صحيفة إسبانية: لا انتفاضة ثالثة في فلسطين ولكن توحد نادر

12

طباعة

مشاركة

توافق هذه الأيام، الذكرى العشرين لاندلاع انتفاضة الأقصى في الأراضي الفلسطينية، في وقت تحاول الأطراف السياسية توحيد صفوفها والتخلي عن حالة التفكك التي أعاقت الانتخابات لسنوات.

وأشعلت الزيارة الاستفزازية لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرييل شارون، إلى ساحة المسجد الأقصى الانتفاضة الثانية بين عامي 2000 و2005، والتي قلبت تاريخ الشرق الأوسط رأسا على عقب. 

في الآن ذاته، دفع التطبيع الإسرائيلي الأخير للعلاقات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، كلا من السلطة الفلسطينية التي تحكم الضفة الغربية فقط، وحركة المقاومة الإسلامية حماس التي تسيطر على قطاع غزة، للإعلان عن اتفاق حول تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية وثالثة للمجلس الوطني لمنظمة التحرير.

وفي ظل الوضع الراهن للمنطقة، يشعر الفلسطينيون بأنهم منسيون في العالم العربي، حيث تؤكد كل الأطراف الحاجة لمواجهة التهديدات المحيطة بالقضية الفلسطينية، وفق ما تقول صحيفة البايس الإسبانية.

ذكرى الانتفاضة

وأشار تقرير نشرته الصحيفة إلى أن الأمل في السلام الذي مثلته اتفاقية أوسلو (1993) كان مهددا بالفعل بالتلاشي حتى قبل وقت قصير من اغتيال موقع الاتفاق رئيس الوزراء الإسرائيلي، إسحاق رابين، في عام 1995، مع "عدوه السابق، ياسر عرفات".

في هذا السياق، اعترف يوسي بيلين، وزير العمل السابق، في تقرير له على موقع المونيتور، قائلا: "حاولت قدر الإمكان مع محمود عباس (رئيس السلطة)، والذي كان مفاوضا فلسطينيا في الظل آنذاك، من أجل جعل الفترة الانتقالية البالغة خمس سنوات قبل الاتفاق النهائي أقصر، من أجل تفادي إفسادها من قبل المتعصبين من الجانبين، لكننا فشلنا".

وأورد التقرير أنه في مناخ سيطرت عليه خيبة الأمل هذه، وبعد شهرين فقط من إحباط مفاوضات كامب ديفيد، كانت الجولة التي أداها شارون إلى أحد أقدس الأماكن لدى العالم الإسلامي؛ بمثابة الشرارة التي أشعلت الثورة.


وعلى عكس الانتفاضة الأولى (1987-1993)، اتسمت انتفاضة الأقصى بـ"العنف العشوائي ضد السكان المدنيين". وفي هذا الصدد يقول عاموس هاريل، المحلل في صحيفة "هآرتس": "أدت حملة القصف الفلسطينية إلى إجماع في إسرائيل على ضرورة قيادة رد قوي".

ويضيف هذا الخبير في القضايا العسكرية: "أعادت الانتفاضة رسم الخريطة السياسية لإسرائيل، وقد حددت المخاوف على الأمن إلى حد كبير النجاح طويل الأمد للجناح اليميني لبنيامين نتنياهو. في غضون ذلك، لم يتمكن اليسار الإسرائيلي من تقديم إجابة".

ونقلت الصحيفة أن شارون أمر بتنفيذ أكبر هجوم عسكري على الضفة الغربية منذ حرب الأيام الستة عام 1967، وذلك عندما كان رئيسا للحكومة الإسرائيلية عام 2002.

في الأثناء، أودت الانتفاضة الثانية بحياة 4700 شخص، 80 بالمئة منهم فلسطينيون، وأنهي الخلاف ببناء "جدار فاصل" ضخم ـ كان عبارة عن سلسلة من الأسوار والقضبان والجدران، مع مساحات واسعة من الجدران الخرسانية العالية، التي تنتشر فيها أبراج المراقبة. 

وقد اخترق الجدار الذي يمتد على طول 700 كيلومتر أكثر من 10 بالمئة من أراضي الضفة الغربية. 

خيبة أمل

وأوضحت الصحيفة أنه في ذكرى الانتفاضة الشعبية التي اندلعت قبل عقدين من الزمن، يشعر الفلسطينيون الآن بخيبة أمل بالتزامن مع الانقسام الذي أحدثته الإمارات والبحرين في المبادرة العربية، وهي خطة السلام السعودية التي ضمنت للفلسطينيين دولة معترفا بها دوليا على حدود 1967. 

وأمام "طعنة الظهر" بقيادة المملكتين الخليجيتين، من المنتظر أن تتالى مزيد من الانتكاسات الدبلوماسية من الدول العربية الأخرى التي تعترف بإسرائيل، وفق البايس الإسبانية.

وأشارت الصحيفة إلى أن المساهمات الاقتصادية للدول العربية في دعم السلطة الفلسطينية انخفضت بنسبة 85 ٪ منذ بداية سنة 2020، على الرغم من خطط المساعدات التي وعدت بها جامعة الدول العربية. 

وردا على "طعنة الظهر"، تخلت فلسطين هذا الشهر عن تولي الرئاسة الدورية لمجلس جامعة الدول العربية، بعد أن رفض وزراء خارجية المنطقة إدانة التقارب مع إسرائيل وتطبيع حكومتي أبوظبي والمنامة معها.

ونقلت الصحيفة عن جوزيه فيريكات، مدير مركز كارتر في الأراضي الفلسطينية، أن "أي إشارة إلى انتفاضة جديدة أصبحت اليوم مجرد سراب، كما لا يملك الفلسطينيون أية قدرات".

وأضاف: أن "السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية شبه مطلقة، كما أن إسرائيل دولة حديثة وتملك كل الموارد التي يمكن تخيلها لإخضاع السكان المحتلين. علاوة على ذلك، توجد أقسام كاملة في الحكومة الإسرائيلية وجيشها وأجهزتها السرية مكرسة لهذا الغرض فقط".

وأوردت الصحيفة أنه بعد أول لقاء لحركتي فتح وحماس في تركيا، تستعد مختلف الجهات السياسية الفلسطينية الآن لوضع مخطط انتخابي من أجل تنظيم الانتخابات بشكل متوقع في غضون ستة أشهر. 

وتجدر الإشارة إلى أن الدعوة إلى صناديق الاقتراع، التي يجب أن يصادق عليها رئيس يقترب من 85 عاما وبقي في منصبه دون تجديد ولايته منذ 2005؛ لا تثير الاهتمام بغزة أو الضفة الغربية أو شرق القدس. 

وبعد أن ألغى عباس بالفعل الانتخابات التي أعلن عنها في 2016 و2019 وسط انقسامات متتالية مع حماس؛ أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز أبحاث السياسات الفلسطينية مؤخرا أن زعيم حماس إسماعيل هنية سيهزم عباس بسهولة لو ترشح للانتخابات الرئاسية.

ونقلت الصحيفة عن فيريكات أن "الفلسطينيين منقسمون أكثر من أي وقت مضى، ويفتقرون إلى إستراتيجية مشتركة. في الأثناء، تحولت القيادة الفلسطينية إلى حكم شيوخ، وحققت فشلا وبالكاد تتحرك"، وفق تعبيره. 

وواصل قائلا: "لقد كانوا مخطئين في الاعتقاد بأنهم يستطيعون الضغط على إسرائيل عسكريا، في حين أن أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، وما يسمى بالحرب على الإرهاب، ألغت شرعية نضالهم"، كما يقول.

ونوهت الصحيفة بأنه بعد عشرين عاما من انتفاضة الأقصى، يبدو أن مبدأ الدولتين كحل سياسي للصراع آخذ في التلاشي. وعموما، يذكرنا السيناريو المقلق الحالي بالانتفاضة الأولى قبل اتفاقات أوسلو: "دولة واحدة بين البحر الأبيض المتوسط ​​والأردن حيث يعيش نفس العدد من الفلسطينيين واليهود دون نفس الحقوق".