صدام دبلوماسي على "إكس" يخرج عن السيطرة بين إسرائيل وإسبانيا.. ما القصة؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

بعد ساعات من إعلان إسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين، في 26 مايو/ أيار 2024، سخر وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، من الخطوة ونشر مقطع فيديو عبر منصة "إكس" مع التعليق: "رئيس الوزراء الإسباني، سانشيز، حماس تشكرك على خدمتك".

وأثار الفيديو حالة من الغضب على الجانب الإسباني، إذ يظهر العلم الإسباني ثم يرقص زوجان على أنغام موسيقى الفلامنكو، وتتخلل الموسيقى صور لهجوم "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، فيما وصفته إسبانيا بـ"المخزي والمثير للاشمئزاز".

ومع تواصل التوتر بين الحكومتين، أعلن وزير الشؤون الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، في 6 يونيو/ حزيران 2024، انضمام إسبانيا إلى الدعوى القضائية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بسبب الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة ضد الشعب الفلسطيني. 

في هذا السياق، سلطت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية الضوء على قرار إسبانيا الانضمام إلى جنوب إفريقيا لإدانة إسرائيل في محكمة العدل الدولية؛ مشيرة إلى أن الخطوة ستطلق العنان لردود فعل إسرائيلية مبالغ فيها. 

مجرمة ومغرورة

وقالت الصحيفة إن نشر وزير الخارجية الإسرائيلي مقطع فيديو يسخر من الرموز الثقافية لإسبانيا أثار الكثير من ردود الفعل، لدرجة أن كثيرا من الإسرائيليين شعروا بالخزي والعار منه.

وتساءلت: أليس هناك طريقة أخرى لإظهار المعارضة والاستياء من خلال قنوات عادية وأقل إحراجا؟

وأشارت إلى أن الحلقة الأخيرة من رد الفعل الإسرائيلي المبالغ فيه يضع إسبانيا في دائرة الضوء، بعد أن طلبت الانضمام إلى قضية جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية.

ورفعت جنوب أفريقيا قضيتها إلى محكمة العدل الدولية في أواخر 2023، متهمة إسرائيل بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية في هجومها العسكري على غزة. 

وقالت الصحيفة إن ردود أفعال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ووزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إيتامار بن غفير، فضلا عن ميلهما الكبير إلى مشاركة أفكارهما ومشاعرهما على الشبكات الاجتماعية، فضلا عن مشاركات جلعاد إردان، ممثل إسرائيل لدى الأمم المتحدة، تجعل بعض الإسرائيليين يشعرون بالخجل. 

وأوضحت أن غياب الدبلوماسية الإسرائيلية، وتحول المسألة من سياسية إلى شخصية، تصدر هكذا حركات مشينة تهز الصورة الدولية للكيان الإسرائيلي. 

ودليل على ذلك، لفتت إلى التصعيد السياسي والدبلوماسي الإسرائيلي ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، عندما أعلن أنه يسعى للحصول على أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت.

فجميع المسؤولين الإسرائيليين عدوا الخطوة: “فضيحة بأتم معنى الكلمة”، ونددوا بالمساواة بين إسرائيل وحماس.

وعندما سُئل نتنياهو عن مخاوف السفر المحتملة بسبب أوامر الاعتقال، قال: "لست قلقا بشأن السفر. لست قلقا على الإطلاق بشأن وضعنا. يجب على المدعي العام أن يقلق بشأن وضعه…".

كفاءة معدومة

في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن رئيس جهاز المخابرات الأجنبية الإسرائيلي السابق، يوسي كوهين، قد انخرط في عملية ابتزاز ضد المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية السابقة فاتو بنسودة، بسبب تحقيقها في الوضع بالأراضي الفلسطينية المحتلة. 

ويبدو أن صحيفة هآرتس العبرية كانت على وشك الكشف عن الأمر قبل عامين، لكنها خضعت للرقابة، بحسب الصحيفة نفسها. والآن، في أسوأ لحظة بالنسبة لإسرائيل، تم الكشف عن عملية الابتزاز هذه. 

وفي هذا السياق كشفت صحيفة الغارديان البريطانية في تحقيق مكون من جزئين عن عملية قادها كوهين لعرقلة تحقيق سابق ضد إسرائيل في سنة 2016، في المحكمة الجنائية الدولية، عبر تخويف وابتزاز المدعية العامة السابقة فاتو بنسودة.

وتعليقا على الوضع، كتبت كارولينا لاندسمان في صحيفة هآرتس أن "الفجوة بين مستوى خطورة الأحداث التي تواجهها إسرائيل حاليا ومستوى عدم كفاءة أولئك الذين يديرون الحكومة الإسرائيلية لا تصدق".

وأضافت: "لا يمكن لإسرائيل أن تتحمل وجودا أحمق مثل يسرائيل كاتس في منصب وزير الخارجية في مثل هذه الفترة المصيرية. وبدلا من إغلاق قناة الجزيرة، كان ينبغي عليهم إغلاق حساب إكس الخاص به".

وتقترح لاندسمان "عدم التقليل من الضرر الذي يمكن أن يسببه الغباء"، وتحذر من أن "الحماقة الدبلوماسية هي شر أكبر بكثير". 

وأضافت ربما مدفوعة بالشعور بالخجل، أن "الشيء الوحيد الذي يمكنها التفكير فيه لتحسين الوضع، هو إرسال رسالة إلى إسبانيا، يطلب منها فيها تجاهل وزير خارجية إسرائيل، فهو نصف أحمق".

دور إسبانيا

وفي سياق متصل، كشفت صحيفة بوبليكو الإسبانية أن مدريد تلتزم على وجه التحديد بقضية جنوب إفريقيا من خلال المادة 63 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية. 

وبحسب كارمن مونتيرو فيرير، أستاذة في قسم القانون العام، فإن "إسبانيا لن تصبح دولة طرفا في هذه القضية". 

وتقول الخبيرة إن ما ستفعله إسبانيا هو "توفير ذاكرة تفسيرية". أي أنه "سيتم تفسير ما يشكل أو لا يشكل جريمة إبادة جماعية لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل، في هذه الحالة، تقترف هذه الجريمة أم لا". 

وتضيف مونتيرو أن هذا الإجراء "تضمنه المادة 63.2 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية".

وفي حال إدانة إسرائيل بارتكاب إبادة، تشير الخبير إلى أن "محكمة العدل الدولية ستصدر عليها حكما إلزاميا، على النحو المنصوص عليه في المادة 59 من النظام الأساسي للمحكمة". 

وإذا لم يمتثلوا، فقد يتم إدانة إسرائيل أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

وتتوقع مونتيرو أن تصدر محكمة العدل الدولية قرارها خلال مدة لا تقل عن "سنتين وصولا إلى ثلاث سنوات". 

وتذكر الخبيرة أن "قضية الإبادة الجماعية الصربية عرضت سنة 1994 وصدر الحكم الأولي سنة 1996، ثم تم الاستئناف وانتهت العملية في سنة 1997".