تهديد خطير.. ما احتمالات عودة تنظيم الدولة للظهور بقوة في العراق؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلطت وكالة "الأناضول" التركية الضوء على مواصلة تنظيم الدولة هجماته على قوات الأمن العراقية، رغم مرور 4 سنوات على استعادة المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم في البلاد.

وأشارت الوكالة الرسمية في مقال للكاتبين إدريس أوكودوجو وبكر أيدوغان إلى أنه "في الآونة الأخيرة، زاد تنظيم الدولة هجماته التي استهدفت خطوط الكهرباء شمالي وغربي وشرقي العراق، رغم عمليات قوات الأمن وقوات البيشمركة (تابعة لقبائل كردية) وقوات التحالف الدولي والمليشيات الشيعية العراقية".

واستدرك الكاتبان التركيان: "كانت زيادة نفوذ إيران في العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003، واستبعاد السنة من الإدارة وتهميشهم من قبل الحكومات الشيعية، والسياسات الطائفية التي اتبعها الزعيم الشيعي نوري المالكي المقرب من طهران، من أبرز الأمور التي سهلت على تنظيم الدولة إيجاد قاعدة لها في المجتمع العراقي".

وأردفا: "لقد استطاع تنظيم الدولة الحفاظ على هيمنته في الموصل وصلاح الدين والأنبار وبعض مناطق ديالي وكركوك لمدة 3 سنوات بعد أن سيطرت عليها عام 2014، بيد أنه ورغم مرور 4 سنوات على القضاء على وجود التنظيم في العراق، إلا أنه كان هناك زيادة وتنوع ملحوظان في هجماته على المناطق الريفية من هذه المحافظات".

تكثيف الهجمات

وقد أدت الهجمات التي تعرض لها 160 برجا وخطا لنقل الكهرباء منذ بداية عام 2021 والذي كان تنظيم الدولة خلف العديد منها، إلى ثوران غضب الناس وزيادة الاحتجاجات في ظل حرارة الصيف في العراق التي تشهد احتجاجات مستمرة لأسباب مثل تراجع الواقع الخدمي وتفشي الفساد منذ وقت طويل، وفقا للكاتبين.

وأضافا "لهذا، فإن إعادة هيكلة العديد من المناطق، وخاصة الموصل مهمة للغاية سواء من حيث مساعدة الناس في هذه المناطق على التكيف مع الحياة بعد تنظيم الدولة أو من حيث الحد من تأثير التنظيم في المنطقة وعلى الساحة في العراق التي دمرها احتلال تنظيم الدولة وهجماته.

كما ويبدو جليا ضرورة تعزيز التواصل مع الجماعات السنية في المناطق التي خضعت لسيطرة تنظيم الدولة في الماضي، وتقديم الدعم للسنة قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

ونوه الكاتبان إلى أن تنظيم الدولة "يستغل الصراعات بين الحكومة المركزية العراقية وأربيل، والفجوة الأمنية في المناطق المتنازع عليها، والتحركات المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها المليشيات خارج سيطرة الدولة كتنفيذ الهجمات على خطوط الكهرباء في العراق التي باتت ساحة الصراع الأميركي الإيراني". 

وأوضحا ذلك بالقول: "تتركز هجمات تنظيم الدولة في الغالب بالمناطق المتنازع عليها والتي انسحبت البيشمركة من جزء كبير منها مثل كركوك بعد التوتر الذي حصل بين بغداد وأربيل بسبب تنظيم الأخيرة استفتاء الاستقلال عام 2017.

ورغم انتشار "الحشد الشعبي" في المناطق التي انسحبت منها البيشمركة، إلا أن هناك زيادة ملحوظة في عمليات تنظيم الدولة، بسبب الفراغ الأمني ​​الذي نشأ في المناطق المذكورة.

واليوم، ينفذ تنظيم الدولة معظم هجماته في المنطقة المعروفة بمثلث الموت والتي تغطي المنطقة بين كركوك وصلاح الدين وديالي، ومن المعروف أن تنظيم الدولة يداهم القرى السنية والكردية بشكل مستمر، ولا يزال يشكل تهديدا خطيرا هناك، بحسب الكاتبين.

عقبات في الطريق

وقال أوكودوجو وأيدوغان: "في الواقع، لا تزال القوات العراقية وقوات البيشمركة وقوات التحالف الدولي تطلق عمليات ضد تنظيم الدولة، غير أن الصراع على السلطة بين الولايات المتحدة وإيران على الأراضي العراقية، والذي يتزايد باطراد منذ عام 2018، يخرج تنظيم الدولة عن مجال الرؤية كهدف رئيس ويتم تجاهلها".

وتابعا: "دخلت إيران وأميركا في صراع سيطرة على الأجهزة الأمنية بعد القضاء على التنظيم في العراق عام 2017. لتقدم الولايات المتحدة الدعم الكامل لقوات مكافحة الإرهاب، وتركز إيران على تعزيز نفوذها على الحشد الشعبي ومنع استبعاد المليشيات من الأمن والبيروقراطية، وزيادة قدراتها العسكرية".

وشدد الكاتبان على أن "هذا الصراع شكل عقبة رئيسة أمام إعادة هيكلة هذه المؤسسات العراقية وخاصة قوات الأمن وتعزيزها وإعدادها للمستقبل طيلة مدة الأربع سنوات".

وأردفا: "من ناحية أخرى، تستمر المظاهرات المناهضة للحكومة في العراق منذ عام 2011. بيد أن الشيعة كانوا أكثر من نظموا المظاهرات الحاشدة منذ ظهور تنظيم الدولة عام 2014".

وهكذا فإن إرسال قوات حفظ النظام والأمن إلى جنوب البلاد، ومغادرة المليشيات الشيعية مناطقها لقمع المتظاهرين وتراجع محاربة تنظيم الدولة إلى الأولوية الثانية، وفر فرصة للمنظمة لإعادة هيكلة نفسها وتوسيع مجال نشاطها.

كما أن الإغلاق الكامل للعراق بسبب وباء كورونا، وتعليق أنشطة القوات الأمنية في هذا السياق، وعدم قيام قوات التحالف بإطلاق أية عمليات لفترة، خلقت مساحة لتنظيم الدولة وسمحت لها بالتحرك بحرية.

وهكذا تمكنت المنظمة من الاستفادة من الفجوة الأمنية والوصول إلى مناطق لم يكن بإمكانها الدخول إليها من قبل، بحسب ما يراه الكاتبان التركيان.

وأكدا أن تنظيم الدولة لا يزال يتمتع بقوة مالية كبيرة رغم إعلان الانتصار على التنظيم الإرهابي، وذلك بحسب المصادر المفتوحة ووسائل الإعلام المحلية.

وفي هذا من المعروف لجميع العراقيين أنه يتم تحصيل الخراج تحت اسم "الضريبة" من العديد من المشاريع التي تعمل في عملية إعادة الإعمار في الموصل وصلاح الدين والأنبار، وجمع الأموال من العائلات والمتاجر ورجال الأعمال باسم الزكاة.

واستطردا: "علاوة على ذلك، صرح المسؤولون العراقيون غير مرة أن التنظيم أنشأ شبكة قوية لتشغيل وتحويل وتصدير أمواله. ويعتبر عدم السيطرة والقضاء على موارد التنظيم المالية من بين الأسباب التي تسمح لتنظيم الدولة بزيادة قدرتها على تنظيم عمليات جديدة".

ويبدو أن تنظيم الدولة وضعت قطاع الكهرباء في العراق نصب عينيها، إذ إن انقطاع التيار الكهربائي في العراق الذي يعاني من هذه المشكلة منذ 30 عاما، يشكل عامل ضغط يمكن أن يؤدي إلى مظاهرات حاشدة خاصة في المناطق الجنوبية من البلاد وبالتالي سقوط أو استقالة الحكومة، في وقت تشكل فيه انقطاع الكهرباء مشكلة أكبر في أشهر الصيف، يقول الكاتبان.

ولفتا إلى أن "تنظيم الدولة يستهدف البنية التحتية للطاقة أيضا باستمرار وإصرار؛ لتعطيل عمليات إعادة التنمية في البلاد وعدم السماح لحكومة بغداد بالتعافي ولملمة شتاتها، وهي بذلك تهدف أيضا إلى ردع الراغبين في الاستثمار في قطاع الطاقة في منطقة مثلث الموت".

وختم أوكودوجو وأيدوغان مقالهما قائلين: "يبدو أن تنظيم الدولة عاد إلى الميدان ويعمل على زيادة استياء الشعب وسخطها على الحكومة المركزية بهجمات الكر والفر التي يقوم بها خاصة في المناطق التي يعيش فيها السنة، وهو يهدف إلى تجنيد أعضاء جدد باستغلال الفجوة الأمنية في الدولة".

وأضافا: "وكل هذا يظهر أن تنظيم الدولة يهدف إلى استعادة السيطرة على المناطق التي فقدها قبلا من خلال تكثيف هجماته التي كانت تقوم بها خلاياه في الريف في الفترة من يونيو/حزيران 2014، عندما استولت على الموصل ثاني أكبر مدن العراق، وحتى يوليو/تموز 2017، عندما استعادت قوات الأمن العراقية أرض الموصل".