أول هجوم إسرائيلي على اليمن.. ناشطون: عربدة نتنياهو ستقود إلى حرب إقليمية واسعة

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

بهدف “إرسال رسالة إلى كل الشرق الأوسط”، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانا معلنا ومباشرا للمرة الأولى على اليمن، بعد ساعات من تنفيذ جماعة الحوثيين عملية استهدفت تل أبيب.

طائرات جيش الاحتلال شنت في 20 يوليو/تموز 2024،  غارات استهدفت ميناء الحديدة وخزانات الوقود فيه، ومحطة الكهرباء، وهي جميعها أهداف مدنية للرد على هجوم الحوثيين بطائرة مسيرة على مدينة تل أبيب فجر اليوم السابق ما أدى إلى مقتل إسرائيلي وإصابة 10 آخرين.

الهجوم الإسرائيلي الذي أدى إلى مقتل شخصين وإصابة 80 آخرين بحروق مختلفة، وفق وزارة الصحة الحوثية، هو الأول من نوعه، منذ انخراط الجماعة في عمليات عسكرية ردا على العدوان المستمر على غزة.

وتبرأت الولايات المتحدة الأميركية من الهجوم الإسرائيلي على اليمن، كما نفت السعودية عبور طائرات الاحتلال من أجوائها.

وقال مسؤولون أميركيون إن تل أبيب شنت الهجوم على الحديدة بمفردها، دون أي تدخل عسكري لواشنطن، بينما قالت هيئة البث العبرية إن الأميركيين اطلعوا على العملية قبل ساعات من تنفيذها.

لكن قالت وسائل إعلام عبرية إن جيش الاحتلال أخطر القيادة الأميركية المركزية بالعملية، ونسق مع السعودية ومصر من أجل تنفيذ ضرباته في اليمن، وحلقت الطائرات عبر أجواء الرياض والقاهرة في طريقها.

وأوضحت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن الهجوم اشتمل على التزود بالوقود في الجو بطائرات "رام" بسبب المسافة الكبيرة، إلى جانب التحليق على ارتفاعات منخفضة لتجنب الرادارات، مرجحة أن الجيش نسق مع السعودية لعبور أجوائها، والتحليق فوق أراضيها. 

ولكن قال المتحدث باسم وزارة الدفاع السعودية العميد تركي المالكي إن "المملكة ليس لها أي علاقة أو مشاركة باستهداف الحديدة، وإنها لن تسمح باختراق أجوائها من أي جهة كانت".

وتوعدت جماعة الحوثي بأن الهجوم الإسرائيلي على اليمن لن يمر دون رد مؤثر، وقال المجلس السياسي الأعلى للجماعة، إن "هذا العدوان الإسرائيلي دافع إضافي لقواتنا للارتقاء ومواجهة التحدي حتى النصر".

وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، إن الجماعة اليمنية "تؤكد أنها سترد على العدوان السافر على الحديدة"، مشددا على أنهم "لن يترددوا في ضرب الأهداف الحيوية للعدو الإسرائيلي".

وأعلنت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، إدانتها لعدوان الكيان الإسرائيلي وانتهاكه لسيادة الأراضي اليمنية، في مخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية كافة.

وصب ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #ميناء_الحديدة، #اليمن، وغيرها، جام غضبهم على الاحتلال الإسرائيلي، مستنكرين تعمده استهداف المدنيين وخزانات النفط ومحطات الكهرباء في قصفه لليمن.

واتهموا الولايات المتحدة الأميركية ودولا عربية بينها السعودية ومصر بتوفير الدعم والغطاء اللازم للاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ قصفه لليمن.

غطاء أميركي

وتحت عنوان "عن الهجوم الإسرائيلي على اليمن"، أشار المحلل السياسي ياسر الزعاترة، إلى قول محلل عسكري لصحيفة "معاريف"، إن هدف الهجوم إرسال رسالة "إلى الشرق الأوسط برمّته"، مفادها أن "بوسع إسرائيل أن تهاجم على مسافة بعيدة جدا، على بُعد 1700 كيلومتر بجيش يتكوّن من عشرات الطائرات المقاتلة.

وعلق قائلا إن هذا الاستعراض الذي يزعم الصهاينة أنه "عمل إسرائيلي خالص" لا يبدو كذلك، ومن الواضح أن هناك مساعدة أميركية أو غربية، بصرف النظر عن مستواها، أما هدف الهجوم ممثلا في "استعادة الردع"، فمن المؤكّد أنه لم يتحقق ولن يتحقق.

وأضاف الزعاترة، أن استعادة الردع المفقود، لن تنجح من خلال هجوم من هذا النوع، ومن يعرف تاريخ "الكيان" مع هذه المعادلة (معادلة الردع) سيدرك ذلك بكل وضوح، مؤكدا أن "الطوفان" كسر هذه المعادلة.

وأكد الباحث علي أبو رزق، أن الولايات المتحدة لا يهم أن تحرق كل الإقليم، لأجل عيون إسرائيل، مستنكرا قصف حليفتها المدللة غزة وصنعاء وبيروت ودمشق وبغداد في آن واحد، وتقول لا نريد للمعركة أن تتوسع.

وقال إن هذا المستوى من الغرور والغطرسة لن يدوم طويلا، وإذا كانت كابول مقبرة الغزاة، فإن صنعاء مقبرة الإمبراطوريات...!.

وأضاف أبو رزق: "خليكوا فاكرين أنه في الوقت الذي منعنا جيراننا العرب، الأقحاح، شربة ماء واحدة، وفي الوقت الذي منعنا جيراننا المسلمين، الموحدين، رغيف خبز واحد، دخلت معنا اليمن الحرب بسقف المواقف وليس بفتات الشعارات، وأوقفت الملاحة الدولية على قدمٍ واحدة".

وأشار أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي، إلى أن غطاء ودعم الدول الكبرى بقيادة الولايات المتحدة يسمح لعدوان إسرائيل على سيادة 40 بالمئة من الدول العربية.

وسخر من تفاخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومعه وزير حربه يوآف غالانت الليلة بقدرات عدوان يد إسرائيل الطويلة العابرة للحدود، وخرقها القانون الدولي وفرض شريعة الغاب.

ولفت إلى أن غالانت يفاخر ليشاهد الشرق الأوسط مشاهد حرق ميناء الحديدة المدني وقتل المدنيين الأبرياء، مؤكدا أن الحقيقة أن معادلة الردع الإسرائيلية تآكلت.

وأعاد الباحث مهنا الحبيل، نشر إعلان الجيش الإسرائيلي أنه اعترض معظم تهديدات الحوثيين بمساعدة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وعده إعلانا من الكيان الصهيوني رسميا بمشاركة الناتو (حلف شمال الأطلسي) في العدوان على اليمن.

وقال: "أياِ كانت دورة العدوان الحالية على اليمن تتناوب إسرائيليا أوأاميركيا فهي حملة صهيونية غربية مشتركة تعيد حكاية العدوان الثلاثي والذي يعتقد أن الحملة ستزخزح النفوذ الإيراني واهم.. لن تتغير صنعاء الإيرانية ولكن سيتمكن النفوذ الطائفي السياسي منها والدم من شعبنا البريء".

تنديد واسع

وتنديدا بقصف الاحتلال لليمن وتحذيرا من تبعاته، أكد مستشار الرئيس اليمني عبدالملك المخلافي، أن الحديدة مدينة يمنية وليست حوثية كانت وستبقى كذلك وشعبها يمني قبل الحوثي وبعده، ومنشآتها المدنية ملك للشعب وليست للحوثي، والصهاينة بجرائمهم أعداء للإنسانية وللعرب والمسلمين ولكل من له ضمير في العالم.

وقال مدير معهد لندن للاستراتيجية العالمية مأمون فندي، إن الحديث عن أن قصف الاحتلال لليمن رد على جماعة الحوثي "عبث"، مذكرا بأن إسرائيل ضربت اليمن وليس الحوثي، واليمن دولة مستقلة عضو في الأمم المتحدة.

ونشر الإعلامي تامر المسحال صورة توثق ما أسفر عنه قصف الحديدة، مختصرا بالقول: "عدوان إسرائيلي على اليمن".

وحذر السياسي أحمد رمضان، من أن عربدة نتنياهو ستقود إلى حرب إقليمية واسعة، واستمرار الإبادة في غزة (10 أشهر)، يعني أن إسرائيل لن توقفَ الحرب، وأنها ستتجه إلى مستوى أعلى من التصعيد، وأن دولا أخرى ستتحول إلى مناطق ملتهبة، داعيا للاستعداد لحرب إقليمية قادمة.

وقال المحامي الكويتي ناصر الدويلة، إن الرد الإسرائيلي على هجوم الحوثي سيوسع من نطاق الحرب وقد تنزلق المنطقة في صراع حقيقي سيؤدي حتما إلى سقوط حكومة نتنياهو واضطراره تشكيل حكومة وحدة وطنية إن استطاع، ودمار حقيقي يلحق مصافي البترول الصهيونية والقواعد العسكرية والموانئ والمطارات في فلسطين المحتلة.

وتوقع ألا تستطيع إسرائيل توجيه أي ضربة لإيران خشية الحرب المفتوحة، وألا تقدم دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية أي دعم لأي عمل صهيوني أو أميركي ضد إيران، مبشرا بأن العالم يقترب من نهاية إسرائيل خلال أقل من خمس سنوات.

وعد أستاذ الأخلاق السياسي محمد المختار الشنقيطي، الهجوم الصهيوني على اليمن حماقة وتوسيع لدائرة الصراع على خطوط التجارة الدولية، مؤكدا أنه أمر يضرُّ العدو، ويخفف الضغط على الأحرار الأبرار في غزة. 

ورأى أن أنصار الله اليمنيين نجحوا في سحب العدو الصهيوني إلى حرب إقليمية، ستلقي بظلالها على دولة الكيان الغاصب، وعلى حلفائها من الليكود العربي، وعلى ظهيرها الأميركي المتواطئ.

نصر زائف

وهجوما على الاحتلال وقراءة في حقيقة أهدافه من وراء قصف الحديدة، أشار الإعلامي أحمد منصور، إلى أن قادة إسرائيل يتبادلون التهنئة على قيامهم بضرب ميناء الحديدة في اليمن وهم يُضربون ليل نهار ومن كل اتجاه وفي جميع أنحاء الجسد الاسرائيلي.

وأكد أن حالة الفرحة المصطنعة والزهو الفارغ الذي يطهرون به يؤكد حالة الهزيمة العسكرية والنفسية التي يعيشونها وأنهم يبحثون عن نصر زائف وفرحة كاذبة، مذكرا بأن اليمن وعد بالرد.

وعرضت الإعلامية منى حوا، صورة توثق ما أسفر عنه القصف الإسرائيلي لليمن، قائلة إنها تقول شيء واحد فقط: "إسرائيل تبحث عن المشهدية" وتريد أن تقول إنها تحرق اليمن. 

وتساءلت: "لماذا تحرك -إسرائيل- طائرات عسكرية جرارة لقصف منشآت وقود مدنية في أبعد الأرض؟ لخلق لقطة لهب؟ ليزهو غالانت وربيبه بصورة الاحتراق؟ لماذا تصر إسرائيل في كل مرة إثبات أنها مجرد مليشيا جبانة تمتلك سلاح طيران".

وأوضح الباحث سعيد زياد، أن العدو الإسرائيلي تعمد في القصف على اليمن استهداف منشآت مدنية، اتساقا مع فلسفته في جميع حروبه، التي تقضي باستهداف الحاضنة الشعبية للمقاومة، ومعاقبة المجتمع، والانتقام من الناس، لعلمه المسبق أن ضرباته العسكرية لن تؤتي أُكلها.

وأكد أن قمة الجبن، أن توظف وحشا بحجم الـF35 للقتل لا القتال، ولاستهداف المدنيين لا العسكريين.

ورأى الكاتب السياسي إبراهيم المدهون، أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب خطيئة كبرى بعدوانه السافر على اليمن العظيم، ويدخل بذلك في نفق مظلم يتزايد سواده وضيق أفقه، مهددا مستقبله البائس.

ورأى الكاتب رفيق عبدالسلام، أن إسرائيل ورطت نفسها الآن في حرب مباشرة ومفتوحة مع اليمن، وتسير برجليها نحو الانتحار الذاتي بعد توسيع نطاق الحرب واستهداف اليمن، قائلا: "لقد فتحوا أبواب جهنم على أنفسهم ولا قبل لهم بمقاومة أحرار القحطانيين والعدنانيين."

وأكد أن اليمن استعصى تاريخيا على كل الإمبراطوريات ولا توجد قوة في الأرض استطاعت الانتصار على اليمنيين بقوة بأسهم ومراسهم القتالي ثم تعقيد تضاريسهم من جبال وكهوف ووهاد ووديان.

ثقة باليمن

وإعرابا عن الثقة في اليمن وقدراته على الرد على الاحتلال وردع عدوانه، قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية حذيفة عزام، إن العبث معه ليس كالعبث مع غيره فاليمن العزيز لا يحتفظ بحق الرد، بل يرد الصاع صاعين وفيه رجال صُبُرٌ في الحرب صُدُقٌ عند اللقاء والجواب ما سيرون لا ما سيسمعون.

وقال المحلل السياسي هاني الدالي، إن زمن عدم الرد على الاعتداءات الأميركية والإسرائيلية ولّى، وقوة الردع الإسرائيلية سقطت منذ 7 أكتوبر وإلى الأبد، والدليل على ذلك الضربات التي تحدث من الساحات كافة لأهداف إسرائيلية.

وأكد أن الضربة الإسرائيلية لميناء الحديدة المدني عمل استعراضي يهدف لالتقاط صورة لهب كثيف لمحاولة ترويج صورة رد اعتبار وهمية، وأن استهداف جيش الاحتلال منشآت مدنية يمنية تأكيد على الطبيعة العدوانية الإسرائيلية التي تركز على تعظيم التضييق على حياة المدنيين.

وعد الدالي، الضربة الإسرائيلية لليمن تأكيد على عظم الضربة اليمنية لتل أبيب، وأنها كانت مؤثرة للغاية وفي قلب المنظومة الأمنية للاحتلال، ودليل جهل الكيان بطبيعة الشعب اليمني، المعروف بكرهه الشديد للاحتلال وإصراره على تحقيق أهدافه.

وأكد الشاعر تميم البرغوثي، أن كل ما يتحمله اليمن في هذه الحرب مجد جديد يضاف إلى آلاف السنين من الأمجاد في تاريخه، قائلا إن اليمن في هذه الحرب يغلب أعداءه كلهم ويقيم الحجة على الناس، لا ندرة المال ولا بعد المسافة ولا كثرة الأعداء ولا خذلان الإخوة منعته من العمل الشريف والمقام العالي.

وعرض رسام الكاريكاتير محمود عباس، رسما لخريطة مدون عليها عبارة "من غزة .. هنا اليمن".

وكتب الصحفي محمد أبو طاقية: "اليمن أقرب إلينا من الأردن ومصر ورام الله.. مع اليمن وشعبها العزيز العظيم..".

وأكد الكاتب سعيد الحاج، أن الحوثيين سيردون وهم مضطرون لرد أقوى من السابق لإثبات أن ضربة الاحتلال لم تردعهم، قائلا: هنا نحن إزاء "معضلة ردع" شبيهة بمعضلة الأمن security dilemma التي يدفع تسلح طرف ما لتسلح خصمه أكثر وهكذا.

تواطؤ عربي

واستنكارا للخذلان الرسمي العربي لغزة، ذكر الناشط الحقوقي بلال نزار ريان، بأن بعض الدول العربية سارعت عندما هاجمت إيران الكيان الصهيوني، إلى إسقاط الصواريخ والطائرات المسيرة بحجة اختراقها لمجالها الجوي.

وندد بشن الكيان الصهيوني هجوما على اليمن، مخترقا أجواء دول عربية ومستهدفا منشآت مدنية بأكثر من 15 طائرة، دون أي اعتراض من هذه الدول، لافتا إلى أن الطائرات قطعت أكثر من 2000 كيلومتر في اتجاه واحد، بينما مدى التزود بالوقود الأقصى هو 2400 كيلومتر.

وتساءل ريان: "كيف تم تزويدها بالوقود؟ ومن أي مطار عربي؟"، مشيرا إلى أن نتنياهو شكر بعض الأطراف دون ذكر أسمائها لدعمهم في هذه العملية، متجاهلاً تفاصيل التزود بالوقود.

وأكد الباحث السياسي صالح أبو عزة، أن صهاينة العرب الذين كانوا في الخفاء والعلن مع "إسرائيل" في إبادتها الجماعية لغزة، هم ذاتهم الذين معها في حربها ضد جنوب لبنان، وهم ذاتهم أيضاً الذين ساندوها، اليوم، ووقفوا إلى جانبها لاستهداف اليمن. 

وعقب الصحفي أحمد فوزي، على بيان وزارة الدفاع السعودية ونفي علاقة المملكة باستهداف الحديدة، ملمحا إلى تلاعب المملكة بالألفاظ في بيانها.

وتساءل عن قول المملكة إنها لن تسمح باختراق أجوائها من أي جهة كانت: يقصدون بكلمة "اختراق" التي تحدث دون "التنسيق المسبق"؟ لأنه من المؤكد أنها تسمح باستخدام أجوائها إذا كان هناك "تنسيق".

واستنكر المحلل السياسي ياسين عز الدين، إصدار الخارجية المصرية بيانا أعربت فيه عن قلقها وطالبت فيه بضبط النفس بعد الغارات على اليمن.

وتساءل: “لماذا لم تطالبوا إسرائيل بضبط النفس بعد ضرب تل أبيب؟”

وقلل من قيمة بيان الخارجية المصرية، قائلا إن إعلانهم لا يقدم ولا يؤخر سوى أنه يكشف عن قلقهم من الرد اليمني على إسرائيل (طبعًا النظام المصري قلق على مصير إسرائيل حتى ما تفهموا غلط).