بعد توترات عديدة.. مرحلة جديدة في العلاقات بين إيران وطاجيكستان

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكد مركز إيراني أنه بعد فترة من التوترات السياسية والاقتصادية، تتجه كل من إيران وطاجيكستان إلى طي صفحة الخلافات وتعزيز الروابط الثقافية والتجارية بين البلدين.

وأوضح "مركز أبرار للدراسات والبحوث الدولية المعاصرة" في مقال للكاتب "حسين عسكريان"، أن زيارة الرئيس الطاجيكستاني إمام علي رحمن الأخيرة إلى طهران على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع، تؤكد بدء مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين.

وطاجيسكتان دولة حبيسة وسط آسيا، وتحدها أفغانستان جنوبا وأوزبكستان غربا وقيرغيزستان شمالا، والصين شرقا، وتتحدث الطاجيكية وهي لغة شقيقة للفارسية.

علاقة متشعبة

وخلال الزيارة التي جاءت في 30 مايو/ أيار 2022 تلبية لدعوة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وقع البلدان عدة وثائق تعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية.

وكان رئيسي قد زار، خلال أغسطس/آب 2021، طاجيكستان، للمشاركة في قمة الدول الأعضاء بمنظمة "شنغهاي" للتعاون، مبرما ثماني اتفاقيات تعاون مع نظيره الطاجيكستاني.

وذكر المركز أن أهمية العلاقات بين إيران وطاجيكستان تعود إلى الروابط التاريخية واللغوية بين البلدين.

وتحظى طاجيكستان بأهمية بالغة بالنسبة لإيران بسبب اللغة المشتركة، ونفوذ الحدود الخاصة بها لمواجهة التيارات المذهبية المتطرفة والإرهاب.

فضلا عن دور بعض المسؤولين في المنطقة في إضعاف مكانة ونفوذ إيران في الحواجز اللغوية، الثقافية، الاقتصادية والسياسية، وفق المركز.

وسعت طاجيكستان نحو استقلالها، كي تتغلب على المشاكل والتحديات السياسية، الاقتصادية، والعسكرية طويلة الأمد، فكلما اتخذت هذه الدولة خطوة إلى الأمام لا يكون الأمر سلسا.

وعلى الرغم من وجود توترات في العلاقات بين طاجيكستان وإيران وحدوث بعض سوء التفاهم بين المسؤولين في السنوات الماضية، إلا أن العلاقات بين الدولتين خلال البضعة سنوات الأخيرة يشوبها بعض التغيير والتحولات الإيجابية. 

ومن ضمن العلامات التي تبرز هذا التحول يمكن الإشارة إلى رسالة تهنئة رئيس طاجيكستان إلى الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، بمناسبة الذكرى الأربعين للثورة الإسلامية.

بالإضافة إلى زيارة وزير الخارجية الطاجيكي سراج الدين مهر الدين، إلى طهران، وأعقبها زيارة روحاني إلى طاجيكستان للمشاركة في مؤتمر قمة سيكا (مجموعة التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا). 

وكذلك كان هناك مباحثات بين رئيسي البلدين للتوسع في العلاقات، من ضمنها التعاون واستغلال طاجيكستان لميناء جابهار.

وتنم هذه الأمور عن ميل البلدين نحو تحسن العلاقات بينهما، وتبرز أن تهدئة التوترات والتوسع في العلاقات مع طاجيكستان من ضمن أهداف إيران الرئيسة. 

سر الخلاف

ومن الأسباب التي تسببت في خلق الفجوات في العلاقات بين إيران وطاجيكستان، قضية رجل الأعمال الإيراني المسجون بابك زنجاني، ومستقبل استثماراته في طاجيكستان حتى وقت اعتقاله في إيران، وفق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وانتشر اسم بابك زنجاني على الألسنة في أواخر عام 2012 لأول مرة حيث اتهم بالتزامن مع فرض العقوبات على إيران بسبب الملف النووي بأنه باع بترولا إيرانيا بأكثر من ملياري دولار.

لكن لم تعد نقوده إلى الحكومة، وقيل إن جزءا من رأس المال كان في البنوك الطاجيكية، ولكن أنكر المسؤولون الطاجيك وجود رأس المال في البلاد.

وفي هذه الفترة من البرود في العلاقات، اتهمت طاجيكستان إيران بدعم الإرهاب ومحاولة إحداث نوع من عدم الاستقرار، وقام التلفزيون الحكومي الطاجيكي بعرض أفلام في هذا الشأن.

ففي أغسطس/ آب 2020، عرضت شبكة التلفزيون الطاجيكية فيلما من 210 دقائق عبارة عن ثلاثة أجزاء يسمى "الخيانة".

ويدعي فيلم "الخيانة" أن إيران تعلم الشباب الطاجيكي الإرهاب كي يعملوا في نهاية المطاف على إسقاط الحكومة الطاجيكية العلمانية.

تحسين العلاقات

ولفت المركز الإيراني إلى أنه في الوقت الراهن لدى البلدين حافز وأمور مشتركة لأجل تحسن العلاقات.

ومن ضمن هذه الأمور: التهديدات المشتركة الشاملة لتهريب المخدرات، والإرهاب، والتطرف، والرؤية المشتركة لمواجهة التحديات الأمنية وخاصة أزمة أفغانستان.

وكذلك حاجة طاجيكستان لإيجاد حليف جديد في المنطقة وخاصة بسبب التوترات الحدودية بينها وبين قرغيزستان؛ بالإضافة إلى حاجتها أيضا للدعم الاقتصادي والفني الإيراني.

فضلا عن حاجة إيران لمواجهة العقوبات وسياسة الضغط لأقصى حد المتبعة من قبل الغرب وأميركا.

وفي النهاية إلزام البلدين على التقارب الاقتصادي والسياسي وخاصة مع الأخذ في عين الاعتبار أزمة الغذاء الناجمة عن الجفاف وتغير المناخ.

ودشنت إيران، في 17 مايو 2022، مصنع إنتاج طائرات مسيرة من طراز "أبابيل 2" الإيرانية بالكامل في طاجيكستان، بهدف تعزيز وتطوير التعاون العسكري والدفاعي المشترك بين البلدين.

وافتتح رئيس الأركان الإيرانية اللواء محمد باقري المصنع، مؤكدا أن "بلاده وبجهود المتخصصين والعلماء الملتزمين، وباستخدام قدراتها الداخلية، تمكنت من تحقيق نمو كبير في جميع المجالات العسكرية والدفاعية، وخاصة الطائرات المسيرة".

ويمكن أن تعد زيارة إمام علي رحمان إلى طهران خطوة جديدة في دبلوماسية فعالة لحكومة رئيسي وكذلك سياسة جوار محورية.

تلك السياسة التي بدأت بزيارته إلى طاجيكستان، وتركمانستان، وروسيا، وقطر، وعمان، وأعقبها زيارة المسؤولين رفيعي المستوى لهذه الدول إلى طهران، والتي أبرزت عزم إيران على التقارب مع دول الجوار بأقصى حد من أجل تعزيز المصالح الوطنية.