تعرف على خريطة الانتشار العسكري لتركيا وفرنسا في الشرق الأوسط

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي تقريرا تطرق إلى أسباب تنامي الصراع التركي الفرنسي وامتداده إلى مسارح أخرى في الشرق الأوسط وإفريقيا من خلال الوجود العسكري للبلدين في مناطق عدة، الأمر الذي يعكس طموحات ومخاوف من خسارة النفوذ خاصة من الجانب الفرنسي.  

قال الموقع: إن الأزمة بين اليونان وتركيا أدت إلى خلافات داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مما تسبب في انقسام يبدو من الصعب حله، لا سيما بالنظر إلى موقف ممثل أوروبي آخر هو فرنسا. 

وكانت باريس قد انحازت بوضوح إلى أثينا، وبالإضافة إلى الدعم الدبلوماسي، تتخذ سلسلة من الخطوات لمساندة اليونان في صراع شرق البحر المتوسط. 

كما أعلنت فرنسا مؤخرا عن خطة لزيادة تسليح القوات المسلحة اليونانية من خلال إبرام صفقات بيع للأسلحة الفرنسية مثل المقاتلات من طراز رافال، الفرقاطات والمروحيات، وكذلك الأسلحة المضادة للدبابات والصواريخ والطوربيدات.

ولفت الموقع إلى أن وصول الأسلحة الجديدة الفرنسية لن يكون فوريا وسيمنح تركيا وقتا للاستعداد الجيد. وبالإضافة إلى عملها على تعزيز برامج تطويرها الخاصة، بما في ذلك تصنيع مقاتلة من الجيل الخامس، قررت أنقرة "التسوق" خارج "العالم الغربي" ويظهر ذلك من خلال سعيها لشراء أنظمة الدفاع الجوي روسية الصنع إس 400.

وتساءل الموقع عن السبب الذي دفع الإليزيه إلى السير في طريق وصفه بالخطير لسلامة وأمن النظام الدفاعي للحلف الأطلسي، موضحا أن الجواب هو خشية باريس، أكثر من روما، من تدخل أنقرة في الشرق الأوسط والمسارح الإفريقية الأخرى التي كانت دائما جزءا من مجال نفوذها بعد الاستعمار. 

بُعد إقليمي

وأشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شرع منذ فترة طويلة في سياسة تهدف إلى إعادة تركيا إلى خارج السياق القاري، بعد أن اضطرت إلى ملازمة شبه جزيرة الأناضول منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، للحصول على بُعد إقليمي أكثر وتأثير أكبر داخل العالم الإسلامي القريب، من النواحي الدينية والسياسية والتجارية. 

وأردف "إنسايد أوفر'' أن العودة إلى اتباع سياسة بحرية توسعية، ليست سوى نتيجة طبيعية لرغبة تركيا في مغادرة حدود الأناضول، وتفسر تماما الخلاف مع اليونان، جارتها القديمة ومنافستها على الدوام. 

وأوضح أن الخلافات مع الإليزيه تندرج في إطار هذه الإستراتيجية ''التوسعية'' التركية، رغم محاولات الحوار بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والتركي رجب طيب أردوغان لحل الوضع التركي اليوناني هاتفيا في 22 من سبتمبر/أيلول.

وأوضح أن ما يجري يعبر عن مخاوف من تداخل مجالات النفوذ ذات الصلة. فبالنظر إلى موقع القوات الفرنسية مقارنة بالتركية على خريطة الوجود العسكري للبلدين في المنطقة، يتضح على الفور أن أنقرة قد اخترقت في العقد الماضي بعض القطاعات التي تعد تاريخيا جزءا من العالم الناطق بالفرنسية أو مرتبطة على أي حال بمصالح باريس.

أكد الموقع أن المجال الأول الأساسي ليس فقط لفرنسا ولكن للقوى العالمية الكبرى، من بينها إيطاليا التي أنشأت قاعدة هناك، هو جيبوتي الواقعة على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي.

 وتوجد بها قاعدة عسكرية تركية وقواعد عسكرية  لدول أخرى من بينها فرنسا. لكن لأنقرة أيضا منشآت مهمة في القرن الإفريقي، حيث يوجد في مقديشو أكبر منشأة عسكرية خارج الأراضي التركية وفي كيسمايو أيضا. 

وشمالا، يثبت الوجود التركي حضوره أيضا في السودان، تحديدا في ميناء سواكن على البحر الأحمر. 

في اتجاه الشرق الأوسط، تدخلت تركيا، بالإضافة إلى إدارتها للجزء الشمالي من جزيرة قبرص، بشكل مباشر في الصراع في سوريا في إطار عملية منبع السلام، والتي سمحت لها في العام 2019 بدخول الأراضي السورية القريبة من حدودها. كما أدت المسألة الكردية أيضا إلى وجود عسكري تركي في شمال العراق.

كما تشير التقارير إلى أن أنقرة نشطة للغاية في شمال لبنان، والتي تعد مع سوريا إحدى المستعمرات السابقة لفرنسا. 

المسارح الأخرى

بالإضافة إلى أفغانستان، حيث تعد أنقرة جزءا من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد حركة طالبان، تمتلك تركيا قاعدة مهمة في قطر، يعود تاريخها إلى زمن الاتهام السعودي للدوحة بكونها "دولة إرهابية" مما سمح لأردوغان بالوقوف إلى جانبها وأن يصبح خصما إقليميا فعليا للرياض، وفق الموقع الإيطالي.

وأضاف الموقع أن ليبيا تعد مسرحا آخر للسياسة التوسعية لتركيا من خلال الدعم العسكري لحكومة الوفاق في طرابلس، الأمر الذي منح أنقرة إمكانية استخدام قاعدتي الوطية الجوية ومصراتة البحرية. 

ناهيك عن أذربيجان، المدعومة من تركيا في نزاعها الأخير ضد أرمينيا بشأن ناغورنو كاراباخ. 

أفاد الموقع بأن الوجود الفرنسي يتركز في بلدان إفريقيا، جنوب الصحراء والاستوائية (تشاد، النيجر، مالي، موريتانيا، الغابون، ساحل العاج، بوركينا فاسو، جمهورية إفريقيا الوسطى).

وبالإضافة إلى جيبوتي المذكورة أعلاه، التي تتمركز بها فرنسا في أكبر قاعدة بالمنطقة تضم 1450 جنديا، توجد باريس عسكريا أيضا في لبنان، ضمن كتيبة اليونيفيل بموجب العلاقات التي تربطها ببيروت.

كما توجد فرنسا في العراق وسوريا  ضمن عملية "الشمال'' لمحاربة تنظيم الدولة النشط منذ 2014، فضلا عن الوجود في الأردن.

وتمتلك فرنسا قاعدة دائمة في دولة الإمارات تضم 650 من أفراد القوات البحرية والجوية، ولديها قوات متمركزة في قطر والكويت، فضلا عن المشاركة في البعثة الأوروبية أتالانتا لمكافحة القرصنة في قطاع خليج عدن/بحر العرب.

في الختام، أكد الموقع أن المسرح الليبي حاليا هو الأكثر احتداما في سياق التصادم بين باريس وأنقرة، وفي الآونة الأخيرة وقعت حوادث بين السفن العسكرية التركية، والسفن الفرنسية المشاركة في مراقبة حظر تدفق الأسلحة. 

لكن يبدو، حتى وإن لم يكن رسميا، أن القوات الخاصة الفرنسية تعمل في ليبيا على دعم قوات الجنرال خليفة حفتر.

وبالنظر إلى خريطة الانتشار العسكري لتركيا وفرنسا في الشرق الأوسط، من الواضح، أن الإليزيه لا يتحمل التأثيرات "العثمانية"، لذلك يخشى أن يصبح القرن الإفريقي بمثابة جسر للانفتاح التركي على القارة السمراء.