تحضير لما بعد خامنئي.. لماذا تعد انتخابات أول مارس الأهم في تاريخ إيران؟

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة تركية الضوء على انتخابات المجلس الإسلامي ومجلس الخبراء والتي ستجرى في إيران في الأول من مارس/آذار 2024. 

ويُعرف مجلس الشورى الإسلامي باسم البرلمان الإيراني الذي يؤدي وظيفة التشريع في البلاد، بينما يُعد مجلس الخبراء هيئة مهمة تحدد من سيكون القائد الأعلى للبلاد، وهو أعلى سلطة في إيران.

ومنذ 35 عاما يتولى علي خامنئي هذا المنصب، وتجرى انتخابات مجلس الخبراء كل ثمانية أعوام، على عكس انتخابات البرلمان.

هندسة الانتخابات
 

من الناحية الإستراتيجية، ينظر إليها على أنها واحدة من أهم الانتخابات في تاريخ جمهورية إيران الإسلامية، وفق ما يقول الكاتب التركي "أورال توغا" في صحيفة يني شفق.

وعلى الرغم من عدم الإفصاح عنها بشكل علني داخل إيران إلا أن الاستعدادات للحقبة القادمة والصراعات بين النخبة السياسية الإيرانية بدأت منذ وقت طويل. 

ولذلك، فإن انتخابات مجلس الخبراء التي ستحدد القائد الأعلى القادم تحمل أهمية خاصة، وفق الكاتب.

وذكر أنه في إيران، تُقدم طلبات الترشح للمناصب الانتخابية كافة، بما في ذلك النواب والرؤساء وأعضاء مجلس الخبراء، إلى مجلس صيانة الدستور دون استثناء.

وإذا جرت الموافقة على هؤلاء المرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور، يحق لهم المشاركة في الانتخابات.

ومع ذلك، لوحظ أنه منذ الانتخابات البرلمانية لعام 2020 انخرط مجلس صيانة الدستور علنا فيما يعرف بـ "الهندسة الانتخابية". 

وقد شكل مجلس صيانة الدستور البرلمان عام 2020 والرئاسة في 2021 عن طريق هذه الهندسة. 

إذ استخدم المجلس حق النقض ضد المرشحين البارزين، خاصة من القطاع الإصلاحي، وذلك من خلال تعطيل ورفض الموافقة على ترشحهم.

ومن بين المرشحين الذين تقدموا بطلبات الترشح من المعسكر الإصلاحي الرئيس السابق حسن روحاني. ومع ذلك، استخدم حق النقض ضد جميع هذه الأسماء تقريبا. 

ومن جهة أخرى يمكن استنتاج أن مجلس صيانة الدستور قد نفذ هندسة في هذه الانتخابات، حيث اختار المرشح الوحيد في محافظة خراسان الجنوبية دون تسمية آخر ضد الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي. 

وهذا يعكس استخدام المجلس لحق النقض وتدخله في العملية الانتخابية، على الرغم من الاعتراضات التي جرى توجيهها ضده. 

اسم ثوري

وأردف الكاتب: تضع مجموعة مهمة، بقيادة فيلق الحرس الثوري الإسلامي في الغالب، الأساس لوصول شخصية "ثورية" ما بعد خامنئي إلى السلطة. 

ولذلك، يُبذل جهد كبير لضمان وجود أسماء "ثورية" في رؤوس السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية. 

وأشار الكاتب إلى أن اسم إبراهيم رئيسي يتردد منذ سنوات كمرشح ليكون الزعيم التالي لإيران. 

فقد نشأ في سلطة القضاء وله دور مهم في أحداث عام 1988 حيث تم إعدام الآلاف من الأشخاص. 

وبعد توليه رئاسة السلطة القضائية ومن ثم الجمهورية، أصبح من المؤكد أن رئيسي سينضم إلى مجلس الخبراء بقرار من مجلس صيانة الدستور.

وهذا يعني أنه سيكون له دور مهم في تحديد الزعيم القادم لإيران.


 

ففي انتخابات مجلس الشورى الإسلامي عام 2020 وانتخابات الرئاسة في 2021، اتبع مجلس حماية الدستور نهجا مماثلا وجعل السلطة التشريعية ثم التنفيذية تتبع الخط الثوري. 

في تلك الفترة، جرى رفض ترشيحات شخصيات قوية مثل رئيس المجلس السابق علي لاريجاني والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. 

بالإضافة إلى ذلك، تم سحب ترشيح وزير الخارجية السابق جواد ظريف بسبب تسريب تسجيل صوتي، وذلك بعد أن كان من المتوقع أن يعلن ترشحه. 

وبهذه الطريقة، جرى قطع الطريق أمام جميع المرشحين الأقوياء الذين يمكن عدهم منافسين لإبراهيم رئيسي، وتم ترشيحه كمرشح قوي وحيد للانتخابات. 

إقبال منخفض

وأضاف الكاتب: نتيجة لحق النقض في الانتخابات البرلمانية عام 2020، تم تحقيق أدنى نسبة إقبال انتخابي في تاريخ جمهورية إيران الإسلامية بنسبة 42.5 بالمئة. وفي طهران انخفض الرقم إلى 26 بالمئة. 

ونتيجة لحقيقة أن أولئك الذين صوتوا في الانتخابات كانوا في الغالب من المحافظين الذين دعموا النظام، فقد فاز المعسكر الإصلاحي بـ 17 مقعدا فقط من أصل 290. 

وتسبب هذا الوضع في أن تكون الأشهر الأخيرة من حكومة روحاني صعبة. 

وفي الانتخابات التي أجريت بعد عام، كانت نسبة المشاركة منخفضة مرة أخرى وظلت عند 48.8 في المئة.

وأوضح الكاتب: "كانت مسألة المشاركة في الانتخابات مدرجة في جدول الأعمال على أعلى مستوى في إيران خلال العام 2023". 

وفي الوقت الذي تحدثت فيه وسائل الإعلام الإيرانية عن معدل الإقبال القياسي في الانتخابات الأخيرة في تركيا، كانت نسب المشاركة في الانتخابات الإيرانية منخفضة جدا. 

فهناك قدر كبير من اليأس بين الناس بسبب هذا النوع من الهندسة الانتخابية. وبين الكاتب أن الإقبال على الانتخابات الأخيرة يثبت ذلك. 

ومع ذلك، يبدو أن هذا الوضع ومناقشات الشرعية التي سيجلبها ليست من أولويات المؤسسة الإيرانية. 

وأضاف: هذه الحالة من اليأس والصعوبات الاقتصادية لا تجعل إيران أكثر هشاشة فحسب، بل تشكل أيضا أساس الأحداث الاجتماعية.

وأشار الكاتب التركي إلى أنه على الرغم من كل المقاومة والانتقادات، يتم إزالة جميع العقبات واحدة تلو الأخرى أمام إبراهيم رئيسي ليصبح المرشد الأعلى القادم للثورة. 

وإذا لم تكن هناك انتكاسات، فسيكون إبراهيم رئيسي المرشد الثوري الثالث للثورة الإسلامية في حقبة ما بعد علي خامنئي. 

وعلق بأن النقطة المهمة هنا هي أن الهيكل الذي أتى به إلى السلطة (فيلق الحرس الثوري الإسلامي) سيستولي أيضا على أهم سلطة وسيوفر السيطرة الكاملة على البلاد. 

وعلى وجه التحديد، مع انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسا، استولت الأسماء القادمة من الحرس الثوري الإيراني تقريبا على البيروقراطية العليا. 

إذ جرى انتخاب العديد من الشخصيات رفيعة المستوى، خاصة وزير الداخلية أحمد وحيدي والمحافظين من فيلق الحرس الثوري الإسلامي.

وهذا يعني أن هذا الهيكل، الذي يتمتع بالفعل بقوة اقتصادية وعسكرية هائلة قد اكتسب سيطرة سياسية كاملة من خلال الاستيلاء على أعلى منصب في البلاد.