فيصل كلثوم.. كبش فداء قدمه الأسد إلى أهالي درعا لإفشال الثورة

مصعب المجبل | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

فيصل أحمد كلثوم محافظ مدينة درعا، وواحد من أكثر الأشخاص الذين كانوا سببا في تفجر الثورة السورية في 18 مارس/آذار 2011.

أخذت كلثوم العزة بظلم الأهالي وسلب حقوقهم، ليصبح الاسم الذي حفظه جميع السوريين في ليلة واحدة ثم اختفى لعقد ونيف.

وتقع درعا مهد الثورة السورية على مسافة 120 كم جنوب العاصمة دمشق، وتعد بوابة سوريا الجنوبية على الحدود الأردنية، وتعرف بأنها العاصمة التاريخية لإقليم حوران.

كبش الأسد

فارق كلثوم الحياة في 27 سبتمبر/أيلول 2021 في العاصمة السورية دمشق، بعد غياب طويل عن المشهد السوري منذ قرار رئيس النظام السوري بشار الأسد عزله عن منصب المحافظ في 23 مارس/آذار 2011.

بدا واضحا أن الأسد قدم كلثوم ككبش فداء عن بادرة مزعومة للإصلاح مع أهالي درعا بعدما فتحت أجهزة الأمن النار على المتظاهرين لتسيل أولى دماء الثورة السورية من هناك.

ومما دل على مدى حنق رأس النظام السوري شخصيا من كلثوم هو تجميده عن ممارسة الحياة السياسية، على اعتباره المسبب الأول لخراب حكمه، وذلك إلى جانب الرجل الثاني وهو ابن خالته عاطف نجيب وهذا له قصة أكبر.

فالعميد عاطف نجيب ابن خالة بشار الأسد، كان يشغل منصب رئيس شعبة الأمن السياسي في درعا إبان اندلاع الثورة، ولا عجب في صلف الرجل الذي نقل عنه قوله في أحد المجالس "أنا الله في درعا".

ولد فيصل كلثوم في قرية المبعوجة بريف حماة عام 1948، وشغل عدة مهام حزبية منها أمين شعبة حزب البعث الحاكم في جامعة دمشق وعضو قيادة فرع الحزب في الجامعة.

وعمل أيضا رئيسا لمركز البحوث والدراسات الإستراتيجية في جامعة دمشق، ورئيسا للجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، ويحمل شهادتي دكتوراه من فرنسا، وفق ما ورد في بطاقة تعريفه كمحافظ لدرعا.

وعمل أستاذا في كلية الحقوق في جامعة دمشق، وكانت زوجته تدرس الفكر السياسي أيضا في كلية الإعلام بذات الجامعة.

تسلم منصب محافظ درعا في 25 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2006، خلفا لنبيل مصطفى عمران، وكان حينها قادما من عضوية برلمان النظام.

وقبل تسلمه منصب محافظ درعا بأشهر، ترأس كلثوم اللجنة الأهلية السورية لمتابعة أوضاع المفقودين السوريين في لبنان، عقب انسحاب الجيش السوري من هناك في 26 أبريل/ نيسان 2005، عقب "انتفاضة الاستقلال" التي اندلعت ردا على عملية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري والتي اتهم النظام السوري بالضلوع فيها.

إشعال الثورة

لا يزال اسم فيصل كلثوم يطرق آذان السوريين إلى جانب عاطف نجيب، لكون شرارة الحراك الثوري التي طالت الجغرافية السورية، اندلعت بعدما خط أطفال درعا عبارات مناهضة النظام السوري على أحد جدران مدرستهم قبيل الثورة.

ليعمد جهاز الأمن السياسي الذي يرأسه نجيب، إلى اعتقال هؤلاء الأطفال. ومن الكتابات "اجاك الدور يا دكتور" و"يسقط الرئيس بشار الأسد".

وأمام تعنت كلثوم ونجيب للاستجابة لمناشدات الأهالي لإطلاق سراحهم في البداية، زاد الاحتقان في الشارع وخرجت مظاهرات تحت سقف محدود يتعلق بالإفراج عن الأطفال، ورفعت شعارات "بدنا ولادنا اللي بالسجون"، "الله سوريا حرية وبس".

لكن أيا من هذا الحراك لم ينجح في تحرير الأطفال من قيد سجون الأسد، إلا أنه كان كفيلا بكسر حاجز الخوف وتبديد صورة الأجهزة الأمنية القمعية.

فخرجت مظاهرات كبيرة في عموم درعا معلنة في 18 مارس/آذار 2011 ولادة ثورة استقبلها النظام بالرصاص ما أدى لسقوط أول الضحايا، ليطلق النظام السوري بعد يومين سراح الأطفال بـ "عفو" من بشار الأسد في محاولة للتهدئة.

وفي 13 يونيو/ حزيران 2011 قررت اللجنة القضائية الخاصة، بمنع فيصل كلثوم وعاطف نجيب من السفر، وشكل النظام السوري وقتها اللجنة في نهاية مارس/ آذار 2011، شكليا لإيهام المجتمع الدولي بإجراء تحقيقات حول ما حدث بدرعا.

وبلغت معاناة أهالي درعا من مظالم الرجل أيما مبلغ، حيث ذاقوا ويلات الفساد محافظا عن محافظ في حقبة الأسدين (الأب والابن)، لينفد صبرهم عند كلثوم.

وفي 4 أبريل/نيسان 2011 عين الأسد، محمد خالد الهنوس محافظا لدرعا خلفا لفيصل كلثوم، إلا أن هذا لم يثن الثورة عن متابعة مسيرها.

ولا سيما أن مطالب أهل درعا كانت أبعد من محافظ، إذ اعتبروا إلى جانب باقي المحافظات أن الوقت حان لوضع حد لتغول الأجهزة الأمنية ورفع يدها على رقاب الناس وإنهاء حالة الطوارئ المستمرة في البلاد منذ 48 عاما حينها، وتعديل القوانين بما يضمن الحريات العامة وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة.

لكن إمعان الأسد في المضي بالحل الأمني رفع سقف الثوار إلى حد المطالبة بإسقاط النظام من رأس هرمه.

قالوا عنه

وأكد أبو علي محاميد، عضو لجنة التفاوض عن "درعا البلد" مع النظام السوري لـ "الاستقلال"، أن فيصل كلثوم كان أحد الأسباب المباشرة لانطلاق الثورة.

وأضاف محاميد، أن "كلثوم كان رجلا متعجرفا متكبرا وأهالي درعا لا يحبونه، لأن همه الوحيد جمع المال بكل الطرق غير المشروعة منهم، وخاصة أن سمعته معروفة سابقا بتلقي الرشاوى من الطلاب كشرط لنجاحهم حينما كان مدرسا في كلية الحقوق بجامعة دمشق".

وأشار محاميد، إلى أن كلثوم كان يستمد قوته من "كونه كان معينا من قبل ماهر الأسد (شقيق رأس النظام) وكان أيضا مدعوما من قبل زعيم الطائفية الإسماعيلية المقيم بفرنسا (كريم آغا خان) لكون محافظ درعا الأسبق من ذات الطائفة".

وبين محاميد أن "أحد مطالب أهل درعا بداية المظاهرات كانت نقل فيصل كلثوم من المدينة، ورغم نقله على إثر الأحداث التي جرت هو وعاطف نجيب لترضية الأهالي، إلا أن ذلك لم يثنهم عن الاستمرار بالثورة".

ولفت محاميد إلى أن "محافظة درعا كانت تشهد صراعا بين رئيس فرع الأمن السياسي عاطف نجيب والمحافظ فيصل كلثوم، بحيث كانت مشاريعهم تتضارب هناك".

وكتب الإعلامي السوري علي عيد، معلقا على وفاة أبرز الأسماء الواردة في الفصل الأول من تاريخ الثورة السورية: "فيصل كلثوم.. أستاذ الحقوق في جامعة دمشق وصل مرحلة رفض الرشاوى بالليرة السورية للراغبين بالنجاح من الطلاب، أستاذ القانون الدستوري كان يقبض 200 دولار عبر أحد اقربائه والتسليم في مكتبه بشارع الحمراء بدمشق".

وأضاف في منشوره على فيسبوك: "فيصل كلثوم.. البعثي كان عصا النظام الثقافية المتيبسة في وجه مثقفي ربيع دمشق مثل صادق العظم وعارف دليلة".

وتابع: "فيصل كلثوم محافظ درعا كان يقبض مليون ليرة كرشوة مقابل رخصة بئر الماء ونصف المليون لوقف ردم ذات البئر".

"وهو الذي سولت له نفسه معتقدا أن حبس أطفال درعا ثم قتل شبابها هو في صلب ولائه الحزبي.. فيصل كلثوم.. اذكروا مثالب القتلة وموتاهم"، كما قال.

من جانبه تحدث الإعلامي الأردني ياسر أبو هلالة في منشور على صفحته في فيسبوك عن دور فيصل كلثوم في مجزرة حماة الشهيرة التي ارتكبها النظام السوري عام 1982 وطالت محتجين في المدينة ضد حكم بيت الأسد.

وقال أبو هلالة: "توفي فيصل كلثوم المجرم الوضيع الذي شارك في مجزرة حماة ونال مسدس البعث تكريما له، وكان محافظ درعا الذي طالب الأهالي بإقالته في بداية الثورة، تمسك به الدكتاتور وفضل أن يقتل الناس على خطا أبيه، في جهنم متسع للمجرمين من حافظ إلى بشار والضحايا لهم جنات الخلد".