بعد خسارة ترامب.. هكذا أصبح السيسي "الديكتاتور المفضل" لدى ماكرون 

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع إخباري باللغة الروسية، عن تضارب وتناقض أفعال رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي وحكومته وإعلامه خلال ردهم وتأثرهم بما يحدث في المنطقة من تغيرات سياسية. 

وتطرق الصحفي والكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط يعقوب هدجيتش في مقال له على موقع "صوت الإسلام"، إلى زيارة السيسي لفرنسا في 7 ديسمبر/كانون الأول 2020، لمدة 3 أيام، تلبية لدعوة من الرئيس إيمانويل ماكرون.

وقال ممثل الرئيس المصري والمتحدث الرسمي باسمه بسام راضي: إن الزيارة "تعكس رغبة البلدين في تعزيز العلاقات الإستراتيجية بينهما".

ويستطرد الكاتب أن "كلا الجانبين لا يخفيان أنه يوحدهما المصالح المشتركة في الشرق الأوسط ومعارضة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".

وقال: إنه "في ضوء الصراع المحتمل في شرق البحر الأبيض المتوسط، قد تكون هذه هي الخطوة التالية نحو إنشاء تحالف عسكري قوي مناهض لتركيا". 

أهداف السيسي

لكن بالنسبة للسيسي، يقول يعقوب: فإنه يولي هذه الزيارة اهتماما شديدا، حيث يمر بوقت عصيب الآن، لأن الرجل الذي كان السيسي بالنسبة له ديكتاتورا مفضلا يغادر البيت الأبيض، للأسف الشديد، يتهكم الكاتب. 

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي تنتهي ولايته في يناير/كانون الثاني 2021، وصف السيسي في تصريح سابق بأنه "ديكتاتوره المفضل".

وفي مكان الراعي ترامب، لن يكون هناك صديق للسيسي، بل على العكس تماما، يقول الكاتب.

وقسمت الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة المصريين لعدة أسابيع، فبينما علق الناشطون وشخصيات المعارضة آمالهم على جو بايدن، أعرب مواطنون موالون للحكومة عن دعمهم الكامل للرئيس الحالي دونالد ترامب، الذي حافظ على علاقات جيدة مع السيسي على مدى السنوات الأربع الماضية.

اتهمت القنوات الفضائية المصرية الخاصة ووسائل الإعلام الأخرى الموالية للنظام مرارا وتكرارا "المرشح آنذاك" بايدن بأنه مؤيد لجماعة الإخوان المسلمين، المعترف بها رسميا كجماعة إرهابية في مصر منذ 2013. 

وقد صورت وسائل الإعلام المصرية بايدن على أنه الشبح الذي سيعيد الإخوان المسلمين إلى المشهد السياسي المصري، على الرغم من أن معظم أعضاء المجموعة إما مسجونون أو في المنفى، يقول الكاتب.

كانت الحملة ضد بايدن شرسة لدرجة أنه بدا وكأن الانتخابات لا تجري في الولايات المتحدة، بل في مصر، يستغرب الكاتب.

لكن بعد لحظات قليلة من إعلان فوز بايدن في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، غيرت وسائل الإعلام المصرية خطابها بشكل كبير، إلى درجة أن السيسي نفسه أصبح أول رئيس عربي يهنئ بايدن، في محاولة على ما يبدو لتعزيز مكانته في الإدارة الأميركية المقبلة.

الإدارة الجديدة

ومع ذلك، يتابع الكاتب: "لن يتمكن السيسي من بناء علاقات جيدة، أو لن يكون قادرا على إصلاح علاقته مع بايدن فقط بفضل التهاني السريعة".

بايدن وخلال حملته الانتخابية انتقد وبشدة دعم ترامب للسيسي، مشيرا على ضرورة حدوث تغيير محتمل في السياسة الأميركية تجاه القاهرة إذا فاز هو في الانتخابات.

ويقول الكاتب: إن ترامب وإدارته تغاضوا وصرفوا النظر عن مئات انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة التي ارتكبت ضد المعارضة والناشطين في مصر، متجاهلين تماما التقارير التي نشرتها وزارة الخارجية الأميركية وهيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية. 

وفي تغريدة في يوليو / تموز، حذر بايدن السيسي، قائلا: إنه إذا تم انتخابه رئيسا، "فلن يكون هناك المزيد من الشيكات الفارغة باسم ديكتاتور ترامب المفضل".

ويتابع الكاتب: "يبدو أن تهديدات بايدن قد بدأت تحقق نتائج حيث أطلقت الحكومة المصرية سراح مئات السجناء السياسيين قبل أيام من نشر نتائج التصويت.

وكان آخرهم خمسة من أقارب الناشط الأميركي من أصل مصري، محمد سلطان، الذين احتجزتهم قوات الأمن المصرية قسرا لعدة أشهر".

وكان بايدن نفسه قد غطى قضية سلطان سابقا، وانتقد السيسي، مما دفع الناشطين إلى الاعتقاد بأن الخطوة كانت نوعا من "التنازل" للنظام المصري بعد انتصاره المحتوم.

نحو الانهيار

لكن في الأيام التي تلت ذلك، يبدو أن أولى بوادر التنازلات من الطرف المصري تلاشت، ففي 19 نوفمبر / تشرين الثاني، اعتُقل في مصر ثلاثة أعضاء في مجموعة حقوقية رائدة، وهي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بعد لقائهم مع سفراء غربيين في القاهرة. 

ووصفت منظمة العفو الدولية الاعتقالات بأنها "تصعيد مخيف" للقمع ضد المجتمع المدني في مصر.

وهناك شكوك تراود الخبراء في الشأن المصري حول فكرة أن يصبح بايدن "المخلص" للحقوق المدنية في مصر.

يقول الناشط المصري في مجال حقوق الإنسان فهد البنا: "أعتقد أن بايدن سيدعم بتكتم الديمقراطية في الشرق الأوسط، بينما ستواصل الحكومة المصرية إطلاق سراح عدد محدود من السجناء في الفترة المقبلة لحفظ ماء الوجه حتى لا يبدو أن الرئيس الأميركي الجديد يأمر القيادة بمصر".

وأضاف البنا: "ليس هناك ما يضمن أن الإدارة الأميركية الجديدة ستغير موقفها من انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، حيث من المحتمل أن يكون لبايدن قضايا أكثر أهمية تحتاج إلى معالجة في دول أخرى".

ويقول الكاتب: إنه من غير المرجح أن يصبح السيسي "الديكتاتور المفضل" لجو بايدن، لكن الرئيس الأميركي قد يتصالح مع وجوده كضامن نسبي للاستقرار في المنطقة المضطربة. 

ولكن من الواضح أن هناك رئيسا غربيا آخر سيرث "الديكتاتور المفضل" من ترامب، في إشارة من الكاتب إلى إيمانويل ماكرون.

العلاقات المشتركة 

وبحسب الكاتب، أثارت العلاقة الوثيقة بين فرنسا ومصر في وقت تتهم فيه القاهرة بارتكاب سلسلة انتهاكات، قلق المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يريدون من ماكرون إثارة القضية مع السيسي.

وقالت 12 جماعة حقوقية، من بينها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، في بيان: "الدبلوماسية الفرنسية على أعلى المستويات تتغاضى منذ فترة طويلة عن القمع الوحشي الذي يمارسه السيسي لأي شكل من أشكال المعارضة".

وجاء في البيان، "لن يقف الرئيس ماكرون للدفاع عن التزامه المعلن للنهوض بحقوق الإنسان في مصر".

وقال البيان: إن الحكومة الفرنسية ليست موردا رئيسيا للأسلحة لمصر فقط، حيث تبيع السفن الحربية والطائرات المقاتلة، ولكنها تسمح أيضا للشركات الفرنسية بتزويد القاهرة بمعدات المراقبة والسيطرة على الحشود.

وأوضح أنطوان مادلين، مدير الحماية الدولية في الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، لوكالة فرانس برس "نحن مندهشون من أن فرنسا تفرش سجادة حمراء لديكتاتور مع وجود أكثر من 60 ألف سجين رأي في مصر اليوم".

وتابع: "نحن لسنا متفاجئين. وبالنظر إلى انزلاق فرنسا إلى الإسلاموفوبيا والاستبداد، تبدو صداقتهما أكثر منطقية من أي وقت مضى".