الإمارات لن تحقق طموحاتها الاقتصادية بدون إيران والسعودية وتركيا.. لماذا؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في السنوات الأخيرة، أبرمت الإمارات العديد من العقود التجارية ودشنت استثمارات في مشاريع بدول كثيرة حول العالم وحولت نفسها إلى وجهة عالمية للسياحة والعبور.

وأرجعت صحيفة "جام جام أونلاين" الإيرانية هذا النهج إلى طموح الإمارات بأن تصبح مثل سنغافورة؛ ويعني ذلك "تعويض ضعفها الجغرافي بالاعتماد على القوة الاقتصادية". 

وبعد ذكر عدد من التحديات التي تواجه الدولة الإماراتية ونظام حكمها، تعتقد الصحيفة الإيرانية أن "أفضل طريقة لبقاء دولة الإمارات هي إنشاء إطار أمني إقليمي". 

لافتة إلى أن الدولة الخليجية مهما أصبحت قوية، فإن بقاءها يعتمد على القوى الثلاث المهمة في المنطقة؛ إيران والسعودية وتركيا.

تغير ملحوظ

بحسب الصحيفة الإيرانية، اشتهرت الإمارات منذ زمن طويل بـ"البريق والنزعة الاستهلاكية وموارد النفط الضخمة". لكنها تشير إلى أن هذه السمعة شهدت، في العقدين الأخيرين، تغيرا وتحولا ملحوظا. 

ففي عهد الرئيس محمد بن زايد، أنفقت الإمارات المليارات على تطوير جيشها وأصبحت ما يسميه وزير الدفاع الأميركي السابق، جيمس ماتيس، "إسبرطة الصغيرة". 

كما حولت الإمارات نفسها إلى المركز المالي في الشرق الأوسط، وأقامت علاقة قوية مع جميع اللاعبين في المنطقة، بما في ذلك تل أبيب، ومع القوى العالمية، وخاصة الولايات المتحدة.

وذكرت الصحيفة إلى أن هدفا من هذا النهج أن تصبح مثل سنغافورة، لذا أبرمت العديد من العقود التجارية والاستثمارية داخل وخارج البلاد.

وتقارن الصحيفة دولة الإمارات، إذا تمكنت من تحقيق هذا الطموح، بـ "سلالة ميديشي" التي حكمت فلورنسا من القرن الخامس عشر إلى القرن الثامن عشر.

حيث لم يكن لدى آل ميديشي الكثير من الأراضي ولم يكونوا أبدا في قلب الحروب والصراعات الأوروبية.

لكنهم باستخدام التجارة والمصارف تمكنوا من أن يصبحوا لاعبين رئيسين ومؤثرين في جوار الإمبراطوريات الكبرى، وفق الصحيفة.

وتضيف الصحيفة أنهم شكلوا تحالفا مستقرا مع فرنسا، كما أنهم حافظوا على علاقات دبلوماسية قوية مع إنجلترا وعززوا العلاقات مع الإمبراطورية الرومانية. 

وبهذه الطريقة، أصبحت فلورنسا مركزا للأنشطة الاقتصادية والاكتشافات العلمية والإنجازات الثقافية.

ومن وجهة نظرها، تؤكد الصحيفة أن "الإمارات تتمتع بامتيازات قد تمكنها من تحقيق طموحاتها".

فهي بلد ذو سكان متعلمين وموقع جغرافي مناسب، إضافة إلى أنها تمتلك احتياطيات كبيرة وثروة وفيرة من النفط والغاز. 

ولكن في الوقت نفسه، تلفت الصحيفة إلى وجود حدود لأبو ظبي في تحقيق خططها؛ فهي تعتمد بشكل كبير على النفط المعرض لخطر الانتهاء.

تحديات محيطة

للمضي قدما في تحقيق خططها، تنوه الصحيفة الإيرانية أن "الإمارات يجب عليها الوقوف في وجه أسباب عدم الاستقرار في المنطقة".

وبهذا الشأن، تشير الصحيفة إلى هجمات الحوثيين التي تعرضت لها البلاد من قبل، بالإضافة إلى نزاعها الإقليمي مع إيران.

وكمصدر أقرب للتوترات، تتنافس الإمارات مع جارتها قطر وتواجه تحديات مهمة من جانب السعودية.

حيث يمكن للعديد من السياسات الاقتصادية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أن يؤثر سلبا على وضع الإمارات وطموحها.

وبالعودة إلى المثال الذي استشهدت به الصحيفة، تلفت إلى أن "سلالة ميديشي حافظت على قوتها على الرغم من المنافسة من الدول الكبرى". 

إذ سمحت لهم ثروتهم وخبراتهم وقوتهم الاقتصادية ونفوذهم السياسي بأن يصبحوا فاعلين مهمين في السياسة الدولية، وأن يكونوا قادرين على التواصل مع الشخصيات والحكام المؤثرين بجميع أنحاء أوروبا.

ولكن النفوذ السياسي للسلالة انخفض بسبب الصراع بين أفراد العائلة، مما سمح للقوات الأجنبية بفرض رغباتها عليها.وأخيرا، في عام 1737، توفي آخر حكام ميديشي دون وريث وانتهت هذه السلالة.

وبشكل مماثل، تحذر "جام جام أونلاين" من أن "الإمارات قد تواجه مشاكل مماثلة لسلالة ميديشي، إذ تديرها عائلة واحدة؛ فقد يتصادم الإخوة والأعمام وأبناء العمومة على السلطة في المستقبل". 

ففي حال توفي رئيس الدولة دون تعيين شخص معين خلفا له، فإن هذه الصراعات الداخلية يمكن أن تضعف الدولة. وهو ما قد يتيح فرصة أمام الدول الأخرى لاستغلال هذا الضعف وإزاحة الإمارات من القيادة في الشرق الأوسط. 

قوى ثلاث مهمة

وبافتراض الشرق الأوسط بيئة ممزوجة بالعنف والفوضى، فإن الإمارات، كدولة صغيرة، معرضة للاضطرابات، بحسب الصحيفة الإيرانية.

ولذلك، تعتقد أنها بحاجة إلى المزيد من السلطة والثروة لضمان استقرار حكم الأسرة وطول عمر البلاد.

وحتى الآن، تدعي أن ابن زايد لعب دوره بشكل جيد، حيث أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة، تماما مثل سلالة ميديشي، نموذجا لكيفية قيام دولة صغيرة بلعب دور كبير في السياسة والاقتصاد الدوليين.

لكن بالتمعن في تاريخ سلالة ميديشي، تشير الصحيفة إلى انهيارها بسبب تفكك وحدة الأسرة الحاكمة، حيث أدت الخلافات حول الميراث والخلافة، إلى جانب المعارضة الداخلية، إلى إضعاف هذه السلالة. 

وفي الوقت نفسه، ظهر تحد آخر متمثل في عائلات قوية أخرى في إيطاليا، تسببت في زعزعة سيادة آل ميديشي. 

ووفق ما ذكرته، "عندما اكتسبت حكومات المدن المجاورة السلطة، منعت العائلات القوية الأخرى آل ميديشي من استخدام نفوذهم السياسي كما كان من قبل". 

والسبب الأخير في انتهاء سلالتهم هو "ظهور قادة أقل ذكاء وموهبة من أسلافهم، تسببوا في النهاية في تكبد السلالة خسائر مالية وسياسية كبيرة".

وبنفس الشكل، تطابق الصحيفة التحديات التي يواجهها محمد بن زايد وإخوانه بمثل هذه التوترات؛ فتاريخ الأسرة مليء بالصراع الداخلي بين أفرادها، حسب الصحيفة.

أما بالنسبة للتهديدات الخارجية، تذكر الصحيفة أن "الإمارات محاطة بقوى إقليمية، ومن الممكن أن تمتد الصراعات فيها إلى حدود الدولة". 

وبخلاف السلالة المذكورة سابقا، تضيف أن الدولة الخليجية تواجه تحديا آخر، يتمثل في حقيقة أن "الولايات المتحدة قد لا تكون شريكا أمنيا جيدا لها".

بالإضافة إلى أنها تتوقع أن "يؤدي تغير المناخ على المدى الطويل إلى درجات حرارة شديدة وموجات جفاف، مما يجعل المنطقة غير صالحة للسكن".

وبالنظر إلى هذه الظروف، تقترح الصحيفة أن أفضل طريقة لبقاء دولة الإمارات هي "إنشاء إطار أمني إقليمي". 

وفي النهاية، تؤكد أنه "مهما أصبحت دولة الإمارات قوية، فإن بقاءها يعتمد على القوى الثلاث المهمة في المنطقة؛ إيران والسعودية وتركيا".

لافتة إلى أن "أميركا والشركاء الأجانب الآخرين مهما وعدوا الإمارات بدعم لا نهاية له، فإنهم لن يحموا هذه الدولة إلى النهاية".