإضافة إلى نقص مياه الشرب وغياب النظافة التي يعاني منها اللاجئون.

كابوس يومي

وقالت "لينكياستا" إن لاجئين، من بينهم كبار السن وأطفال يمشون تحت أشعة الشمس الحارقة في قبرص، مع درجات حرارة تصل إلى 30 درجة، على طول مسلك ترابي وحيد من المخيم إلى أول سوبر ماركت على مسافة ثلاثين دقيقة لشراء حاجياتهم.

وأوضحت أن "هذا المخيم تم إنشاؤه نهاية عام 2019 لاستيعاب 800 شخص كحد أقصى، إلا أنه يستضيف الآن أكثر من 3 آلاف داخل خيام مكتظة، يفترش بعضهم الأرض ولا توجد أسرة وغالبا ما تزورهم الثعابين".

ومع بزوغ شمس يوم جديد، يبدأ الكابوس مجددا بداية من الوقوف في صفوف لساعات للدخول إلى الحمام أو لتلقي وجبات الطعام أو للاستحمام.

وأشارت الصحيفة إلى أنه "خلال النهار، يجبر عدم وجود الظل ساكني المخيم على البحث عنه بيأس في المناطق المحيطة تحت عدد قليل جدا من الأشجار الموجودة أو تحت أكواخ مؤقتة". 

في واحدة من هذه الأكواخ، التقت الصحيفة الإيطالية بـ"ناصر"، شاب أفغاني يبلغ من العمر 23 عاما، وصل إلى المخيم قبل شهرين واشتكى من قلة الاهتمام وعدم الاكتراث.

وقال "زوجتي مريضة منذ نحو ثلاثة أسابيع، لقد أجروا اختبارات الدم ولكن بعد 12 يوما من أخذ العينة لم تأت النتائج بعد، نحن قلقون جدا، لماذا يعاملوننا بهذه الطريقة؟ ألا يعرفون ما الذي نهرب منه؟"

جاء ناصر وزوجته من مزار الشريف، وهي مدينة أفغانية تقع على بعد بضعة كيلومترات من الحدود مع تركمانستان وأوزبكستان وقيرغيزستان، وكلاهما من عرق الهزارة، الأقلية الشيعية التي تعد من بين أكثر الأقليات اضطهادا في البلاد، بحسب صحيفة "لينكياستا". 

في عام 1996، فرت أسرة ناصر إلى باكستان وهناك ولد بعد ثلاث سنوات، وفي 2002، مع الغزو الأميركي للبلاد وسقوط حكم حركة "طالبان"، قرر والد ناصر العودة. 

وأضاف الشاب الأفغاني الذي يشعر بخيبة أمل مضاعفة بحسب الصحيفة: "وصلت أنا وزوجتي منذ شهرين ولم يسجلونا بعد، لم أستطع حتى الخروج من المخيم لأنني مهاجر غير نظامي في نظرهم".

ثم واصل ناصر طرح أسئلته: "هل التقيتم بلاجئين أوكرانيين؟ لقد قرأت أن الكثير منهم قد تم قبولهم".

وأكدت الصحيفة الإيطالية أقوال اللاجئ الأفغاني، مشيرة إلى أنه وفقا لأحدث البيانات، "تم استضافة أكثر من 15 ألف لاجئ أوكراني في قبرص اليونانية، ثلثهم كانوا يقيمون في الجزيرة قبل الغزو الروسي". 

وبحسب الصحف المحلية، سيحصل اللاجئون الأوكرانيون على بطاقة تمنحهم حق الحصول على السكن والغذاء والرعاية الطبية كجزء من نظام الحماية المؤقت.

وقال وزير الداخلية، نيكوس نوريس، إن الأوكرانيين "لاجئون لا علاقة لهم بالهجرة غير النظامية".

حرمان من الحقوق

وأشارت "لينكياستا" إلى أن "نيقوسيا شهدت ارتفاعا في عدد الوافدين غير النظاميين خلال السنوات الأخيرة، إذ يوجد في البلاد أحد أعلى معدلات طالبي اللجوء لكل فرد من بين 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي".

وذكرت أن "خمسة بالمئة من سكان القبارصة اليونانيين هم في الواقع من طالبي اللجوء". 

ولفتت إلى أنه في عام 2020، تصدرت البلاد التي يبلغ عدد سكانها 1.2 مليون نسمة قائمة طلبات اللجوء بـ8448 طلبا.

وأشارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى أنه في "عام 2022 تم تسجيل أكثر من 2100 وافد، معظمهم عن طريق البر". 

وأشارت أرقام نيقوسيا، إلى ارتفاع عدد المهاجرين الذين عبروا المنطقة العازلة من قبرص التركية إلى جمهورية قبرص اليونانية خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان 2022، بنسبة 184 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. 

وكانت الحكومة القبرصية قد أعلنت عام 2021 عن خطة لبناء حاجز لمنع المهاجرين من العبور من الجزء الشمالي من الجزيرة. 

وأفاد جميع اللاجئين الذين قابلتهم الصحيفة الإيطالية بأنهم دخلوا قبرص اليونانية، وبالتالي الاتحاد الأوروبي، عبر هذه الحدود التركية بمساعدة المتاجرين بالبشر الذين أخفوهم في سيارتهم. 

ولاحظت الصحيفة بأنه رغم أن الغالبية العظمى تعبر الحدود عن طريق البر، فإن عددا أقل من اللاجئين يصلون عن طريق البحر من لبنان أو تركيا.

في 22 أغسطس/آب 2021، اعترضت الشرطة البحرية القبرصية مركبين يقلان 88 مهاجرا، أغلبهم من السوريين، قبالة سواحل الجزيرة وأعادتهم في اليوم الموالي إلى لبنان، في إطار اتفاق تم توقيعه في مارس/آذار 2020، يمكن بموجبه لنيقوسيا أن تعيد أي شخص يحاول الوصول إلى الجزيرة عن طريق البحر.

ووجهت انتقادات شديدة للاتفاقية من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي دعت إلى وضع حد لهذه الممارسة، مشيرة إلى أنها تحرم اللاجئين من حقهم في طلب اللجوء.

وبحسب بيانات نشرتها وكالة "أسوشيتيد برس" الأميركية، وصل أكثر من 1337 سوريا إلى الجزيرة عن طريق البحر منذ عام 2019.

ظروف غير مقبولة

وأوضحت الصحيفة أن "غالبية اللاجئين داخل مخيم بورنارا من النيجيريين والكونغوليين والسوريين والأفغان والباكستانيين"، مشيرة إلى أنه "غالبا ما يؤدي التعايش القسري في ظروف غير إنسانية إلى معارك عنيفة".

وفي 14 مارس/آذار 2022، قام رئيس قبرص اليونانية، نيكوس أناستاسيادس، بزيارة إلى المخيم واعدا بـ"إدخال تحسينات".

وبعد قرابة شهرين من هذه الوعود، لا يزال اللاجئون يعيشون نفس "الظروف غير المقبولة"، تؤكد صحيفة "لينكياستا".

وأضافت أن "هناك معضلة أخرى يعاني منها اللاجئون داخل المخيم تتعلق بنقص مياه الشرب"، قائلة إنه "عند غروب الشمس، التقينا بمجموعة من الشباب الباكستانيين الذين عادوا من السوبر ماركت خاليي الوفاض".

"لم يسمحوا لنا بالدخول، عند المدخل قيل لنا إننا غير نظاميين وإننا إذا لم نغادر على الفور فسيتصلون بالشرطة، أردنا فقط شراء علب الماء"، يقول بلال، البالغ من العمر 17 عاما. 

واشتكى آخرون للصحيفة بالقول: "انظروا، يعطوننا أشياء نأكلها ونشربها منتهية الصلاحية"، وأشاروا إلى عصير فواكه انتهت صلاحيته منذ أيام. 

بدورها، نددت منظمة حقوق الإنسان غير الحكومية "كيسا"، عبر موقعها على الإنترنت، باعتداء مجموعة من القبارصة اليونانيين من حركة النازيين الجدد على لاجئ سوري شاب. 

وذكرت أن مواطنا له تدخل لنجدته قبل أن يصاب ليشمل الاشتباك في نهاية المطاف ثمانية سوريين ضد عشرة من القبارصة اليونانيين قبل أن يقوم أحد عناصر مجموعة النازيين الجدد بسحب مسدس وهدد به السوريين بالموت.

وبحسب المنظمة، عندما توجه اللاجئان المصابان إلى مركز الشرطة للإبلاغ عن الحادث، طلب الضباط منهما التوجه أولا إلى المستشفى للخضوع لفحوصات ثم تقديم شكواهم إلى الشرطة. 

لكن بعودتهما إلى مركز الشرطة، رُفض أخذ أقوالهما وشرع الضباط في القبض على أحدهما. 

وذكرت منظمة "كيسا" أن القبرصي اليوناني الذي أشهر السلاح "لم يتم اعتقاله إلا في اليوم التالي". 

وختمت المنظمة غير الحكومية بيانها بإدانة تعامل الشرطة مع "الموجة المقلقة المتزايدة من الهجمات العنصرية وجرائم الكراهية ضد اللاجئين".