الإندبندنت: إيران "تسرق شعبها" لتستثمر أمواله في اقتصاد نظام الأسد

12

طباعة

مشاركة

ربطت صحيفة الإندبندنت البريطانية، سخط الشعب الإيراني "المسكين" من النظام الحاكم، بالاستثمارات في سوريا، قائلة إن طهران تسرق أموال الناس.

وتساءلت النسخة الفرنسية من الصحيفة: إلى أين يتجه العائد من هذه الاستثمارات الضخمة؟ وتحت تصرف من؟

ووجه الكاتب الصحفي بديع يونس الكثير من الأسئلة على لسان الشعب الإيراني "المظلوم"، وكأنه يوجهها إلى المسؤولين والقادة، وعلى رأسهم المرشد الأعلى، علي خامنئي. ولكن تظل العديد من الأسئلة دون إجابة.

افتتح الكاتب مقالته قائلا: انتشرت بعض الصور على موقع تويتر منذ عدة أيام (منتصف مارس/آذار)، والتي كانت تعرض مئات الإيرانيين كانوا يقفون في طوابير طويلة من أجل الحصول على مساعدات الدولة من الدجاج.

ومن ناحية أخرى، انتشرت تقارير متتابعة تعلن عن الاتجاه المتزايد للفقر في طهران، في الوقت الذي تعتبر إيران فيه من أغنى دول العالم، ولكن يبدو أن استثمارات الدولة تتراكم في خزانة القائد والحرس الثوري، ولا يصل منها شيء للشعب الإيراني المحروم، يقول الكاتب.

المساعدات الإيرانية

ومن هذه الناحية، السؤال الدائم من ناحية الشعب الإيراني: أين أموالنا وممتلكاتنا؟ يقول الكاتب: "استثمر النظام الإيراني أموال هذا الشعب في سوريا، لكن لم يعطوا للشعب أي من الربح الناتج عنها".

 وكلما نظرنا إلى حجم الأموال التي أنفقها النظام في سوريا وإلى عائدها الاقتصادي، سنضطر إلى طرح هذا السؤال: لماذا يعاني الشعب الإيراني من الفقر وضيق الحال؟، يتساءل الكاتب.

ويضيف أن المساعدات المالية من قبل إيران للنظام السوري، اتخذت أبعاد متطورة بعد اشتداد الحروب الداخلية في سوريا، وكانت تسميها طهران مساعدات استشارية، ولكنها تحولت إلى مساعدات مالية واقتصادية.

وتزيد الحكومة من دعمها لنظام بشار الأسد من كافة النواحي السياسية، فمن وجهة نظر عسكرية بشكل مباشر ومتسع، كم تبلغ التكاليف المالية للحروب والنزاعات في سوريا؟

ويحاول الكاتب أن يرد: ربما أدق رقم بخصوص هذا الشأن، هو الذي كانت قد ذكرته جيسي شاهين، المتحدثة باسم استيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة السابق الخاص بسوريا.

وأعلنت شاهين عام 2018 أنه على أساس تقدير مجلس الأمم المتحدة، يبلغ متوسط النفقات السنوية من قبل إيران في سوريا 6 مليار دولار حيث بلغت 54 مليار دولار منذ عام 2011 وحتى الآن.

ووفقا لهذا الأساس، تضاعفت مساعدات طهران للنظام السوري كل عام -بحسب الكاتب-، بتخصيص نصف الميزانية للمساعدة في شراء السلع الأساسية في داخل إيران (الدعم المالي).

 وبناء على تقدير آخر، فإن مجموع نفقات إيران في سوريا كانت تتراوح بين 14-15 مليار دولار فقط خلال عامي 2012-2013، حيث فقد نظام بشار الأسد جميع الدخول الخاصة به.

وتابع يونس: "العقل يحكم بلا شك، كل هذه الاستثمارات العظيمة، تحقق عائدا كبيرا، وكان من المفترض أن تساعد على تحسين الأوضاع المعيشية للشعب الإيراني؛ ولكن لم يحدث هذا فقط، بل العكس، تراجعت الأوضاع المعيشية للشعب الإيراني بشكل متزايد".

 إذن لو لم تحقق ربحا، يتساءل الكاتب: لماذا يهدر النظام هذه الأموال الضخمة دون فائدة ودون نتيجة؟ وإذا حققت ربحا ومصلحة، فأين ذهبت؟ وتحت تصرف من؟ كل هذه الأسئلة لا جواب لها.

معاهدات بين الجانبين

ويقول الكاتب: بعد خراب جزء كبير من البنية التحتية ومصانع الإنتاج في سوريا، أبرمت إيران معاهدات اقتصادية متعددة مع النظام السوري تضمنت كل من: البنية التحتية، الكهرباء، الصحة، صناعة الدقيق، توفير المواد الغذائية والتأمين المالي. 

واتفقت إيران والنظام السوري عام 2013 من ناحية على أن طهران ستوفر الواردات السورية، بشرط أن تتم معظم هذه الواردات من الجمهورية الإسلامية وعن طريق الشركات الإيرانية. 

بالإضافة إلى أن يعفي النظام السوري الشركات الإيرانية المصدرة للمواد الغذائية من أي نوع من الضرائب والتعريفات الجمركية.

وبعد ذلك سيطرت روسيا على الموانئ السورية، واكتشفت البترول، الفوسفات، الغاز، ومشتقاته من الفلزات، وركزت إيران اهتمامها على قسم الكهرباء.

هذا في الوقت الذي تدمرت فيه شبكة الكهرباء السورية، وكانت بحاجة إلى ميزانية 7 مليار دولار على الأكثر لإعادة إنشائها مرة أخرى.

ويشير الكاتب إلى أنه ومع أخذ ما تم ذكره في الاعتبار، المساعدات العسكرية للنظام السوري من قبل إيران ليست ولم تكن مجانية، "لأنه بحسب المعلومات التي وصلت إلينا، ترك بشار الأسد حق اكتشاف واستخراج عدة كتل من الزيت في سوريا لطهران خلال الفترة الأخيرة".

 بالإضافة إلى أن لإيران دور فعال في المشاريع الخاصة بالبنية التحتية، وكذلك سيطرت على قسم الصحة السوري عن طريق رجل الأعمال السوري المعروف، سامر الفوز، وفقا لما ذكره الكاتب.

ووفقا لتقرير الصحيفة الإلكترونية "سيريا ديلي نيوز": "لقد زاد ميزان تجارة إيران مع سوريا خلال فترة الحرب الدائمة، بالشكل الذي جعل قسم الصادرات إلى سوريا يتعدى مليار دولار عام 2020 بعد أن كانت 361 مليون دولار عام 2011".

 والنتيجة هي تحول النظام السوري إلى شريك تجاري رقم واحد للسوق الإيراني والسلع الإيرانية. ومن ناحية أخرى، بسبب عدم امتلاك دمشق المال اللازم لتسديد ديونها، تولت إيران أمر إعادة بناء سوريا بشكل كامل تقريبا، يقول الكاتب.

واختتم الكاتب مقالته قائلا: يجب أن نولي الاهتمام لاستنتاج الحقيقة المرة وهي أن التكلفة العظيمة للسياسات الخاطئة والمشاريع المتطورة للنظام الإيراني في المنطقة، لا يدفع أثمانها سوى الشعب. 

وأردف: "شعب إيران غير المدعوم يتهم النظام بسرقة ثرواته وأملاكه، وكذلك يستثمر في مشاريع المنطقة، والربح الناتج عنها يتجه إلى خزانة قادة النظام، وخصوصا آية الله علي خامنئي، القائد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية، في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الإيراني من الفقر وضيق الحال".