محمد معيط.. وزير مالية يستخدمه السيسي لفبركة البيانات وتضليل المصريين

 

وشتان بين ذلك الزمن الذي شهد نهضة مصر وبناء دولتها الحديثة، وبين الوضع الحالي التي ترزخ فيه أرض الكنانة تحت حكم عبدالفتاح السيسي المعروف بسياساته الاقتصادية الفاشلة هو ووزير ماليته محمد معيط.

وكثر أخيرا الحديث عن معيط، في وقت تعيش فيه مصر واحدة من أسوأ حقبها على الإطلاق في ظل أزمة ديون كارثية، وموجة تضخم حاد غير مسبوقة، وسط محاولات لا تتوقف من أجل الاقتراض لسد الفجوات التمويلية. 

ويحمل وزير المالية محمد معيط على كاهله الجزء الأكبر من أزمة فشل السيسي، لكن تصريحاته العنفوانية غير المحسوبة في الأيام والشهور الأخيرة ساهمت في تحمله جزءا من السخط الشعبي تجاه النظام.

صعود مضطرب 

في 31 أغسطس/ آب 1962 ولد محمد أحمد محمد معيط، وتدرج في درجاته التعليمية، حتى حصل على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة عام 1984. 

وبعدها حصل على درجة  الماجستير في مجال التأمين من جامعة القاهرة عام 1992، وكذلك ماجستير في علم إحصائيات التأمين من جامعة سيتي بلندن عام 1997، ثم نال الدكتوراه من نفس الجامعة في 2003.

بعدها عمل معيط في المجال الأكاديمي، حيث قام بالتدريس فى جامعة القاهرة، وعدد من الجامعات المصرية الأخرى مثل الجامعة الألمانية والجامعة الكندية.

وحاضر أيضا في جامعات سيتي وبرمنغهام بإنجلترا، وجامعة جلاسكو بأسكتلندا. 

لكن معيط بدأ حياته العملية مبكرا، تحديدا عام 1984، عندما عمل أخصائي اكتتاب وتسویة تعویضات بشركة المھندس للتأمين. 

وفي عام 2007 بدأ اسم محمد معيط يظهر داخل أروقة وزارة المالية المصرية، حيث شغل منصب مساعد وزير المالية لشؤون التأمينات الاجتماعية.

وذلك في عهد الوزير السابق يوسف بطرس غالي آخر وزير مالية في حقبة الرئيس المخلوع حسني مبارك، قبل اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

لكن الملاحظ أن معيط استمر في منصبه خلال حكم المجلس العسكري، إلى أن قدم استقالته عام 2013، خلال حكم الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي.

ثم عمل بعدها نائبا لرئيس هيئة الرقابة المالية حتى عام 2015، وكذلك شغل منصب القائم بأعمال رئيس الهيئة في العام نفسه. 

مقرب لغالي

وكان معيط من المقربين بقوة لوزير المالية المشهور بالفساد يوسف بطرس غالي (2004  – 2011)، ويوصف بأنه كان من حاشيته الخاصة. 

وغالي هرب بعد ثورة يناير إلى خارج البلاد، وتم تحويله غيابيا لمحكمة الجنايات فى 17 أبريل / نيسان 2011 بتهمة الفساد الإداري.

وأصدر القضاء المصري حكما غيابيا على غالي بالسجن المشدد 30 عاما بتهمة الإضرار العمدي بأموال ومصالح الغير.

ورغم أن الوزير الحالي محمد معيط كان من قيادات وزارة المالية البارزة، لكن لم يمسه سوء، وبقي على وضعه بالقرب من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي. 

وبداية من مارس/ آذار 2016، رفع رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي أسهم محمد معيط داخل دولاب الدولة. 

وأمر بتعيينه نائبا لوزير المالية لشؤون الخزانة العامة ورئيس وحدة العدالة الاقتصادية، وعد ذلك إيذانا بأن لمعيط دورا أكبر قادما، لحيازته ثقة السيسي ورضى الجيش.

خاصة وأن الدولة في ذلك التوقيت دخلت طور أزمات اقتصادية متفاقمة، من تراكم الديون، وارتفاع التضخم. 

واحتاجت بطبيعة الحال وتطلعات النظام إلى رجل أكثر مرونة وأقل قدرة على إثارة الخلافات والقلاقل. 

وهي صفات تمتع بها معيط على الدوام، فلم يكن من الظاهرين على الساحة بصورة مستمرة، ولم يكن من المثيرين للمتاعب. 

وبالفعل في 14 يونيو/ حزيران 2018 جرى اختيار محمد معيط وزيرا للمالية، ضمن التشكيل الأول لحكومة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي (الجديدة آنذاك)، وهو المنصب الذي حافظ عليه منذ ذلك الوقت.

استاكوزا وكافيار

بعد أن أصبح وزيرا بأشهر معدودة لعب معيط دورا بارزا في إعداد قانون التأمين الصحي الذي أقره مجلس النواب في ديسمبر/ كانون الأول 2018. 

وهو القانون الذي سحب كثيرا من الامتيازات الصحية للمواطنين، وكذلك حد من الإنفاق على علاج كثير منهم.

وفي مسرحية برلمانية هاجم بعض النواب في 14 ديسمبر 2021 الوزير معيط، على خلفية مشروع قانون تعديل قانون ضريبة الدمغة، وقانون فرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة.

ليرد الوزير خلال استجوابه ردا وصف بالغريب، إذ قال: "الطبقة الوسطى عايزة تحسن مرتباتها مش عايزة تاكل استاكوزا وكافيار"، في إشارة أن المعترضين على القانون هم الطبقات الغنية فقط. 

لكن النائب طارق الخولي، وكذلك ممثلي تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، ردوا الصاع صاعين لوزير المالية، واتهموه أنه يفرض سياسة الجباية في مشروع قانون الضريبة على الدخل.

وقال الخولي، في كلمته بالجلسة العامة لمجلس النواب، إن سياسة فرض الضرائب تهدد السلم الاجتماعي.

وأعلنت التنسيقية رفض مشروع القانون لإصرار الوزير على سياسة فرض ضرائب على المواطنين دون مراعاة البعد الاجتماعي، ودون طرح بدائل أخرى لدعم الموازنة العامة. 

وأكدوا أن سياسة معيط لم تؤد إلا إلى زيادة الطبقة الفقيرة فقرا على فقرها. 

معيط شو 

أما أبرز التصريحات الجدلية لمعيط، فكانت في 21 يونيو 2022، عندما كشف خروج 90 بالمئة من استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية خلال الشهور الماضية. 

وذلك بفعل اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، وبدء اتباع سياسة نقدية تشددية في الولايات المتحدة.

وتسبب التصريح في تأزم البورصة المصرية، وفي مزيد من خروج الاستثمارات الأجنبية خلال الأيام التالية، بفعل القلق من استقرار السوق المصري والبنك المركزي. 

وفي 23 يونيو 2022، خلال مشاركته في منتدى قطر الاقتصادي حول الأزمة العالمية للغذاء، تسبب معيط في حالة قلق أخرى. 

عندما صرح قائلا: "يجب أن تخشى دول العالم من الوصول إلى مرحلة موت الناس لعدم قدرتهم تلبية احتياجاتهم الغذائية، ويجب أن نطلق صرخة عالمية قبل أن نصل لتلك المرحلة ونشعر بالندم".

وقتها فسر التصريح بأن مصر تعيش وضعا متدهورا ومقلقا من حيث أمنها الغذائي، وأن هناك إشكالية تتعلق بالاحتياطي الإستراتيجي من السلع الغذائية. 

وفي 30 أغسطس 2022 شن ناشطون وسياسيون هجوما واسعا على معيط من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. 

وذلك على خلفية تصريح له قال فيه: "علينا كمصريين منضيعش بلدنا، واللي بره بيحسدنا على اللي إحنا فيه، ويتحدثون عن تواجد استقرار وأمن وتنمية وخلق فرص عمل رغم الظروف الصعبة التي نمر بها".

وقتها علق الصحفي المصري، هشام البسيوني، قائلا: "الوزير دا لو عمل برنامج كوميدي وسماه (معيط شو) هيبقى هايل". 

فيما غرد الناشط السياسي رامي شاهين ساخرا: "من كام سنة معيط اتسبب في إن الوزراء كلهم يتمنعوا من الظهور في التلفزيون، بعد ما قال كل ما اتزنق حاستلف.. النهارده لو فتحت الحنفيه هينزلك منها معيط. لو دي فكرتكم للرد على كلام عماد أديب، فكل دقيقة تليفزيونية لمعيط بتثبت كلامه أكتر".

يذكر أنه في 6 يوليو 2022 مازح السيسي معيط قائلا: "الدكتور معيط قاعد هناك ملوش دعوة بيا.. وقاعد يبصلي وخلاص.. مش انت بتاع الفلوس.. قاعد تخش على القنوات التلفزيونية.. تشتكي.. لا لا.. البلد دي حاميها ربنا وهيحميها ربنا.. وهيساعدنا في بنائها ربنا.. وتبقى فى مستوى تاني خالص خالص".