لا تتردد في دعم فلسطين.. هكذا تقف إندونيسيا ضد القوى الداعمة لإسرائيل

منذ ٦ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في 27 أكتوبر/تشرين الأول، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يدعو إلى هدنة إنسانية فورية في قطاع غزة المحاصر.

وقد جرى التصويت على القرار بأغلبية 120 صوتا مقابل 14، فيما امتنع 45 عضواً عن التصويت وهو ما يعكس الانقسامات في المجتمع الدولي. 

وبينما أعلن الغرب دعمه لإسرائيل، يندد المجتمع العربي بالفظائع المرتكبة ضد الفلسطينيين منذ عقود خاصة منذ تولي حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية السلطة في ديسمبر/كانون الأول 2022.

وبدأت هذه الفظائع في 7 أكتوبر بتنفيذ مجازر ضد المدنيين بقطاع غزة ما أدى إلى استشهاد أكثر من 10 آلاف فلسطيني، كرد على تنفيذ حركة المقاومة الإسلامية حماس عملية "طوفان الأقصى" في مستوطنات غلاف غزة.

دعم فلسطين

وعلى غرار معظم الدول ذات الأغلبية المسلمة، لم تتردد إندونيسيا في الوقوف إلى جانب فلسطين على إثر العدوان المتواصل ضد قطاع غزة منذ قرابة الشهر.

أشار المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية إلى وجود آراء متباينة بشأن العدوان بين دول جنوب شرق آسيا على الرغم من دعوة رابطة آسيان إلى إنهاء الصراع. 

وقال إن هناك دولا في المنطقة لديها علاقات اقتصادية وثقافية أوثق مع إسرائيل في إشارة إلى حلفاء الولايات المتحدة "الأكثر إخلاصاً" في جنوب شرق آسيا،.

وخاصة سنغافورة التي أعربت عن دعمها للاحتلال وكذلك الفلبين التي أدانت ما عدته عنفا ضد "المدنيين الإسرائيليين".

وعلى الجانب الآخر، ينتشر الدعم لفلسطين بين الدول ذات الأغلبية المسلمة في المنطقة خاصة إندونيسيا وماليزيا على نطاق واسع بين السكان وهو ما تؤكده المظاهرات المنددة بالعدوان على غزة.

يذكر المعهد الإيطالي أن إندونيسيا أيدت باستمرار حق الفلسطينيين في تقرير المصير وانتقدت ردود فعل السلطات الإسرائيلية العنيفة وغير المتناسبة على هجمات حماس لأنها تسببت في سقوط العديد من الضحايا بين المدنيين الفلسطينيين. 

وفي الأزمة الحالية، لم تتردد حكومة جاكرتا في طلب وقف فوري لإطلاق النار والتأكيد على أن جذور الصراع تكمن في سياسات إسرائيل واحتلالها للأراضي الفلسطينية.

نوه المعهد الإيطالي بأن العلاقات بين إندونيسيا وفلسطين لها جذور عميقة، مشيرا إلى أن الأخيرة كانت في عام 1945 من بين الدول الأولى التي دعمت استقلال الدولة الآسيوية ودعت أيضًا دول الجامعة العربية إلى دعم البلاد والاعتراف بها. 

من جانبه، أعرب الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو، الذي حكم بين عامي 1945 و1967، مرارا وتكرارا عن دعمه للدول العربية في الحروب التي خاضتها ضد الاحتلال. 

وفي السنوات التالية، ظلت العلاقات بين فلسطين وإندونيسيا ودية حتى اعتراف جاكرتا رسميا بالدولة الفلسطينية في عام 1988. 

لاعب نشط

ولا تزال إندونيسيا لاعبًا نشطا على الساحة الدولية في الدعوة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية واحترام حقوق سكان غزة والضفة الغربية ومعارضة التوسع الإسرائيلي.

كما تخصص الحكومة الإندونيسية الأموال لبرامج التعزيز لفائدة الشركاء الاجتماعيين من أجل بناء هيئات حكومية قادرة على دعم فلسطين قوية ومستقلة، على حد تعبير المعهد الإيطالي. 

وبالإضافة إلى تقديم المنح الدراسية للسكان، حافظت إندونيسيا على حضور قوي في المجال الإنساني على مر السنين. 

ففي عام 2011، على سبيل المثال، جرى بناء مستشفى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة بتمويل من التبرعات الإندونيسية. 

أكد معهد الدراسات الإيطالي أن هذه المبادرات المذكورة ليست سوى بعض المبادرات الإندونيسية لدعم إنشاء وتعزيز هياكل صلبة في الأراضي الفلسطينية على أمل قيام دولة مستقلة في يوم من الأيام.

ويذكر هنا أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف محيط المستشفى الإندونيسي أكثر من مرة خلال عدوانه الجاري على قطاع غزة.

غارات عنيفة تستهدف محيط #المستشفى_الإندونيسي بشمال قطاع #غزة #غزة_لحظة_بلحظة pic.twitter.com/cZZbIuaXgF

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) October 31, 2023

كما يذكر أن الاحتجاجات والانتقادات كانت شديدة في إندونيسيا عندما نقل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018 سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة في خطوة تهدف إلى الاعتراف بالمدينة كعاصمة للكيان.

علاوة على ذلك، كانت هناك معارضة قوية لمشاركة المنتخب الإسرائيلي لكرة القدم في نسخة كأس العالم تحت 20 عاما سنة 2023 وهو ما أدى إلى إلغاء الاتحاد الدولي "فيفا" استضافة إندونيسيا للمسابقة وفرض غرامة عليها.

وفي أعقاب اندلاع الحرب الأخيرة على قطاع غزة، خرج آلاف الإندونيسيين إلى الشوارع للتنديد بالعدوان ضد الفلسطينيين وامتد الاحتجاج أيضا إلى السفارة الأميركية استنكارا للدعم الأميركي لإسرائيل.

لا اعتراف بإسرائيل

ذكر المعهد أن جاكرتا لم تجر أبدا علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل وهو موقف دبلوماسي تتقاسمه العديد من الدول العربية الأخرى، فيما تشرع بعض الجهات في عملية تقارب مع الاحتلال عبر اتفاقيات التطبيع.

إلا أن الاعتراف بدولة الاحتلال لم يكن أبدا في خطط إندونيسيا، على الرغم من أن ترامب حاول الضغط من أجل ذلك مع إمكانية الحصول في المقابل على تمويل بمليارات الدولارات من واشنطن، وفق قول المعهد الإيطالي.

وبالإضافة إلى الأسباب التاريخية والرابط الديني بين إندونيسيا بفلسطين، تعتقد جاكرتا أن الاعتراف بإسرائيل لن يؤدي إلى مزايا سياسية للحكومة الحالية.

وعلى المستوى السياسي، يشرح المعهد الإيطالي أن فتح قنوات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل من شأنه أن يعرض الحكومة لانتقادات شديدة من السكان والأطراف الإسلامية في البلاد. 

وقال إن "الرئيس جوكو ويدودو اضطر في السنوات الأخيرة إلى التعامل مع الحركات الإسلامية في محاولة لاحتواء الدعاة المتطرفين لتجنب تطرف بعض الحركات الدينية داخل البلاد".

 

وبالتالي يرى أن الاعتراف المحتمل بدولة الاحتلال من شأنه أن يعطي زخما جديدا لهذه "الحركات الراديكالية". 

علاوة على ذلك، يضيف أن الحكومة تخاطر باستعداء الحركات الإسلامية القوية مثل جماعة نهضة العلماء الإسلامية التي يبلغ عدد أعضائها أكثر من 50 مليون شخص.

وحتى من الناحية الاقتصادية، لا يبدو أن الفوائد المترتبة على الاعتراف بإسرائيل تستحق التكلفة السياسية المترتبة على هذا القرار، يؤكد المعهد. 

في المقابل، لفت إلى أن العلاقات الاقتصادية بين جاكرتا والاحتلال، اللذين تقدر تجارتهما بنحو 500 مليون دولار سنويا، قائمة حتى الآن رغم غياب القنوات الدبلوماسية الرسمية. 

العواقب المحتملة 

 أثار العديد من الخبراء مخاوف بشأن تأثير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على مستقبل العلاقات الدولية بين الغرب والعالم الإسلامي. 

وبالإضافة إلى "خطر الإرهاب"، تسود مخاوف، من صعوبة الحفاظ على علاقات مستقرة مع البلدان ذات الأغلبية المسلمة في ظل الدعم الغربي الواضح لحكومة نتنياهو، بحسب المعهد الايطالي.

وجزم أن المواقف الغربية يمكن أن تعرض للخطر بعض الملفات السياسية التي تلعب فيها إندونيسيا دورا رئيسا.

واستبعد فرضية أن تتخلى جاكرتا عن علاقاتها الاقتصادية مع شركاء مهمين مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وشدد أن إندونيسيا تعد محورا ضروريا للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الجنوب العالمي ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ولا سيما أن الدول الغربية عبرت عن رغبتها في تكثيف وجودها في المنطقة بطريقة مناهضة للصين.

 لذلك تعد إندونيسيا، الدولة التي ستشهد نموا ديمغرافيا واقتصاديا كبيرا في العقود المقبلة، قطعة أساسية في إستراتيجيات المنطقة.

لكن يتزايد في البلاد السخط أيضًا تجاه الدول التي تدعم الكيان المحتل في عدوانه على الفلسطينيين وارتكابه مجازر مروعة كما يتضح من الاحتجاجات أمام السفارة الأميركية.

وخلص المعهد بذلك إلى التلميح أن العلاقات الإندونيسية الغربية يمكن أن تتأثر بشكل خطير بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة.

وقد تعرف السياسة الخارجية الإندونيسية إعادة ضبط وتبتعد بذلك عن نهج واشنطن وبروكسل في حال إطالة أمد الصراع وتدخل الغرب بشكل أكثر نشاطا لدعم العدوان الإسرائيلي.

الكلمات المفتاحية