الصين وروسيا في غرب البلقان.. هدف واحد ومصالح متباينة

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع "جلوبال بوست" الأمريكي مقالا للكاتب أوستن دوهلر، سلط فيه الضوء على علاقة الصين وروسيا، مشيرا إلى أنه برغم وحدة هدف الصين وروسيا في إستراتيجية البلدين بمنطقة غرب البلقان، إلا أن ثمة أسباب تحول دون تعاونهما في تحقيق هذا الهدف.

وقال الباحث في مركز تحليل السياسات الأوروبية: إن البلدين يجمعهما تقويض الديمقراطية الليبرالية، لكن ثمة مصالح مختلفة لكل طرف تجعله يعمل منفردا، ما يمثل فائدة مهمة للغرب.

تنافس على النفوذ

وأضاف: "يتميز تاريخ غرب البلقان بوجود القوى الأجنبية التي تتنافس على النفوذ. تستمر هذه الديناميكية في الظهور في هذه المنطقة الصغيرة نسبيا، مع انعكاسات جيوسياسية تتجاوز نطاق المنطقة الموجودة على أطراف أوروبا".

وتابع الكاتب: "أبدت الولايات المتحدة اهتماما متجددا بمنطقة غرب البلقان، حيث كانت روسيا تاريخيا قوة أجنبية كبرى، كما برزت الصين في السنوات الأخيرة كلاعب مهم. يبدو أن لكل من هاتين الدولتين مصالح متبادلة في غرب البلقان، وأهمها تقويض الديمقراطية الليبرالية وزيادة عدد الدول التي تدعم ، بشكل علني أو ضمني، أنظمتها الاستبدادية".

وتساءل عن سبب عدم تعاون الصين وروسيا في المنطقة خارج "مجلس التعاون الاقتصادي" الغامض المصمم فقط لتنسيق وتشجيع الاستثمارات الصينية والروسية في صربيا؟

وأشار الكاتب إلى أن السبب الأول لعدم تعاون الدولتين هو عدم وجود حوافز لروسيا للتعاون اقتصاديا مع الصين، مضيفا: "إذا استمرت الاستثمارات الصينية في غرب البلقان في الزيادة بشكل متناسب مع النمو الاقتصادي للصين، فإن زيادة استثمارات بكين قد يؤدي إلى إقصاء روسيا".

وأردف: "على سبيل المثال، تتمثل مصلحة روسيا الاقتصادية الرئيسية في المنطقة في الطاقة، ولكن في عام 2016، اشترت الصين واحدة من أكبر شركات النفط في ألبانيا، إلى جانب حقوق بعض من أكبر حقول النفط في البلاد".

واستطرد الكاتب: "تعتمد العديد من دول غرب البلقان حاليا في طاقتها على روسيا، التي تستخدمها موسكو كقوة سياسية. ومع ذلك، يمكن أن يتغير كل هذا إذا بدأت الصين في تقديم بدائل الطاقة في المنطقة".

ومضى يقول: "بالإضافة إلى ذلك، لا ترغب روسيا في الانضمام إلى شراكة تضعها في موقف أضعف بكثير من شريكها. يبلغ حجم الاقتصاد الصيني 6 أضعاف حجم الاقتصاد الروسي ويستمر في النمو بينما يعاني الاقتصاد الروسي من الركود. تفهم موسكو أنه بدلا من الانضمام إلى شراكة بشروط غير متكافئة تخاطر فيها بأهدافها لتصبح خاضعة لبكين، فمن الأفضل أن تواصل أجندتها الخاصة بها".

أما السبب الثاني، فبحسب الكاتب: يتمثل في أنه على الرغم من رغبتهما المتبادلة في تقويض الديمقراطية الليبرالية، فإن مصالح الصين وروسيا في المنطقة مختلفة نوعا ما.

وأوضح: "تحتوي مصالح روسيا على عنصر أمني متميز، حيث يتمثل أهم عنصر في منع انضمام المزيد من دول المنطقة إلى حلف الناتو. ولتحقيق هذا الهدف، ذهبت روسيا إلى أبعد من محاولة اغتيال رئيس وزراء الجبل الأسود وإحباط اتفاقية الاسم بين مقدونيا الشمالية واليونان. من غير الواضح كيف أن منع الدول من الانضمام إلى الناتو سيفيد الصين".

وزاد الكاتب: "تبقى مصالح الصين في المنطقة اقتصادية في الغالب. أصبحت غرب البلقان جزءا كبيرا من مبادرة الحزام والطريق الصينية ، وقد استثمرت الصين بكثافة في البنية التحتية للمنطقة حتى تتمكن من نقل البضائع التي يتم شحنها من الميناء الذي تملكه في جنوب اليونان إلى بقية دول الاتحاد الأوروبي. هذا لا يعني أن الصين ليس لديها مصالح جيوسياسية في المنطقة، ولكن في الوقت الحالي، فإنها تتراجع عن مساعيها الاقتصادية".

مظهر الحياد

والسبب الثالث والأخير، يقول الكاتب: هو أن نجاح الصين الأخير في غرب البلقان يرجع جزئيا إلى قدرتها على الترويج لنفسها كممثل "محايد" دون وجود إرث تاريخي، مضيفا: "لقد كان لروسيا تاريخيا نفوذ بين السكان المسيحيين الأرثوذكس في المنطقة من خلال التأكيد على موضوعات القومية السلافية عموما والترويج لنفسها كمدافع عن المسيحية الأرثوذكسية".

ومضى يقول: "كان لتركيا تأثير مماثل في غرب البلقان بين السكان المسلمين في المنطقة، مما يستلزم الترويج لروايات مماثلة عن الأخوة الدينية والثقافية. مع استمرار روسيا وتركيا في التنافس في غرب البلقان، فإنهما توسعان الفجوات العرقية والثقافية بين المسيحيين الأرثوذكس في المنطقة والمسلمين. ولن تضحي الصين بمظهر الحياد من خلال الشراكة مع روسيا".

وتابع: "لا شك أن التعاون الصيني - الروسي المهم يهدد مصالح الغرب في غرب البلقان ، لكن لحسن الحظ بالنسبة للغرب ، فإن هذا التعاون غير مرجح".

وأكد الباحث: "مع ذلك، حتى بدون العمل معا، تعزز الصين وروسيا مصالح بعضهما البعض. إن الصين الأكثر قوة تساعد على تحقيق رؤية روسيا لنظام عالمي متعدد الأقطاب، وقد ظل كلا البلدين وسيواصلان عرقلة الاعتراف باستقلال كوسوفو، بما في ذلك عضوية كوسوفو في الأمم المتحدة".

واختتم مقاله بالقول: "بالنسبة للمستقبل المنظور، يجب على الغرب أن يحسب حساب كل من الصين وروسيا كقوتين متنافستين في غرب البلقان ويأمل ألا يشرعا في التعاون".