مخاوف عديدة.. ما الذي يؤثر على مواقف إفريقيا إزاء الغزو الروسي لأوكرانيا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أشارت صحيفة إيطالية إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا أثار ردود فعل متباينة في إفريقيا، فبينما انتقدته بعض الدول والتزمت أخرى بالصمت، بدت مواقف الغالبية غامضة.

وأوضحت "إيل كافي جيوبوليتيكو" أن المواقف الإفريقية المختلفة تستند إلى مخاوف بشأن أسعار الطاقة والواردات الغذائية، فضلا عن اختراق روسيا لأمن القارة في السنوات الأخيرة، عبر نشر مرتزقة مجموعة فاغنر.

ردود فعل

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن إفريقيا تُمثل حاليا في مجلس الأمن من قبل ثلاث دول هي الغابون وغانا وكينيا، وأيدت جميعها في جلسة 25 فبراير/ شباط 2022 مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة وألبانيا، يدين موسكو على إثر غزوها أوكرانيا قبل أن تلغيه روسيا لاحقا باستخدام حق النقض.

وكانت الدول الإفريقية الثلاث قد أدانت في الأيام السابقة قرارات الكرملين، وانحازت لصالح وحدة أراضي كييف.

فانتقد السفير الكيني بالأمم المتحدة، مارتن كيماني، روسيا من خلال المقارنة بين احتلال أوكرانيا والتجربة الاستعمارية للقارة السمراء، داعيا إلى الهدوء وإيجاد حلول دبلوماسية تسهم في الحفاظ على بنية أمنية ملموسة لأوروبا.

من جانبه، اعترض مندوب الغابون بالأمم المتحدة ميشيل كزافييه بيانغ، على اعتراف موسكو باستقلال جمهوريتي دونباس الانفصاليتين، مجددا تأكيده على احترام سيادة ووحدة أراضي كييف وكل الدول الأخرى.

فيما دعا سفير غانا الأممي، هارولد أدلاي أجيمان، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاحترام التصريحات المتعلقة بالاستعداد للحوار معربا عن خشيته من خطر نشوب حرب هجينة تستند أيضا إلى الهجمات الإلكترونية.

ولفتت الصحيفة إلى أنه إذا كانت الدول الإفريقية في مجلس الأمن قد أظهرت انسجاما في المواقف، فإن ردود الفعل في منطقة جنوب الصحراء أكثر تنوعًا، متأثرة بالأحداث الأخيرة لا سيما في منطقة الساحل.

كما استنكر الاتحاد الإفريقي الخطوات الروسية من خلال بيان مشترك صادر عن الرئيس الحالي، ماكي سال، ورئيس المفوضية، موسى فقي محمد، داعيا موسكو "إلى احترام القانون الدولي وسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها".

من ناحية أخرى، غيرت جنوب إفريقيا موقفها في غضون ساعات قليلة، منتقلة من موقف محايد إلى حد ما إلى اتهام علني للكرملين لتطالب في 24 فبراير بالانسحاب الفوري للقوات الروسية.

ولفتت الصحيفة إلى أن موقف نيجيريا يظل أكثر المواقف غموضا، حيث لم تتخذ موقفا رسميا بعد بشأن هذه الأزمة.

وقالت إنه على الرغم من مطالبة جانب هام من الرأي العام دعم العقوبات ضد موسكو، صرحت حكومة محمد بخاري أنها "فوجئت" بالهجوم، لكنها أكدت أنها تلقت "طمأنة من الجانب الروسي بأن العمليات الحربية ستقتصر على المنشآت العسكرية الأوكرانية فقط".

بينما يعتبر السودان من بين المؤيدين الكبار للكرملين في إفريقيا، ممثلا في نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي" الذي كان في زيارة إلى موسكو في 23 فبراير.

وكذلك غينيا، التي علقت مهام القنصل الفخري لأوكرانيا، بينما لم يصدر أي موقف رسمي من مالي، في حين انقسمت الطبقة السياسية في إدانة الغزو، وكذلك لم تبد إثيوبيا أي موقف.

الآثار والمخاطر

وفسرت الصحيفة الايطالية اختلاف المواقف الإفريقية وتنوعها تجاه الأزمة الروسية الأوكرانية، بأنه يشير إلى تعقيد الصراع والعواقب التي قد تقع على القارة.

وبغض النظر عن الاختراق الروسي الجديد في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في الوقت الحالي، تتعلق المخاوف الرئيسية بالآفاق قصيرة المدى للأنظمة الاقتصادية الإفريقية، بدءًا من أسعار الطاقة مع تأثيرات على الاستخراج والاحتياطيات الوطنية وكذلك ضمان التزود بالإمدادات الغذائية من أوروبا الشرقية.

ففي عام 2020 وحده، استوردت البلدان الإفريقية سلعا زراعية من روسيا مقابل 4 مليارات دولار ومن أوكرانيا مقابل 3 مليارات دولار، وفي كلتا الحالتين شكلت الحبوب غالبية الواردات تقريبا.

وتابعت الصحيفة أنه قد يكون لخطر أزمة طاقية-إنتاجية وتداعيات أخرى للصراع على معدل التضخم العالمي تداعيات سلبية على إفريقيا، التي تعاني من ارتفاع عام في أسعار السلع الأساسية في سوق متأثرة بديناميات الوباء والنزاعات الجيوسياسية.

وأضافت أن هناك مشكلة أخرى ذات صلة تتعلق بوجود الطلاب الأفارقة العالقين بسبب الصراع، إذ يقدر عدد النيجيريين فقط بحوالي 4 آلاف، كما أن أكثر من 20 بالمئة من الطلاب الأجانب في أوكرانيا يأتون من القارة السمراء.

وعززت روسيا تغلغلها في إفريقيا بشكل أو بآخر مع التدخل في ليبيا لدعم الجنرال الانقلابي خليفة حفتر في عام 2016 ، وذلك بمزج الوجود العسكري في سياسة القوة الناعمة، لا سيما من خلال المرتزقة التابعين لمجموعة فاغنر.

وأظهرت نشاطا كبيرا في جميع أنحاء القارة، ثم انتهزت فرصة الانسحاب الفرنسي التدريجي من منطقة الساحل وعدم الاستقرار في المنطقة من غينيا إلى السودان، لتقديم نفسها كشريك موثوق به.

شريك جديد

كما قامت روسيا بإبرام اتفاقيات للتعاون العسكري والتبادلات التجارية والثقافية، وهي سياسة تم إطلاقها بشكل واضح مع أول قمة روسية إفريقية في سوتشي في عام 2019.

وبينت الصحيفة أن النشاط الروسي اقترن بحملات دعائية مهمة، يتم فيها تسليط الضوء على العلاقات التاريخية بين موسكو وإفريقيا في الحقبة السوفيتية، مع التلميح في نفس الوقت إلى غياب الماضي الاستعماري النموذجي للقوى الأوروبية.

ولم يكن بالأمر المفاجئ رفع الأعلام الروسية وصور بوتين في الميادين خلال الانقلابات الأخيرة في مالي وبوركينا فاسو.

في حين قارن الخطاب العام ورواية قادة الانقلاب الروح التعاونية لموسكو مع الوجود الإمبريالي باريس، على حد تعبير الصحيفة الايطالية.

ولا تستبعد أن يكون الكرملين قد تصرف بالمثل في تشاد أيضا، خصوصا بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي في أبريل/نيسان  2021 مما أدى إلى تفاقم المشاعر المعادية للفرنسيين.

في جمهورية إفريقيا الوسطى، تشير التقارير إلى تواجد قرابة 3 آلاف مرتزق من مجموعة فاغنر في إطار اتفاق بين موسكو وبانغي في عام 2018 لحماية الحكومة والمصالح الاقتصادية الروسية، مثل المناجم التي يديرها مقربون من بوتين.

كما تنتشر عناصر أخرى في السودان، حيث لعبت دورا مهما في قمع الاحتجاجات ضد هيمنة الجيش على الفترة الانتقالية فيما يجرى حوار لتعزيز التعاون العسكري مع نيجيريا.

ولفتت الصحيفة الإيطالية إلى إبرام روسيا من خلال شركة روساتوم للطاقة النووية لعدة عقود لتطوير التكنولوجيا النووية في إفريقيا في السنوات الثلاث الماضية.

بدءا من إثيوبيا ونيجيريا ورواندا - التي لم تتخذ موقفًا من الصراع في أوكرانيا، مرورا بزامبيا وبدرجة أقل غانا والكونغو الديمقراطية والسودان وأوغندا.