علاقات تركيا والعراق قبل زيارة أردوغان المرتقبة.. كيف كانت وإلى أين تتجه؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

بصورة لافتة، طرأت في الأشهر الأخيرة تطورات إيجابية على العلاقات التركية العراقية التي عُرفت بشيء من الجمود في السنوات الماضية، بسبب ملفات أمنية عالقة، في مقدمتها موقف بغداد من أنشطة حزب العمال الكردستاني الذي تعده أنقرة "تنظيما إرهابيا".

وفي هذا السياق، نشرت وكالة الأناضول مقالا للكاتب "بيلجاي دومان" سلطت فيه الضوء على التطورات الإيجابية الطارئة على العلاقات التركية العراقية وآفاق تحقيق الاستقرار في المنطقة.

خطوات متوازنة

وذكرت أنه في الآونة الأخيرة كانت هناك تطورات مهمة بين تركيا والعراق. فبدأت حركة دبلوماسية مكثفة بين البلدين في أعقاب زيارة وزير الخارجية هاكان فيدان إلى بغداد وأربيل في آب/أغسطس 2023. 

وأخيرا توجه وفد مكون من هاكان فيدان ورئيس جهاز الاستخبارات الوطنية إبراهيم كالين ووزير الدفاع يشار غولر ونائب وزير الداخلية منير كارال أوغلو إلى بغداد في 14 مارس/ آذار 2024 وأجرَوا محادثات مع نظرائهم العراقيين. 

ويبدو أن المواد المطروحة في البيان المشترك الذي صدر في نهاية الاجتماع تعطي أملا جادا في أن تنتقل العلاقات بين البلدين إلى مرحلة أخرى بالمعنى الإيجابي. 

ويُظهر إعلان العراق حزبَ العمال الكردستاني "تنظيما محظورا"، بالإضافة إلى اتخاذ قرار بإنشاء لجان مشتركة في مجالات التجارة والطاقة والمياه والصحة والزراعة والنقل وخصوصا في مجال التعاون العسكري، أنه يمكن اتخاذ خطوات ملموسة بين البلدين في المستقبل.

ومن المنتظر أن يتم التوقيع على اتفاقيات مهمة حول العديد من القضايا مع زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى العراق في أبريل/ نيسان 2024. 

وعندما يتم قراءة هذا التطور الإيجابي في العلاقات التركية العراقية جنبا إلى جنب مع التطورات في السياسة الداخلية العراقية، يبدو أن هناك فرصة حقيقية لتحقيق الاستقرار لكل من العراق والمنطقة بأكملها.

في الواقع، يمكن الإشارة إلى أن العراق كان مرتاحا ومستقرا نسبيا في السنوات القليلة الماضية، خاصة مع حكومة محمد شياع السوداني. 

وعلى الرغم من أنه من غير الممكن محو آثار الحرب على البلد، الذي كان في حالة صراعات نشطة لأكثر من 40 عاما، إلا أن الخطوات المتخذة في البلد كانت في وقت قصير أملا للعراقيين. 

وعلى الرغم من استمرار السلبيات في البلاد مثل؛ التوتر السياسي الذي يتصاعد من وقت لآخر والهجمات التي تشنها خلايا تنظيم الدولة ونشاط حزب العمال الكردستاني ووجود مليشيات وتدخلات أجنبية، إلا أن الزخم الذي اكتسبته حكومة السوداني يمهد الطريق للعراقيين للحصول على نظرة أكثر إيجابية للمستقبل.

فمن الواضح أن الشعب العراقي يأمل في إنجاز أعمال البنية التحتية والبنية الفوقية في المدن، خاصة في العاصمة بغداد التي تعد الوجه المرئي للبلد والمدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان من حيث عدد السكان. 

ديناميكيات جديدة 

وأشارت الوكالة التركية إلى أن التطورات في بغداد لافتة للنظر بشكل خاص؛ حيث إن شوارع بغداد التي كانت معزولة في السابق بسبب المخاطر الأمنية لديها الآن حياة معيشية على مدار 24 ساعة. 

ويلاحظ أن الناس قد بدأوا يستعيدون ثقتهم بأنفسهم وأن الهوية والوعي العراقيين قد تشكلوا بين الناس. ويرجع ذلك إلى الخطوات المتوازنة التي اتخذتها حكومة السوداني في السياسة الداخلية والخارجية. 

ومن الواضح أن السياسيين العراقيين والشعب يولون أهمية كبيرة للعلاقات مع تركيا في هذا التوازن.

وبغض النظر عن الأطراف المُخاطَبَة في العراق لن يكون من الخطأ القول إنه على الرغم من وجود أولئك الذين يعارضون سياسات تركيا من وقت لآخر، إلا أن المباحثات مع تركيا تَظهَر بشكل إيجابي. 

ويمكن رؤية ذلك حتى في التغير في موقف قيس الخزعلي، زعيم مليشيا عصائب أهل الحق الشيعية الموالية لإيران، التي تعد واحدة من الجماعات التي تصدر أقسى البيانات ضد تركيا. 

فكان قيس الخزعلي يتهم تركيا بالاحتلال بسبب العمليات التي تقوم بها في شمال العراق وأدلى بتصريحات تلمح إلى أنه قد يستهدف العناصر التركية في العراق.

ويبدو أن الخط السياسي المستقر الذي تتبعه تركيا تجاه العراق على مدى السنوات الماضية قد حقق استجابة إيجابية. 

فإن سياسة تركيا الخارجية تؤتي ثمارها؛ فهي تقوم على حماية سلامة أراضي العراق ووحدته السياسية مع دعم استقراره والحفاظ على علاقات متوازنة مع كل مجموعة فيه. 

التوازن بين بغداد وأربيل

وفي السياق، لفتت وكالة الأناضول النظر إلى أن دور تركيا في التوازن بين بغداد وأربيل مهم أيضا. 

فكما هو معروف لا تزال هناك مشاكل بين أربيل وبغداد حول قضايا مثل الميزانية وتقاسم عائدات النفط ونقل الطاقة بالإضافة إلى القضايا الإدارية. 

ومع ذلك من المعروف أن تركيا يمكن أن تسهم في الانسجام والمصالحة بين أربيل وبغداد من أجل تحقيق الاستقرار في العراق.

وعلى الرغم من أن العلاقات التي طورتها تركيا مع الحكومة المركزية في العراق قد أدت إلى اعتقاد بعض الأوساط بأن أنقرة ستبتعد عن أربيل، إلا أن وجود وزير الداخلية في إقليم كردستان العراق في زيارة الوفد التركي في 14 مارس أعطى صورة مطمئنة بالنسبة للعلاقات. 

ويمكن القول إن تركيا تنظر إلى أربيل وبغداد في نطاق سلامة أراضي العراق ووحدته السياسية من وجهة نظر تكميلية، وليست وجهة نظر منفصلة. 

والتوافق والتوازن بين أربيل وبغداد لهما أهمية كبيرة ليس فقط على صعيد السياسة الداخلية في العراق، ولكن أيضا فيما يتعلق بالعلاقات التركية العراقية والتوازن الإقليمي. 

فتحقيق التفاهم والتوازن بين الجانبين يسهم في تعزيز الاستقرار في المنطقة بشكل عام، بل ويفتح الباب أمام التعاون الإقليمي وتعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية بين الدول المجاورة. 

ولأن العملية التي تتطور بين تركيا والعراق والخطوات الملموسة التي يتعين اتخاذها يمكن أن تتحول إلى تعاون إقليمي، يتم التعبير عنها الآن بصوت عالٍ. 

ولهذا يبدو أن التطورات بين تركيا والعراق يمكن أن تكون نموذجا للاستقرار الإقليمي.