اجتماع الدوحة بشأن طالبان.. ما تداعياته على المشهد الداخلي في أفغانستان؟

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

تباينت ردود الفعل بشأن اجتماع الأمم المتحدة بحضور الممثلين الخاصين للدول المعنية بأفغانستان في العاصمة القطرية الدوحة، بين من رأى مخرجاته "إيجابية" ومن عدها "سلبية" وستؤدي إلى "مزيد من المشاكل في هذا البلد المأزوم".

وتوقفت صحيفة "8 صبح" الأفغانية، عند مخرجات هذا الاجتماع الذي عقد في 19 فبراير/ شباط 2024، متناولة آراء المتخصصين بشأن ما ستؤول إليه الأمور في أفغانستان.

آراء متضاربة

وذكرت الصحيفة الأفغانية أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وصف الاجتماع بأنه "فعال ومثمر".

وفي إشارة إلى المشاكل في تعامل المجتمع الدولي مع حكومة "طالبان"، أضاف غوتيريش أن "المشاركين اتفقوا على العديد من القضايا حول كيفية التعامل مع أفغانستان وطالبان". 

وبشأن هذه القضايا، أشار الأمين العام بشكل أساسي إلى "تدهور وضع المرأة، والفشل في تشكيل حكومة شاملة، والفشل في القضاء على الإرهاب في أفغانستان". 

وبشأن ما سمي بـ"المأزق" الحالي الذي يعيشه العالم مع "طالبان"، أوضح غوتيريش أنه "يتعلق بتشكيل حكومة شاملة تتكون من جميع المجموعات العرقية". 

وبحسب قوله، كما نقلت الصحيفة، "لم يُتأكد بعد من تشكيل خارطة طريق للوصول إلى اهتمامات الجانبين، أي المجتمع الدولي وحركة طالبان".

وبخصوص الطريق المسدود في التعامل مع طالبان، قال غوتيريش: "تعتقد طالبان أن مخاوف المجتمع الدولي لا علاقة لها بها، وفي المقابل فإنهم يريدون أن يُعترف بهم".

وأوضح أن "المجتمع الدولي يعتقد أنه لم يُحرز أي تقدم بشأن مخاوفهم، ولذلك لم يُحقق أي تقدم بشأن الاعتراف".

وبالنسبة للمتخصصين، قيم عدد من الخبراء السياسيين نتائج هذا الاجتماع بشكل إيجابي، مؤكدين أن "المطالب المركزية لأفغانستان نُوقشت في هذا الاجتماع". 

وفي الوقت نفسه، رأى بعض الناشطين السياسيين أن نتيجة هذا اللقاء "سلبية"، كما ذكرت الصحيفة.

ومن وجهة نظرهم، فإن الاستقطاب بين الدول بشأن قضية أفغانستان سيدخل البلاد في "أزمات أكثر خطورة".

شرط الاعتراف

ووفق ما تنقله "8 صبح" عن مؤتمره الصحفي، فقد صرح الأمين العام الأممي أنه "بعد التحدث مع الممثلين الخاصين للدول كان من المفترض عقد اجتماع مع ممثلي طالبان ومشاركة نتائج المناقشات مع هذه المجموعة، لكن طالبان رفضت دعوة الأمم المتحدة".

وعن الشروط التي اقترحتها طالبان، قال غوتيريش: "أولا وقبل كل شيء، طلب ممثلو طالبان منا طريقة في التعامل تشبه إلى حد كبير الاعتراف".

وفي إشارة إلى عدم مشاركة طالبان في هذا الاجتماع، أعرب الأمين العام بشكل ساخر عن أمله "ألا تؤدي محادثات الأمم المتحدة مع هذه المجموعة إلى الانفصال"، واصفا شروط طالبان بأنها "غير مقبولة"، ومشددا في نفس الوقت على ضرورة سماع صوت المكونات الأخرى من أفغانستان. 

ورأى أن "غياب طالبان عن اجتماع الدوحة لم يضر بهذه الاجتماعات قط، بل يمكن عدها اجتماعات مفيدة للغاية".

وبعد إعرابه عن أمله في مشاركة حركة طالبان في الاجتماع المقبل، قال إنه "من أجل تحقيق النتيجة المرجوة والنهائية، ستُعقد الاجتماعات المقبلة بالهيكل الحالي وبمضمون مختلف".


 

وفيما يتعلق بتعيين ممثل خاص للأمم المتحدة للتفاعل مع حركة طالبان، وعد غوتيريش بأنه "سيواصل مداولاته في هذا الشأن وسيتخذ قرارا لاحقا". 

وفي هذا السياق، أكد أن "مختلف المنظمات والدول تتفاعل مع طالبان، وأن هذا العمل يحتاج إلى مزيد من التنسيق".

وفي هذا الصدد، أعلن غوتيريش أنهم "اتفقوا في هذا الاجتماع على إنشاء مجموعة أصغر تتكون من ممثلين عن عدة دول". 

ووفقا له، ينبغي تشكيل هذه المجموعة المكونة من ممثلين عن دول الجوار وممثلي المانحين والأمم المتحدة "من أجل التواصل مع طالبان بطريقة منسقة بشأن قضايا أفغانستان".

خطوة إيجابية

وفيما يخص تباين آراء المتخصصين بشأن الاجتماع، سلطت الصحيفة الأفغانية الضوء على أن اجتماع الدوحة "واجه موجة من ردود الفعل المحلية والدولية واسعة النطاق". 

وكما لفتت سابقا، فإن عددا من المنظمات المدنية والتيارات السياسية المعارضة لطالبان لم تعد عقد هذا الاجتماع في مصلحة أفغانستان، وبرز ذلك من خلال بيانات مشتركة أصدرتها.

وفي غضون ذلك، يرى بعض الخبراء أن هذا الاجتماع كان له "نتيجة إيجابية" بالنسبة لأفغانستان.

وهنا، لفتت الصحيفة إلى كونهم ينظرون بشكل أساسي إلى هذا الاجتماع بأنه "جعل الدول الغربية تصطف مع عدد من دول المنطقة، بما في ذلك الصين وروسيا، للتحدث بشأن أفغانستان".

وفي هذا الصدد، وصف القائم بأعمال السفارة الأفغانية السابق في قطر، عظيم الله فارسجي، مشاركة ممثلي المجتمع المدني والنساء في اجتماع الدوحة بأنها "خطوة إيجابية".

وأوضح أنهم "عملوا كممثلين عن الشعب في غياب معارضة قوية"، وفق ما ذكرته الصحيفة.

وبهذا الشأن، أشارت إلى ما قاله غوتيريش في مؤتمره الصحفي بأن "المطالب المركزية للشعب الأفغاني انعكست في هذا الاجتماع من قبل الدول الغربية وحتى بعض الدول المجاورة"، ويرى بذلك أن "عدم وجود جبهة موحدة للمعارضة السياسية كارثة على الشعب الأفغاني".

انطباع زائف
 

من ناحية أخرى، ينظر فارسجي إلى "إشارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى عدم القضاء على الإرهاب وتدهور وضع المرأة وعدم تشكيل حكومة شاملة ومعارضة رفض روسيا التحدث مع ممثلي المجتمع المدني" على أنه من "النقاط الإيجابية" لهذا الاجتماع.

وكما نقلت الصحيفة، أضاف القائم بأعمال السفارة الأفغانية السابق في الدوحة أنه "رغم الانتقادات الموجهة للأمم المتحدة، إلا أن هذه المنظمة ومجلس الأمن تحدثا لحد اللحظة دفاعا عن الشعب الأفغاني". 

ويتوقع أن "تنشر الأمم المتحدة تقاريرها المتعلقة بحقوق الإنسان بشأن أفغانستان بانتظام، إضافة إلى تعيين ممثل خاص لأفغانستان".

ونقلت الصحيفة عن القائم بأعمال السفارة الأفغانية السابق في قطر رأيه بأن "اجتماع الدوحة أوضح أنه لا يوجد إجماع دولي بشأن أفغانستان".

ووفقا له، فإن الدول الشرقية مثل الصين وروسيا وإيران وباكستان من جهة، والاتحاد الأوروبي وأميركا وكندا من جهة أخرى، بدأت "شد الحبل الناعم".

وكما أوضحت الصحيفة، فإن هذه التحالفات ستُحدد بوضوح في مجلس الأمن. 

ومن ناحية أخرى، لفت فارسجي إلى أن "دول المنطقة التي أعطت حركة طالبان انطباعا زائفا بأنها تدعم هذه الجماعة"، مؤكدا أنها "لن تتعاون وتساعد في المستقبل".

ومع ذلك، قال الخبير العسكري، صمد صمدي، إن "اجتماع الدوحة دخل مرة أخرى اللعبة الكبيرة بالنسبة لأفغانستان". 

ورأى أن "العلاقات الوثيقة بين روسيا والصين وإيران مع حركة طالبان أثارت استياء الدول الغربية، مما دفعهم إلى اتخاذ دورهم في اللعبة أيضا".