اندلاع حرب في شبه الجزيرة الكورية أم في تايوان.. أيهما أخطر؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في إطار المناورات العسكرية المتعاقبة التي تجريها الكوريتان الشمالية والجنوبية بين الحين الآخر، طرحت تساؤلات عما "إذا كان من الواجب الخوف" من اندلاع حرب في شبه الجزيرة الكورية أكثر من الخوف من الحرب في تايوان.

وفي هذا الصدد، أجرى موقع "أتلانتيكو" الفرنسي حوارا مع العميد السابق في القوات الجوية الفرنسية، جان فنسنت بريسيه. 

وتخرج بريسيه من المدرسة العليا للحرب الجوية، وكتب العديد من الأعمال عن الصين، وهو مؤلف كتاب "دليل الأدوات العسكرية".

التركيز الموحد

وطرح موقع "أتلانتيكو" سؤالا: "في شبه الجزيرة الكورية، أصبح الوضع متوترا بشكل متزايد، لكن العيون الأوروبية، إن لم تكن الغربية، تركز أكثر على الوضع التايواني، كيف يمكننا تفسير هذا الوضع؟ وهل يجب علينا أن نستنكر ذلك؟".

وأجاب بريسيه: "لم تعد التوترات بين الكوريتين تثير اهتمام وسائل الإعلام كثيرا لأنها مستمرة منذ عام 1953، وحتى الآن، كانت هناك أعمال ومناورات عسكرية تسببت في مقتل أفراد من كلا الجانبين، ويجب ألا ننسى أنه كان هناك وقت كانت فيه غارات منتظمة لكوريا الشمالية في كوريا الجنوبية".

وأوضح أن "التعامل مع الوضع الكوري أمر صعب بالنسبة للأوروبيين". 

وعلّل ذلك بأن "الولايات المتحدة والصين هما اللاعبان الرئيسان في هذه القضية، وتلعب فرنسا وأوروبا دورا ثانويا في هذه الأزمة".

وفي هذا الصدد، أشار الموقع الفرنسي إلى أن بعض المراقبين تحدثوا عن "خطأ إستراتيجي" ارتكبه الغرب في هذا الملف، متسائلا: "هل أخطأ الأوروبيون بالفعل؟".

ووفقا لوجهة نظر العميد الفرنسي السابق، "يبدو أن الغرب عموما، إضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية، عاجز عن حل هذه الأزمة". 

وأشار إلى أن "العقوبات التي تم فرضها في الماضي لم تكن فعالة بما فيه الكفاية، فلا شيء يعمل حقا ضد كوريا الشمالية ونظامها". 

واستدرك: "نعم يؤثر جزء من العقوبات بشكل مباشر على السكان ويخاطر بتجويع آلاف الكوريين، لكن قوة النظام الكوري الشمالي لا تتأثر كثيرا، ولا يزال يعيش في برجه العاجي".

ورأى بريسيه أنه كان هناك "خطأ إستراتيجي فادح من جانب إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما". 

وأوضح قائلا: "لقد سمح الصبر الإستراتيجي للرئيس الكوري الشمالي، لمدة ثماني سنوات تقريبا، بتطوير كل أسلحته، في المقابل، وضع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حدا جديا لهذا الانحراف، وفي ذات الوقت اتبع الرئيس الحالي جو بايدن هذا الموقف الحازم، لكن الخطأ الفادح ارتكبته إدارة أوباما".

استعراض القوة

وتساءل الموقع: "ماذا نعرف اليوم عن الواقع والتوترات على الأرض؟ وإلى أي مدى تمثل تدريبات إطلاق الرصاص والذخائر والمناورات العسكرية المتكررة خطرا؟".

وفي هذا الصدد، قال الباحث في الشؤون العسكرية إن "الذخائر المستخدمة ستمثل خطرا حقيقيا عندما تستهدف أهدافا محددة".

وأوضح أن "ما يحدث يشبه التدريبات العسكرية، والذخائر المستخدمة تستهدف أهدافا وهمية في البحر، وبالتالي لا يوجد خطر مباشر".

وأشار بريسيه إلى أن "الكوريتين تستعرضان قوتهما وجهوزيتهما، ولا توجد هجمات مباشرة، وبالتالي لا يوجد حتى الآن خطر مباشر".


 

وهنا تساءل الموقع عن جهوزية الجيشين الكوريين من الناحية التكنولوجية، وما إن كانت الدولتان مدججتين بالسلاح التكنولوجي المتقدم.

وأفاد الخبير العسكري بأن "الجيش الكوري الشمالي يضم مليون جندي، إضافة إلى حوالي ثلاثة ملايين من جنود الاحتياط الذين يمكن تعبئتهم على الفور".

في المقابل، لدى كوريا الجنوبية 600 ألف جندي وعدد كبير من جنود الاحتياط الذين يمكن تعبئتهم على الفور كذلك.

ورأى بريسيه أن هذه هي "المنطقة التي يوجد بها أكبر تجمع عسكري في العالم".

لكنه أكد في ذات الوقت أن "تسليح الجيشين ليس بالضرورة في طليعة التكنولوجيا، حتى من حيث القذائف".

خطر على أوروبا

كذلك تساءل "أتلانتيكو" الفرنسي عن "الخطر الذي تواجهه أوروبا والعالم بشكل مباشر أو غير مباشر في شبه الجزيرة الكورية؟".

وأوضح بريسيه أن ذلك "يعتمد على ردود فعل الأطراف المعنية في حالة نشوب حرب في شبه الجزيرة الكورية، وما إن كانت الولايات المتحدة ستحافظ على التزاماتها تجاه حلفائها في كوريا الجنوبية بإرسال قوات برية وموارد كبيرة".

لكنه أكد في ذات الوقت أن "هذه الصراعات والتوترات في شبه الجزيرة الكورية لا تشكل بعد صراعا واسع النطاق، ومن الصعب أن نتصور أن هذه الأزمة يمكن أن تؤدي إلى صراع كبير مثل الحرب الكورية في الخمسينيات".

وفي حال نشوب الحرب، يرى بريسيه أن "التأثير سيكون كبيرا نسبيا في البداية، حيث ستتوقف الصناعة الكورية الجنوبية، وهو ما سيكون له تداعيات اقتصادية بالغة الصعوبة على العالم الغربي في حالة نشوب صراع بين الكوريتين".

لكنه أشار إلى وجود فروقات حال نشوب الحرب في الكوريتين أو في تايوان.

وقال: "لا توجد قطاعات تتمتع فيها كوريا الجنوبية بأهمية مماثلة لأهمية تايوان، كما هو الحال في المواصلات على سبيل المثال".

وتابع: "فيما يتعلق بتايوان، هناك قبل كل شيء مشكلة النقل البحري للبضائع على المستوى العالمي، وهذه مشكلة لا تنشأ في حالة حرب الكوريتين، حيث إن شبه الجزيرة الكورية أكثر عزلة عن التجارة الدولية".

وتساءل الموقع عن الوسائل التي يملكها الغرب للحد من التصعيد في شبه الجزيرة الكورية، وعن الأخطاء التي ينبغي تجنبها.

وأكد العميد الفرنسي السابق أن "الغرب لا يملك سوى القليل من الوسائل والأدوات اللازمة للتحرك في التعامل مع كوريا، باستثناء الخطب والبيانات، أو محاولات التقارب كما فعل ترامب، من خلال التقارب الفعلي وقبول الحوار".

وأردف: "يمكن للولايات المتحدة أن تحد من نطاق مناوراتها قرب كوريا الشمالية، وهذا من شأنه أيضا أن يحد من المخاطر".

وفي انتقاد مبطن للولايات المتحدة وسياساتها، أكمل بريسيه: "رغم أن الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون خطير، إلا أنه يواجه في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة أشخاصا ليسوا بالضرورة من صانعي السلام".

واختتم قائلا: "التلويح بالحرب، سواء في أوكرانيا أو تايوان أو كوريا، ليس حلا لتحقيق المزيد من السلام".