"ازدواج قناة السويس".. ما خطورة المشروع على مصر أمنيا واقتصاديا؟

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

خلال مشاركته في المؤتمر السنوي الدولي للنقل البحري واللوجستيات، 3 مارس/آذار 2024، كشف رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع عن مشروع لازدواج القناة بالكامل، بحيث يكون هناك مساران للمرة الأولى منذ شقها عام 1859م.

المذيع أحمد موسى، الذي روج للمشروع بصورة كبيرة، قال، في برنامجه على قناة "صدي البلد" إن "ربيع" سيعرض على رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي ما أسماه "مشروع ازدواج قناة السويس"، للتصديق عليه.

كان لافتا هذه المرة أن "موسى" الذي يتحدث بلسان السلطة، أشار إلى أن هناك شركات عالمية تعد دراسة جدوى للمشروع وسيتم عرضه على السيسي، ومن ثم التصديق على المشروع بالكامل، بعد تجاهل هذه الدراسات في مشاريع سابقة.

أثار هذا التضارب بين الحديث عن "إعداد دراسة" لازدواجية القناة، وبين تأكيد أن السيسي سيصدق عليها، ما يعني أن الأمر محسوم، صدمة وحالة من الغضب الشديد بين المصريين الذين يعانون من إهدار النظام موارد البلاد على مشاريع بلا جدوى.

الصدمة والغضب من إعلان "موسى" عن "تصديق" السيسي على مشروع ازدواج القناة، دفع قناة السويس لإصدار بيان مخفف يؤكد فيه رئيس الهيئة أن مشروع الازدواج الكامل للمجرى الملاحي للقناة "مازال في مرحلة الدراسة".

لكنه لم ينف أن الأمور جارية "بالتعاون مع شركات استشارية عالمية متخصصة وسيتم الانتهاء منها خلال 16 شهرا تقريبا".

غير أن ردود الفعل الغاضبة استمرت بين من يرون أن المشروع كارثة على الأمن القومي المصري، لأن توسيع القناة يزيد من ابتعاد سيناء عن مصر، في وقت تُثار فيه تكهنات عن خطط غامضة لها في ظل إفراغها من سكانها.

وبين من يتهمون السيسي بأنه يكرر أخطاءه، لأن مشروعه السابق "تفريعة قناة السويس" عام 2015، لم يأت بأي أرباح، ولم يكن له أي جدوى بسبب الدراسات التي أكدت تراجع حجم التجارة العالمية حينئذ، وأنه يسعى لإهدار أموال بيع "رأس الحكمة" للإمارات.

وفي فبراير/شباط 2024، وقعت مصر والإمارات اتفاقية شراكة إستراتيجية بقيمة 35 مليار دولار لتطوير "رأس الحكمة"، شبه الجزيرة الساحلية.

وكان الفريق الثالث أكثر تشكيكا في نوايا السيسي ويعد ما يجرى ليس سوى تمهيد صريح وواضح لعملية بيع قناة السويس التي ألمح لها رئيس النظام نفسه سابقا.

المشروع والدراسات

مشروع ازدواج قناة السويس يتلخص في أنه ستكون هناك قناتان، بطول 193 كم، والهدف منه هو "حل أزمة انتظار السفن عدة ساعات للعبور في قوافل".

وبهذا ستزداد الإيرادات لأن الازدواج يعني مضاعفة عدد السفن المارة من 70 و80 يوميا إلى 160 و170، وفق لجان السلطة التي بدأت الترويج للمشروع، رغم أن العدد طول الـ 10 سنوات الماضية لم يزد عن 97 سفينة.

الفريق "ربيع" رئيس هيئة قناة السويس، أكد أن المشروع ينفذ بالتعاون مع شركتين دوليتين، ويستغرق إنجازه من 5 إلى 6 سنوات.

 

أوضح، في مقطع فيديو نشرته قناة "صدى البلد" 3 مارس/آذار 2024 أنه تجرى عملية ازدواج لمسافة 10 كيلو مترات في البحيرات المرة الصغرى والكبرى.

وهذه ستنضم إلى قناة التفريعة التي جرى حفرها عام 2015، ليصبح طولها 82 كيلومترا بدلا من 72 كيلومترا حاليا، بما يزيد من عدد السفن، ما يعني أنه ليس ازدواجا كاملا.

لكنه عاد ليقول: "احنا برضو درسنا الازدواج الكامل لقناة السويس"، التي لا يوجد بها ازدواج كامل حاليا.

ووفقا لمعلومات هيئة قناة السويس، التي ذكرها "ربيع" هناك حوالي 80 كيلومترا من مسار قناة السويس بلا ازدواج (من بين 193 طول القناة الإجمالي، منهم 50 كيلومترا في الشمال و30 في الجنوب).

عرض دراسة جدوى مشروع إزدواج قناة السويس على الرئيس السيسي.. أحمد موسى يكشف التفاصيل #صدى_البلد #على_مسئوليتي pic.twitter.com/HTY9VMnDct

— صدى البلد (@baladtv) March 3, 2024

ولخص المذيع أحمد موسى جدوى المشروع في "تعزيز السلامة والقضاء على نقاط الاختناق مثل تلك التي شلت حركة المرور في الممر الملاحي لمدة ستة أيام في عام 2021 عندما جنحت ناقلة الحاويات إيفرجيفن".

ورفع عدد السفن العابرة للقناة، وتقليص زمن العبور إلى نحو 9 ساعات، وفق موسى.

وعقب الجدل الذي أثارته تصريحاته عن مشروع "ازدواج القناة"، أصدرت هيئة قناة السويس بيانا في 4 مارس/آذار 2024 أكد فيه "أسامة ربيع" أن "مشروع الازدواج الكامل للمجرى الملاحي للقناة مازال في مرحلة الدراسة".

تحدث عن "دراسات الجدوى والدراسات البيئية والدراسات الهندسية والمدنية وبحوث التربة والتكريك، وغيرها من الدراسات".

وهو ما لفت أنظار خبراء اقتصاد، لأنها المرة الأولى التي يجرى الحديث فيها من جانب نظام السيسي عن "دراسات جدوى".

فقد درج السيسي على السخرية من دراسات الجدوى وكيف أنها تؤخر "الإنجازات"، وتنفيذ أي مشاريع بالأمر المباشر، ما انعكس على فشل كثير منها أو ظهور عيوب بعد التنفيذ وعدم جدواها اقتصاديا.

فخلال حضوره منتدى إفريقيا في ديسمبر/كانون أول 2018، بمدينة شرم الشيخ قال: "لو مشيت بدراسات الجدوى وجعلتها العامل الحاسم في حل المسائل كنا سنحقق 20-25 بالمئة فقط مما حققناه".

وكرر احتقاره لدراسات الجدوى عدة مرات، آخرها في أكتوبر/تشرين الأول 2022، حين قال: "طريقة دراسات الجدوى بتخلي المشاريع تأخذ 5 سنين، وتضيع مني الفرصة 5 سنين، (لكن) بطريقتي هعمل 100 مشروع في سنة".

لكنه اعترف أن هذا ينتج عنه أخطاء قائلا: "ممكن يكون جواهم مشروعين، ثلاثة مش مظبوطين"، أي فاشلين.

لذا، يُعتقد أن حديث رئيس هيئة قناة السويس عن "دراسات الجدوى" وأن المشروع "مازال في مرحلة الدراسة" استهدفا امتصاص غضب السياسيين والنشطاء في مصر.

عارفين يعني إيه إنشاء قناة جديدة بطول 192 كم تقريبا؟ يعني دارسات جدوى تحتاج سنوات لإنجازها
يعني نقاش مجتمعي معمق يتناول تأثيراتها المتوقعة على الأمن القومي.
يعني حلقات نقاشية في مراكز الأبحاث والدراسات
يعني مقالات وحوارات وأخذ ورد وتأييد ورفض
لكن فجأة يسمع الشعب أن في دراسة…

— سمير العَركي (@s_alaraki) March 4, 2024

وكان لافتا أيضا أن "ربيع" قال إن "التمويل اللازم لتنفيذ المشروع سيتم من الميزانية الاستثمارية للهيئة المعتمدة من وزارة المالية دون تحميل أعباء إضافية على الموازنة العامة".

وهو نفس المنطق المغلوط، الذي يعد أموال القناة، مثل أموال العاصمة الإدارية خارج موازنة الدولة، لأن مصدر التمويل سيكون صندوق قناة السويس، والصندوق يجرى تمويله من إيرادات القناة، التي من المفترض أن تصب في موازنة الدولة.

ما جدوى الازدواج؟

لم يمر شهران على إعلان فوز السيسي في الانتخابات الرئاسية عام 2014، بعد انقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي، حتى أعلن عن مشروع حفر "قناة السويس الجديدة".

وتحدث إعلام السلطة وقتئذ عن "طفرة" ستتحقق في عدد السفن المارة وعائدات القناة، "من خلال تخفيض عدد ساعات الانتظار للسفن".

وقد ألمح السيسي نفسه، في خطابات أعوام 2016 و2017، و2023 أن فكرة المشروع وجدواه "معنوية" للفخر، أكثر منها "اقتصادية". وأكد أنه "لم ننظر للعائد المادي لمشروع قناة السويس الجديدة وحرصنا على الجانب المعنوي".

وتكلفت أعمال حفر التفريعة نحو 8.2 مليارات دولار، وتحدث المسؤولون أن المشروع سيسهم في زيادة إيراداتها السنوية من 5.3 مليارات دولار إلى 13.2 مليار سنويا بحلول عام 2023.

وهو ما لم يحدث، حيث حققت قناة السويس في العام المالي 2022-2023 عائدات مالية بلغت 9.4 مليارات دولار، وهي أعلى إيرادات سنوية تسجلها، وفق أرقامها الرسمية، بعدما ظلت تتراوح بين 5 مليارات دولار فقط و7 مليارات عام 2020.

مع أن هدف التفريعة (القناة الجديدة) التي جرى تدشينها 2015 كان "تخفيض عدد ساعات الانتظار للسفن"، تعود السلطات المصرية الآن لتكرر نفس الهدف وهو تخفيض عدد ساعات الانتظار.

وتأتي دراسات التوسعة بعد أن قدرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، نسبة تراجع حركة المرور في قناة السويس في فبراير 2024 بين 55 و60 بالمئة.

وهي التي كانت تدر في السابق إيرادات 700 مليون دولار شهريا لمصر، وفق قولها.

عنصر مهم يشير له خبراء اقتصاد حول عدم جدوى ازدواج القناة اقتصاديا، هو أن هذا الأمر لن يدفع شركات السفن والحاويات لزيادة عدد سفنها المارة، لأن حجم التجارة العالمية كما هو ويتقلص بفعل الحروب والصراعات والغلاء.

ما يعني أن الازدواج -مثل التفريعة- لن يأتي بجدوى اقتصادية لمصر، وعلى العكس قد يضيع ما تبقى من أموال البلاد.

وزادت إيرادات القناة في خلال أربع سنوات من 2018 إلى 2021 نحو مليار دولار، أي بنسبة 20.4 بالمئة، ولكن على مستوى السفن المارة زادت بنسبة 13.7 بالمئة فقط، رغم حفر التفريعة الأولى عام 2015، وفق الهيئة.

فقد زاد عدد السفن المارة من 18 ألفا و200 سفينة في العام 2018 إلى نحو 18 ألفا و900 سفينة في العام 2019، ثم انخفضت السفن في 2020 إلى 18 ألفا و800 سفينة قبل أن تزيد في 2021 إلى 20 ألفا و700 سفينة.

وبحسب ما جاء بـ "موقع هيئة قناة السويس"، فإن إنشاء القناة الجديدة عام 2015، زاد من القدرة التصريفية للقناة من 77 إلى 97 سفينة في اليوم.

ولكن القناة لم تستفد من ذلك، لأن متوسط عدد السفن العابرة يوميا ظل منذ افتتاح القناة الجديدة، يتراوح بين 47 و71 سفينة فقط، ولم يصل متوسطها في أي عام إلى 97 يوميا.

أيضا لم تكن زيادة عدد السفن المارة، وراء زيادة الإيرادات، بل زيادة رسوم العبور والتي بلغت بين مايو 2015، ونفس الشهر من عام 2023، نحو 22 بالمائة على الأقل.

أيضا، جدوى المشروع العملية هامشية جدا لأن تفريعة عام 2015 قيل إنها اختصرت وقت عبور السفن من 18 إلى 11 ساعة.

و"مشروع ازدواج القناة" سيختصر وقت عبور السفن إلى 9 ساعات تقريبا، أي أنه سيوفر حوالي ساعتين زمن فقط على السفن العابرة (من 11 حاليا إلى 9)، وهو زمن لا يذكر في العرف الملاحي، ولا يؤثر نهائيا على زيادة أو تقليص حجم السفن العابرة.

وتوضح دراسة لـ"مركز حلول للدراسات البديلة"، التابع للجامعة الأميركية بالقاهرة، 6 أغسطس/آب 2023 أن ضعف حركة التجارة الدولية وانخفاض أسعار النفط انعكس على إيرادات القناة.

أكدت "ارتفاع إيرادات قناة السويس خلال السنوات المالية الأخيرة، لكن بمقارنتها بالمصروفات التي تتضمن الأجور والضرائب ونفقات أخرى، فإن نسبة التكلفة إلى الدخل في تزايد".

أوضحت أنه كلما انخفضت نسبة النفقات، كان المشروع أكثر ربحية، والعكس صحيح، وهو ما عكسته موازنات قناة السويس على مدار الـ 20 سنة الأخيرة".

إذ ارتفعت نسبة التكلفة إلى الدخل لتصل إلى 52.2 بالمئة في العام المالي (2021/2020) بعد أن سجلت 16.3 بالمئة فقط قبلها بعشرين عاما (العام المالي: 2002/2001). 

ولم تحقق قناة السويس الجديدة، التي افتتحت عام 2015، أي تغييرات في نسبة التكلفة إلى الربح كما كانت تأمل الحكومة.

أوضحت أن الايرادات ارتفعت بعد ذلك لتحقق إجمالي 32.4 مليار دولار من 2016 حتى 2020، لكن "الإيرادات القياسية" الأخيرة للقناة "تحققت بفضل تبني سياسات تسعيرية وتسويقية مرنة".

وتظهر البيانات الدولية أن الكثير من السفن العابرة للقناة تتجه أولا إلى "جبل علي" في الإمارات للحصول على خدماتها المختلفة قبل المرور بمصر، بسبب ندرة الخدمات الصناعية واللوجستية بها. 

وبموجب ذلك تحقق موانئ دبي 15 مليار دولار سنويا فقط من الخدمات المقدمة للناقلات، بينما تحقق موانئ سنغافورة 35 مليار دولار سنويا، ومصر صاحبة القناة لا تستفيد سوى من العبور.

أخطاء وأخطار

الإعلان المفاجئ عن هذا المشروع بينما قناة السويس تخسر 50 بالمئة من إيراداتها وعقب أموال صفقة رأس الحكمة، أثار غضبا شعبيا وتساؤلات بين خبراء الاقتصاد والناشطين حول جدوى ازدواج القناة طالما أن حجم التجارة العالمي كما هو لا يزيد.

خبراء الاقتصاد وناشطون رأوا أن مشروع ازدواج القناة، يعني أن السيسي لا يستفيد من أخطائه، وشرع بالفعل في إهدار أموال صفقة رأس الحكمة، وما سيليها من بيع المزيد من أصول مصر.

أكدوا أن السيسي يعيد المصريين 10 سنوات إلى الوراء حين أهدر 8.2 مليارات دولار في حفر تفريعة لقناة السويس بلا جدوى وقال إنها لرفع معنويات المصريين لا لأسباب ربحية اقتصادية.

استغربوا منطق توسيع وازدواج قناة السويس دون زيادة حجم التجارة العالمية والسفن، عادين هذا المشروع استمرارا لإهدار أموال المصريين واصرارا على سير النظام في طريق فاشل اقتصاديا ما يزيد من مشاكل البلاد.

وفي 11 ديسمبر/كانون أول 2023 توقعت هيئة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" انكماش حجم التجارة العالمية 5 بالمئة في 2023 عن عام 2022، مع توقعات متشائمة بشكل عام إزاء 2024.

رئيس تحرير موقع "المصريون" الصحفي "جمال سلطان" عد المشروع "إهدارا فاجرا للمال العام في بلد فقير يعيش على الإعانات وغارق في الديون، وأمامه التزامات مالية شديدة الصعوبة تتعلق بطعام وشراب ودواء مواطنيه حتى في حدودها الدنيا".

استغرب، عبر تغريدات على "إكس" أن يضطر حاكم مصر إلى بيع أجزاء من أرض الوطن وأملاكه لدول أجنبية من أجل سداد الديون التي ورط البلد فيها أو لمحاولة إنقاذها من الغرق، ثم يفكر في اقتراض عدة مليارات أخرى من الدولارات لازدواج القناة.

أوضح أن هناك إجماعا من خبراء الاقتصاد على أن بداية أزمة العملة المصرية والاضطرار إلى تعويمها في 2016 كان (سببه) مشروع التفريعة الذي باعتراف السيسي نفسه لرفع الروح المعنوية، أي للدعاية والحصول على "لقطة" الزعيم الذي بنى سدا عاليا" جديدا فقط.

خطورة مشروع حفر قناة موازية لقناة السويس

مشروع حفر قناة جديدة موازية لقناة السويس "ازدواج القناة" الذي أعلن الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس عن إعداد دراسة له لعرضها على السيسي يكشف لك مستوى الرعونة والاستهتار والغشومية الذي تتعامل به سلطة العسكر الحاكمة مع مصر مع أمن…

— جمال سلطان (@GamalSultan1) March 4, 2024

فريق آخر من المصريين، حذر من مخاطر هذا المشروع على الأمن القومي المصري، لأنه سيزيد من المسافة بين مدن القناة وسيناء المعزولة والتي جرى تفريغها من السكان، كما أنها مكبلة بقيود تمنع تسليحها بموجب اتفاقية كامب ديفيد.

الفنان المصري المعارض المقيم بالخارج "عمرو واكد" أكد أنه لو تم حفر قناة موازية لقناة السويس بطولها، فسيكون هذا "ثاني عائق عسكري" يضيفه السيسي على الجيش المصري أن ينتقل إلى سيناء حال وجود أي ضرورة. 

إذا تم استكمال حفر قناة موازية لقناة السويس بطولها كلها فهذا سيكون ثاني عائق عسكري يضيفه السيسي على الجيش المصري ان ينتقل إلى سيناء حال وجود أي ضرورة. أول عائق اضافه كان التفريعة. فبعد تنفيذ المشروع سيضطر الجيش تخطي قناتين للوصول لسيناء من اي نقطة على طول ال١٩٢ كيلو بالكامل. هل…

— Amr Waked (@amrwaked) March 4, 2024

لهذا تخوف ناشطون أن تؤدي توسعة القناة لاستحالة عبور الجيش المصري الى سيناء كما فعل في عام 1973 حال وقوع أي حروب في شبه الجزيرة.

هل تُباع؟

تزامن الحديث عن ازدواجية القناة، مع إعادة ناشطين بث تصريحات للسيسي تشير ضمنا لاستعداده بيع قناة السويس، وأن هذه الخطط للتغطية على الهدف الحقيقي.

عزز هذا، تحذير يحيي القزاز أحد قيادي ثورة 25 يناير 2011، والذي تعرض للسجن، من أن قناة السويس في مزاد و"مصر للبيع" لإنقاذ البلاد.

أخيرا وليس آخرا قناة السويس فى مزاد"مصر للبيع" لإنقاذ مصر. الهدف الحقيقى تخدير الشعب لإنقاذ السلطة وتوريثها جينيا فى بيئة مخدرة عاطفيا ورضا عالمى. هل دور الشعب أن يكون شاهدا بصمته على عقد البيع أم رافضا لبيع ممتلكاته؟! إعادة انتخاب الرئيس لا يعنى تفويضه فى البيع#المقاومة_هى_الحل

— Yahia El kazzaz (@KazzazYahia) March 4, 2024

وألمح الكاتب والمحلل السياسي "عمار على حسن" إلى شيء غامض بشأن ازدواج قناة السويس، يثير الكثير من الأسئلة، ومن بينها احتمالات بيع القناة.

تساءل عما إذا كانت "تهيئة القناة" هدفها أن تدخل ضمن مسار "بيع الأصول" أو "تأجيرها"؟!

الحديث عن إكمال خط مزدوج لقناة السويس الآن هو أمر يثير الكثير من الأسئلة، فإذا كان تهديد باب المندب مؤقتا ومربوطا بالعدوان الإسرائيلي على غزة فإن انكماش التجارة العالمية لا يزال مستمرا، لاسيما أن كثيرا من الشركات الغربية نقلت مصانعها إلى شرق آسيا، بينما يتعزز دور بترول غرب…

— عمار علي حسن Ammar Ali Hassan (@ammaralihassan) March 4, 2024

وفي فبراير/شباط 2023، جرى تناقل مقطع صوتي للسيسي، حول عرض لبيع قناة السويس بتريليون دولار. لكن رئيس النظام رد على ما أثير بأنها "شائعات وأكاذيب" هدفها "عرقلة مصر".

قال إن "هناك حجما غير طبيعي من الشائعات والأكاذيب، لما قيل إننا ندرس بيع قناة السويس، وأن هناك عرضًا" في هذا الشأن، وأضاف: "جمعوا كلامي وعملوا منه فيلم وخرجوه على أنني قلت هذا الكلام".

وفي ديسمبر 2022 أقر البرلمان المصري تعديلات في قانون هيئة قناة السويس (رقم 30 لسنة 1975)، يسمح بإنشاء "صندوق" لتنمية مواردها عبر أنشطة اقتصادية واستثمارية، من بينها: "بيع وتأجير واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها". 

ومنح التعديل هيئة القناة حق تنفيذ الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، ومنها مساهمة الصندوق بمفرده أو مع الغير في تأسيس الشركات، أو زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية. 

وأثار هذا القرار جدلا ومخاوف من احتمالات فتح الباب أمام بيع حصص من القناة للمستثمرين الأجانب، وحرمان الموازنة العامة من فوائض القناة كمورد رئيس، ومخالفة ذلك مبدأ وحدة الموازنة العامة للدولة. 

وأكد حينها رئيس هيئة قناة السويس أن إنشاء الصندوق لن يؤثر في الدخل الذي يذهب إلى خزينة الدولة من أرباح الممر الملاحي، وما سيدخل الصندوق هو "جزء من الفائض"، كما نفى فكرة البيع للأجانب، لكن لم يصدر بهذا القانون تشريع حتى الآن. 

أيضا نفى السيسي، 6 يناير/كانون ثان 2023، نيته بيع قناة السويس، بعد موافقة مجلس النواب على قانون إنشاء صندوق مملوك لهيئة القناة عده بعض المصريين "نية لبيعها".

السيسي قال إن من يتحدث عن بيع قناة السويس "لا يعرف شيئا" و"لو في حاجة هعملها هقولها"، وفق ما نقل عنه موقع "بوابة الأهرام".

وأضاف "اللي يقولك خلي بالكم قناة السويس مش عارف هيعملوا فيها إيه وهيبيعوا، حاجة ماقلناش عليها .. ليه مش هقول ليه؟ لو في حاجة هعملها هقولها"!!

وقد أوضح المحلل السياسي والاقتصادي "ماجد مندور" في تقرير نشره بموقع مركز "كارنيغي" 2 فبراير/شباط 2023 تحت عنوان "إخفاق السيسي في قناة السويس"، أن صندوق القناة المعلن، غير شفاف ويسيطر عليه وعلى موارده الجيش.

قال معلقا على قانون إنشاء "صندوق قناة السويس" إن هدفه، وفق السيسي، السماح لهيئة القناة بتكوين احتياطاتها النقدية الخاصة لتمويل المشاريع الإنمائية الضرورية في القناة من دون أن تُضطر إلى العودة إلى وزارة المالية للحصول على الأموال اللازمة. 

وسيجعل التعديل أيضا هيئة قناة السويس مفتوحة أمام الجهات الاستثمارية الخاصة، في حال اختار الصندوق المقترح بيع بعض أصوله، أو إنشاء شركة مع جهة منتمية إلى القطاع الخاص. 

ولكنه نبه إلى أن التعديل "لم يأتِ على ذكر أي إشراف تشريعي على عمليات الصندوق"، وهو ما عده "مندور" مؤشرا على "غياب الإرادة السياسية لإصلاح الصيغة العسكريتارية لرأسمالية الدولة".

أوضح أن هيئة قناة السويس خاضعة لسلطة المؤسسة العسكرية، حيث يتسلم ضباط سابقون في البحرية رئاسة الهيئة من دون انقطاع منذ عام 1964، ويتقاضى الجيش عمولة غير رسمية على جميع المراكب التي تعبر القناة.

وحفاظا على هذا التقليد، أعلن السيسي أن الصندوق سيكون تحت إشراف "كيان سيادي"، وهو مصطلح مخفف يقصد به أجهزة الاستخبارات أو المؤسسة العسكرية. 

وذلك على الرغم من أن تعديل قانون قناة السويس ينص على أن "سلطة التعيينات في مجلس إدارة الصندوق منوطة بمجلس الوزراء الذي هو – نظريا – هيئة مدنية".

وطالما سيكون الصندوق تحت إشراف "كيان سيادي"، فسيتيح ذلك للجيش الوصول إلى الصندوق غير الخاضع للإشراف، حيث يمكنه سحب مبالغ طائلة من عائدات القناة دون أي رقابة مدنية.

ويبدو أن "مندور" يقصد أن مواردها يستفيد منها الجيش، ما سيصعب بيعها،. وسواء بيعت أو بقيت فالرابح الأول من مواردها هم العسكر.