"بيات شتوي".. صحيفة روسية: هكذا أضرت الحرب والعقوبات باقتصادنا

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع استمرار الحرب الروسية ضد أوكرانيا ورد الدول الغربية بعقوبات قاسية، تتجه العيون إلى الاقتصاد الروسي الذي يبدو أنه يعيش بياتا شتويا مع تأكد دخوله في مرحلة ركود.

وأوضحت صحيفة "إزفيستيا" الروسية، أن الإحصاءات الوطنية تشير إلى تسجيل البلاد انكماشا في الربع الثالث من عام 2022، للمرة الثانية على التوالي، فضلا عن تراجع الناتج المحلي الإجمالي.

لا مفر

وذكرت الصحيفة أن وكالة الإحصاءات الروسية "روستات" كشفت في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، دخول البلاد رسميا في مرحلة ركود اقتصادي بعد انخفاض ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 4 بالمئة في الربع الثالث من 2022.

ويأتي ذلك بعدما سجلت في الربع الثاني من العام نفسه تراجعا بنسبة 4,1 بالمئة، ويعود الانخفاض إلى حد كبير لآثار العقوبات الغربية المفروضة عقب غزو أوكرانيا.

إذ تراجعت تجارة الجملة بنسبة 22,6 بالمئة، والتجزئة 9,1 بالمئة، والشحن 5,5 بالمئة، والصناعة التحويلية 2 بالمئة، ما ساهم في تأكد ركود النشاط الاقتصادي.

في المقابل، أظهر قطاع البناء نموا بنسبة 6,7 بالمئة والزراعة 6,2 بالمئة.

وشهدت الأشهر الثلاثة الأولى من 2022 نمو الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 3,5 بالمئة، لكن بدء غزو أوكرانيا نهاية فبراير/ شباط أدى إلى عقوبات تسببت في عديد من المشاكل للاقتصاد الروسي.

من أبرزها انحسار الواردات والصادرات وتفاقم نقص الأيدي العاملة وصعوبات في توريد قطع الغيار.

وبحسب توقعات للبنك المركزي الروسي في 8 نوفمبر، ينتظر أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 3,5 بالمئة على مدار عام 2022.

وكان قد توقع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي انخفاضا مماثلا في الناتج المحلي الإجمالي الروسي على أساس سنوي، بنسبة 3,4 و4,5 بالمئة.

ورغم تراجع النشاط الاقتصادي، لا تزال روسيا رسميا في وضع توظيف كامل، إذ بلغ معدل البطالة 3,9 بالمئة في سبتمبر/ أيلول، وفق “روستات”.

وبعد رفعه سعر الفائدة الرئيس إلى 20 بالمئة عقب أولى حزم العقوبات الغربية نهاية فبراير، عاد البنك المركزي الروسي ليخفضه إلى 7,5 بالمئة منذ منتصف سبتمبر 2022.

ولا يخطط لتغييره حتى نهاية العام، ما يعد علامة على تكيف الاقتصاد الروسي مع "واقع جديد”، بحسب محافظة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا.

وقالت نابيولينا، في كلمة بمجلس الدوما، في 11 نوفمبر، إن التضخم في روسيا الآن لا يختلف كثيرا عن نظيره في الاقتصادات المماثلة، على الرغم من أن البلاد شهدت صدمات أكبر.

وقبلها صرح رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في كلمة بقمة شنغهاي مطلع نوفمبر، أن روسيا شهدت انخفاضا في معدل التضخم، إذ بلغ نهاية أكتوبر 2022 مستوى 13 بالمئة مقابل 18 بالمئة في أبريل من نفس العام.

وقال ميشوستين: "يستمر الضغط المتزايد على روسيا. لقد فرض ضد بلدنا أكثر من 12000 إجراء تقييدي حتى الآن. وهذا يؤثر على المؤسسات المالية الرئيسة والتكنولوجيا والنفط والغاز والتعدين والنقل والقطاعات الاقتصادية الأخرى".

وأضاف: "لكننا تمكنا من التغلب على السيناريوهات السلبية وخلق الظروف الملائمة لاستقرار الديناميكيات الاقتصادية، وتم اتخاذ تدابير لضمان استدامة المالية العامة من أجل ضمان الانتعاش التدريجي للطلب الاستهلاكي والنشاط الاستثماري".

معضلة التضخم

وأوضحت الصحيفة الروسية أن الأسعار ترتفع أكثر فأكثر ولكن ببطء، لا سيما في قطاع الخدمات والمواد الغذائية، وذلك على الرغم من زيادة الإنفاق من قبل المواطنين.

ونقلت عن المحلل الاقتصادي أليكسي فيدوروف، أنه يجري تحديد نمو الأسعار في روسيا من خلال عاملين رئيسين: ديناميكيات سعر صرف الروبل مقابل الدولار في المقام الأول، والنشاط الاستهلاكي للروس.

وفي الوقت الحالي، يعد عدم استقرار الوضع الاقتصادي عاملا مضادا للتضخم، حيث يحاول السكان توفير المال، وقد أدى رحيل جزء من السكان العاملين إلى انخفاض الطلب على المنتجات مع تقليل العرض في سوق العمل.

وبالتالي، تقل مخاطر البطالة والتضخم، ما قد يؤدي بالفعل إلى انخفاض متوسط أسعار الطاقة وانخفاض المبيعات والدخل المالي للاقتصاد، وقد يصبح هذا عاملا تضخميا، ولكنه لن يكون مفاجئا مرة أخرى.

وكل ما لا يمثل مفاجأة مبني على التوقعات وأسعار السوق. لذا، مرة أخرى، لا يتوقع المحللون انخفاضا كبيرا في قيمة الروبل وتسارعا في التضخم.  

وادعت الصحيفة أنه لا داعي إلى الخوف من عواقب التضخم الناتجة عن ارتفاع الاستهلاك؛ فقد تسارع الانخفاض في الدخل الفعلي للروس في الربع الثالث من 2022 من 0.8 إلى 3.4 بالمئة.

لكن الانخفاض الكبير في قيمة الروبل في الشهرين إلى الأربعة أشهر القادمة يمكن أن يوقف بالفعل الاتجاه المعاكس للتضخم في روسيا لفترة من الوقت.

مع إبقاء التضخم في حدود 10-14 بالمئة حتى منتصف الربع الثاني من 2023.

وفي حالة حدوث تباطؤ ملحوظ في التضخم، والذي قد يتحول بحلول نهاية العام إلى أقل قليلا من توقعات البنك المركزي الأخيرة البالغة 12-13 بالمئة.

قد تزيد التوقعات مرة أخرى بأن الهيئة التنظيمية الروسية ستخفض المعدل مرة أخرى، والذي هو الآن يعاني من الانخفاض، إذا ما نظرنا إليه من حيث القيمة الحقيقية، أي من اتجاه ارتفاع أسعار استهلاك المنتجات.

لكن الخبراء في الوقت الحالي لا يتوقعون أي شيء من هذا القبيل.

وحتى الآن لن يكون التضخم في الاقتصاد الروسي قادرا على الحصول على موطئ قدم ثابتة حتى حلول الربع الثالث من عام 2023.

وبطبيعة الحال، فإن السعر الرئيس لبنك روسيا المركزي في هذا السيناريو، والذي يمكن تسميته بخط الأساس، من المرجح أن ينتقل أولا من 7.5 بالمئة حاليا إلى 9-10 بالمئة بحلول يناير وفبراير 2023، وبعد ذلك فقط يبدأ في الانخفاض بشكل تدريجي.