أنهى التعويضات.. ماذا يفعل العراق بالمليارات التي كانت تذهب إلى الكويت؟

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

استكمل العراق سداد تعويضات الغزو إلى دولة الكويت، والتي كان يسددها على دفعات لمدة ثلاثين عاما بدءا من عام 1991.

وكان العراق يستقطع ثلاثة في المئة من قيمة كل برميل نفط يصدره وتذهب إلى الكويت.

وأعلن البنك المركزي العراقي في 21 ديسمبر/ كانون الأول 2021، دفع آخر دفعة للكويت والبالغة 44 مليون دولار أميركي، وبذلك يكون العراق قد أتم سداد كامل مبالغ التعويضات التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1991، بمجموع 52,4 مليار دولار أميركي.

الفصل السادس

سداد كامل التعويضات إلى الكويت عن الغزو الذي نفذه نظام صدام حسين عام 1990، من شأنه أن يخرج العراق من طائلة البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة، فضلا عن أثره في إعادة دمج النظام المصرفي العراقي بنظيره العالمي والاستفادة من الوفرة المالية التي ستتحقق.

وقال الخبير القانون العراقي، علي التميمي، في حديث لـ"الاستقلال" إن "العراق خرج من طائلة الفصل السابع في وقت سابق، ودخل في الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، والفرق بينهما هو أن الأول يتيح استخدام القوة العسكرية لحل الخلافات، أما الأخير فيحلها بشكل ودي وسلمي".

وأضاف أن "العراق حل المشكلات المالية وموضوع الأسرى والمفقودات بشكل ودي مع الكويت، لكن يحتاج إلى أن يتحرك دبلوماسيا مع مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار يخرجه من الفصل السادس بأسرع وقت ممكن".

ورأى الخبير أن "انعكاس إنهاء ملف التعويضات العراقية إلى دولة الكويت سيكون على الجانب الاقتصادي، لأن ما كان يدفعه العراق من مبالغ كبيرة تصل إلى نحو 4.5 مليار دولار سنويا، ستذهب إلى احتياطي البنك المركزي".

وتابع: "لذلك على الحكومة العراقية المقبلة وليس الحالية التي تعتبر حكومة تصريف أعمال، أن تستثمر هذه المبالغ في إنعاش الاقتصاد العراقي والاستثمارات، وكذلك خفض سعر صرف الدولار في البلد".

وعام 2013، اتفقت الدول الأعضاء في مجلس الأمن على معالجة ملفات الأسرى والممتلكات والأرشيف الكويتي بموجب البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة، بدلا من السابع.

وينص البند السادس على حث الدول على حل خلافاتها سلميا، في حين يسمح السابع لمجلس الأمن الدولي باللجوء إلى سلسلة خيارات تراوح بين العقوبات والعمل العسكري، في حال رفضت إحدى الدول الإذعان للمطالب الأممية.

وفي السياق، تحدث الخبير الاقتصادي العراقي، صفوان قصي عن إيجابيات انهاء التعويضات وانعكاسها على اقتصاد البلد.

وقال خلال حوار مع قناة "العراقية" في 22 ديسمبر إن "الاقتصاد العراقي يمكن أن يعاد تصنيفه الائتماني، وهذه النظرة الإيجابية يمكن أن تنعكس على خفض تكاليف الحصول على القروض مجددا ما يؤدي إلى خلق بيئة استثمارية آمنة".

وأشار قصي إلى أن العراق سيكون قادرا على "إعطاء ضمانات سيادية من أجل طمأنة المستثمرين، وأيضا المصارف العراقية الخاصة والعامة بإمكانها الآن أن تتعامل بشكل مباشر مع المستوردين، فضلا خلق بيئة مناسبة للمصارف لكي تكون شريكا للمصارف العالمية".

طموحات العراق

وعلى ضوء تخلصه من هذه الديون، قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية مظهر محمد صالح إن "العراق أنهى ملف تعويضات حرب الكويت، حيث سدد آخر دفعة من المستحقات بنحو أقل من 45 مليون دولار، بذلك سددت بغداد جميع الالتزامات المفروضة عليها بموجب الفصل السابع بميثاق الأمم المتحدة".

ونقلت وكالة الأنباء العراقية "واع" الرسمية عن صالح في 23 ديسمبر، قوله إن "ملف التعويضات كلف بغداد من الناتج المحلي الإجمالي ومن مجهودات اقتصاده بحوالي 52.4 مليار دولار"، موضحا أن "هذا المبلغ ليس بالقليل، فهو كافٍ لبناء منظومة شبكة كهرباء تنعش العراق لسنوات طويلة".

وأضاف صالح أن "إغلاق ملف تعويضات الكويت يعتبر صفحة جديدة في تاريخ العراق الاقتصادي"، مبينا أن "هذا الملف كان يكلف البلد يوميا من 6-7 ملايين دولار، وأن قيمة هذه الأموال من الصادرات الحالية التي تبلغ أكثر من ملياري دولار سنويا ستضاف إلى الموازنة وتسد بابا من أبواب الصرف بالحقيقة".

وأعرب صالح عن أمله بأن "تذهب هذه الأموال الى التنمية، أي المشروعات الاستثمارية المشغلة للقوى العاملة والمنتجة للدخل"، مشيرا إلى أن "إغلاق ملف التعويضات هو بداية غلق بقايا الفصل السابع".

وبين مستشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أن "للعراق آفاقا كبيرة باندماجه بالاقتصاد العالمي"، موضحا أن "العزلة التي يعيش فيها البلد كبيرة جدا".

وأردف: "لا تزال طائرات العالم لا تصل إلى مطار بغداد إلا من بعض البلدان الإقليمية، وهذا جزء من الحصار على العراق".

وشدد صالح على "الحاجة إلى خطة تنمية تستمر لعشر سنوات للاستفادة من واردات النفط، حيث نبدأ بالبنية التحتية وننتهي بالمشاريع المدرة للدخل في كل الحالات".

وتوقع أن "يكون 2022 عام تقدم وازدهار للعراق ومؤشرات إيجابية واسعة تبدأ بإغلاق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وانتهاء تعويضات حرب الكويت والعودة إلى الحياة الاقتصادية الطبيعية والاندماج بالمجتمع الدولي".

"صندوق الأجيال"

وبعدما طوى العراق واحدا من أكثر الملفات استنزافا لاقتصاده، دعا المرشح الفائز في الانتخابات البرلمانية، مثنى عبد الصمد السامرائي، الحكومة الى إنشاء صندوق سيادي تحت مسمى "صندوق الأجيال" بنفس قيمة مبلغ الاستقطاع للتعويضات السابقة للكويت.

وكتب السامرائي تغريدة على حسابه بموقع التدوين المصغر "تويتر" في 22 ديسمبر قال فيها: "آن الأوان للعمل على حماية مستقبل الأجيال بعد أن تخلصنا من ربقة الديون باستكمال الدفعة الأخيرة من التعويضات لدولة الكويت".

وأضاف نائب رئيس اللجنة المالية السابق في البرلمان العراقي أنه "بموجب قانون الإدارة المالية أدعو الحكومة إلى إنشاء صندوق سيادي بنفس قيمة مبلغ الاستقطاع للتعويضات السابقة سنويا وذات الآلية المتبعة".

في السياق ذاته، أكد الخبير الاقتصادي باسم انطوان أن "اغلاق ملف تعويضات الكويت سيعيد الثقة بالعراق واستثماراته اضافة الى تحسين صورته وسمعته بين دول عدة وشركات لخدمة أبناء البلد فضلا عن ثقة المواطنين الأجانب" في بغداد.

وبين أنطوان في حديث نقلته الوكالة الرسمية أن "المصارف العراقية ستعيد تعاملاتها كاستخدام مراسلين من دول الخارج لتحقيق إنجازات كبيرة وواسعة معها.

ومنها مصرف الرافدين العملاق إضافة إلى الحاجة لمصارف وسيطة مع العراق.

وذهب الخبير الاقتصادي إلى ما تحدث عنه السامرائي، بالقول إن "قيمة مبلغ التعويضات سيستمر بعد إغلاق الملف ووضعه في صندوق سيادي، أسوة بباقي دول الخليج ويكون هذا الصندوق ذا نتائج مجزية".

فيما أكد الأكاديمي في جامعة البصرة نبيل جعفر لوكالة الأنباء الرسمية، أن "العراق سدد جميع التعويضات المفروضة عليه من مجلس الأمن الدولي والبالغة 52 مليارا و400 مليون دولار".

وبالتالي على الحكومة أن تطلب إخراج العراق من الفصل السادس وتحرير حساباته المالية خصوصا عائدات النفط التي تذهب إلى البنك الفيدرالي الأميركي ليستقطع منها حصة تعويضات الكويت ثم تذهب إلى وزارة المالية، وفق قوله.

وتابع أن "التعويضات انتهت، وبالتالي ينبغي أن تذهب عائدات النفط وهي عائدات بالعملة الأجنبية إلى العراق مباشرة إلى وزارة المالية".

وشدد على ضرورة أن "يطلب العراق من مجلس الأمن حماية الأموال العراقية المودعة بالخارج بالمصارف العالمية".

ولفت إلى أن "التوجهات الحكومية بعد هذا الملف تتمثل بتأسيس صندوق سيادي تودع به الثلاثة في المئة من حصيلة النفط التي كانت تذهب إلى الكويت والتي كانت تصل أحيانا إلى ملياري دولار سنويا، لاستثمارها في الداخل والخارج وتكون نوعا من المصدات تجاه الأزمات الدولية التي تحل بالعراق بوصفه من الدول الريعية".