العدوان على غزة.. ما إمكانية أن يدفع باتجاه المصالحة بين فتح وحماس؟

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

لا تتوقف الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة فيما يتواصل العدوان منذ أكثر من خمسة أشهر مخلفا حصيلة تجاوزت 30 ألف شهيد و70 ألف جريح.

وفي الأثناء يستعد الاحتلال الإسرائيلي لاجتياح رفح جنوب القطاع على الحدود مع مصر حيث يزدحم أكثر من 1.4 مليون نازح.

إلا أن "الوضع الدراماتيكي" كما يصفه موقع إيطالي أدى إلى "حدث تاريخي قد يخلط الأوراق على الطاولة".

وذلك في إشارة إلى مخرجات اجتماع الفصائل الفلسطينية، بمشاركة ممثلين عن حركتي المقاومة الإسلامية حماس، والتحرير الوطني الفلسطيني  فتح، في 29 فبراير/شباط بالعاصمة الروسية موسكو لمناقشة ملف المصالحة الوطنية.

محادثات بناءة
 

ويرى موقع "إنسايد أوفر" أن "الاضطرابات التي وقعت في الأشهر الأخيرة، تدفع الطرفين نحو الاتفاق على وضع الخلافات الداخلية جانباً وإعادة اكتشاف عدوهما الطبيعي المشترك". 

ورغم استبعاده التوصل إلى اتفاق مصالحة في آجال قريبة، أكد بأنه "من تحت أنقاض الحرب يولد مسار بدا ميتا ومدفونا منذ عام 2007"، تاريخ بداية الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس.

ووصلت إلى موسكو في 29 فبراير/شباط 2024 بدعوة من وزارة الخارجية الروسية، وفود عديدة من الحركات الفلسطينية، تضم حماس وفتح والجهاد الإسلامي، لعقد محادثات تهدف إلى تحقيق الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير. 

وأعلنت الوفود المجتمعة في بيان ختامي عقب انتهاء اجتماعاتها استمرارها في العمل من أجل تحقيق "وحدة وطنية شاملة" تضم القوى والفصائل الوطنية كافة.

ويشرح الموقع الإيطالي أن "الحرب على غزة دفعت جميع الأطراف إلى المطالبة بإجراء محادثات لتجاوز الخلافات الداخلية وتحقيق المصالحة".

ونقل إشادة الأمين العام لحزب المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، في تصريحات صحفية بالأجواء "الإيجابية لاجتماعات موسكو وبأن هناك شعورا عميقا بالمسؤولية لدى كل المشاركين بخطورة الأوضاع التي يعيشها الشعب الفلسطيني ". 

من جانبه، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي: "بالطبع لا نتوقع حدوث معجزات في لقاء بسيط في موسكو، لكن اللقاء يجب أن تتبعه قريبا اجتماعات أخرى في المنطقة". 

نوه الموقع الإيطالي بأهمية استئناف الحوار بين الفصائل الفلسطينية كخطوة نحو المصالحة المنشودة في ظل الانقسامات والخلافات المستمرة بين فتح وحماس منذ سنوات عديدة.

وبلغ الانقسام ذروته باندلاع اشتباكات مسلحة بين عناصر مسلحة من الحركتين في قطاع غزة 2007، وذلك عقب فوز حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006. 

حاجة ملحة

 وألمح إنسايد أوفر إلى إمكانية أن يتغير الوضع حاليا، لافتا إلى أن العقبات أمام تحقيق مصالحة شاملة لا تزال عديدة.

 كما أشار إلى أن هناك حاجة ملحة من جانب الطرفين للحصول على موافقة ودعم غربيين من أجل عملية "إعادة الإعمار" بعد الحرب.

وبحسب قوله، "يكمن الإشكال في حركتي حماس والجهاد الإسلامي في عدهما منظمتين إرهابيتين من قبل العديد من الدول الغربية، وبالتالي تُستبعدان من المشاركة في خطة إنشاء الدولة الفلسطينية". 

في المقابل، تحظى منظمة التحرير الفلسطينية بشكل عام وكذلك حركة فتح، بالاعتراف الدولي كممثلين للفلسطينيين في الضفة الغربية وفي الشتات. 


 

على مر السنين، كانت هناك محادثات لدمج حماس في منظمة التحرير الفلسطينية ورغم أنها باءت جميعها بالفشل، إلا أنها تؤكد النوايا الرامية إلى تحقيق المصالحة. 

وتعترف الدول الغربية بحركة فتح بوصفها المحاور الوحيد في الأراضي الفلسطينية، لكن الأخيرة تشهد منذ سنوات تراجعا حادا في التأييد بسبب تمسك الرئيس محمود عباس بمنصبه وعدم الدعوة لإجراء انتخابات منذ عام 2006 خشية فقدان السلطة لصالح حماس، على حد قول الموقع الإيطالي.

وتأتي محادثات موسكو بعد مقترحات من مختلف الأطراف ولقاءات أولية جمعت بين معارضين ومنتقدين للرئيس عباس من حركة فتح التي يتزعمها، مع ممثلين من حماس في العاصمة القطرية الدوحة. 

في هذا الصدد، اقترح جبريل الرجوب، وهو صديق مقرب لعباس، خطة مصالحة على رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية وتأكيده أن "الحركة لن تختفي، لأنها جزءٌ من الشعب الفلسطيني". 

ويقترح الرجوب أن تتولى حكومةٌ من الخبراء السلطة على غزة والضفة الغربية، وأن تبدأ في إعادة إعمار القطاع والإعداد لإجراء انتخابات عامة.

أسباب التقارب

وعن أسباب هذا التقارب، يشرح الموقع بأنه إلى جانب عامل تحفيز "الحرب ضد غزة لعقد اجتماعات واقتراح تصورات حول سيناريو ما بعدها، يمتلك كل من فتح وحماس أسبابا محددة للغاية لرغبتهما في تحقيق الوحدة الوطنية."

ويشرح أن "حماس تعلم بأنه لا غنى عنها للتوصل إلى حل سياسي لا سيما وأنها الفصيل الوحيد الذي يملك القوة العسكرية والحركة التي تحظى بأكبر قدر من الإجماع الداخلي، لكنها لا تزال تواجه مشكلة الاعتراف الدولي". 

ودون هذا الاعتراف، يجزم الموقع الإيطالي بأنه "لا يمكن لحماس أن تكون ممثلة داخل منظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي لا يمكنها المشاركة في المفاوضات المتعلقة بالمستقبل الفلسطيني". 

علاوة على ذلك، يرى أن أكثر الأسباب الملحة لتحقيق المصالحة بالنسبة للمقاومة يتمثل في حاجتها إلى الخروج من الحرب دون أضرار لا سيما وأنها لا تنوي الاستسلام أو تفكيك قدراتها العسكرية. 

ولذلك فهي "تبحث عن مخرج يبقيها على قيد الحياة من خلال منظمة التحرير الفلسطينية وهذا من شأنه أن يحمي قادتها بعد الحرب".

ومن جانبها، تتمتع فتح بالاعتراف الدولي إلا أنها محل سخط بين سكان الضفة الغربية.

وبحسب الموقع، بات الرئيس عباس يدرك الآن ضرورة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية بعد أن وجهت له اتهامات بأنه دمية في يد إسرائيل. 

كما يواجه ضغوطا خارجية وداخلية لفتح الأبواب أمام سيناريوهات جديدة، خصوصا مع صعود عديد من منافسيه مثل محمد دحلان، المنفي في الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2011 والذي فاوض أخيرا قياديين من حماس في الدوحة والقاهرة. 

وكذلك أجرى مقربون من مروان البرغوثي، القيادي البارز بحركة فتح المسجون في إسرائيل منذ عام 2002، اتصالات مع قادة حماس الذين يركزون بشدة على إطلاق سراحه. 

يرى الموقع الإيطالي أن البرغوثي يعد الشخصية الوحيدة القادرة في هذه المرحلة على تولي قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والتوفيق بين جميع الأطراف المعنية. 

وخلص إلى أن "إشارات قوية لم يشهد لها مثيل منذ عقود" وصلت من موسكو رغم تواصل الخلافات والمواقف المتباعدة، وأن بداية طريق المصالحة قد تحدد إلا أنه لا يزال طويلا.