"سياسة مافياوية" .. هكذا تعمل إيران على تخريب الاقتصاد الأفغاني لأجل مصالحها

قسم الترجمة | منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة أفغانية الضوء على ما سمته "الدور السلبي الذي تقوم به إيران في تخريب الاقتصاد الأفغاني والإضرار بمصالح دولتها الجارة لتحقيق مصالحها الخاصة".

وقالت صحيفة "8 صبح" إن "كثيرا ما يدور الحديث عن استياء الشعب الإيراني من السياسات الاقتصادية الريعية لمسؤولي بلادهم وتصرفاتهم الشبيهة بتصرفات المافيا، لكن قليلا ما يدور الحديث عن أدوارهم المدمرة في أفغانستان".

وأشارت إلى أنه "خلال الـ20 عاما الماضية، كان لحكومة إيران علاقات جيدة مع حكام أفغانستان، وكان خطابهم الرسمي يقوم على احترام خيار الأمة الأفغانية وإرادتها، بالإضافة إلى حديثهم عن أهمية النمو الاقتصادي والعمراني في أفغانستان وتطوير العلاقات التجارية والتعاون الإقليمي".

تقارير رهيبة

ولفتت الصحيفة إلى أنه "في السنوات الأخيرة، قدمت طهران تسهيلات كثيرة لسفر رجال الأعمال الأفغان إلى إيران واستثمارهم فيها". 

وأخبر مكتب الممثل الخاص للرئيس الإيراني لشؤون أفغانستان وسائل الإعلام بأن "الأفغان استثمروا ما يقرب من 150 مليون دولار في إيران، خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2022، بعد أن توقفت الاستثمارات وانخفضت معدلاتها داخل أفغانستان"، وفق الصحيفة.

وقالت إنه "مع تفشي البطالة ونشر منظمات الإغاثة الدولية لتقارير رهيبة عن جوع الشعب الأفغاني، فإن مغادرة هذا المبلغ من أفغانستان في غضون أربعة أشهر أمر مقلق".

وبحسب ما نقلته الصحيفة عن وكالة تسنيم الإيرانية الحكومية، فإن مستشار الممثل الخاص للرئيس الإيراني للشؤون الأفغانية، محمد مهدي جوانمرد قصاب، صرح بأن "استثمار الأفغان في إيران ضئيل، لكنه مهم من حيث العدد".

وقالت الصحيفة: "يبدو أن هذه الاستثمارات قام بها أولئك الذين باعوا منازلهم ومحلاتهم وورشهم الصغيرة هربا من قيود طالبان وانتقلوا إلى إيران حيث اشتروا منازل وأقاموا ورشا ووحدات إنتاجية وبدأوا أعمالا صغيرة". 

واستطردت: "لا شك أن دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في خلق فرص العمل وزيادة الرفاهية مهم للغاية، ولذلك ترحب طهران بهروب رجال الأعمال والعائلات ذات رؤوس الأموال الصغيرة إلى إيران وتحاول جذب المزيد من هذه الفئة من الشعب الأفغاني".

وجوانمرد قصاب هو ممثل الأعمال الإيرانية في كابول لسنوات عديدة، وهو اسم معروف بين رجال الأعمال الأفغان الذين يستوردون البضائع من إيران، ولعب دورا في إقامة اتصالات مع مجتمع الأعمال الأفغاني وتوفير المعلومات حول الأسواق المختلفة في البلاد. 

وخلال لقاء عقد في مكتب الممثل الخاص لرئيس إيران لشؤون أفغانستان، قال جوانمرد قصاب: "الهدف هو تسهيل استقطاب المستثمرين الأفغان إلى إيران بإزالة العقبات التي تواجههم، وكذلك دعم المستثمرين الإيرانيين الذين يعملون في أفغانستان في الجوانب التجارية والأمنية والقضائية". 

وجاء في الأخبار أن "ممثلي جميع المؤسسات المسؤولة في إيران كانوا حاضرين في ذلك الاجتماع".

تدمير الاقتصاد

وترى الصحيفة أن "الاستثمار في دولة مجاورة ليس خطأ، وكذلك اجتذاب المستثمرين من الدول المجاورة، ويعود تطور العلاقات التجارية والاستثمارية في المنطقة بالفائدة على جميع المواطنين". 

وتصب إقامة الطرق والسكك الحديدية وتصدير الطاقة ونقل الخبرات والاستثمار لتحسين القدرات الاقتصادية والبشرية للدول المجاورة في مصلحة التنمية المستدامة والاستقرار الإقليمي. 

واستدركت الصحيفة بالقول: "لكن مثلما يُتهم حكام إيران بالاحتكار والإكراه والسرقة والتدمير داخل بلادهم، لا يمكن توقع قيامهم بعمل بناء ومثمر في أفغانستان أيضا". 

ورأت أن "تجربة 20 عاما من فترة عدم وجود طالبان، وتجربة العامين الماضيين أيضا، أظهرت أن رجال الدولة الإيرانيين لديهم نظرة شبيهة بنظرة المافيا إلى السوق الأفغانية". 

وسردت الصحيفة بعض الأمثلة على عمليات "تخريب المافيا الإيرانية" في أفغانستان قائلة: "كان إغراق إيران أو كسر الأسعار أحد العقبات الرئيسة أمام نمو الصناعات في مدينة هراة الأفغانية، وبعض الولايات الأخرى لأكثر من عقدين". 

ولفتت إلى أنه "في نهاية العقد الأخير من القرن العشرين، شهدت هراة نموا في الاستثمار، وتم إنشاء مئات المصانع، وكان إنتاج البطاريات من أشهر مجالات الاستثمار فيها، لكن الشركات الإيرانية بقيادة ودعم حكومة بلادها، بما في ذلك سفارة طهران في كابول، دمرت جميع الشركات تقريبا في غضون بضع سنوات". 

وأوضحت أن "الإيرانيين استهدفوا المنتجات الأفغانية، وصدّروا منتجات إيرانية مماثلة بسعر قريب من تكلفة إنتاجها في أفغانستان، واستمروا في ذلك حتى توقفت الشركات المنشأة حديثا عن المنافسة، وأفلست صناعة البطاريات بأكملها في هراة خلال بضع سنوات".

ونقلت الصحيفة تصريحات سابقة للمستثمر من هراة، زلمي سعيدي قوله: "سياسة الإغراق التي تنتهجها دول الجوار تسببت في معاناة الصناعيين بشدة، لأنه قبل ثلاث سنوات، كان هناك أكثر من 500 مصنع نشط في المدينة الصناعية، ولكن حاليا هناك 300 مصنع فقط، وإذا لم يتم إيقاف الإغراق، فسيتم إغلاق المصانع الأخرى قريبا".

من جهة أخرى، أشارت إلى أن "إنتاج الزعفران في أفغانستان نما بشكل ملحوظ في العقد الأول من القرن الـ21، وتم التسويق بشكل جيد لبيعه، كما نمت شركات تغليف وتوزيع الزعفران، وظل الزعفران الأفغاني يحتل المرتبة الأولى في السوق الأوروبية لسنوات".

واستطردت: "أخيرا، أصبح اسم الزعفران الأفغاني مشهورا في السوق العالمية، وهو ما أدى إلى رد من جانب المنافسين الإيرانيين". 

واستدركت الصحيفة: "لكن المافيا الإيرانية لم تنجح في تدمير هذا المنتج، واكتفت بالحملات الدعائية للتأثير على توزيع المنتج الأفغاني، لأن سوق الزعفران خارج أفغانستان، ولم تستطع حكومة طهران الرد بخفض السعر، كما أن إنتاج الزعفران لا يحتاج إلى استثمارات كبيرة وآلات معقدة".

استثمارات مريبة

ونقلت الصحيفة تصريحا عن جوانمرد قصاب، جاء فيه أن المستثمرين الإيرانيين "يعملون في أفغانستان في الجوانب التجارية والأمنية والقضائية".

وفي تفسيرها لهذا التصريح، قالت الصحيفة إن الجوانب التجارية لـ"عمل" المستثمرين الإيرانيين لها عنوان قانوني وواضح على الأقل، أما استثمار إيران الأمني ​​والقضائي في أفغانستان التي تسيطر عليها حركة طالبان فإنه "مشبوه وغير قانوني". 

وفي الخبر الذي نشرته وكالة تسنيم للأنباء، لم يتم توضيح الجوانب الأمنية والقضائية للاستثمار الإيراني، لكن يُعتقد أن الاستثمار الأمني ​​يشير إلى العقود التي وقعتها إيران مع طالبان لتدريب مقاتلي هذه المجموعة. 

ويقال إن زعيم حركة طالبان، الملا هبة الله، يؤسس جيشا قوامه 40 ألف فرد باستثناء مؤسسات وزارات الداخلية والدفاع والأمن، وعلى غرار الحرس الثوري الإيراني، ومن المحتمل أن تكون هذه العقود هي الاستثمار الأمني الذي أشار إليه جوانمرد قصاب، وفق الصحيفة.

وطرحت الصحيفة تساؤلا عما إذا كانت طالبان ستدفع المال مقابل هذه "الخدمة" الإيرانية أم أنها ستمنح امتيازات أخرى لحكومة طهران.

وفي ردها على هذا السؤال، قالت الصحيفة إنه "لا يُعتقد أن طالبان ستكون قادرة على دفع مبلغ كبير من المال لإيران مقابل ذلك". 

وتفسر ذلك بأنه في الأشهر الأخيرة، كانت هناك تقارير عن محادثات حول استثمار إيران في أفغانستان، وذكرت قطاعات الطاقة والصحة والطب والتعدين والطرق في هذه التقارير. 

ورأت أنه "يبدو أن إيران تريد عقود استثمار من طالبان مقابل تقديم خدمات استخباراتية وتدريب عسكري ودعم دبلوماسي".

أما الاستثمار في القطاع القضائي، فتقول عنه الصحيفة إنه "ليس هناك الكثير من المعلومات حول الاستثمار الإيراني في هذا القطاع بأفغانستان، ومن المحتمل أن ينقل الخبراء القضائيون الإيرانيون خبرتهم في قمع المعارضة وتطبيق "قيود الشريعة" وتشكيل نظام قضائي مستبد إلى طالبان".

وختمت الصحيفة تقريرها بأن "المقربين من إيران (يعملون) في وزارات طالبان في كابول وفي مكتب الملا هبة الله في قندهار، لكن هذه الأعمال ليست من نوع التجارة والاستثمار والسياسة القانونية، وإنما هي من قبيل أعمال المافيا والنصب".