جده مؤسس لإسرائيل ووالده جنرال.. كيف أصبح ميكو بيليد معارضا للاحتلال؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

وجه ميكو بيليد، حفيد أبراهام كاتسنلسون، أحد الموقعين على إعلان ما يسمى "استقلال إسرائيل"، انتقادات لاذعة لدولة الاحتلال في خضم استمرار عدوانها على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأوردت صحيفة الإندبندينتي الإسبانية أن ماتيتياهو بيليد والد ميكو، كان جنديا في الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1948 وجنرالا في حرب 1967.

 وسار ميكو بيليد في البداية على خطا عشيرته، وانضم إلى القوات الخاصة الإسرائيلية. لكن بعد أن كان ابن وحفيد الأجيال الأولى التي شكلت الكيان الصهيوني، أصبح اليوم أشد منتقديه وأقل تعاطفا معه. 

ويستقر بيليد في الوقت الراهن في الولايات المتحدة، وتحوّل إلى أكثر الوجوه ثباتا في الدفاع عن فكرة "تفكيك" إسرائيل وتكوين دولة ديمقراطية يعيش تحت رايتها الفلسطينيون والإسرائيليون بالتساوي. 

نظام عصابات

وفي مقابلة الإندبندينتي مع ميكو بيليد، كشف قائلا: "لا يمكن لأي أحد أن يتجاهل جذوره. (...) لكن لا أعتقد أنني أول معارض ينحدر من عائلات ارتكبت جرائم بشعة". 

وندد بيليد قائلا: "هناك أصوات إسرائيلية تتبنى نفس ما أقوله، لكنها قليلة جدا، لقد أصبح من الخطير جدا الحديث عن هذه المسألة". 

ويواصل: "إسرائيل هي نظام عصابات، أذلته مجموعة صغيرة من المقاتلين، الذين تسببوا في شلل البلاد"، في إشارة إلى عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية حماس في مستوطنات غلاف غزة. 

وعلّق مؤلف كتاب "ابن الجنرال: رحلة إسرائيلي في فلسطين"، قائلا: "لقد أظهرت هجمات حماس الأخير أن الجيش الإسرائيلي والمخابرات ليست إلا نمرا على ورق"، في إشارة إلى أن حقيقتهم هزيلة جدا، رغم أنهم يبدون مخيفين. 

ويضيف: "منذ أكتوبر، حاولت إسرائيل، نظرا لأنها نظام فصل عنصري، الانتقام من خلال اختيار الضحايا الأضعف والأكثر عزلة، وهم الفئة التي سعت إلى ارتكاب مجازر في حقهم. لذلك شهدنا مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني بريء". 

وحول سؤال: هل ترتكب إسرائيل إبادة في غزة؟ أجاب بيليد بأنها تفعل ذلك في عموم فلسطين منذ 76 سنة، مضيفا: "أعتقد أنه من المهم جدا وضع هذه الحقيقة في الحسبان".

وأردف: "بالطبع، ما نراه الآن في غزة هو مستوى عالٍ من الإبادة الجماعية، دون أدنى شك. منذ إقامة إسرائيل، كان القمع أمرا ثابتا".

 ولكن، إذا نظرنا مرة أخرى إلى تعريف جريمة الإبادة الجماعية في القانون المعاصر، فسيبدو من الجلي أن إهلاك شعب وهدم بلاد وتدمير هوية وإتلاف الآثار وتغيير اسم البلاد من فلسطين إلى إسرائيل وتغيير أسماء المدن والشوارع، ثم إنكار وجود هؤلاء الأشخاص بالكامل؛ جميع هذه المظاهر تتطابق مع تعريف الإبادة الجماعية.

وتابع: "لقد وصلوا إلى مستويات بعيدة. هناك إبادة تحدث منذ زمن بعيد ويجب أن يوضع حد لها. آمل أن تتوقف الآن". 

إسرائيل إلى أين؟

وأورد أن "النظام السياسي الإسرائيلي يعيش حالة فوضى عارمة ويشهد حالة انهيار. إنهم يلتهم بعضهم بعضا ويتراشقون التهم، ليس هناك وحدة".

 أما الجيش، فقد أظهر أنه غير مجدٍ وغير جدير بالثقة على الإطلاق وهو الحال بالنسبة لأجهزة الاستخبارات، وفق تقديره. 

ويضيف: "لقد حدثت شروخ عميقة، وعلى المدى البعيد، تحول دون استقرار إسرائيل، التي تعاني من حالة شلل".

 من ناحية أخرى، لم تكن الانقسامات بين السياسيين وداخل المجتمع أكثر وضوحا من أي وقت مضى. ويضاف إلى ذلك الشعور بعدم التسامح تجاه أي نوع من المعارضة الآن.

وأردف: "بطبيعة الحال، لم يكن هناك قط معارضة كبيرة بشأن هذه القضية بين الإسرائيليين، ولكن الافتقار المطلق للتسامح تجاه أي نوع من المعارضة قد طفا على السطح الآن أيضا".

ووصف بيليد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "مجرم حرب يستحق أن يتعفن في السجن بقية حياته. إنه أسوأ مجرمي الحرب وأكثرهم فسادا".

وعن علاقته الخاصة به، قال: "كبرت وأنا أعرفه، كان هو وأختي صديقين مقربين، لا تزال زوجته الأولى صديقة لأختي، عرفته عندما كنت طفلا، كان أكبر مني ويخدم بالفعل في الجيش".

وواصل حديثه عن نتنياهو قائلا: "لقد أحببته، اعتقدت أنه كان بطلا، كنا نذهب لزيارته بعد عودته من العمليات وأشياء من هذا القبيل، لكن بالطبع كبرنا، والمشكلة هي أن الناس، كما هو الحال في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، لم ينضجوا بعد ولا يزالون معجبين به".

وأردف: "ولكن بمجرد أن تكبر وتدرك من هو هذا الرجل حقا، ستعرف أن مكانه هو السجن مدى الحياة. مشكلته الرئيسة هي شخصيته، إنه مصاب بجنون العظمة. سيفعل أي شيء ليبقى رئيسا للوزراء".

المرض والحل

وعن العدوان على غزة، قال بيليد: "في إسرائيل هناك تأييد واسع لما يحدث الآن. إنه ليس بأمر جديد. لقد كان الرأي العام الإسرائيلي يؤيد دائما بنسبة 100 بالمئة تقريبا الفظائع المرتكبة ضد الفلسطينيين".

وبين أن المعارضة تظهر فقط عندما يقرر الجيش الانسحاب وتقليص عملياته الهجومية، موضحا أن "الأجواء عنيفة للغاية وعنصرية وداعمة بالكامل لما تفعله الحكومة ولا ترى أي مشكلة في أي من هذه الفظائع. نحن أمام مجتمع مريض". 

ويفسر بالقول: "من السهل جدا أن نرى كيف تكوّن هذا المجتمع. وبعبارة أخرى، لا أحد يولد مريضا أو عنصريا. ولكن من خلال نظام تعليمي مكثف ومدروس جيدا، يمكننا أن نتحقق من أن الإسرائيليين يتعلمون كيف يكونون عنصريين، وأن يقبلوا ما يحدث للفلسطينيين الآن وما يحدث منذ 75 عاما".

وعن الحلول، يرى بيليد أن "هناك علاجا لهذا المرض، مثلما رأينا في المجتمعات العنصرية الأخرى. في نهاية المطاف، سقطت هذه الأنظمة عن طريق عقوبات صارمة وعزلة قاسية".

ويرى أنه "يجب الإطاحة بدولة الفصل العنصري وإقامة دولة فلسطين ديمقراطية على أراضيها التاريخية وبحقوق متساوية. هذا هو الحل الوحيد". 

ويكشف ميكو بيليد أنه "يرفض الصهيونية"، ويعترف بأن "عائلته متورطة في أبشع أنواع الجرائم ضد الإنسانية". 

ويعتقد أن "العالم استغرق وقتا طويلا لإدراك ذلك. أحد الأعذار العامة لإقامة دولة الفصل العنصري هي الهولوكوست".

واستدرك أنه "من الغريب حقا هو أنه بعد ثلاث سنوات من انتهاء الإبادة الجماعية لليهود الأوروبيين على يد النازيين، تحولت الجرائم ضد الإنسانية إلى قانون".

 وبعد ثلاث سنوات، سمح العالم للحركة الصهيونية بترسيخ وجودها وارتكاب جرائم ضد الإنسانية هناك، على بعد ساعات قليلة بالطائرة من أي عاصمة في أوروبا تقريبا. 

و"هنا تأسست دولة الفصل العنصري ووقعت حملة وحشية من التطهير العرقي والمذابح، وسمح بحدوث إبادة جماعية مستمرة حتى يومنا هذا، لا أستطيع العثور على كلمات لوصف مدى فظاعة الأمر"، يقول بيليد.