صحيفة روسية ترصد أسباب فشل جورجيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة روسية، الضوء على الوضع الصعب الذي يواجه جورجيا وتوجهها "غير الموفق وغير المدعوم" للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. 

وأشارت صحيفة ريانوفوستي في هذا الصدد إلى استمرار الاحتجاجات المعارضة إلى أجل غير مسمى، بسبب عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات البرلمانية في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2020 والمطالبة بتعيين نواب جدد، مما دفع الشرطة لتفرقة المتظاهرين بالمياه. 

وقالت الكاتبة والصحفية إيرينا الكسنيس في مقال تحليلي: إن رحلة جمهوريات القوقاز (المقصود هنا جورجيا) لسبعة عشر عاما إلى أوروبا يمكن أن تؤدي إلى مأساة.

لماذا سبعة عشر عاما؟ تتساءل الكاتبة، وتجيب: 17 عاما بسبب الاحتجاجات على تزوير نتائج الانتخابات البرلمانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2003 حين بدأت "ثورة الزهور".

ونتيجة لتلك الثورة استقال إدوارد شيفرنادزه من الرئاسة (2003)، وبدأ حياته المهنية كشخصية سياسية بارزة، وتبعه ميخائيل ساكاشفيلي ووضع حجر الأساس لأسطورة الثورات الملونة.

وتضيف: "منذ ذلك الحين التزمت جورجيا باستمرار بالخيار الذي تم اتخاذه في ذلك الوقت. ولكن المراقبين، وبأدنى حد من التركيز، يتضح لهم تماما أنه على مدار عقدين من الزمن، كانت البلاد تتحرك وبكل جد في خطى لا تراوح مكانها، كأنها على جهاز مشي طويل، وعلى ما يبدو، لا تنوي تركه".

وبحسب البيانات المنشورة، تستطرد الكاتبة، فاز الحزب الحاكم "الحلم الجورجي - جورجيا الديمقراطية" في الانتخابات البرلمانية الحالية بتأييد أكثر من 48 في المائة من الناخبين، وفي المرتبة الثانية تأتي الحركة الوطنية المتحدة بنسبة 27 في المائة. 

بالنسبة لبقية القوى السياسية، كانت النتائج مخيبة للآمال تماما، في مجال الخطأ الإحصائي، بما في ذلك "جورجيا الأوروبية"، التي احتلت المركز الثالث، والتي لم تصل نتيجتها إلى 4٪ من الأصوات.

خلافات الأحزاب

وتقول الكاتبة: إن النزعة الأوروبية الأطلسية، و"إدخال القيم الغربية"، وانضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، و"استعادة السلامة الإقليمية" (ونتيجة لذلك، مكافحة "الدولة المحتلة") هي النقاط الرئيسية في برنامج جميع الأطراف المذكورة. وتكمن الاختلافات بينهما في مستوى مختلف قليلا.

الحركة الوطنية المتحدة هي حزب ميخائيل ساكاشفيلي، الذي أُجبر على العمل لمدة سبع سنوات دون مؤسسه. غادر جورجيا في أكتوبر/تشرين الأول 2013، دون انتظار حتى أسبوعين قبل النهاية الرسمية لولايته الرئاسية: كانت أمامه أوروبا والولايات المتحدة وأوكرانيا.

ومع ذلك، فإن حاكم أوديسا السابق (ساكاشفيلي)، وهو الآن رئيس اللجنة التنفيذية للمجلس الوطني للإصلاحات في أوكرانيا، يضع يده على النبض السياسي لوطنه. 

وأعلن استعداده للانضمام إلى نضال المعارضة (الكمان الرئيسي في الاحتجاجات الحالية بالطبع يعزفه الاتحاد الوطني) من أجل تعيين انتخابات جديدة، مؤكدا أنه لا يحتاج إلى مناصب، ولا يفكر إلا في "إنقاذ" جورجيا.

"الحلم الجورجي" هو نفس الحزب الذي فاز على حزب ساكاشفيلي، أوائل عام 2010. منذ ذلك الحين، كان هو الحزب الحاكم في وضع الحكم وهو الآن يقاوم تهم التزوير الانتخابي. 

مؤسسه ورئيسه هو بيدزينا إيفانيشفيلي، وهو سياسي ورجل أعمال وأغنى رجل في جورجيا: يحتل المرتبة 349 في قائمة فوربس بثروة تقدر بحوالي خمسة مليارات دولار وسيرة ذاتية غنية بالألوان نموذجية لحكم الأقلية من "قديسي التسعينيات".

تقول الكاتبة: إن حزب ساكاشفيلي، وعلى غرار مؤسسه، معروفة بشعبوية هستيرية، لا سيما في الاتجاه الروسي، أو بالأحرى المعادية لروسيا، وهم أكثر توازنا قليلا إن صح التعبير.

أما موقف الحزب و القيادة الحالية للبلاد من الحزب الحاكم السابق هو اتهامهم بموالات المحتل و"التعاون مع المحتلين" و"خيانة المصالح الوطنية". 

وأصبحت فضيحة العام 2019 حسب رأي الكاتبة، في العلاقات مع موسكو والاحتجاجات الجماهيرية التي تلت ذلك في جورجيا المعارضة لروسيا، لفتة مميزة للغاية لصورة الحياة السياسية في البلاد. 

وتستنتج الكاتبة: "اختارت جورجيا هذه المرة ومرة أخرى أن تكون بين الدمى الغربية الفاضحة، المفلسة سياسيا بالكامل خلال ما يقرب من عشر سنوات في السلطة، والأوليغارشية المدرسية لما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وكل هذا في غلاف أوروبي أطلسي لامع على كلا الجانبين".

في الوقت نفسه، تكمل الكاتبة: "تعيش البلاد أمام نفس المشاكل التي أجبرتها في وقت ما على الانتفاض ضد إدوارد شيفرنادزه: وضع اقتصادي صعب، وفقر مدقع لجزء كبير من السكان، وفساد السلطات الموجودة".

وتضيف: "عام 2020 أضاف ألوانا جديدة من المشاكل والأزمات على شاكلة وباء كورونا وانهيار قطاع السياحة الذي أصبح في السنوات الأخيرة من أهم الأمور بالنسبة للاقتصاد الجورجي".

وفي عام 2019، كسبت البلاد 3 مليارات دولار من السياح، ولكن هذا العام ستخسر الجمهورية 2.5 مليار، حيث تراجعت الصناعة 20 عاما.

تضخيم الأرقام

تقول الكاتبة: "لا يصدق ساكاشفيلي بيانات السلطات حول كورونا في جورجيا ويوضح أن هناك تضخيما مقصودا لكل الأرقام".

في الوقت نفسه، سيكون من الخطأ القول: إن جورجيا لم تتلق شيئا من خيارها الأوروبي الأطلسي على الإطلاق. 

بعد كل شيء، يعرب الغرب بانتظام عن دعمه - المعنوي في الغالب - للجمهورية وسلطاتها. 

ولكن هذه المرة أيضا، اعترف مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بأن انتخابات 31 أكتوبر/تشرين الأول "تنافسية وعقدت بشكل عام فيما يتعلق بجميع الحريات الأساسية".

صحيح، ومن هنا جاءت المتاعب من حيث لم يتوقعوا، تقول الكاتبة.

ونشر ميخائيل ساكاشفيلي تدوينة كبيرة على فيسبوك تحدث فيها عن صداقته مع "الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن" داعما نصه بالعديد والكثير من الصور المشتركة. 

وختم بفقرة معبرة: "الآن، عندما يقاتل شعب جورجيا لاستعادة الانتخابات المسروقة، التي فازت فيها المعارضة بانتصار مقنع، وسُرِق انتصارها، نحتاج حقا إلى أشخاص ذوي قيم في البيت الأبيض".

ونظرا لأن المغامر السياسي الجورجي الأوكراني البارز لديه بالفعل صلات جيدة في واشنطن، فلا يمكن استبعاد أن تُنصح منظمة الأمن والتعاون في أوروبا هناك بإعادة النظر في موقفها بشأن الانتخابات في جورجيا - ويمكن للمرء أن يتأكد من سماع التوصية.

وتختم الكاتبة: "لا يوجد لدى الغرب وجه أوروبي ـ أطلسي آخر لجورجيا".