رغم دعم تركيا غزة.. لماذا تتجنب أذربيجان إدانة العدوان الإسرائيلي؟

منذ ٦ أشهر

12

طباعة

مشاركة

منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يتصاعد الغضب المناهض لإسرائيل في أنحاء العالم كافة، لا سيما في الدول العربية والإسلامية، التي تقف شعوبها بشكل مطلق مع القضية الفلسطينية.

ولأن أذربيجان واحدة من الدول الإسلامية -حيث يبلغ عدد مسلمي هذا البلد نحو 93 بالمئة من السكان- فكان متوقعا أن يكون موقفها مشابها لمواقف الشعوب العربية والإسلامية.

هذا بالإضافة إلى مجاورتها لكل من تركيا وإيران، اللتين تتخذان مواقف داعمة للقضية الفلسطينية، ومناهضة للاحتلال الإسرائيلي. 

ووفقا لصحيفة "أتلانتيكو" الفرنسية، لا يلقَى الخطاب المناهض لإسرائيل صدى كبيرا في أذربيجان على الرغم من عدوانها على قطاع غزة.

اعتبارات جيوسياسية

وتقول: "إذا كان العالم الإسلامي يبدو حساسا بشكل طبيعي وتلقائي تجاه القضية الفلسطينية، فإن الاعتبارات الجيوسياسية من شأنها أن تجعل المعادلة أكثر تعقيدا بالنسبة لبعض البلدان التي تحافظ على علاقات جيدة مع إسرائيل".

ولفتت الصحيفة إلى أن أذربيجان واحدة من هذه الدول، إذ إن "مجاورتها لإيران وتركيا يجعل موقفها حساسا بشكل خاص".

وأوضحت: "يسعى النظام الإيراني إلى ترسيخ نفسه كزعيم للمقاومة الإسلامية المناهضة لإسرائيل. وكذلك تركيا، التي كان موقفها المبدئي، بعد أحداث 7 أكتوبر، حذرا متحفظا، لكنها تخلت عن هذا الحذر لاحقا".

وأردفت: "في حين تتزايد الدعوات لوقف الأعمال العدائية في قطاع غزة بجميع أنحاء الشرق الأوسط وعلى نطاق أوسع داخل العالم الإسلامي، فإن الخطاب النقدي ضد الدولة اليهودية والدعوات إلى قطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية لا تلقى صدى كبيرا في العاصمة الأذربيجانية باكو".

وتعزو الصحيفة ذلك إلى عدد من الأسباب والعوامل الإستراتيجية للجانبين؛ الإسرائيلي والأذربيجاني.

ففيما يتعلق بتاريخهما، تذكر الصحيفة أن أذربيجان وثقت علاقتها مع الاحتلال منذ استقلالها، لا سيما على مستوى الطاقة.

ويُذكر أن أذربيجان وكازاخستان تغطيان أكثر من نصف احتياجات إسرائيل من النفط.

وأفادت الصحيفة بأن أذربيجان تحديدا تعد شريكا أكثر أهمية لإسرائيل، إذ إنها وحدها تزود تل أبيب بنحو 40 بالمئة من احتياجاتها النفطية.

وكذلك يوجد تعاون مستدام بشكل خاص على المستويين الأمني والعسكري، حيث توفر 70 بالمئة من المعدات العسكرية الأذربيجانية من قبل الصناعات الدفاعية الإسرائيلية. 

وتشير إلى أن أذربيجان لديها مصالح دبلوماسية أيضا مع إسرائيل، حيث تستفيد من دعم جماعات الضغط المؤيدة لها في واشنطن.

من ناحية أخرى، تقول "أتلانتيكو" إن هذه العلاقة تخدم الأهداف الإستراتيجية الأذربيجانية والإسرائيلية.

وبهذا الشأن، تدين أذربيجان لإسرائيل بالكثير في عملية إعادة تسلحها الضخمة منذ هزيمتها من أرمينيا عام 1994، وما نتج عن ذلك من ترسانة أسلحة متطورة.

وهو ما ساعدها على استعادة معظم الأراضي التي فقدتها في قره باغ خلال حرب الـ 44 يوما نهاية عام 2022.

مصالح إستراتيجية

سواء من الناحية العملياتية أو الاستخباراتية، فإن وجود موطئ قدم في أذربيجان يخدم أيضا المصالح الإسرائيلية ضد إيران، كما توضح الصحيفة الفرنسية.

وفي رأيها، من الطبيعي أن تدعم إسرائيل موقف باكو المؤيد للوحدة الأذرية في شمال غرب إيران، وهي المنطقة التي يشار إليها بانتظام باسم "أذربيجان الجنوبية" من قبل الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف.

وبحسب الصحيفة، لا يجب إغفال حقيقة أن "أذربيجان كدولة ذات سيادة لم تكن موجودة إلا منذ عام 1918، في حين أن إيران كدولة كانت موجودة لآلاف السنين". 

ولذلك فإن "إعادة التوحيد" الافتراضية لجميع السكان الأذريين يشكل تهديدا طبيعيا للسلامة الإقليمية والعرقية لإيران، وفقا لـ "أتلانتيكو".

وهنا تلفت إلى أن هذه النزعة الانفصالية تمكنت أيضا من إيجاد صدى في واشنطن بين بعض مؤسسات الفكر والرأي القريبة من الجمهوريين، والتي كان لها تأثير كبير على السياسة الأميركية تجاه إيران إبان حكم دونالد ترامب بين عامي 2016 و2020. 

وفي حين تشير "أتلانتيكيو" إلى أن العلاقات بين إيران وأذربيجان تدهورت منذ وصول إبراهيم رئيسي إلى السلطة عام 2021، تشكك في ذات الوقت باستسلام باكو لصافرات الإنذار المعادية لإسرائيل.

وتابعت: "وبناء على انتصاره الأخير في القوقاز، ليس لدى إلهام علييف أي ضرورة أو مصلحة في إرضاء الجمهورية الإسلامية، لا سيما أن الرأي العام الأذربيجاني لا يطالب بأي مقاطعة للدولة اليهودية، على الرغم من بعض التعاطف مع القضية الفلسطينية". 

كما ترى الصحيفة أنه "في دولة تحولت فيها كراهية الأرمن إلى أيديولوجية في حد ذاتها، فإن المساعدة التي قدمتها إسرائيل في استعادة قره باغ كانت موضع تقدير عظيم". 

وبناء على ما سبق ذكره، تشير الصحيفة الفرنسية إلى أن المعادلة صعبة بشكل خاص بالنسبة لإيران.

إذ يتعين عليها أن توازن مواقفها فيما يتعلق بالعلاقة الإسرائيلية الأذربيجانية، مع الحاجة إلى تحسين تفاهمها مع جيرانها. 

وعلى الرغم من الخطاب العدائي المنتظم، تذكر الصحيفة أن "إيران وأذربيجان حاولتا التقارب الاقتصادي السري"، من خلال تطوير ممر التجارة والنقل بين الشمال والجنوب. 

وبالرغم من أهمية قطاع غزة بالنسبة لإيران، تؤكد أن هذه المسألة لن تؤثر على علاقات طهران الثنائية مع باكو.