مركز دراسات إسرائيلي: لهذا دعم السيسي التطبيع العربي مع تل أبيب

12

طباعة

مشاركة

يعد دعم مصر العلني لاتفاقيات السلام والتطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين والسودان إحدى السمات المميزة والفوائد للشراكة الإسرائيلية المصرية في حوض شرق البحر الأبيض المتوسط.

وعن هذا الموضوع، يقول معهد القدس للإستراتيجية والأمن الإسرائيلي: إن الحكومة المصرية رحبت بحرارة باتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وثلاث دول عربية بما في ذلك السودان، والتي تفرعت معها علاقات نفوذ معقدة.

كما حالت القاهرة دون مناقشة وعقد اجتماع في جامعة الدول العربية بشأن المطالب الفلسطينية، وهي أمور مختلفة تماما عن أنماط السلوك في القاهرة خلال الماضي.

ويقول المركز: "يجب أن يُنظر إلى الأمر عمليا على أنه أحد المكافآت المهمة التي تحصل عليها إسرائيل بسبب التزامها بالقوة الجديدة في البحر الأبيض المتوسط".

دعم إسرائيلي

وفيما يتعلق بترسيم الحدود المائية الاقتصادية والصراع الذي ينطوي عليه ذلك من أجل مستقبل ليبيا، أعطت إسرائيل دعما صريحا للموقف اليوناني والمصري، في مواجهة ما وصفه المركز بـ"استفزازات" الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورفض ما أسماها "المزاعم التركية الليبية". 

ونوه المركز العبري إلى أن هذا الموقف هو جزء مهم من الشراكة التي تطورت بين إسرائيل ومصر والإمارات العربية المتحدة وفرنسا.

وتطرق المركز إلى "اجتماع القمة" الأخير في نيقوسيا الذي ضم كلا من رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس قبرص اليونانية نيكوس أنستادياديس ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في 21 أكتوبر / تشرين الأول.

وقبلها، زار وزير التعاون الإقليمي في إسرائيل "أوفير أكونيس" أثينا ووقع خطة تعاون تشمل اليونان وقبرص والإمارات والبحرين إلى جانب إسرائيل، إلى جانب وزير الخارجية غابي أشكنازي الذي شارك في لقاء دوري ثلاثي مع قبرص واليونان.

هذه التطورات يقول المركز: "هي لبنات بناء لمجموعة إقليمية جديدة ذات أهمية كبيرة في هذا الوقت، خاصة بالنسبة لمصر".

ويرى أنه "من الضروري لإسرائيل أن تحافظ على تعاون متوسطي وثيق في عصر عدم اليقين الذي نواجهه، والاعتماد على المؤشرات المتزايدة على أن الولايات المتحدة وأوروبا اللذين يفقدان صبرهما في مواجهة المواقف العدوانية للرئيس التركي أردوغان"، وفق تعبيره.

موقف مصر

ركز البيان المشترك بعد القمة الثلاثية الثامنة لقادة مصر واليونان وقبرص في نيقوسيا في 21 أكتوبر/تشرين الأول على "الحاجة إلى معالجة تداعيات تطلعات أردوغان العلنية للعثمانيين الجدد، والتي أصبحت خطيرة بشكل متزايد، وتتزايد قائمة الاستفزازات التي وضعها، بما في ذلك انتهاكات السيادة اليونانية والقبرصية"، وفق البيان.

ويقول المركز: "تتهم مصر تركيا بدعم الإرهاب، وتشير إلى دور أنقرة في رعاية وإيواء ناشطي الإخوان المسلمين الذين فروا من مصر وأيضا أعضاء من حركة حماس".

كما أشير إلى الوجود التركي المتزايد في شمال سوريا، في حين تكتسب مذكرتا التفاهم الموقعة مع "حكومة الوفاق الوطني" برئاسة "فايز السراج" في ليبيا أهمية خاصة. 

فالاتفاق الأول يرمي إلى رسم حدود مشتركة بين المياه الاقتصادية لتركيا وليبيا في شرق البحر المتوسط ، "بما يتعارض مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار"، وفق وصف المركز.

والثاني ينظم إمداد حكومة الوفاق الوطني بالأسلحة والمساعدات العسكرية، بما في ذلك القوات التركية والسورية، بما يتعارض مع قرار مجلس الأمن بشأن حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، بحسب تعبيره.

السيسي يهدد

ولفت المركز العبري إلى أن قائمة التحديات الجدية هذه تأتي في طليعة أذهان القادة الثلاثة "السيسي وميتسوتاكيس وأنستادياديس".

ومن الناحية العملية، هدد السيسي بالفعل بتدخل عسكري مصري واسع النطاق إذا استمرت قوات حكومة الوفاق الوطني في التقدم شرقا نحو بنغازي، فيما أطلق عليه "خطا أحمر".

وزعم المركز أن التهديد كان كافيا لإعادة التوازن غير المقيد في الساحة الليبية، والسماح ببدء المحادثات بين الأطراف المتحاربة حول القضايا العملية، على الرغم من أن التقديرات الإقليمية والدولية تقول: إن التدخل التركي هو من أجبر الجنرال الانقلابي خليفة حفتر -حليف السيسي- على الرضوخ إلى المفاوضات.

وأشار العقيد (احتياط) د. عيران ليرمان، نائب رئيس معهد القدس للإستراتيجية والأمن إلى أن هذا التركيز على الأولويات سيكون له حتما تأثير على المواقف تجاه إسرائيل.

وتضمن البيان المشترك إشارة عادية إلى ضرورة حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس حدود 1967 وعاصمة فلسطينية في القدس على غرار سابقاتها في اجتماعات القمة هذه، كما رحبت صراحة باتفاقيات التطبيع ووصفها بأنها مساهمة في السلام والاستقرار في المنطقة.

 وهذا في تقدير المركز "يعد بمثابة تغيير حاد مقارنة بالنهج المصري في الماضي، والذي كان شديد البرودة ناهيك عن العداء تجاه بصمة التطبيع مع إسرائيل".

فلا يزال الكثيرون في المنطقة يتذكرون جيدا كيف اعتاد وزير الخارجية المصري الأسبق عمرو موسى منذ سنوات إدانة هذا التطبيع الذي كان بمثابة مواجهة لشر البلدان في حضن إسرائيل، وفق المركز.

تحدٍ تركي

وتساءل ليرمان لماذا تركز مصر الآن أيضا على التحدي التركي؟ قائلا: إنه "من وجهة نظر تاريخية، لم توافق القيادة المصرية على احتمال أن يلعب الجار الصغير في الشمال الشرقي (إسرائيل) دورا إستراتيجيًا رائدا في النظام الإقليمي".

ولا تزال مواقف الجمهور المصري تجاه إسرائيل معادية، خاصة بين النخبة الفكرية والثقافية ومع ذلك، أدت الأولويات السياسية والأيديولوجية الأخرى، فضلا عن الاعتبارات الجيوستراتيجية والاقتصادية، إلى تحول جوهري في موقف مصر كدولة تجاه إسرائيل.

ولفت ليرمان إلى أنه يُنظر إلى القيادة المصرية الحالية وتصورها من قبل أردوغان على أنها مجموعة من الحكام غير الشرعيين، وكان هذا هو الحال منذ الإطاحة (الانقلاب العسكري) بالرئيس "محمد مرسي" والإخوان المسلمين من السلطة في يوليو/تموز 2013، والقمع الدموي للمتظاهرين في حي رابعة العدوية في القاهرة بعد حوالي شهر. 

ونوه إلى أن هناك حضورا نشطا في تركيا لعناصر من جماعة الإخوان المسلمين يعتبرها عبد الفتاح السيسي تهديدا وجوديا، كما أنه يُظهر طليعة بوادر تطلعات عثمانية جديدة، وبالنسبة لرئيس مصر، فإن هذه المواقف تجعل تركيا أخطر تهديد لمصر، وينظر له شخصيا، على أنه يؤثر على وضعه وحتى على بقائه، وفق المركز.