حملات ماكرون تذهب هباء.. لهذا لم تفلح سياسته في لبنان

12

طباعة

مشاركة

رأت وكالة الأناضول التركية الرسمية أن إستراتيجية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاه بيروت والتي حاول أن يقدم فيها "القيادة الكاريزمية" التي كان يحلم بها عبر أسلوب "الخطيب على المنصة"، لم تفلح في السياسة اللبنانية. 

وأوضح الكاتب علاء الدين دورغرو في مقال له بالوكالة أن "ماكرون الذي قال إنه سيعيد بناء بيروت في زيارته له عقب الانفجار الذي وقع في مينائها في 4 أغسطس/آب، قام بزيارة لبنان للمرة الثانية للاحتفال بالذكرى المئوية للبلاد في 1 سبتمبر/أيلول مقدما الحلول لإنقاذ البلاد من المأزق الاقتصادي الناجم عن الأزمة السياسية التي امتدت طويلا".

ويشير إلى أن ماكرون الذي التقى المسؤولين اللبنانيين فور نزوله من طائرته بطريقة "المنقذ الذي هبط من السماء" رسم خريطة الطريق التي يجب اتباعها واقترح الحكومة التكنوقراطية وكان يعتقد أنها إذا نجحت، يمكن للسياسة اللبنانية أن تتشكل خلال 15 يوما.

وتابع أن ماكرون الذي أنهى زيارته لبيروت بوعود وتهديدات بفرض عقوبات على السياسيين اللبنانيين، وعد باستضافة المؤتمر الدولي الذي سيعقد لدعم لبنان في أكتوبر/تشرين الأول في حال تشكيل حكومة مصطفى أديب والذي كلف بتشكيل حكومة جديدة لتحل محل الحكومة المستقيلة بعد الانفجار الكبير خلال 15 يوما وتنفيذ الإصلاحات. 

طريق مسدود

ويرى الكاتب أن حلم ماكرون الذي كان يحاول إفساح المجال لفرنسا في المنطقة لتكون قادرة على تشكيل السياسة اللبنانية من خلال الاستفادة من الصراعات الداخلية في لبنان صاحبة المعادلة غير المحلولة لسنوات في الشرق الأوسط، انتهى بعد 3 أسابيع من جهود حكومة أديب غير المثمرة. 

وهكذا وصلت مبادرة الرئيس الفرنسي لفرض حكومة تكنوقراط على الجماعات السياسية في لبنان ـ والتي اهتزت بسبب الأزمة الاقتصادية والانفجار في مرفأ بيروت ـ إلى طريق مسدود. 

وذكر الكاتب أن الخبراء كانوا يقولون بالفعل إنه على الرغم من التوصل إلى حل وسط، فإن "الحكومة المخولة" التي عينها قصر الإليزيه ستفشل قبل تشكيلها، لأنه على الرغم من إصرار ماكرون على "حكومة تكنوقراطية"، فإن فرنسا لن تقبل ذلك لأن نفوذها سينهار إذا أصرت الجماعات الشيعية المؤثرة للغاية في سياسة البلاد ـ وبالتالي حزب الله ـ على تولي منصب وزارة المالية.

وكنتيجة لذلك فإن جهود الأحزاب الأخرى لإدراج أسماء قريبة منهم في الحكومة جعلت محاولات تشكيل الحكومة الجديدة غير مثمرة، كما أن خريطة الطريق السريعة التي رسمها ماكرون دون وضع التوازنات في البلاد في الحسبان، لم تسفر عن شيء. 

وهكذا ذهب شغف ماكرون بـ "القيادة الكاريزمية" التي حاول عن طريقها إعادة الهيمنة على المستعمرات السابقة لفرنسا سياسيا.

اتهامات بالخيانة

وبحسب الكاتب فقد أطلق ماكرون الاتهامات عندما علق اقتراحه بتشكيل حكومة "غير حزبية" في التوازنات السياسية في لبنان قائلا: "من الواضح أن القوى السياسية اللبنانية لم ترغب في الوفاء بالالتزام، وقررت خيانتها".

واستطرد قائلا: "بسبب إصرار حزب الله على وزارة المالية ـ وهو ما يُعتبر من الأسباب الرئيسية لاستقالة حكومة أديب في وقت قصيرـ استهدف ماكرون الحزب الذي التقى معه سرا".

وقال ماكرون: "لا يمكن أن يكون حزب الله جيشا يقاتل إسرائيل ومليشيا تستهدف المدنيين في سوريا، وطرفا محترما في لبنان في الوقت نفسه"، وقال: إن السياسيين اللبنانيين لديهم "فرصة أخيرة" لتشكيل الحكومة وأن الخريطة التي رسمت في 1 سبتمبر/أيلول لا تزال صالحة".

وأردف الكاتب: "ماكرون قال إن الطريقة الأكثر فعالية لتشكيل حكومة في بيروت هي الضغط على السياسيين. وهكذا قد يؤدي فشل مبادرة لبنان إلى زيادة التصورات السلبية عن الرئيس في باريس مما قد يؤدي ذلك إلى إضعاف الرجل الذي يستعد للانتخابات الرئاسية لعام 2022 في فرنسا".

جهود التوسع

ويعتبر الكاتب أن الإدارة الفرنسية تهدف إلى إحياء نفوذها في البلدان التي أنشأت فيها أنظمة استعمارية في الماضي مثل سوريا ولبنان على الرغم من عدم وجود حدود بحرية لها مع شرق المتوسط، كما ترغب بكسر نفوذ القوى الإقليمية مثل تركيا والقوى العالمية مثل روسيا والولايات المتحدة الأميركية.

 ويُنظر إلى أن الغرض الرئيسي من حركة الدبلوماسية المكثفة التي بدأها ماكرون مؤخرا نحو هذا الهدف هو القضاء على الجهات الفاعلة الرئيسية في المنطقة وتغيير صورة فرنسا في المنطقة وزيادة هيمنتها.

كما ويشير إلى أن أوجه القصور في عملية مكافحة النوع الجديد من فيروس كورونا كوفيد 19 بالإضافة إلى صعود اليمين المتطرف في فرنسا والفعالية المحتملة للسترات الصفراء (مجموعات احتجاجية في باريس)، يجعل ماكرون لدفع فرنسا لتكون فعالة في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط.

واختتم الكاتب مقاله منوها إلى أن جهود وحملات ماكرون فشلت في لبنان كما جرى في اليونان ومصر وقبرص اليونانية وليبيا ضد تركيا حيث لم يتلق الدعم الذي كان يتوقعه من عدة دول أوروبية خاصة ألمانيا.