صحيفة إيطالية: سلطات إريتريا تدفع مواطنيها للهجرة ثم تبتزهم في الخارج

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

استنكرت صحيفة إيطالية "انحراف" السفارات الإريترية عن مهامها الأصلية في تمثيل مواطنيها بالخارج، وتحولها إلى "مراكز للمراقبة والتحكم في كل من يتصل بمكاتبها عبر ممارسات ضغط وابتزاز".

وقالت صحيفة نيغريسيا إنه "غالبا ما تكون السياسات الاستبدادية للحكومة الإريترية والعلاقة الإشكالية مع مواطنيها محل اهتمام الرأي العام الدولي".

دوافع الهجرة

وتحدثت الصحيفة، عن دوافع الهجرة الجماعية من البلاد، ومن بينها العديد من الممارسات مثل التجنيد الإجباري، الخدمة الوطنية الإجبارية دون مدة معينة.

فضلا عن الاعتقالات القسرية، وكذلك الاقتصاد الواقع في قبضة الحزب الواحد الحاكم بقوة إلى جانب صعوبة العثور على وظيفة واستحالة بناء مستقبل.

وأشارت إلى "سعي مئات الآلاف من الشباب والكبار، رجالا ونساء، وعائلات بأكملها على مدار العشرين عاما الماضية إلى بناء مستقبل في مكان آخر".

أضافت بأنهم "غالبا ما يضعون أنفسهم بين أيدي مهربي بشر عديمي الضمير ويخاطرون بحياتهم في رحلات هجرة بالغة الخطورة".

وتابعت "لكن بمجرد أن يصلوا إلى الهدف الذي حددوه لأنفسهم، تكون الصدمة باكتشاف وجودهم في شراك تلك السلطات التي اعتقدوا أنهم هربوا منها".

وأفادت الصحيفة الإيطالية بأنه للتحصل على الخدمات القنصلية مثل طلب وتجديد جواز السفر، توكيلات، التصديق على التوقيعات، استخراج وثائق وغيره من الخدمات، على المهاجرين الإريتريين إثبات دفعهم ضريبة بنسبة 2 بالمئة على دخلهم.

في هذا الصدد، لفتت الصحيفة إلى أن عددا قليلا جدا من البلدان الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، تفرض مثل هذا الإجراءات، إلا أنها تطبق العديد من الخصومات غير الممنوحة للإريتريين.

بدورهم، يطالب اللاجئون أو طالبو اللجوء بالتوقيع على بيان يعلنون فيه "توبتهم" عن ارتكاب جريمة مغادرة البلاد بشكل غير قانوني دون أداء واجباتهم، في إشارة إلى الخدمة الوطنية.

وبحسب الصحيفة، فإن الغاية من وراء هذا التوقيع الابتزاز من أجل منح اللجوء. هذا إضافة إلى عمليات الانتقام التي قد تستهدف أفراد الأسرة الذين بقوا في إريتريا.

وتوجد الآن أمثلة عديدة، وقائمة طويلة جدا لمن تعرض لهذا النوع من الممارسات، تثير مخاوف من يدخل إلى السفارة ولا يوافق على طلبات السلطات.

في الأثناء، نوهت الصحيفة بإمكانية أن يتغير الوضع، في إشارة إلى إصدار محكمة إدارية فيدرالية ألمانية خلال أكتوبر/تشرين الأول 2022، حكما مهما بشأن العلاقات بين الإريتريين في الشتات، ولا سيما اللاجئين، وسفارتهم في ألمانيا.

وينص الحكم على ضرورة إصدار وثيقة سفر ألمانية لطالبي اللجوء واللاجئين الإريتريين، موضحة أن القرار مبرر بضرورة تحريرهم من ابتزاز الاعتراف بـ "جريمة". 

وهي جريمة موجودة فقط في مخيلة الحكومة التي تحاول بهذه الطريقة الخفية تأكيد قبضتها على مواطنيها، بعد أن باتت غير قادرة على ممارستها على التراب الوطني، تعلق نيغريسيا.

شكوك واسعة

كما جرى اتخاذ مواقف عديدة على مر السنين حول شرعية طلب دفع ضريبة تعادل 2 بالمئة من الدخل، المعروف لدى الإريتريين باسم "ضريبة الشتات"، وحول طرق تحصيلها.

وذكرت الصحيفة أن تحقيقا كانت قد أجرته الحكومة الهولندية عام 2017، أكد استنادا إلى مقابلات مع إريتريين مقيمين في سبع دول أوروبية بما في ذلك إيطاليا، أن الأساس القانوني للضريبة مشكوك فيه.

يستند الإجراء إلى إعلان عام 1995 الذي لا يوضح أهداف الضريبة وطرقها وممن يجب تحصيلها وأغراضها.

علاوة على ذلك، لم يطرح للنقاش في البرلمان غير الموجود في بلد ليس لديه حتى دستور ما يقرب من ثلاثين عاما بعد الاستقلال. كما أن الإعلان لم يحدد استخدامات الأموال التي يجري جمعها.

لذلك لا توجد ضمانات بعدم استخدامها في الماضي في انتهاك لقراري مجلس الأمن الدولي 1907 و2023، اللذين فرضا حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2018 حظرا على شراء الأسلحة، تشير الصحيفة.

كما أن طرق التحصيل تعد ابتزازا، وهذا غير مقبول بشكل عام، خاصة في دول يسود فيها القانون، وفق قول الصحيفة.

يؤكد التقرير أن تحصيل "ضريبة الشتات" يعد جزءا من نظام مراقبة دقيق تديره السفارات عبر وجود هائل لأفراد غير دبلوماسيين، في إشارة واضحة جدا لعملاء الأجهزة الأمنية بمهمة السيطرة على المواطنين المقيمين بالخارج وثنيهم عن المشاركة في النقد ومعارضة الحكومة.

لفتت الصحيفة إلى أنه غالبا ما تكون طرق تحويل الضريبة إلى إريتريا غير قانونية، مشيرة إلى أنه في هولندا، على سبيل المثال، أصبح تحصيل هذه الضريبة غير قانوني منذ عام 2016. 

وعلقت نيغريسيا بأنه من المثير للاهتمام معرفة الوسائل التي يجبر بها الآن العديد من الإريتريين المقيمين في البلاد على تحويل هذه الضريبة؛ لأنهم بالتأكيد لم يجر إعفاؤهم من ذلك من قبل سلطاتهم.

وذكرت بأن هذه المسألة قيد المناقشة في العديد من البلدان الأخرى على غرار ألمانيا والسويد وسويسرا.

بينما في كندا، قبل عدة سنوات جرى ترحيل مسؤول من السفارة الإريترية في تورنتو لوجود ضريبة إضافية على نسبة 2 بالمئة المرتفعة بالفعل.

في إيطاليا، يسمح بتحصيل الضريبة ولا توجد تعليقات من السلطات حول الأساليب المستخدمة  والتي في كثير من الأحيان مضايقة للمقيمين هناك.

وتابعت مستنكرة "لا يوجد تعليق على حقيقة أنه بالتوازي مع نهر المال الذي يتدفق إلى خزائن الحكومة الإريترية من السفارة في روما، هناك تدفق مستمر للاجئين الذين يصلون إلى شواطئ بلادنا".

يؤكد التقرير المذكور أن أساليب الرقابة والمراقبة على المواطنين الإريتريين في الشتات تؤدي أيضا إلى تسميم العلاقات داخل الجاليات المقيمة في الخارج وتجعل من الصعب عليهم الاندماج في البلد الذي اختاروا العيش فيه.

في الختام، قالت الصحيفة إن هذه "مسؤولية جدية تضاف إلى السياسات الاستبدادية المطبقة في البلاد، والتي انتهت بتقويض الميثاق الاجتماعي الذي قام عليه تماسك السكان، وستكون لها تداعيات لفترة طويلة في تاريخ إريتريا".