"وصمة اجتماعية".. ماذا تعرف عن معاناة المحجبات في المجتمع الفرنسي؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت وكالة "الأناضول" مقالا للكاتب أوركون إلماجيغيل، سلط فيه الضوء على معاداة الإسلام في فرنسا، مشيرا إلى أن أغلب الهجمات المعادية للإسلام عام 2019 كانت موجهة ضد النساء المسلمات، حيث تعاني المرأة المحجبة من تضييق مستمر للمساحات الاجتماعية.

وقال الكاتب في مقاله بالوكالة التركية: إن "مشاركة مريم بوجيتو ـ التي كانت أول طالبة محجبة تُنتخب كممثلة عن الاتحاد الوطني للطلاب بفرنسا عام 2018 ـ في الاجتماع الذي عقد بين البرلمانيين واتحادات الطلاب في البرلمان الفرنسي في 17 أيلول/ سبتمبر 2020، أثار استياء الرأي العام الفرنسي والذي زاد حدة موقفه المعادي للإسلام".

وأضاف: "غادرت الجلسة النائبة عن الحزب الحاكم، آن كريستين لانغ، التي تعتبر نفسها نسوية، ونواب الحزب الجمهوري متهمين بوجيتو بالتحرك ضد مبدأ العلمانية. إن حقيقة أن بوجيتو ظهرت في استشارة برلمانية كان كافيا لانتشار حساسية الإسلام بين أعضاء البرلمان أولا ثم في جميع أنحاء فرنسا".

مخاوف مستقبلية

وبحسب الكاتب أوركون إلماجيغيل، فإنه قد نظر النواب الذين يقولون إنهم ملتزمون بـ "حماية الجمهورية" إلى مريم وطرحوا السؤال التالي: "هل سيكون البرقع هو التالي؟".

وتابع: لقد وصف وزير الداخلية عندما انتخبت مريم بوجيتو نائبة عن النقابة قبل عامين، الوضع بأنه فضيحة بينما ظهرت مجلة "شارلي إيبدو" بغلاف أهان الطالبة والحجاب. ولم تستطع الطالبة الشابة أن تحصل على دعم أي حزب سياسي.

وأردف الكاتب: كما لم تستطع (الطالبة) أيضا أن تجد دعما كافيا في ظل ظروف الدولة التي يتداول فيها الحديث عن المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة، وتركت بمفردها بعد تعرضها لـ"وصمة عار اجتماعية".

وأوضح إلماجيغيل أنه "بالنظر إلى أن 70 في المئة من الهجمات المعادية للإسلام في فرنسا في العام الماضي كانت موجهة ضد النساء المسلمات، فإن ما تعرضت له مريم بوجيتو ليس مفاجئا. لكن الحادثة الأخيرة تظهر مدى الصعوبة التي يواجهها المسلم في فرنسا كما تشير إلى خطر إسقاط النساء المسلمات من المجتمع والحياة العامة والتخلص منهن، حيث تمثل هذه الحادثة تجاهلا لطالبة منتخبة قانونيا كان من واجبها عرض مشاكل الطلاب على البرلمان متهمين إياها بتشكيل خطر على الحياة السياسية والاجتماعية".

من ناحية أخرى، يضيف الكاتب: أن الحكومة الفرنسية التي تتوقع "أن تصهر الإسلام في قيم الجمهورية"، أو "استيعاب الاسلام" كما يذكر في الدستور وإعلان مشروع "الإسلام في فرنسا" تحت شعارات "نحن لسنا ضد وجود الإسلام" تبيّن في الواقع أنها تعارض وجود المسلمين الذين يحاولون أن يعيشوا حياتهم اليومية، وهي بهذه الطريقة تصيغ سياساتها ورأيها العام.

مشكلة الهوية

ووفقا للكاتب، فقد كان عام 2019 هو العام الثلاثون لنضال الحجاب في فرنسا، ففي عام 1989، تم طرد اثنتين من طالبات الثانوية المحجبات من قاعة الدرس بسبب "معارضتهما لمبدأ العلمانية" في كراي.

وقد رأت فرنسا أخيرا أن المسلمات المحجبات يمكن أن يكن ناشطات في مجتمعهن. وعلى الرغم من أن قرار المحكمة الذي كان في صف المدرسة خلال هذه الفترة، تم نقضه من قبل مجلس الدولة، إلا أن العبء كان يزيد على النساء المسلمات بشكل مستمر خلال الثلاثين عاما الماضية، حسبما أفاد الكاتب.

وأضاف: كان ذلك في عام 1989 عندما أدركت فرنسا أن المسلمين، الذين لم تتم مناقشة أمرهم في الحياة الاجتماعية والذين كان يُنظر إليهم على أنهم "أقليات مهاجرة مؤقتة"، سيقيمون بشكل دائم في فرنسا.

وأردف الكاتب، قائلا: "كان أبناء وأحفاد العمال المهاجرين والذين استفادوا من العمالة الرخيصة، يخترقون المجال الاجتماعي ويدرسون في المدارس ويريدون دخول الحياة التجارية بهوياتهم الخاصة. وهنا ظهرت مشكلة الهوية لمجتمعات المهاجرين غير النشطة والمفيدة اقتصاديا لفرنسا في المجتمع الفرنسي لأول مرة".

ولفت إلى أنه "مع تزايد العداء ضد الأجانب وخطاب الإسلاموفوبيا، تطورت مشكلة الهوية هذه إلى مشكلة تثار باستمرار وتورط المسلمين دائما خاصة النساء المسلمات".

فبمجرد النظر إلى موقف الفكر المعادي للإسلام تجاه النساء المسلمات والذي يتم التلاعب به باستمرار من قبل الدولة في السنوات الأخيرة، سيكون كافيا لمعرفة المسار، فقد سهل قرار المحكمة العليا حظر ارتداء الحجاب في المدارس الابتدائية والثانوية في عام 2004 ، وفصل النساء العاملات في القطاع الخاص لأسباب تتعلق بالأمن الوظيفي في عام 2013، وفقا للكاتب.

ومنذ عام 2016، جرى حظر دخول الشواطئ والمسابح العامة بـ"البوركيني"، وتعرضت العديد من النساء المحجبات للإهانات أو التمييز بسبب ملابسهن أثناء تلقي الخدمة العامة، أو حُكم عليهن بالبطالة في القطاع الخاص بسبب حجابهن.

التغريب المقصود

واعتبر إلماجيغيل أن ما كان ينتظر النساء المحجبات اللواتي استطعن ​​النجاة من كل هذا، كان قرارا مثيرا للدهشة جرى اتخاذه في عام 2019، فقد تم منع الأمهات اللواتي يرتدين الحجاب من المشاركة في الرحلات المدرسية لأطفالهم والعروض وأنشطة الوالدين بحجة تهيئة جو من الثقة وعدم إظهار الرموز الدينية في الأماكن العامة.

وبعبارة أخرى، يضيف الكاتب: فإنه جرى "إدخال ممارسة جديدة تماما للتمييز أمام النساء اللواتي يتم دفعهن إلى السعي بهدوء خلف حياة عادية بهويتهن الخاصة واللائي تحملن التمييز في الحياة العامة".

ويرى الكاتب أن المهاجرين الذين تم تجاهلهم وإبعادهم عن ثقافة المدن والسياسات الاقتصادية والاجتماعية حين لم يكن لهم دور في المجتمع، يتحولون إلى أجانب يجب أن يخضعوا لفحص وتفتيش مسبقين تحت شعار "قيم الجمهورية" لكل فعل روتيني في حياتهم، ويجب التخلص منهم ومحوهم عندما يكتسبون ذاتية نشطة ومكتفية ذاتيا في المجتمع.

وخلص الكاتب التركي مقاله، إلى إنه في هذه المرحلة أصبحت النساء المحجبات، اللواتي يعتبرن المحرك الرئيسي لظهور الإسلام في فرنسا، أول ضحايا هذه التدخلات الاجتماعية من قبل الدولة التي تغربهن.

وووجه إلماجيغيل في ختام مقاله حديثه للنواب الفرنسيين الذين رفضوا حتى وجود بوجيتو، وسألوها "هل سيكون البرقع هو التالي؟"، قائلا: "في ظل تضييق المساحات الاجتماعية للنساء المحجبات باستمرار، متى سيأتي دور الحقوق والحريات الأساسية للمرأة المسلمة؟".