بعد مبادرة السعودية.. هل تتدخل تركيا لإيقاف الحرب في اليمن؟

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة تركية عن "بصيص من الأمل" بطريق التوصل إلى حل في اليمن الذي يشهد أكبر كارثة إنسانية في العالم، بعد أن قدمت المملكة العربية السعودية مبادرة لوقف إطلاق النار.

وأعلنت السعودية عن المبادرة في 22 مارس/آذار خلال مؤتمر صحفي لوزير خارجيتها فيصل بن فرحان، قال فيه: "استمرارا لدور المملكة الداعم لليمن (..) فإنها تعلن مبادرة لإنهاء الأزمة والتوصل لحل سياسي شامل، تحت مراقبة الأمم المتحدة".

وعن توقيت سريان المبادرة، أضاف فرحان: "المبادرة الآن سارية ولكن تتعلق بقبول الحوثي بما طرح (ليبدأ التنفيذ)". وأعرب عن أمله في استجابة الحوثيين للمبادرة "صونا للدماء اليمنية وإتاحة الفرصة للحل السياسي". 

ورغم أنه من غير الواضح حتى الآن كيف سيكون رد فعل الحوثيين على دعوة السلام هذه، إلا أن الخبراء يرون أن على تركيا أن تتحرك لإنشاء طاولة للحلول.

وقالت صحيفة "ديريليش بوسطاسي" التركية في مقال للكاتب "غوكهان يلماز": "بينما نشهد أبعاد الأزمة المروعة في اليمن من خلال الصور التي تناقلت حول العالم، عرضت السعودية حلا شاملا".

واستدرك: من ناحية أخرى وصف وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة عبد الله بن زايد، مبادرة السلام السعودية بأنها "فرصة لا تقدر بثمن". وذكر ابن زايد أن وقف إطلاق النار سيشكل خطوة مهمة نحو التوصل إلى حل سياسي دائم في جميع أنحاء اليمن.

الفرصة المرتقبة

ويرى الكاتب أن الرأي القائل بأن المبادرة الجديدة مرتبطة بالسياسات الجديدة التي تتبعها الإدارة الحالية في الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، يبرز في المقدمة.

 فقد صرح الرئيس الأميركي جو بايدن أكثر من مرة أنه سيستأنف عملية الحوار مع إيران، وأشار إلى أنه لن يعمل مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وذلك بمجرد توليه منصبه. 

ويشير يلماز إلى أن تركيا تعمل بشكل فعال ونشط مع منظمات المجتمع المدني في المنطقة منذ سنوات طويلة.

إذ تمد عشرات المؤسسات والمنظمات الخيرية، من مثل هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات (İHH)، واتحاد الجمعيات التي تقدر البشرية (İDDEF)، ومؤسسة البشير يد المساعدة في مجال المساعدات الإنسانية للمناطق التي تعاني من الأزمات في اليمن.

ويتابع: مع ذلك، هناك من يقول بضرورة أن تتبنى تركيا سياسة أكثر نشاطا لإنهاء الأزمة في البلاد بمعزل عن المساعدات الإنسانية التي تقدمها. 

وقد ولدت فرصة جديدة للحوار في ظل تنحية (تهميشه دوليا) ابن سلمان في السعودية التي شهدت أزمات مختلفة في الآونة الأخيرة، واحتمال جلوس الولايات المتحدة على الطاولة مرة أخرى مع إيران.

ووضح قائلا: يبحث السعوديون الذين أنهوا الأزمة بينهم وبين قطر، سبل إعادة فتح قنوات الحوار مع تركيا. 

ويمكن تقييم الأخبار حول رغبة السعوديين بشراء الطائرات المسيرة المسلحة وغير المسلحة من تركيا التي ظهرت قبل فترة قريبة، وإعلانها للأمر في وسائل الإعلام السعودية، في هذا السياق. 

ويرى الخبراء أن جهود السعودية لإعادة بناء علاقات جيدة مع تركيا تمثل فرصة لحل الأزمة في اليمن. 

كما ويؤكدون على أن جهود تركيا في ليبيا وسوريا تعتبر مثالا جيدا أمام العالم وأن أنقرة تتحرك بدوافع إنسانية أكثر منها لتحقيق مصالح شخصية، بحسب الكاتب التركي.

الرسالة التاريخية

وتحدث مصطفى إيفه، رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية الإفريقية (أفسام)، في تصريح له لصحيفة ديريليش بوستاسي أن المهمة التاريخية التي تحملها تركيا على عاتقها تجبرها على الوجود في اليمن. 

وقال إيفه إن "تركيا قدمت عددا من الشهداء في جبهة الحجاز أكثر مما قدمت في جبهة جناق قلعة".

وبين أن "تركيا التي لم تتبن أي طرف من أطراف الصراع في اليمن تبرز في المقدمة في قضية حل الأزمة اليمنية من حيث وجود إمكانية لتحسين علاقاتنا مع السعودية، وكذلك استئناف عملية التهدئة مع مصر والإمارات".

وأكد على أن شعب المنطقة يقبلون بمهمة ورسالة تركيا التاريخية، مبينا أن وزير الخارجية الإثيوبي ديميكي ميكونين عرض وساطة أنقرة لحل الأزمة الإثيوبية ـ السودانية. 

ويوضح الكاتب أن دول المنطقة ترى في تركيا عنوانا لمعالجة المشاكل وإيجاد الحلول، لافتا إلى أن وجودها القوي في الصومال يظهر أن وجودها يمكن أن يكون حاسما في اليمن أيضا.

وأضاف أن الحوثيين ـ أحد أطراف النزاع في اليمن ـ مدعومون من إيران، وأن طهران لن ترغب بتدخل تركيا.

وتابع: "يمكننا أن نتوقع ألا يقبل الحوثيون أن تتولى تركيا دور الوسيط في اليمن، لكننا نرى أن جميع الشرائح الأخرى هناك لا يملكون موقفا سلبيا أمام وساطتها".

إضافة إلى ذلك، "نحن نعلم أن حكومة (الرئيس اليمني عبد ربه منصور) هادي ترغب في إقامة علاقات أوثق مع تركيا وفقا لمسار العلاقات السعودية التركية، وأن الشعب اليمني يرغب في أن تكون أنقرة فعالة ونشطة في حل الأزمة في اليمن".

 وتكشف كل هذه الصور أن تركيا هي الدولة الوحيدة تقريبا التي يمكنها إطلاق مبادرة تستجيب لحاجات الشعوب في المنطقة، يقول الكاتب.

وختم يلماز مقاله بالإشارة إلى ما قاله رئيس مؤسسة "اليمن الجديد" للإعلام صالح الجابري أنه لا يرى أن السعودية جادة في عرضها وقف إطلاق النار لافتا إلى أن انقسام اليمن كان على يد المملكة والإمارات.

ويرى الجابري أن تركيا قادرة على ممارسة الضغط على كل من إيران والسعودية وأن بإمكانها دعوة أطراف الصراع للجلوس على طاولة لحل الأزمة.

وبين أن الجماعات المتصارعة ستفضل استمرار الحرب في اليمن ما لم تتدخل تركيا، لافتا إلى أن الشعب اليمني مرهق للغاية من الحرب المستمرة التي يجب إنهاؤها خلال أسرع وقت ممكن.