"منفذ إستراتيجي".. مجلة فرنسية: لهذا تحاول إسرائيل ترسيخ وجودها في إفريقيا

منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت مجلة "جون أفريك" الفرنسية الضوء على إستراتيجية إسرائيل من أجل ترسيخ وجودها في إفريقيا، ما يعود عليها بفوائد أمنية واقتصادية ودبلوماسية.

وذكرت أن الكيان الإسرائيلي عبر حكوماته المتعاقبة استغل علاقاته مع إفريقيا من أجل تحقيق منفذ إستراتيجي على البحر الأحمر والحصول على دعم دول القارة في المنظمات الدولية الكبرى.

وفي 22 يوليو/ تموز 2021، قدمت إسرائيل أوراق اعتمادها عضوا مراقبا لدى الاتحاد الإفريقي، ومع اعتراض دول عديدة على الخطوة أجل الاتحاد البت في الأمر لقمة فبراير/ شباط 2022.

تأثير نتنياهو

وزعمت المجلة أن الدولة العبرية أعادت تحت قيادة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو (2009 - 2021)، ربط قنوات التواصل مع القارة الإفريقية.

وبعد تطبيع العلاقات مع عديد من الدول، تواصل تل أبيب حاليا تطوير تعاونها الأمني ​​والاقتصادي، وتأمل في الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي بصفة مراقب.

ولفتت إلى أن نتنياهو أعلن مرارا في السنوات الأخيرة أن "إسرائيل عادت إلى إفريقيا".

وزعم ذلك للمرة الأولى خلال جولته شرق إفريقيا في يوليو/ تموز 2016 التي شملت أوغندا، ورواندا، وكينيا، وإثيوبيا، ثم كرر نفس الادعاء بعد عام خلال قمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" الـ5 في عاصمة ليبيريا، مونروفيا.

كما أجرى سلسلة زيارات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، التقى خلالها الرئيس الرواندي بول كاغامي، وبعده نظيره التوغولي فور جناسينجبي، ثم رئيس تشاد السابق إدريس ديبي إيتنو.

ووفق الصحيفة، لا يمكن القول إن نتنياهو لم يدخر جهدا لرؤية بلاده تستعيد على الأقل المكانة والنفوذ الذي كانت تتمتع به في إفريقيا، قبل هزيمتها النسبية على المستوى العسكري خلال حرب أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973.

ففي الستينيات كان لدى إسرائيل ما يصل إلى 33 سفارة، وصعدت من إجراءات المساعدات التنموية في جميع أنحاء القارة وجلست كمراقب في منظمة الوحدة الإفريقية، سلف الاتحاد الإفريقي. 

وكان ذلك قبل إدراجها في القائمة السوداء للقارة لأكثر من عقدين.

لكن منذ توقيع اتفاقية أوسلو في عام 1993، بدأت إسرائيل ببطء في استئناف العلاقات الدبلوماسية مع غالبية دول القارة.

ونقلت المجلة عن إيمانويل نافون الباحث في العلوم السياسية بجامعة تل أبيب أن "الدبلوماسية الإسرائيلية تخلت حينذاك عن إفريقيا". 

وأضافت: "فعلى مدى آخر عقدين عززت إسرائيل نفسها عسكريا واقتصاديا لتصبح قوة إقليمية حقيقية، لكن لم يكن لديها فرصة لتولي اهتماما دبلوماسيا بإفريقيا خاصة بسبب الانتفاضة الثانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

لكن ذلك كان حتى عام 2009، مع عودة نتنياهو كرئيس للحكومة، حيث حولت إسرائيل مرة أخرى انتباهها الكامل إلى جارتها في الجنوب، إفريقيا.

وقالت المجلة إنه خلال 12 عاما قضاها في السلطة، حقق عمليا هدفه المتمثل في استعادة "رؤية إسرائيل في القارة".

فاستُؤنف التعاون الأمني ​​أولا ثم الاقتصادي، في أعقاب المعارف التكنولوجية التي قدمتها الشركات والمنظمات غير الحكومية الإسرائيلية.

وأعادت تل أبيب التواصل الرسمي بالقارة، وفق المجلة الفرنسية، مع احتساب بعض "الاستحقاقات" الكبيرة في رصيدها، مثل عودة العلاقات مع غينيا ورواندا وتشاد، وبشكل أكثر أهمية تطبيع العلاقات مع دول إسلامية عربية مثل السودان والمغرب (في 2020). 

وأضافت أن إسرائيل تقيم حاليا علاقات دبلوماسية مع حوالي 40 دولة إفريقية، بما في ذلك 37 دولة من إفريقيا جنوب الصحراء.

وخلصت المجلة أنه مع هذه الزيادة في الشعبية، يمكن للدولة العبرية أن تأمل في استعادة مقعدها كمراقب في أديس أبابا قريبا.

لذلك، فإن استثمار نتنياهو الدبلوماسي آتى ثماره، رغم أنه في الوقت الحالي لا يمثل سوى إعلان نوايا، حيث إن "إدارة الاتحاد الإفريقي لم توافق على ذلك بعد".

وعود زائفة

ومع ذلك أشارت "جون أفريك" إلى أنه لم يتم صرف المليار دولار التي تعهدت بها إسرائيل للإيكواس في عام 2017، كما أن لديها حاليا أقل من 15 سفارة في القارة، بما في ذلك تمثيلها بالمغرب.

حتى أن البلاد اضطرت إلى إغلاق إحدى سفاراتها في أميركا اللاتينية لفتح سفارة برواندا في عام 2011، بسبب نقص الميزانية.

حيث يمكن تفسير ذلك داخليا بأن نتنياهو ركز الصلاحيات عنده وأفرغ وزارة الخارجية من مواردها، لأنه اعتبرها معادية له سياسيا.

وعن ذلك يقول نافون إن دبلوماسية نتنياهو الذي قضى ما يقرب من خمس سنوات في وزارة الخارجية (1988-1991) "كانت مباشرة وفعالة للغاية، خاصة مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وأكدت الصحيفة أن "علاقة نتنياهو الخاصة مع الولايات المتحدة خدمت دائما مصالح إسرائيل في إفريقيا".

وأعطت سياسة "المعاملات" التي كانت تمارس خلال الإدارة الأميركية السابقة نتائج مذهلة في نهاية عام 2020 في السودان ثم في المغرب.

واستبعدت المجلة أن يقلب انتخاب نفتالي بينيت رئيسا للوزراء في يونيو/ حزيران 2021 الموازين في إفريقيا في الفترة المقبلة.

وعلى العكس من ذلك، زعمت أن بينيت يستفيد من إستراتيجية سلفه، كما حدث في المغرب، حيث تم توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الأمني، فريدة من نوعها في إفريقيا، في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.

واعتبرت أنه رغم مرور العقود والحكومات في إسرائيل، تبقى تحدياتها في إفريقيا ضمان منفذ إستراتيجي على البحر الأحمر والحصول على دعم الدول الإفريقية في المنظمات الدولية الكبرى.

وبالإضافة إلى الضرورات الأمنية، هناك فرص اقتصادية لقطاع خاص إسرائيلي وجد طريقه سريعا إلى القارة، وفق المجلة.